أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثائر كريم - شعب حي تكلم بلغة السلام، فماذا ستقدم الحكومة؟















المزيد.....

شعب حي تكلم بلغة السلام، فماذا ستقدم الحكومة؟


ثائر كريم

الحوار المتمدن-العدد: 1121 - 2005 / 2 / 26 - 12:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في مقالي الاخير في المدى وقبل ايام معدودة من الانتخابات توقعت شيئا عن ارادة التحدي التي باتت تكتض في صلب ضمائر العراقيين. عكست شعوري عن ان الارهاب في العراق لن يدمر بلدا راح "ينهض فيه مهمشوا الامس بالملايين وبجرأة منقطعة النظير لقبول التحدي الارهابي والتوجه لصناديق الاقتراع".
كان شعوري ان الشعب الصامت (والصابر) سينهض ليقترع رغم ان الحملة الانتخابية للقوى السياسية كانت تدور او تدار بالخفاء. سيتوجه الناس لصناديق الاقتراع رغم انهم لا يعرفون الكثير عن مواقف االكيانات السياسية المتنافسة ولا برامجها. سيمضي الناس رغم ان جلهم لم ير ما يغني من الخدمات العامة.
كانت الخدمات العامة، بالعكس، تتدهور من يوم الى آخر قبل موعد الانتخابات. واستفحلت ازمة الكهرباء ونقص المياه والبطالة والمضايقات الامنية والتقييدات الاخرى الى ابعد الحدود. ووصل الضيم والعنف والقلق الاجتماعي الى مدياته القصوى. ومع هذا (او بالاحرى بفعل ذلك) سيدعم الناس العملية السياسية بالانتخابات.
ما الذي يجعل الناس، اذن، ان يخاطروا بحياتهم ويذهبون الى مراكز الاقتراع؟ ولكن، قبل كل شىء، ما الذي حدث يوم الانتخابات؟
ما حدث في يوم الانتخابات لم يكن يخطر ببالي، ابدا. لم يدر بخلدي ان العراقيين سيتوجهون لصناديق الاقتراع رغم قنابل الهاون والمورتز التي تساقطت على رؤوسهم. هنا وهناك. وسيذهبون تحت تهديد سيارت التفخيخ ومخاطر الانتحاريين ورصاص القناصة الطائش. لم تكن في مخيلتي ان النساء الحوامل والشيوخ الكبار والمقعدين سيحثون الخطى لرمي ورقة الاقتراع في صندوقها وليخرجوا من مركز التصويت رافعين اياديهم عاليا، ليرى من يريد ان يرى اصبع الابهم ملطخا باللون البني. علامة التعميد الروحي. واشارة النصر الكبير على الخوف الذي في الانفس قبل الخوف من الخارج.
ماذا كان لسان حال العراقيين يردد سوى: انتخبنا! رغما عن الارهاب والموت: انتخبنا! رغم التهديد بالقتل والبطش: انتخبنا! رغم الفقر وضنك العيش: انتخبنا! رغم الخدمات العامة المنهارة: انتخبنا!. رغم ضعف الحكومة وفساد اكثر اجهزة دولتها: انتخبنا! رغم ابتلاءنا بالفساد الحكومي المستشري حتى النخاع: انتخبنا! رغم الدم المسفوح والذي سيسفح، ايضا.
انتخبنا بسبق الاصرار!
ساهم العراقيون بكل مكوناتهم الاجتماعية في العملية الانتخابية. كلهم بلا استثناء. وان تراوحت نسب المشاركة بين منطقة وأخرى. ولولا الارهاب المضروب بكثافة على بعض المناطق مثل بعض مدن الانبار وديالى لارتفع مستوى المشاركة الانتخابية ارتفاعا ملحوظا.
كان منطق لسان حال العراقيين واضحا وواحدا: نحن ابناء هذا البلد ونحن مستقبله. نحن في الموصل والبصرة واربيل والفلوجة والكوت والهيت وزاخو. كلنا معا وكلنا هو العراق.
في جانب منه، عكس هذا الموقف التوحيدي لفعل الانتماء الوطني اجماعا وطنيا سمعه الناس، والحق يقال، من افواه معظم قادة الكيانات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية. ورغم ندرتها، اظهرت الاجتماعات والندوات الانتخابية المنعقدة قبل يوم الانتخابات، اجماعا وطنيا منقطع النظير بين جل رؤساء الاحزاب والتنظيمات السياسية. ظهر الاسلامي السني والشيعي جنبا الى جنب مع القومي العروبي والكردي والشيوعي والاشتراكي، المديني مع ابن العشيرة، الرجل مع المراة، الزعيم الروحي مع العلماني. كلهم على قاعدة الوطن للجميع. العراق لكل مكوناته.
كلهم نطقوا بالعراق فوق الطوائف والاديان والايديولوجيات والعشائر. كلهم نطقوا بالعراق التعددي. وكلهم وعدو بالمساهمة في العراق الحر، الواحد والمتعدد. العراق الكل بكليته والكل باجزاءه الكلية بذاتها. لا جزء فوق الكل ولا كل بدون اجزاء. الكل المتكون من اجزاءه والكل المنفتح على اجزاءه. العراق هو الشكل والاطار والاجزاء هي محتواه وجوهره.
اشعر انه قد ابتدأت بيوم الانتخابات مسيرة تكوين الهوية العراقية الجديدة. هوية التعدد الحر في الاطار المشترك الواحد.
واذ تكلم العراقيون باعلى حناجرهم وعلى حد السيف بلغة الوحدة التعددية وصوت السلام ومنطق الهوية الوطنية فانهم ضربوا الكرة بعيدا في ملعب القوى السياسية السائدة والحكومة الانتقالية، خصوصا. وهذه الحقيقة ينبغي وعي معناها العميق مبكرا.
فالمطلوب الان حكومة ترتفع الى مستوى الموقف البطولي الذي وقفه العراقيون، لنفس المستوى على الاقل. حكومه تستحق هذا الاقدام الانتخابي غير المسبوق. هي مسؤولية الحكومة الجديدة. مسؤوليتها في تعزيز سياقات الهوية التعددية. مسؤوليتها ومسوؤلية كل القوى السياسية الملتفة حولها في انتاج دستور يعكس بكل حذافيره منطق الهوية العراقية الجديدة. منطق الامة العراقية. ومسؤوليتها، ايضا وفي نفس الوقت، في المحافظة على ارواح الناس وحمايتهم والدفاع عن حقوقهم. مسوؤليتها، اذن، عن ترسيخ مؤسسات دولة القانون الامنية والبوليسية. يوميا وبلا كلل واسترخاء. مسؤوليتها عن بذل الغالي والرخيص لتوفير الامن والخدمات الاساسية، الكهرباء والماء وفرص العمل. مسؤوليتها عن كل ذلك بالتوازي مع مسؤولية انتاج دستور الدولة العراقية الوطنية. دستور الدولة الاتحادية والتعددية والحرة .
ان وعي اوجه المسؤولية الوطنية الكبرى الملقاة على اعباء الحكومة الانتقالية تتتطلب، ايضا، ادراك عواقب فشلها.
العاقبة الاولى- بل الطامة الكبرى- فقدان مصداقية الناس. لايمكن توقع استمرار الدعم الشعبي الذي حصلت عليه القوى المشاركة في العملية السياسية الى ما لا نهاية. بل من الجائر تمني دعم الناس على البياض. ان ممارسة الحق الانتخابي للناس مرتبطة اولا وقبل كل شىء باختيارهم للقوى التي تريد صنع الخير للبلاد ومدى التزامها ودرجة جدية مساعيها في تنفيذ ذلك. واذا لم يتحقق هذا الخير- على الاقل بوجوهه الدنيا من دستور وطني ديمقراطي وامن وخدمات اساسية- فان جل الناس سترفع ابهامها(ولكن معكوسة للاسفل وليس للاعلى) ضدها.
العاقبة الثانية حرب اهلية مؤكدة. فلقد صبر الناس وصّبروا انفسهم على الضيم في دعم العملية السياسية وترك قضية حماية امن الناس الى مؤسسات الدولة الجديدة ودفعوا خيرة شبابهم لينخرط فيها. واصر جل مثقفي العراق وسياسييه بوعي عالي على ابعاد شبح الحرب الاهلية عن بلادنا (المبتلية اصلا بالحروب واللااستقرار). بيد ان هناك فرق بين تمني الشىء ومطبات الارهاب المآساوية التي تسعى قواه الظلامية من الاصولية الاسلامية والبعثية الصدامية ايقاع الناس الابرياء بها. البلاد محاصرة داخليا من قوى السلفية الدينية المتعصبة وبقايا نظام الشمولية الطائفية.
العاقبة الثالثة هيجان مدني عارم. بصم ملايين العراقيين على ورقة انجاح العملية الانتخابية واغلبهم لا يمتلك ما يسد رمق العيش وحياة عوائلهم. ملايين مهمشة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. ملايين تسال عن معنى هذا البؤس في بلد الخير. ملايين ستسال- لا محالة- عن معنى التغيير ان كان لا يغني ولا يسمن. ملايين تسمع وترى ان خيرات العراق تتبخر بلا معنى.
لا اعتقد ان هذه الملايين ستصمت طويلا امام هذا الفقر، فقر في الاكل والمآوى، فقر في الشوراع، في القرى، في المدارس في كل مكان. فقر واسع في بلد الغنى. ليس من الصعوبة على اي نخب طامحة للسلطة وتمتلك من الحنكة والبديهية ما يكفي ان تعبأ هذه الملايين في حركة سياسية تهز البلاد هزا لاتحمد عواقبها ابدا.
الكرة في ملعبكم ايتها السيدات وايها السادة: الحكومة الجديدة اولا وكل القوى السياسية والثقافية الملتفة حولها، ثانيا.



#ثائر_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات مهمة و هناك أشياء أكثر أهمية
- هل ان قدر فكر اللبرالية في منطقتنا ان يكون تابعا او عدميا؟
- لا خير في بوش بعد اسقاط صدام حسين
- حتى لا يخرب الدفاع الاعمى عن سياسات بوش روح اللبرالية: ردا ع ...
- تكوين الدولة والهوية الوطنية العراقية ومسؤولية الفعاليات الس ...
- نحو اعادة تقييم انقلاب 14 تموز 1958 في افق الديمقراطية والاص ...
- القوى السياسية في العراق ومستقبل الهوية الوطنية العراقية 2-2
- القوى السياسية في العراق ومستقبل الهوية الوطنية العراقية 1-2
- نحو اعادة تقييم المجالس التمثيلية في العهد الملكي
- هل سيتحقق مشروع الدولة الوطنية في العراق يوما ما؟
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- ما تأثير الراسمالية والطبقة الوسطى في انجاح الانتقال للديمقر ...
- اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم
- لا معنى لمحاكمات نظام صدام حسين بدون ترسيخ الولاء لدولة القا ...
- من يقود الارهاب في العراق: بعثيو صدام حسين ام الاصولية الاسل ...
- هل هناك افق للتغيير الديمقراطي في العراق؟


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثائر كريم - شعب حي تكلم بلغة السلام، فماذا ستقدم الحكومة؟