|
الفساد ( الإرهاب )
كريم المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 13:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إستوقفني خبر أرسله لي صديق حول حاكمة مدينة استكهولم وهي في الوقت نفسه عضوة في البرلمان ورئيسة حزب اضافة الى كونها عمدة العاصمة التي زلزت العالم بتصرف لها أتهمت على أثره بالفساد الإداري لأنها خانت الأمانة وهي حاكمة المدينة ولآرتكابها جريمة يعاقب عليها القانون !!! ربما هناك من يتساءل عن تلك الجريمة ( النكراء ) التي ارتكبتها هذه السيدة حتى تكون مادة دسمة في بلادها للصحف ووسائل الإعلام المختلفة !! جريمتها لا تتعدى عن كونها ملأت خزان وقود سيارتها الخاصة وإستقطاعت الثمن من دفتر بطاقات حكومية !! وبهذا التصرف خانت الأمانة ولم تسعفها الأعذار والحجج التي قدمتها وإنها إضطرت الى ذلك العمل ( الشنيع !! ) لأنها لم تكن تمتلك نقودا في جيبها ! لأن القاضي اعتبارها مذنبة وقال لها ( إن ذلك لا يبرر فعلتك الشنعاء إذ كان بامكانك ركن عربتك وتصعدين بالقطار العام ) . !! إضطرت على إثر ذلك تقديم الإستقالة من منصبها ورفع عضويتها من البرلمان وجمدت مناصبها جميعها وجلست في بيتها !!!!. الخبر لا يحتاج الى شرح أو فهم ، ولا يحتاج الى عمل مقارنة بين ما عندنا وعندهم !! لكنه أعاد بي الى مقال سابق ( الإرهاب العشائري ) التي اشرنا فيه الى انه بداية مجموعة مقالات عن ( الإرهاب ) في العراق الذي تنوع شكله ومضمونه والوانه وأساليبه والتي لاتقل دمارا ووحشية عن ذلك ( الإرهاب ) المرتبط بالأعمال الإجرامية والقتل والدمار ، لأن جميعها تصب في خانة واحدة هي تعطيل بناء العراق ووقف مسيرة إعادته الى حضيرة المجتمع العالمي سواءا في الخارج أو في الداخل وقتل فيه روح المواطن . ولعل أقل ما يطلق على جريمة الفساد هو ( الإرهاب ) بعينه لأنه لا يقتصر على سرقة المال العام فحسب بل أنه يسهم وبشكل مباشر في تدمير مفاصل الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية وتدمير الإنسان العراقي بشكل كامل وجعله أسير هذه الآفة التي تعرقل تطوره ومواكبته للحضارة . وجريمة حاكمة استكهولم !!! قادتني الى جريمة أخرى في العراق لا تقل شأنا ومن النوع الثقيل بعد أن كشفت مصادر عن إيقاف مشروع بناء مدرج جديد لإستقبال طائرات " البوينغ " الضخمة في مطار دولي في إحدى المحافظات العراقية " المهمة " بسبب إكتشاف صفقة فساد كبيرة فيه تصل الى عشرات الملايين من الدولارت ، تتوزع على جهات حكومية متعددة في تلك المحافظة حيث أحيل هذا المشروع الى شركة عراقية بعقد قيمته 135 مليون دولار ( على الرغم من أن بناء مطار كامل يكلف حوالي 70 مليون دولار ) على أن تحصل هذه الشركة على 65% من قيمة العقد أي مايقارب ( 88 ) مليون دولار والبقية 47 مليون دولار تذهب 35 مليون منها الى مسئول كبير في هذه المحافظة لأنه رفض تمرير الصفقة دون هذا المبلغ والبقية توزع بالتساوي على أعضاء مجلس المحافظة ، لكن بعض من المخلصين أكتشفوا الأمر وأفسدو على هذه ( الملة ) خططهم وأوقفوا المشروع !! فقد كشفت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية عن تحقيقات تجري في الولايات المتحدة في قضايا فساد تتعلق بعمليات إعادة الإعمار في العراق وإن هناك أكثر من 50 حالة فساد جديدة تم رصدها خلال ستة اشهر تصل أقيامها الى 510 مليار دولار تشمل بنوكا وصفقات أراضي ومدفوعات قروض وملاهي وقمار وشددت على أن ( رائحة الفسد في العراق تزكم الأنوف ) بسبب غياب الرقابة الجدية والحساب الفعلي للمتورطين في هذه الممارسات الإجرامية في حين أكد رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي صباح الساعدي ان رئيس هيئة النزاهة السابق القاضي راضي الراضي هرّب ( 200 ) كلغم من الوثائق والمستندات الحكومية التي تدين مسؤولين عراقيين وأميركيين موجودين حاليا في السفارة الأمريكية في بغداد في صندوقي التنمية وإعادة الاعمار تبلغ أقيامها نحو ( 16 ) مليار دولار . جرائم الفساد في العراق جميعها من العيار الثقيل لا توازي جريمة حاكمة استكهولم بل تفوقها لا شكلا و مضمونا ، إلا أن الإجراءات ضدها لا توازيها لا في الحساب ولا في العقاب ! فمثلا كشف مهندس طيار فساد صفقة الطائرات ال( أف 16 ) من الجيل الثاني أو الثالث بنحو ( 12 ) مليار دولار ، وماهي إلا سوى ( خردة ) لاتملك عمرا تقويميا أو زمنيا خصوصا وإن الولايات المتحدة بدأت بصناعة الجيل السادس من هذا النوع من الطائرات وبالتالي فإن هذه الصفقة لو تمت بالفعل فانها ستكون "حديد خردة " وهذا ما أكدته الشروط الأمريكية للصفقة إذ فرضت اميركا شرطا في العقد يتضمن ان لا تطير الطائرة اكثر من نصف ساعة يوميا اي خمسة عشر ساعة في الشهر!! مع العلم إن قيمة الطائرة الواحدة حسب وكالة ( أور ) لايتجاوز ال(25) مليون دولار وبالتالي فإن ثمن الصفقة المؤلفة من ( 36 ) طائرة تبلغ ( 900) مليون دولار وليس 12مليار دولار !!! بالاضافة الى ملحقات الطائرة من ذخائر جوية مختلفة بقيمة نصف مليار دولار ونصف أي أن هناك تسعة مليارات ونصف من الدولارات من الأموال العامة لا يعرف أين ستذهب !!! . وطال ( الإرهاب ) في الفساد مفاصل ذات إتصال مباشر مع المواطنين وقوتهم اليومي وتشكلت مافيات وجماعات تعتاش على هموم المواطنين وأكثر هذه الجرائم تأتي من قبل المسئولين عن عقد الصفقات الخاصة بأستيراد المواد التموينية وكالة أصوات العراق تشير الى أن تحقيقا موسعا فتح لمعرفة المسؤولين عن توزيع مادة الحليب من نوع( فريش) صنع عماني.. أثبتت الفحوصات المختبرية عدم صلاحيته للاستهلاك البشري !! في حين أضرم محتجون في إحدى المحاظفات العراقية النار بكميات من الشاي التالف، الذي وزع ضمن مفردات البطاقة التموينية، خلال الأشهر الماضية ، وبلغ الفساد مداه من وجهة نظر المحتجين هو نقل محاكمة المتورطين الى محاكم العاصمة على الرغم من أن هذه المحافظة تنعم بأمان أمني أفضل من بغداد . هذه الأمثلة لا تنحصر في وزارات معينة فوزارة النفط تعد واحدة من أكثر الوزارات فسادا فمن مجموع 149 قضية تم أحالت سبعة منها وأتهم أثنين فقط !!! ولايختلف الحال في وزارة الدفاع فمن مجموع 169 قضية لم يتم إدانة إلا شخص واحد فقط !!! في حين بلغت جرائم الفساد في وزارة التعليم العالي 188 حالة تشمل درجات جامعية مزورة يصعب تمييزها إذ أن معظم حامليها كانوا في إيران !! في حين غابت عمليات مكافحة الفساد الإداري في وزارة العلوم والتكنولوجيا وأنعدام التعاون في وزارة الأعمار والأسكان والبقية تأتي !! . التقارير الدولية تشير الى أن الوضع الأمني وطابع العنف للعناصر الإجرامية في داخ الوزارات يجعل التحقيق في الفساد محفوفا بمخاطر شديدة على الجميع حيث يشتكي المفتشين العاملين باستمرار من الإفتقار للدعم سمح بهذه الآفة( الفساد ) في ان يكون نموذجا في العديد من الوزارات وإنهم أصبحوا عرضة " للتخويف " في ظل نظام قضائي لايزال ضعيفا ومرعبا وعرضة للضغط السياسي . إجراءات مجلس الوزراء الذي وافق عام 2010 على الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2010-2014 تبقى ناقصة لطالما هناك من يشعر بأنه فوق القانون ويتمتع بحصانة القرابة والصداقة مع هذا المسئولين وذاك وهنا يستحضرنا ذلك الموقف الذي تعرض له رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل عندما أوقفه شرطيا لمخالفته فقال له ( أنا رئيس الوزراء البريطاني ألا تعرفني ) فرد عليه الشرطي بكل ثقة ( القانون فوق الجميع حتى على تشرشل !!! ) والحليم بالاشارة يفهم !!!
#كريم_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهاب العشائري في العراق
-
العراق والكويت .. إلى أين ؟؟
-
هل سنأسف على ثوراتنا !!!
-
كذب أوباما وإن صدق
-
ونحن من يعوضنا ؟ أم عوضنا على الله !!!
-
من يضحك على من !!!!
-
الثورات العربية من وجهة نظر روسية
-
كتاب جديد - إمبراطور الغاز
-
أنا وضعي مختلف .. !!!
-
هل نحن بحاجة لدراسة اللغة اليابانية !!
-
كوسا وحسين ، وإن تعددت أسباب هروبهما ، فمصيرهما واحد
-
أفتخر .. لأنك عربي
-
ماذا لو كانت ليبيا بلدا للموز ..... ؟
-
صحوة موت عمرو موسى سياسيا
-
أيها الليبيون .. العبرة لمن أعتبر
-
في العراق .. عجيب أمور .. غريب قضية
-
بعد خطاب مبارك .. مصر إلى أين !!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|