|
الدعاية السياسية تاريخها وانواعها
نبيل ابراهيم الزركوشي
الحوار المتمدن-العدد: 3849 - 2012 / 9 / 13 - 22:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أولا : تعريف الدعاية السياسية : الدعاية السياسية هي محاولة التأثير علي الرأي العام وعلي سلوك المجتمع أو (المجتمعات ( وهي اللغة السياسية الموجهة للجماهير والتي تستعمل رموز وكلمات خاصة وهدف دعائي للتأثير على موقف الجماهير إزاء قضية أو (قضايا )معينة (1) ثانيا :تاريخ الدعاية السياسية : يعود تاريخ الدعاية السياسية إلي العصور الوسطى حيث كان أساسها ديني واستخدم هذا المصطلح أول مرة عندما انشأ البابا (جريجوري) الخامس عشر جماعة سنة 1662موكانت تدعى اختصاراً الدعاية ، وكانت تقوم بالإشراف على البعثات التنصيرية وفي عام 1729م أنشأت فرنسا وزارة خاصة بالدعاية ،وبعدها بسنوات قامت الثورة الفرنسية فقامت بترسيخها وعملت على تطورها ، أما المفهوم الحالي للدعاية السياسية لم يعرف إلا في الحرب العالمية الأولى فاستخدمت دول الحلفاء (فرنسا – بريطانيا – روسيا – الولايات المتحدة ) في حربها ضد دول المحور استخدمت الدعاية بشكل واسع فالولايات المتحدة علي سبيل المثال قامت بتأسيس وكالة سميت بلجنة المعلومات العامة وقامت اللجنة بتوزيع (100 مليون ) إعلان حائطي ومنشور صممت لزيادة دعم المجهود الحربي أما فترة مابين الحربين فقد استخدم العديد من الدكتاتوريين الدعاية السياسية للوصول إلي السلطة فقد أسس( بينيتو موسوليني) دكتاتورية فاشية في ايطاليا عام (1922م) باستخدام الدعاية السياسية التي كانت مرتكزة علي إعادة أمجاد روما . وكذلك استخدم (ستالين ) عام (1929م) الدعاية السياسية للقضاء علي المعارضة وفي عام (1933م) أسس (أدولف هتلر ) دكتاتورية نازية في ألمانيا بالدعاية السياسية واشتهر احد وزرائه بها (جوزيف جوبلز ) الذي سميت وزارته بوزارة الدعاية والتنوير واستخدم النازيون الدعاية السياسية بمهارة فاستخدموا كل الوسائل المتاحة من صحافة وإذاعة وأفلام ومناهج تعليمية لتشكيل الرأي العام وتوجيهه . وفترة الحرب العالمية الثانية شهدت حرباً عسكرية من جهة وحرباً دعائية من جهة أخرى ،وفي فترة الحرب الباردة التي بدأت بانتهاء الحرب العالمية الثانية كان كل من المعسكرين يقدم أنواعا متعددة من الدعاية السياسية للتأثير علي الرأي العام العالمي وفي سنة (1953م) أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية وكالة المعلومات الأمريكية لدعم سياستها الخارجية وأنشأت جزءا من الوكالة سمي (صوت أمريكا ) يتولى إذاعة الأخبار والدعاية للسياسات الأمريكية . وأصبحت الدعاية السياسية منذ ذلك الحين فن يمارسه الساسة للتأثير عل الرأي العام وأصبح لكل حزب أو تنظيم برنامج دعائي خاص به ، ولكل دولة سياسة دعائية خاصة بها لدحض الدعايات الأخرى وترسيخ دعايتها السياسية .(2)
ثالثا : الدعاية السياسية وتميزها : الدعاية السياسية قد تتشابك مع غيرها من المصطلحات وتختلط بها حتى يصعب الأمر علي القارئ في التمييز في دلالة مصطلح الدعاية السياسية عن غيره من المصطلحات وهذه محاولة بسيطة لفك رموز بعض المصطلحات . أ )-الدعاية السياسية والتحريض : التحريض هو الحث علي القيام بعمل معين أو الحث علي الامتناع عن عمل معين وله عدة صور . والتحريض كما يراه (لينين )الزعيم السوفييتي انه استخدام نصف الحقيقة والشعارات لتحريك الجماهير الذين يعتقد أنهم غير قادرين على فهم الحقائق المعقدة . أما الدعاية السياسية لدى (لينين ) هي استخدام البراهين التاريخية والعلمية لإقناع الأقلية المثقفة وما نراه نحن هنا في علاقة التحريض بالدعاية السياسية هو أن التحريض يكون ضمنيا داخل بوتقة الدعاية السياسية التي تقوم علي الإقناع والتأثير على الجماهير بكافة الصور . (3) ب)-الدعاية السياسية والإعلانات : من المعتاد أن يقرن مصطلحي الدعاية والإعلان ،فالدعاية السياسية تتشابه مع الإعلان من حيث التسويق فالدعاية هي تسويق للأفكار والأطروحات والسياسات والإعلان هو تسويق لمنتج معين ، ولكن ثمة اختلاف بين المصطلحين في الأهداف ، فهدف الدعاية السياسية هو التأثير علي الرأي العام للوصول إلي أهداف أخري معلنة أو غير معلنة أما هدف الإعلان فهو الترويجلمنتج بغية تحقيق مكاسب مادية ،فالهدف في الدعاية سياسي وفي الإعلان اقتصادي أو تجاري والإعلان عامةً يكون إشهار لواقعة والإعلام عنها .(4) ج )-الدعاية السياسية والحقيقة : الاستعمال الشائع لمصطلح الدعاية يعني الكذب ، وفي علاقة الدعاية السياسية بالحقيقة فتكون الدعاية هي كل ما هو زائد عن الحقيقة أو موجود لجانبها أو يحل محلها (وفقا للاستعمال الشائع للكلمة ) ربما يكون هذا المعني صحيح أحيانا ولكنه ليس صحيح مطلقا فقد تكون الدعاية السياسية هي الحقيقة وقد تكون غير ذلك .(5)
تقسيمات الدعاية السياسية (6) وضع بعضا من الفقه تقسيمات للدعاية السياسية من خلالها يتم التعرف على نوع الدعاية وآلية عملها واتجاهها فكانت التقسيمات كالتالي : 1. تقسيم الدعاية طبقا لمضمونها بيضاء – سوداء – رمادية أ) الدعاية البيضاء : وهي عبارة عن ذلك النشاط العلني من اجل هدف معين ومعلن وهي ما تكون غالبا خارجية أي موجهة للخارج (كالدعاية التي يقوم بها نظام سياسي لتضخيم نجاحاته ( ب )الدعاية السوداء :وهي تلك الدعاية التي لا تكشف عن مصادرها الحقيقية وتنمو بطرق سرية داخل أراض العدو وتهدف إلي إشاعة الفتن والتشويش على الرأي العام . ج) الدعاية الرمادية : وهي تلك الدعاية التي لا تخشى من أن يقف الرأي العام علي مصادرها الحقيقية وتختفي وراء هدف معين غير معلن . 2.تقسيم الدعاية طبقا لمصدرها (عمودية – أفقية): أ )الدعاية العمودية : وهي تلك الدعاية التي تصدر من اعلي الهرم (السياسي –الاجتماعي - الديني )أي من اعلي هرم السلطة ويسعي للتأثير على الجماهير التي تشكل القاعدة ، فتكون الدعاية من اعلي الهرم إلي قاعدته ولذلك سميت دعاية عمودية . ب ) الدعاية الأفقية :وهي تلك الدعاية التي تنطلق من عضو في جماعة معينة ، ولا تنطلق من ذي سلطة أو رئيس لجماعة إنما عضو فيها وتنتشر هذه الدعاية بين الجماعة أفقيا وربما تكون إحدى نتائجها أو أهدافها تولي زعامة الجماعة وغالبا ما تطبق في انتخابات الأحزاب . 3.تقسيم الدعاية من حيث الوظيفة تحريضية – اندماجية: أ )الدعاية التحريضية : هي تلك الدعاية التي يقودها جماعة أو حزب يسعى للحكم ويقوم بتحريض الجماهير لتقبل تغييرات جذرية . ب ) الدعاية الاندماجية : وهي تلك الدعاية التي تهدف إلي العمل علي توازن المجتمع وتوحيده وتعزيزه وهي مفضلة لدى الحكومات ويمارسها غالبا الحزب الحاكم . 4.تقسيم الدعاية من حيث الأسلوب (ظاهرة – كامنة): أ ) الدعاية الظاهرة : وهي تلك الدعاية التي تكون في العلن ويكون لها تنظيم شهير ومعروف وهدف معلن وواضح . ب ) الدعاية الكامنة : وهي تلك الدعاية التي تخفي أهدافها ومصدرها ولا يكون الرأي العام واعيا بها وهي شديدة الخطورة .
المراجع 1.غى دورندان ، الدعاية والدعاية السياسية ، ترجمة د.رالف رزق الله ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع .1986 بيروت. 2.جان ماري دانكان ، علم السياسة ، ترجمة محمد عرب صاصيلا ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع .1997 بيروت. 3.د.عاطف عدلي العبد ، الدعاية الأسس النظرية والنماذج التطبيقية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،2008 4.نعوم تشومسكي ،الدعاية السياسية والعقل العام ،بلوتو برس ، لندن ،2001 ط1 5.الموقع الالكتروني الموسوعة المعرفية الشاملة . 6.الموقع الالكتروني الموسوعة الحرة .
#نبيل_ابراهيم_الزركوشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرية الرأي والتعبير حق في الماضي وقيود في الحاضر
-
المناهج التربوية العراقية... بين الواقع والطموح
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|