رعد عباس ديبس
(Raad Abaas Daybis)
الحوار المتمدن-العدد: 3848 - 2012 / 9 / 12 - 18:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الدولة الديمقراطية يجب احترام أحكام القضاء والخضوع لها
تتميز الدولة الديمقراطية بمبدأ فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية عن بعضها البعض, ولكن في حقيقة الأمر أن السلطتين التشريعية والتنفيذية في الدولة الديمقراطية تخضعان للسلطة القضائية. فالسلطة التشريعية مناط بها سن القوانين بما ينسجم مع دستور البلاد, ولكن من يحكم بدستورية هذه القوانين؟ من المؤكد ان القضاء هو الذي يبت في هذا الأمر بواسطة المحكمة الدستورية أو الاتحادية وتكون احكامه ملزمة واجبة التنفيذ. واذا خالفت السلطة التنفيذية أو أحد رموزها القوانين أو اذا أصدرت لوائح مخالفة للدستور أو للقوانين فان القضاء المختص دستوريا كان أو اداريا أوجنائيا هو المعني بالنظر في هذا الامر واعطاء القرار النهائي بشأنه ويكون واجب التنفيذ بعد أخذه الصورة النهائية. ولهذا فالقضاء لا يتبع السياسة وانما بالعكس فالسياسة هي التي تتبع القضاء وتخضع له, وأي اخلال في هذا المبدأ يفقد الدولة ديمقراطيتها. ولا يمكن التشكيك باحكام القضاء بحجج سياسية وانما يمكن الاعتراض على الاحكام القضائية بالطرق التي نص عليها القانون وضمن فيها حقوق جميع الاطراف. وعلى السلطة التنفيذية تطبيق أحكام القضاء الباتة على جميع من تصدر بحقهم دون قيد أو شرط ودون الاخذ بالاعتبار مركز أو منصب الشخص المعني.
العديد من الدساتير الديمقراطية تعطي حصانة لأعضاء البرلمان ولبعض أشخاص السلطة التنفيذية عن المسائلة القضائية وذلك لتسهيل القيام بأعمالهم, ولكن هذه الحصانة ليست مطلقة وانما مرهونة بالزمان والمكان والموضوع, فأعضاء البرلمان لديهم حصانة عما يطرحوه داخل قبة البرلمان من افكار واراء وافعال حتى لو أساءت للنظام العام وتبقى هذه الحصانة لفترة عضويتهم فقط, وفي خلاف ذلك ممكن مسائلتهم قضائيا, ففي حالة المخالفات الجنائية أو الامنية مثلا هناك اجراءات قانونية مبنية على أدلة معتبرة لرفع الحصانة ومن ثمة محاكمة الشخص المعني, علما بأن رفع الحصانة ليس دليل على ثبوت الاتهام, كما حدث مع عضو البرلمان العراقي السابق مثال الآلوسي. وبعض الدساتير تعطي لرئيس الجمهورية أو لرئيس الوزراء حصانة ضد المسائلة القضائية ولكن هذه الحصانة أيضا مرهونة بنطاق عمله وفترة توليه المنصب وبعدها يكون عرضة للمسائلة القانونية كما حصل مع الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك بعد انتهاء مدته الرئاسية.
وفي ديمقراطية العراق الفتية يجب أن يفهم أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية بأنهم خاضعين للسلطة القضائية وليس العكس, وأن يفهموا بأن مناصبهم لا تحميهم من المسائلة القضائية حين ارتكابهم أفعال مخالفة للقانون, علما بأن الواجب يحتم عليهم أن يكونوا قدوة لابناء الشعب البسطاء بالخضوع للقانون وتطبيقه.
د. رعد عباس ديبس
#رعد_عباس_ديبس (هاشتاغ)
Raad_Abaas_Daybis#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟