أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسماعيل حسني - أسلمة الخطاب الكنسي














المزيد.....

أسلمة الخطاب الكنسي


إسماعيل حسني

الحوار المتمدن-العدد: 3848 - 2012 / 9 / 12 - 18:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لن يستغرق الأمر طويلا حتى يكتشف المصريون الخدعة الكبرى التي اكتشفتها الشعوب الأوروبية منذ أربعة قرون إبان الحكم الكنسي، وهي أن السماء لم ولن تطرح حلولا للمشكلات المادية التي يعاني منها سكان الكرة الأرضية.
فلقد استطاعت الكنيسة أن تفرض سيطرتها على أوروبا لعدة قرون بخداع الناس وإيهامهم أن الكتاب المقدس يحتوي على حلول لكل المشكلات التي يعانون منها، وأنهم لو أطاعوا تعاليم الكنيسة فإن السماء سوف تفتح أبوابها لتتدفق منها الخيرات مدرارا على رؤوسهم. وصبر الأوروبيون طويلا ولم يروا أبوابا تفتح في السماء ، ولم يزدادوا رغم انصياعهم الكامل لأوامر الكنيسة ونواهيها إلا فقرا وجهلا ومرضا، فاكتشفوا الخدعة، وعرفوا أن للتقدم أسبابا موضوعية ليس لها علاقة بالدين أو العقيدة، وثاروا على الكنيسة، وخاضوا ضدها حروبا دامية حتى نجحوا في عزلها عن إدارة شئون حياتهم.
واليوم نشرب نحن من نفس الكأس، وندخل في ذات النفق المظلم، بعد أن استغل بعض الدجالين انتشار الجهل والأمية في أبناء شعبنا وقاموا بإعادة انتاج الخطاب الكنسي القديم، وأوهموا البسطاء أن حلول جميع مشكلاتهم متوفرة وجاهزة في القرآن، وأن ذوي العمائم سوف يقومون باستخراجها وتطبيقها عندما تصل جماعات الإسلام السياسي إلى الحكم. فابتلع الطيبون الطعم، ورضوا بالصفقة أملا في تحسن أحوالهم المعيشية. خاصة وأن الإخوان أعلنوا عن مشروع إسلامي جاهز للنهضة قوامه 200 مليار دولار يمكنها أن تغرقنا جميعا في بحور من اللبن والعسل.
وبعد أن ذهبت سكرة الإنتخابات وحماستها، وجاءت الفكرة من حقائق ومتطلبات وضغوط الحياة اليومية، بدأ الناس يكتشفون أن مشروع النهضة ليس سوى كذب وادعاء، وأفكار وممارسات عشوائية وطائشة لا يمكن أن تقيم أود أمة أو أن تصلح أحوال الناس. فقد رأوا هرتلة الداعية محمد حسان حول استبدال المعونة الأمريكية بتبرعات تجمع من المواطنين الفقراء، ثم مشروع النظافة الذي افتتح به الرئيس المنتخب عهده والذي لم يكن سوى فكرة بدائية بلا تخطيط ولا دراسة ولا أمكانيات، وبدلا من تدفق المليارات الموعودة بدأ الرئيس حملة لجمع التبرعات من المصريين بالخارج، ثم الإقتراض من قطر وصندوق النقد بفوائد ربوية، وكادت المائة يوم الأولى لانتخاب الرئيس تنقضي ولم يتحقق شيء من وعوده الإنتخابية، ولم يستخرج المشايخ من القرآن أية حلول عبقرية لأبسط مشاكل الناس، بل على العكس خرج نائب مرشد الإخوان لينفي وجود مشروع جاهز للنهضة، وبدأ الناس يقلبون وجوههم في السماء فلا يجدون أبوابا فتحت، ولا خيرات تدفقت.
وليس عندنا شك، أن الإسلاميين كما اختاروا السير على نهج الكنيسة فإنهم سيلاقون نفس النتائج والمصير، إلا أن المشكلة أنهم لن يجدوا أمامهم مفر من استخدام نفس تكتيكات الكنيسة للبقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة. فلقد كانت الكنيسة تقوم بتحميل رعاياها مسئولية كافة إخفاقاتها، بدعوى أن الفشل يحدث بسبب ما يرتكبونه من آثام ومعاصي تغضب الله فلا يكتب لسياساتها التوفيق. وكانت كلما زادت إخفاقاتها ازدادت تعسفا مع رعيتها لإحكام قبضتها وسلطتها عليهم، فكانت تتفنن في قهرهم وإجبارهم على الامتثال للأوامر والنواهي الدينية، وكانت تسحق المعارضين وتتهمهم بالهرطقة، وكانت تقوم بمطاردة أصحاب المذاهب والديانات الأخرى وطردهم من البلاد حتى تحقق النقاء الديني الذي يجلب رضى السماء وبركاتها.
إلا أنه قد غاب عن الإسلاميين أن ما كان يصلح للتطبيق في القرون الوسطى لا يصلح للتطبيق في القرن الواحد والعشرون نظرا لاختلاف طبيعة البشر وازدياد قدرتهم على التواصل والحركة ونقل المعلومات، واختلاف طبيعة المجتمعات، وتبلور مبادئ الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، لهذا فنحن على ثقة أن أيامهم في الحكم معدودة، ولكنها لن تمر بدون أثمان باهظة تدفعها جماهير الشعب المطحونة.



#إسماعيل_حسني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر تحت الحكم الفاشي
- انتفاضة 24 أغسطس
- لماذا الإخوان المسلمون ؟
- من المسئول عن مقتل الجنود المصريين في سيناء ؟
- عشرة محاذير للمرجعية الدينية
- حول التعديلات الدستورية المقترحة
- تعريف مبسط للعلمانية
- إغتيال معلمة في مدرسة أم المؤمنين عائشة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسماعيل حسني - أسلمة الخطاب الكنسي