جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3848 - 2012 / 9 / 12 - 12:19
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
نعم كبر مفهوم (الاستعمار) سنا و عجز و علاوة على ذلك افرغ من محتواه بتكراره يوميا في الدول الشرقية بسبب مضغه كالتبغ او العلك و اصبح غامضا لا نفهم ماذا يعني بالضبط يكرر على الالسنة بعفوية و دون تفكير و لان الاستعمار بمفهومه القديم colonialisation كان بسيطا لا يعني غير الاستيطان او الاستغلال للثروات بصورة واضحة للعيان و في الحقيقة ان كلمة (استعمار) ايجابية ايضا اشتقت من الباب العاشر لانها من (عمر) و لذلك يلعب (العمر) و (التعمير) فيها دور كبير و الان وصلت الى الشيخوخة و سوف تموت عن قريب او ماتت فعلا لتفسح المجال امام اشكال أخرى و بدأت احن اليها اليوم. ليس هناك شيء يستثنى من الشيخوخة.
نعم تعقدت الحياة و ليس هناك مجال لمصطلحات علنية واضحة تكشف عن نفسها مثل (الاستعمار) لانها عارية غير مغلفة يجب تلبيسها بملابس ايجابية سطحيا لا يستطيع السامع ان يرى اغراضها بسهولة و لا يستطيع الا ان يتفق معها و يوقع عليها بدون تردد و هي مثل لغات العقود القانونية تكتب الشروط المهمة جدا فيها احيانا في اسفل العقد بخط صغير لا تستطيع العين المجردة قراءتها و قد زاد لدينا الشك و تحول الى مرض و وسوسة لدرجة اصبحنا نشك في معاني الكلمات الايجابية اكثر من السلبية لانحطاط معانيها الى الحظيظ فاذا تطرقت دول ذات سيطرة الى علاقات التعاون و الشراكة (قارن مقالي السابق : مش قد المقام) مع اطراف اضعف منها فانها لا تعني ما تكتبه ظاهريا.
نعم لقد انتبهت الناس الى اللغة الايجابية لشهادات الخدمة الالمانية الصادرة من ارباب العمل بعد الطرد او الاستقالة او انتهاء مدة الخدمة و اصبح لدينا قاموسا اليوم باهم هذه المصطلحات المؤذية لمستقبل العامل او المستخدم او الموظف ترددها الناس بمزح و سخرية من امثال (لقد بذل جهودا جبارة لانجاز الاعمال المحاطة به) و هذا يعني انه فعلا بذل جهودا جبارة و لكن ليس هناك اي دليل فيما اذا كان موفقا في جهوده او بعبارة اوضح فشل بسبب غبائه لانه يعتبر من الذين يتعبون انفسهم دون التفكير مما دفع ارباب العمل الى طرق اخرى و لغات مشفرة اخرى اخطر لتحذير ارباب العمل المستقبل من تشغيل العامل المسكين فمثلا طريقة التوقيع على الشهادة قد تحولها الى ايجابية او سلبية حسب الاتفاق بين ارباب العمل.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟