|
بيدي ...لا بيد عمر ...؟
حامد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3847 - 2012 / 9 / 11 - 20:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو أننا قرأنا تاريخنا القريب وتفحصناه جيدا ... واتخذنا من رؤية السياسيين العراقيين الذين أسهموا في بناء الدولة الحديثة عام 1921 ...لوجدنا الكثير مما يسهم في توضيح السياسات الحالية لبعض الدول المحيطة بنا ... ولتفهمنا العقد التي لازمت الكثيرين من الإغراب والإعراب في المنطقة والتي للان تتحكم في تصرفاتهم اتجاه العراق .... عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة لم يتورعوا في إبداء إطماعهم في العراق ...فكان للسعودية أطماع في أراض العراق ,,وكانت لابن سعود مطالب بضم البادية للسعودية في مباحثات العقير في عام 1922 . وكذلك تركيا ومطالباتها في ضم لواء الموصل ... وأيضا إيران وإطماعها في شط العرب وفي أراضي كثيرة ومحاولاتها في انتهاك اتفاقية 1913 والاتفاقيات التي تلتها ....رغم إنها استقطعت إقليم عربستان في مساومة تاريخية بينها وبين بريطانيا ....وهكذا الكويت التي لم تفوت فرصة لإضعاف العراق إلا واستثمرتها وقضمت جزءا من أراضيه .... في سنة 1950 ونتيجة ارتفاع عوائد البترول أسس العراق مجلس الأعمار.. فكان إنشاء السدود العملاقة مهمة تحضي بالاهتمام الكبير وهذه تحتاج الى أموال وإمكانيات متقدمة في هذا المجال وقد كانت بغداد عرضة للفيضانات المتكررة ...إضافة الى البدء في إنشاء البنى التحتية للصناعات على مختلف أنواعها .كذلك مشاريع الإسكان الشعبي للطبقات الفقيرة وايضا انشاء المستشفيات والمدارس في عموم العراق. من هنا فان حلف بغداد الذي تأسس سنة 1955 ...كانت أمريكا هي صاحبة الفكرة ووعدت بتقديم العون الاقتصادي والعسكري للأعضاء وكان يضم تركيا وإيران وباكستان وبريطانيا والعراق وأمريكا بصفة مراقب ... كانت نظرة واعية من قبل رئيس الوزراء العراقي الباشا نوري السعيد لدرء المخاطر التي يتعرض لها العراق من جيرانه . فأراد أن يحيد تركيا وإيران ويبني مع هاتين الدولتين علاقات إستراتيجية برعاية بريطانيا وبمراقبة أمريكية وهو بهذا يستطيع أن يحصل على الوقت اللازم والدعم لأعمار العراق وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية وقد حصل فعلا على معونات أمريكية ....وقد كان العراق يملك مشروعا واضحا بأعمار البلد والحفاظ على علاقات متوازنة بين الحليفين الكبيرين ...... اما موقفه من العرب ..فكان يعتقد ان العرب لا يستطيعون ان يقدموا شيئا للعراق ...بل ان العراق ممكن ان يكون أكثر نفعا لهم اذا انتقل الى دولة متقدمة وقوية ...وقد كان الباشا نوري السعيد والكثير من المراقبين يؤكدون على خروج العراق من مجموعة الدول النامية في فترة قريبة جدا ... الا ان حجم التأمر على العراق وتعدد مصادره وإشكاله ...أعاق تقدم العراق واستمراره بانجاز مراحل الخطط الخماسية ...فكانت احداث 14 تموز 1958 .... وانتهت على أثره أعمال مجلس الأعمار الذي كان سينقل العراق الى مصافي الدول المتقدمة لنسقط في وحل التنازع على السلطة والاقتتال الى حد الجنون والتصفية الجسدية فاختفى الأمان والاستقرار ودخلنا في صراعات دخل من خلالها الصديق والعدو والمتربص واللئيم كل من طرفه ليفضوا بكارة العراق ويتهم بعضهم البعض ويتم استنهاض الكراهية والعداوات التاريخية والعصبيات الجاهلية وقيم البداوة التي اختفت حينا في الزمن البهيج في فترة تأسيس الدولة المدنية وتصدي الملك فيصل الأول لتأسيس المملكة العراقية مع العديد من رجالات العراق الوطنيين ممن ساهم في الثورة العربية من العسكريين والمدنيين . فأصبحت الخنادق السياسية تفصل بين أفراد الشعب الواحد ...لدرجة إننا كنا في مناطق معينة في بغداد لا نسمع إلا إذاعة صوت العرب وصوت المذيع احمد سعيد وهو يؤجج الفتنة بين العراقيين ويكيل التهم لقادة العراق الجدد ... وفي الجانب الأخر كان الشيوعيون يحاولون تصفية خصومهم وفرض أرائهم على الشارع ...وهذا التنازع احدث انقساما حادا... وفي 8 شباط عام 1963 حدث انقلاب دموي أخر ليدخل العراق في تصفيات دموية وسياسات لم ولن تسهم في بناء العراق ...ثم توالت الأحداث ليقتل عبد السلام محمد عارف عام 1966 ليأتي أخيه عبد الرحمن عارف لسدة الحكم بعد ان فرض العسكر أجندتهم وابعدوا رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز عن الحكم .... ليمهد هذا النظام الى مجي حزب البعث عام 1969 الذي ادخل العراق في حروبا عبثية مدمرة وقد أنهكت البلد وعادت به الى ما قبل العصور الوسطى ....فكان حجم الدمار والخراب شاملا خلف ملايين الأيتام والأرامل والمطلقات وملايين المعوقين نتيجة الحروب والتفجيرات والاقتتال على السلطة ..... في حين أن بلدانا فقيرة من الدول المجاورة ... لا تملك أي موارد تذكر تمكنت من تطوير بلدانها وتقديم أفضل الخدمات لشعوبها ...كذلك هناك إمارات عرفت بعد اكتشاف البترول ..تمكنت أيضا من بناء وتعمير إماراتهم واستغلت عوائد البترول لإحداث قفزة نوعية في البناء والتعمير حتى أصبحت بمصافي الدول السياحية المتقدمة في العالم ....رغم المشاكل البيئية التي تعاني منها ..ولكنها تمكنت من صناعة معجزة حضارية وبيئية...
من هنا لابد أن نسأل ... ما الذي جنيناه من الاختلاف وصناعة الكراهية ... ما الذي حصدناه من الحروب والمنازعات ... في الوقت الذي كنا نحارب فيه كانت الدول المجاورة تبني السدود والمدن وتستصلح الأرض وتبني الإنسان والمكان بعكسنا نحن في العراق دمرنا الإنسان وخربنا المكان ... ولم نتعلم لحد الآن ولم نعي الدرس ..لا بل يتخندق كل فصيل مع الذي يمثل مصالحه حتى وان كان هذا الحليف خارج الحدود ...الأمر الذي منح الآخرين الحق بالتدخل وفرض مواقفهم ورؤيتهم لما يحصل وسيحصل في المنطقة التي تطفو على رمال متحركة ...فلا غرابة من ان يتدخل حاكم قطر في القرار السياسي العراقي ويحاول ان يفرض وصايته على العراق كما لا غرابة من ان وزير الخارجية التركي .. يدخل ويتجول في المحافظات العراقية دون إبلاغ الحكومة المركزية عن طريق القنوات الدبلوماسية لأنه لا يشعر ان هناك حكومة ممكن ان يحترمها او يحسب لها أي حساب ...وهكذا يتصرف السفير الإيراني وكأنه راعي الدولة والمسئول عنها ...اما السعوديون فيتصرفون بلؤم يهود خيبر اتجاه العراق ....محملين التأريخ أكثر مما يحتمل من الغدر والكراهية والاختلاف الغير مبرر. ان النتيجة النهائية لدولة اسمها العراق هي هذه الصورة القاتمة المرتبكة لشعب يقتل في كل الأوقات ... فكل الظروف هي فرص مواتية للقتل وإشاعة الرعب وصنع الدمار وتغطية المكان برائحة الدم المراق من الأجساد المتعبة الهزيلة .... الى ألان لا نريد ان نعترف بأننا قتلنا وسحلنا من أراد لنا الخير والكرامة ... و ركضنا وراء من الحق بنا الدمار والظلم والجور ...الى ألان وبعد أكثر من نصف قرن .. لم نتعلم ولم نحترم الزمن وأصبحنا مثلا للفرقة والاختلاف والتخلف ... حتى انطبق علينا القول ( بيدي لا بيد عمر) ..
#حامد_الزبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوتين ... وعودة التوازن
-
طوب ابو خزامة
-
الفرص الضائعة للعراق الجديد ...؟
-
لماذا لا يتم تجاوز..... عقبة الاردن
-
عودة السلطان ....رجب اردوغان
-
رحلة الالف ميل .... تبدأ بتفجير
-
الفشل النبيل
-
الى اين يتجه ...تكتك الديمقراطية في العراق
-
الوعد
-
وطن يعيش فينا
-
اسد بابل
-
دروس من التأريخ
-
رائحة البرتقال
-
روسيا- الصين . كوم
-
بلاد الفرص الضائعة
-
على باب الله .....!!!!!
-
هل تكره امريكا .....؟
-
الدولة السنية
-
بأي حال عدت يا عيد
-
خليجي....21
المزيد.....
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|