أحمد الربعي
الحوار المتمدن-العدد: 264 - 2002 / 10 / 2 - 01:12
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الشرق الأوسط،1/10/2002
لو كان الامر بيدي لقررت على طلبة المدارس دراسة حيثيات حكم محكمة الجيزة التي اصدرت حكمها ببراءة جميع المتهمين من تهمة التقصير في الحادث المأساوي لقطار الصعيد الذي راح ضحيته ثلاثمائة وستون مواطناً بريئاً.
اخطر ما في حيثيات الحكم الرائع الذي اصدرته المحكمة قولها «ان المتهمين الحقيقيين خارج القفص، وان المتهمين الحقيقيين في الحادث لم يحاكموا بينما تم تقديم صغار الموظفين الذين هم ضحايا الحادث مثل من لقوا مصرعهم».
حيثيات الحكم تقول بلغة صريحة وواضحة بان «القضاء ملّ وكلّ من تقديم صغار المسؤولين الى المحاكم» واهابت المحكمة بالقيادة السياسية «ان تضيف الى معايير اختيار القيادات الكفاءة والقدرة على مواجهة الازمات».
واكدت المحكمة انها تنظر في هذه القضية منذ اشهر «وأرواح الضحايا تستصرخها» وان التقارير التي وصلت الى المحكمة فشلت في تحديد اسباب الحادث، الامر الذي جعل المحكمة تبرئ صغار المتهمين ويطمئن ضميرها الى ان اسباب الحادث ما زالت مجهولة.
هذا الحكم الذي يأتي من القضاء المصري هو صرخة ضمير تستحق القراءة والمتابعة، ففي كل كارثة عربية من دفع الجيوش الى حروب دون استعداد فتكون النتيجة هزيمة عسكرية، الى دفع الجيوش مرة اخرى في اتجاه غير اتجاهها، مروراً بالكوارث الكبرى التي شهدناها، ومن قطار الصعيد الذي ذهب ضحيته مئات الضحايا، الى انهيار السد في سورية، الى كارثة فيضانات الجزائر، وهي كلها جرائم كبرى لم نسمع ان احداً من كبار المسؤولين دفع ثمناً لتقصيره، ولم نجد احداً قدم استقالته اعترافاً بالخطأ، ولم نسمع منذ ان وعينا على الدنيا ان مسؤولاً عربياً اعترف واعتذر عن خطأ بحق الناس.
حكم محكمة الجيزة المصرية هو رسالة لمن يهمهم الامر، بان بعض الكبار في عالمنا العربي يفعلونها، والصغار يدفعون ثمنها، وان تحمل المسؤولية هو آخر ما يفعله الكثيرون ممن هم في سدة المسؤولية، وان لجاناً كثيرة قد تم تشكيلها في طول العالم العربي وعرضه لم تقدم حتى الان نتائج عملها وهي لجان تشكلت للبحث في اسباب الكوارث والاحداث الكبرى التي راح ضحيتها الكثير من الابرياء.
من هزيمة 67، الى احتلال الكويت، ومن جرائم القتل الجماعي والمحاكمات الصورية الى الكوارث التي راح ضحيتها الالاف يظل الشعار الكبير هو ان القضايا تسجل ضد مجهول»!!
#أحمد_الربعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟