سامي حسن
الحوار المتمدن-العدد: 1120 - 2005 / 2 / 25 - 09:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شكلت الحرية واحدة من أهم القيم التي ارتبطت بالانسان منذ وجد على هذه الأرض، إنها معركته الأزلية ... الانتقال من مملكة الضرورة إلى رحاب الحرية... والتحرر من كل أشكال السيطرة، سواء كان مصدرها الطبيعة، أم بني البشر.... ومن كل أشكال الاستبداد، داخلياً كان أم دخيلاً .
في مواجهة القوى الخارجية ومحاولتها للسيطرة على الشعوب وأوطانها ومقدراتها كانت هذه الشعوب تتحد حول برنامج المقاومة والتحرر، قافزة في كثير من الأحيان فوق معاناتها وفقرها وظلم حكامها، مجسدة بذلك المثل الشعبي القائل "زيوان بلد ولا حنطة جلب"
فإذا كانت الأمثال الشعبية – وهي الموسومة بالجدل بامتياز- المستمدة من حقائق الواقع وأحداث التاريخ هي تكثيف لخبرات وتجارب ودروس راكمتها الشعوب عبر عشرات بل مئات السنين ، فكم حري بنا عند توقفنا أمام المثل السابق أن نستلهم من التاريخ، ليس ما يؤكد صحته فحسب، بل ما ينفيه أيضاً ويشكل خروجاً عليه؟ والشاهد القريب على ذلك تجربة العراق التي ما زلنا نعيش تفاصيلها اليوم، حيث أوصل النظام العراقي شعبه إلى مرحلة صار فيها الاحتلال والنظام سيان، فكان ما كان... ودخلت القوات الأمريكية الغازية العاصمة بغداد في مشهد تراجيدي ..؟! حينها.. انقلب المثل الشعبي ليصبح حنطة الأمريكان ولا زيوان صدام .
ولكن حنطة الأمريكان " مع يقيني مسبقا أنها ليست بحنطة" تحولت مع القتل اليومي والنهب والفقر والبطالة وفضائح سجن ابو غريب إلى زيوان جديد وأجوف رغم كل ادعاءات زارعيه؟
فالقيد الذي انعتق منه العراقي عاد مرة أخرى ليلتف حول عنقه، ربما يكون قيداً أكثر حداثة وبريقاً،... ربما تم الاستغاء عن وسائل التعذيب القديمة "الكرسي الألماني" ....... ولكن ليحل محلها الكرسي الأمريكي و.....؟
اليوم..الآن.. لا بد من القول أن ذلك المثل الشعبي هو على المحك بالنسبة للحاكم والمحكوم في أكثر من ساحة عربية؟ فإلى كل من يعشق حصراً حنطة البلد ويكره الزيوان مهما كانت جنسيته حتى لوكان زيوان البلد... لنعمل جميعاً قبل فوات الأوان كي تصبح بلداننا خالية من الزيوان وكي لا تأتينا حنطة "زيوان" الأمريكان.
#سامي_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟