باسل سليم
الحوار المتمدن-العدد: 1120 - 2005 / 2 / 25 - 09:33
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
"ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى عدوا له ما من صداقته بد – المتنبي"
لم أوفق طوال اعوام الحرب على العراق وما قبلها من اعوام الحصار والتشرد والديكتاتورية من فهم حال العراق مثلي مثل غيري من العرب والبشر على هذه الارض .
فمن جحيم الحرب حيث الموت المجاني أكبر فرصة يمكن ان تحظى بها على الاطلاق ، إلى حرب آخرى لا تقل عبثية عن سابقتها ، إلى حصار أرعن اهلك الزرع والضرع ، إلى حرب لاحقة اشد شراسة ولا معقولية من جحيم دانتي نفسه ...
وما قبل ذلك ، انقلابات لا تعرف لماذا ولأي سبب ، من الانقلاب على الملكية وقتل العائلة المالكة ، إلى انقلابات الرفاق على بعضهم البعض وسحل المعارضين بالشوارع ، إلى قمة الابداع في تصفية الخصوم وابتكار أحدث الطرق في القضاء عليهم ، إلى ذبح الناس كالغنم....كل ذلك مسلسل موت لا ينتهي ...
موت ؟؟ .... كنا ونحن صغار نتفرج على التلفاز وكنت دائما ما اقوم بتمثيل دور البطل القتيل ، المرمي بالرصاص ، أو المتلقي لسهام العدو بكل شجاعة ...كان الموت بتلك البساطة ..
بساطة ....هل ما يحدث الآن يشبه البساطة ، أم الرعب ، أم قمة اللاجدوى ، حيث الاخوة أعداء في دورة أبدية من القتل والعبث المنهجي وحيث لا معنى ...
ونقف نحن العرب نشجع أحد الطرفين ( أيا كان ) بكل فخر وحماسة ، حماسة تشبه حماسة جمهور مصارعة الثيران ، نطلق الهتافات المحمومة ، هتافات أشد قوة من هتافات مشجعي الكرة ، ونتقمص الدور ونبدأ بالاقتراح على اللاعبين المتقاتلين الطرق الافضل للنيل من الخصم ( أيا كان )، اقتراحات تصل في خضم الحماسة المفرطة الى ابتداع اقوى الطرق في صب جام غضبنا على من نتهمه بالخروج على وعينا وتصوراتنا ومصالحنا ( أيا كان )، ونقترح طرق افضل للقتل والتخلص من الخصوم : " علقوا مشانقهم في الشوارع " ، "اسحلوهم " ، " اقتلوا منهم في كل مرة العدد الذين يقتلونه منكم " وفي خضم كل هذه الاقتراحات ننسى الاشخاص وقصصهم
ننسى الذين يطوون البطن على الجوع ، ننسى الذين ذلهم العمر بحثا عن لقمة الصغار ، ننسى الذين لا يملكون قلما للكتابة ، ننسى الاطفال ، ننسى العجائز ، وننسى اليوم البسيط الذي يحياه كل البشر ..
عن أي يوم بسيط اتحدث؟ هل عاش العراقيون يوما بسيطا في حياتهم ؟؟ وهل سيعيشون في خضم الحرب لحظة واحدة، ينسى الفرقاء فيها السلاح ويقفون لتبادل اشعال سيجارة مثلا ...
من يعذر من ؟؟ ومن يقوى على الصهيل في زمن الخراف ؟؟ ومن منا له شجاعة الموت كما يموتون ؟؟؟
هل اخذتني الحماسة ؟؟
كلا
بل اخجلتني !!!
#باسل_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟