مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 3846 - 2012 / 9 / 10 - 07:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لنشرح كلمة تخلف أولاً...هذه الكلمة لديها معنيان إثنان: الأول، عدم مواكبة العصر وبالتالي التخلف عن المسار الفكري الإنساني العصري، أما الثاني فهو التخلف بمعنى الجهل المعرفي أي غياب العقلانية ورواج التسليم بمنتجات السائد والموروث أو الماضي عوض التفكير العقلاني والتجديد...
أما الأن و قد شرحنا معاني التخلف فلنلتفت للتعليم الديني لتحديد خصائصه حتى نستطيع المقارنة...
التعليم الديني قائم على تعليم الدين والدين ليس وليد عصره بل وليد الماضي شئنا أو أبينا لذلك فإنه يسترجع الأفكار الدينية التي توصل إليه مفكرو الماضي الدينيون أو ما يسمون بعلماء الدين (رغم أن الدّين لا ينطبق عليه شيء مما ينطبق على العلوم)... عملية إسترجاع الماضي هذه قد لا تكون سلبية إذا كانت للتعلم من اخطائه، لكنها تتحول إلى كومة من السلبيات حين تؤسس على التقديس بمعنى أننا نخرج الأن من دائرة نقد الماضي لرؤية المستقبل ونسقط في هاوية إسترجاع الماضي بحذافيره وبعلاته وأمراضه ومصائبه... وهنا المصيبة الكبرى، لأن العالم الذي عرفه العرب قبل 14 قرناً ليس العالم الحالي والعقل الإنساني الذي كان يشتغل في ذلك الوقت أيضا ليس العقل الحاضر كما أن المعارف التي توصل إليها في ذلك الزمن لا تنفع بشيء في زمننا هذا. وهنا نجد أنفسنا قد سقطنا في التعريف الأول للتخلف..
من جهة أخرى، بما أن الدين مقدس فإن عملية إسترجاعه ستكون تلقينية بالأساس، بمعنى "قال الله" و"قال الرسول" دون تفكير. وبالتالي فالتعليم الديني قائم على إسترجاع قوالب جاهزة دوغمائية تؤخذ كما هي دون نقد أو تمحيص... هنا يقتل العقل ويتحجر لأنه سيصبح غير مطالب بالتفكير وإنما بالحفظ الأعمى الذي قد يستطيع القيام به أي قرد أو ببغاء عبر التدريب المتواصل... ولأنه لا يفكر فإنه لن يشك ولن ينتقد أبداً وسيسترجع الماضي بمحاسنه ومصائبه... وهنا نسقط في التعريف الثاني للتخلف وهو التحجر الفكري...
في تونس، أبرمت إتفاقية بين وزارة التربية وجامع الزيتونة لإعادة إحياء التعليم الزيتوني كما كان في الماضي... وكم أودّ لو يجيبني أحد أولئك المتخلفين الذين يدعون إلى إحياء المدرسة الزيتونية فيعلمني إلى أيّ نوع من التخلف يميل أكثر ويحدثني عن غايتهم من تجهيل أطفال اليوم بتعليم لا ينفع بشيء.
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟