|
لماذا لاتنتصر الحكومة على الارهاب في العراق؟
ميثم مرتضى الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 3846 - 2012 / 9 / 10 - 00:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لماذا لاتنتصر الحكومة على الارهاب في العراق؟ مليارات من الدولارات صرفت وتم فتح باب التطوع للانخراط في صفوف القوى الامنية مع احتواء ابناء العراق(رجال الصحوة) ودمج الميليشيات الى حد بات تعداد قوى الامن العراقية يربو على المليون فرد مايعني انه ذات العدد الذي روع فيه صدام العراقيين وجيران العراق بكل الاتجاهات مع الاخذ بنظر الاعتبار تحسن واقع القوات المسلحة من ناحية التجهيزات بدءا من الاعاشة والبدلات الانيقة والنظارات الشمسية واجهزة الاتصال بين النقاط والتي كانت حكرا على الحرس الشخصي لصدام في السابق مرورا بالدورات التدريبية في افضل دول العالم وعلى يد خبراء دوليين لاسيما دول حلف الناتو مع ماوفره الانفتاح الذي سهل مهمة الحصول على التجهيزات العسكرية الخاصة بالتنصت والتواصل واستمكان العدو والرصد الدقيق للاهداف المشبوهة التي اصبح من المتيسر اقتناؤها الان بخلاف ماكان يعانيه العراق من جراء حصار دولي شامل ولكن السؤال الكبير هنا لماذا يستمر الخرق الامني مع كل هذه المعطيات والموارد البشرية والمالية والتقنية المرصودة ضمن متناول المؤسسة الامنية وقبل الاجابة على هذا السؤال يجب تشريح ظاهرة الارهاب او بعبارة اقل انحيازا لنسميها الاختلالات الامنية من خلال التركيز على اسلوب جماعات العنف في ارباك المشهد العام في العراق وهل هو عنف بدائي تقوم به مجموعة ناقمة باسلوب ساذج ام انه تحرك متعدد الفصول ضمن استراتيجية طويلة الامد بانتظار إنضاج العوامل المختلفة وصولا الى اهداف محددة تريدالاطراف الداعمة للارهاب تحقيقها اجلا ام عاجلا , الاجابة طبعا هي مع الاقرار بوجود عمل ممنهج وليس اعتباطيا وتشترك فيه مجموعة من الاطراف تعمل بروح الفريق التي تعمل مجتمعة كل من موقعه على اضعاف الوضع السياسي والاقتصادي في العراق وزيادة معدلات التذمر لدى اوساط المجتمع من اجل تسهيل فرصة الانقضاض على الحكم من جديد ومن الطبيعي ان تتدخل دول الاقليم بنسب متفاوتة في تكامل هذه الاستراتيجية ولكل طرف اسبابه وينقسم اسلوب الجماعات المسلحة في العراق الى مجموعة فرق تختلف في الاسلوب وتتحد في الهدف النهائي وهي كالاتي: 1.الفريق العسكري: متخصص في العمليات القتالية ضد القوى الامنية لارباك الوضع الامني 2.الفريق الدعوي وهو يتلبس صور رجال الدين ويتسلل بفضل التمويل الخارجي الضخم الى الاحياء الفقيرة من خلال الاعمال الخيرية وبناء المساجد ومن خلال ذلك يستقطب الشباب المغرر به لادامة التعبئة والتحريض على الكراهية ويجد مادته الكبرى في التحريض الطائفي تحديدا 3.الفريق الاعلامي: وهو متخصص بتوجيه موجات من الاثير الاعلامي المعادي والمشكك باهلية وجدارة الوضع الجديد وتصيد الاخطاء والزلات وتركيز النظر على السلبيات فقط دون الايجابيات من اجل اخراج صورة قاتمة عن الوضع العراقي يتلقاها الخارج بسوداوية تقارن وضع العراق الحالي بوضعه السابق تحت سلطة الدكتاتورية لعقد مقارنات غير منطقية ترجح الامن على الديمقراطية في ظل الفلتان الحالي للاوضاع الامنية كما يعمل هذا الفريق على تعميق الخلاف المجتمعي والتحريض غير المباشر للطوائف والمكونات ضد بعضها وانتاج خطاب مناطقي متشنج على نحو لا يتحسس خطورته الا المحترفين في المجال الاعلامي والدعائي فضلا عن مايوفره هذا الفريق من تبرير لعمليات ارهابية واعادة الصاقها بجهات سياسية لابعاد الشبهة عن الجهات المتورطة وتحويل الانظار عن الجناة الحقيقيين وجعل المجازر التي ترتكبها الجماعات الارهابية سببا اظافيا لادانة الحكومة ويعمل هذا الفريق بصور مختلفة بدءا بالنشرات الاخبارية التي تحفل بكل مايسئ للوضع العراقي ولا يتخلله أي بارقة او أي خبر ايجابي مرورا بالدراما المشبعة بالسخرية والاستخفاف من الوضع الحالي في العراق وانتهاءا بالبرامج الاجتماعية من قبيل المسابقات او الحزورات او برامج رمضان التي لا تهدف الا لجذب الطبقات الفقيرة من المجتمع وشدها لهذه القنوات من خلال الجوائز المادية المقدمة في سبيل اعداد عملية غسيل مخ للجماهير معتمدة على بساطة وبراءة هذه الشرائح التي لا تدقق كثيرا في هوية الراعي الفعلي لهذه القناة او تلك. 4.الفريق السياسي : ويشمل مجموعة من السياسيين المسيرين والذين لا يملكون أي قرار فعلي في تقرير مصير العملية السياسية وانما تم ايصالهم لهذه المنزلة من قبل القادة الغير مرئيين والذين يمسكون بخيوط اللعبة ولا يستطيعون العمل بوجوههم المكشوفة اما لتورطهم المباشر في الاعمال الارهابية او لارتباطهم الوثيق مع اجهزة مخابراتية اقليمية تستدعي منهم العمل بسرية على الاقل في هذا الظرف ويقتصر دور الفريق السياسي هذا على انهاك الحكومة بالتعطيل والممانعة لاي قرار يحرك عمل الدولة من اجل اظهارها بمظهر العاجزة عن الايفاء بالتزاماتها تجاه الجماهير وكذلك التصدي لاي مشروع فعلي لمحاربة القوى المسلحة او التضييق عليها من خلال اثارة الراي العام تحت ذرائع من قبيل التهم الجاهزة بالطائفية او الشوفينية ...الخ ولهذا الفريق دور اخر فيما يخص قضايا الارهابيين الذين سبق وتم القاء القبض عليهم من قبل الاجهزة الامنية حيث يعمل الفريق على المطالبة المتواصلة بتحسين ظروف الاعتقال والمطالبة او تسهيل اطلاق سراحهم بحجة ان القاء القبض عليهم تم بصورة كيدية او غير قانونية هذا فضلا عن عمل هذا الفريق بمثابة وحدة تنصت متقدمة لجماعات العنف تحصي انفاس الحكومة واجهزتها الامنية وتساهم باعداد قوائم للاهداف المهمة منشات كانت ام اشخاص لغرض نقلها للجناح العسكري ليقرر فيها رايه حسب اهمية وحيوية كل هدف . 5.فريق الاشاعة والحرب النفسية : وهو بمثابة خلايا نائمة ضمن المجتمع المحلي ويتلخص دوره في اطلاق الاشاعات والاراجيف التي من شانها التشكيك في متانة الوضع الداخلي والطعن بنزاهة القادة السياسيين وتطوير وتعميق حالة الجفاء بين القادة وقواعدهم والصاق كل نقيصة بالمسؤلين واختلاق القصص والروايات (التي غالبا ما لا يلقي المواطن العادي بالا لمدى صدقيتها ) بحق حتى الشخصيات الدينية والاجتماعية المعروفة بنزاهتها من اجل تفكيك المجتمع واشاعة روح الياس من التغيير الايجابي القائم على اساس الانتخاب والتداول والايحاء باهمية التفكير بحل عسكري قائم على العنف لان(العراق لا تنفعه الديمقراطية)حسب مايريدون توجيه اذهان المواطنين اليه. وبمقابل هذا الفريق المتعدد الاختصاصات والذي يعمل بحذق وتفان من اجل مشروعه الجهنمي نجد مؤسستنا الامنية مسيسة مفككة يستشري فيها الفساد والمحسوبية وتغيب عنها المهنية متعددة الولاءات تديرها كوادر من ضباط الجيش السابق الذين لايملكون أي خلفية في العمل الاستخباري ويعتمدون على الكثافة العددية والتواجد المكشوف المكثف في الشارع كاسلوب وحيد في المعركة مع عدم التفاف جميع الفرقاء السياسيين حول المؤسسة الامنية في حربها ضد الارهاب واختلافهم حتى على التفاصيل مازاد معاناة المواطنين المتمثلة بطوابير التفتيش الطويلة واختناق المدن من داخلها بالحواجز الكونكريتية من دون ايقاف قوى الارهاب من التفخيخ والتفجيراننا و في ظل عدم تحديث الاسلوب الامني اوتغيير الاستراتيجية الامنية من خلال اعتماد اكبر على التكنلوجيا وتقليل الاعتماد على العنصر البشري الذي تم اجهاده دون فائدة ومع عدم تنشيط الجانب الاستخباري لايمكن ان نتوقع تحسنا منظورا في المشهد الامني ,بانتظار صحوة ضمير لدى الممسكين على الملف الامني بان يتركوا الخبز لخبازه. د.ميثم مرتضى الكناني
#ميثم_مرتضى_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللجوء السياسي ..بين حصن الابلق وسفارة الاكوادور
-
الاطباء في العراق يخافون من الوزارة ولا يعباون بالنقابة
-
تصفية التاريخ والجمال في العراق..من اوراق مواطن واسطي
-
أمم تصنع القادة ام قادة تصنع الأمم
-
تقليص مدة التدرج الطبي ..واثرها السلبي على الواقع في المؤسسا
...
-
روجر فيشر ...صرت له عبدا
-
من اجل تاسيس رابطة عراقية للاعلام الصحي
-
خريجي الكليات التقنية في العراق بين ظلم ابو بطانية وابو خبزة
-
الخطا الطبي..سيف مسلط على رقبة الابداع العلمي في العراق
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|