أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى عبد الهادى - تحرير الدين














المزيد.....


تحرير الدين


مجدى عبد الهادى
باحث اقتصادي

(Magdy Abdel-hadi)


الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 23:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يشكل الدين أحد أهم مكونات البنية الفوقية في أي مُجتمع، بحيث أن محاولة تجاهله لهى درب من البلاهة والعبث، فحتى الحضارة الغربية في أعتى وأشد أشكالها العلمانية تشدداً، وفي أكثرها دولها تحييداً وربما نبذاً للدين، لا يمكن بحال من الأحوال تجاهل وجود المسيحية – بمعناها الحضاري الواسع - ضمن بُناها العميقة، الأمر الذي قد لا يتبدى بوضوح للنظرة السطحية .

لهذا لا غرابة في أن يكون الدين هو إحدى أقوى الوسائل التي تستخدمها الطبقات الحاكمة في أي مجتمع للسيطرة عليه سيطرة تامة، حيث يصبح الدين هنا مجرد غطاء ودرع واقية لممارسات الطبقة الحاكمة وإستغلالها، ومُبرر لإمتيازاتها، تحت رعاية فقهاء السلطان، الذين حذر منهم النبي – ص – في أحاديثه، ومنها : قوله لعامة الناس "العلماء أمناء الرسل على عبـاد الله ما لم يخالطوا السلطان فإذا خالطـوا السلطان، فقد خانـوا الرسل فاحذروهم، واعتزلوهم"، ونصحه للعلماء أنفسهم بـ"إياكم وأبواب السلطان"، و "من أتى أبواب السلطان أُفتتن"، وعندما سُئل عن أي شئ "غير الدجال أخوف على أمتك من الدجال؟" قال : "الأئمة المضلون"، وفي قول آخر : "كلّ منافق عليم اللسان"، كما تُذكر مقولة عن الإمام جعفر الصادق من آل البيت : "الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم" .

فالطبقات الحاكمة وحكامها على رأسها لا يمكن أن يتركوا الدين لحاله، ناهيك عن إستخدامه وتوظيفه في خدمة مصالحهم، والمُراجع للتاريخ الإسلامي وحده يجد أمامه سجلات سوداء لعلاقات الحكام والملوك مع "المنافقين عليمي اللسان" الذين يلوون ألسنتهم بآيات الله وأحاديث رسوله؛ لخدمة أولياء نعمتهم، وآلهتهم الحقيقية التي يعبدونها من دون الله .

وإن كان هذا لا يعني أن نُضيق نطاق النظر في المسألة، فنرى تلك العلاقة الآثمة مجرد علاقة رجل دين بحاكم يعمل في خدمته، فالمسألة ليست أفراداً قدر ما هى طبقات يعمل في خدمتها الإثنين معاً، وقد يكونا من أبنائها أساساً، بحيث يصبح بديهياً تبنيهم المُسبق لكامل رؤيتها للحياة .

وبنظرة مُقارنة سريعة للتاريخ الإسلامي والمسيحي معاً، سيتأكد لنا أن توظيف الدين هو قضية مصالح مادية بالأساس، لا يمكن أن ينجو منها دين، تعمل فيه مؤسسة دينية لحساب الدولة، غير المُحايدة طبقياً بالضرورة .

ففي العصور الوسطى تطابق الموقف الإسلامي الرسمي مع الموقف المسيحي الرسمي في قضية تعليم العامة، حيث ساد مذهب منع تعليم العامة في أوربا المسيحية، بينما إنتشر كثيراً في ذات الفترة تقريباً، حديث منسوب للنبي يقول فيه "لا تعلموا أولاد السفلة العلم، وإن علمتموهم فلا تولوهم"، مع تفسير طبقي بغيض، بأن السفلة هم أصحاب الحرف من حياكة وحدادة...إلخ .

هذه الوحدة في الموقف والرؤية التمييزية الطبقية، المُخالفة بالكلية لروح الإسلام والمسيحية معاً من عدالة ومساواة ولا طبقية، وفي ظروف إجتماعية وتاريخية مُتقاربة، لا يمكن أن تكون مُُصادفةً !! بل هى تعبير واضح وحاسم عن موضوعية المصالح والإمتيازات الطبقية وتعبيرها عن نفسها بقوة ضمن أي منظومة فكرية، وقدرتها على لي الحقائق والأسس التي تقوم عليها هذه المنظومات الفكرية، التي قد تكون في أصولها مناهضة، وليس فقط مُعارضة، لهذه المصالح والإمتيازات .

إشكالية كهذه تفرض على من يمثلون مصالح الطبقات المهضومة، وكل المسُتضعفين في الأرض، أن يواجهوها بصرامة مبدأية، فعليهم واجب مُقدس، يتمثل في تحرير الدين من قبضة المُستكبرين اللصوص، الذين يسرقون دين الله ويأسرونه في حظيرة مصالحهم وإمتيازاتهم الحقيرة، ليستخدموه كأداة لإستعباد المُستضعفين، بدلاً من أن يكون أداةً لتحريرهم والإرتقاء بهم، كما هى رسالته الأصلية، التى حملتها شهادة دخوله ذاتها، بأنه لا آلهة على الأرض .



#مجدى_عبد_الهادى (هاشتاغ)       Magdy_Abdel-hadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيتشه بلسان زرادشت
- إقتصاديين كبار..لقد عاد الكساد الإقتصادي العظيم - تيرنس أيم
- لماذا التقدم ؟
- الحضارة بمنظور مادي تاريخي..مُقاربة أولية
- ثورة مصر الدائمة
- عالم ما بعد أميركا - زبيجينو بريجنسكي
- الخداع الكبير..الدبلوماسبة النووية في زمن خداع، للدكتور محمد ...
- الانتماء الأحمق..تأملات في الإنتماء الكُروي !!
- تجاوزات الشرطة المصرية..هل هي حقاً فردية ؟!!
- الإيديولوجية العُكاشية
- دعوى التطهير الشامل كمدخل لإستكمال الثورة
- الرجل العظيم هو دور تاريخي
- السقوط الأمريكي القادم
- الأسس السوسيوإقتصادية للهوية
- عن كتاب 25 يناير : التاريخ..الثورة..التأويل - حوار مع ممدوح ...
- مقتطفات من كتاب 25 يناير : التاريخ - الثورة - التأويل
- الأبعاد الوطنية والقومية والأممية للثورة المصرية - ورقة عمل
- عن الأمن والشرطة والصراع الطبقى
- الجمهورية المصرية الثانية..ماهيتها وكيف نريدها
- الأهداف الأولية للثورة المصرية


المزيد.....




- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...
- المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف - ...
- حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو ...
- الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر ...
- أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام ...
- اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع ...
- شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه ...
- تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال ...
- مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى عبد الهادى - تحرير الدين