أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الليبرالية المصرية بين الفشل والنجاح















المزيد.....

الليبرالية المصرية بين الفشل والنجاح


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 10:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تنقسم الليبرالية إلى فرعيْن : سياسى وفكرى. وتجربة الليبرالية المصرية التى بدأتْ منذ أواخرالقرن 19أثبتتْ تخلف الأولى عن الثانية. فالحزب الشعبى الكبير(حزب الوفد) سيطرتْ عليه آفة الحكم الفردى المُطلق ، ومن هنا بدأتْ الانشقاقات والصراعات السياسية والأطماع الشخصية وغياب المشروع القومى فى فكرالبورجوازية المصرية التى لم تستفد من تجربة البورجوازية الأوروبية التى زاوجتْ بين تحقيق أقصى الربح لمصلحتها الشخصية وبين طموحات النهضة من خلال الثورة الصناعية. وكانت الآفة الثانية عداء البورجوازية السياسية للفكرالليبرالى والعلمانى . ولوأخذنا سعد زغلول نموذجًا لعرفنا كم تقضى السياسة على التوجه العلمانى لإقامة دولة عصرية : ليبرالية السياسة علمانية الفكر، إذْ أنّ سعد لم يكتف بممارسة بعض أشكال الدكتاتورية مثل منع لجنة الوفد للسيدات من حضورحفل افتتاح برلمان1924فى حين دعا سيدات أجنبيات لحضورهذا الافتتاح ، الأمرالذى جعل السيدة هدى شعراوى وباقى أعضاء اللجنة أنْ يُرسلن له بيان احتجاج شديد اللهجة. ومارس سعد أشد أساليب الدكتاتورية مع خصومه. وفرض الوصاية على أعضاء الحزب لدرجة أنّ قراءة جريدة السياسة التى كان يُصدرها الأحرارالدستوريون كانت إثمًا محرمًا على الوفديين. وقال سعد إنه يقرأ الجريدة بالنيابة عن جميع المصريين وأنه يجب ألاّيقرأها أحد . لم يكتف سعد بذلك وإنما فعل كل ما يفعله الطغاة المُعادين لحرية الفكر. والأمثلة التالية تؤكد ما أذهب إليه.
المثال الأول: قرارحكومة الوفد عام 24 بإلغاء الحزب الشيوعى المصرى .
المثال الثانى: موقف سعد من كتاب على عبدالرازق (الإسلام وأصول الحكم) إذْ بينما كان الليبراليون يُدافعون عن المؤلف وينتقدون موقف رجال الأزهر، وبينما تفتح جريدة السياسة صفحاتها لهؤلاء الكتاب ، نجد سعد يقول بالنص ((قرأتُ كثيرًا للمستشرقين ولسواهم فما وجدتُ من طعن منهم فى الإسلام حدة كهذه الحدة فى التعبير، على نحوما كتب الشيخ على عبدالرازق . لقد عرفتُ أنه جاهل بقواعد دينه. بل بالبسيط من نظرياته. وإلاّكيف يدّعى أنّ الإسلام ليس مدنيًا ولا هوبنظام يصلح للحكم. فأية ناحية مدنية من نواحى الحياة لم ينصب عليها الإسلام ؟ أولم يقرأ أنّ أممًا كثيرة حكمتْ بقواعد الإسلام فقط عهودًا طويلة كانت أنضرالعصور؟ وأنّ أممًا لاتزال تحكم بهذه القواعد وهى آمنة مطمئنة. فكيف لايكون الإسلام مدنيًا ودين حكم؟)) واختتم سعد رأيه قائلا ((وما قرارهيئة كبارالعلماء بإخراج الشيخ على من زمرتهم إلاّقرارصحيح لاعيب فيه. لأنّ لهم حقـًا صريحًا بمقتضى القانون ، أنْ يُخرجوا من حظيرتهم من يخرج على أنظمتهم ، فذلك أمر لاعلاقة له مطلقــًا بحرية الرأى التى تعنيها جريدة السياسة))
المثال الثالث: موقف سعد وأغلب أعضاء الحزب من كتاب طه حسين (فى الشعرالجاهلى) إذْ قدّم النائب الوفدى عبدالحميد البنان بلاغـًا للنيابة ضد المؤلف واستجوابًا لوزيرالمعارف لطرد طه حسين من الجامعة. وأيده أغلب أعضاء الحزب باستثناء على باشا الشمسى وزيرالمعارف الوفدى الذى قال ((إننا نطمع أيها السادة النواب أنْ تكون الجامعة معهدًا طلقا للبحث العلمى)) أما سعد زغلول فقال ((إنّ مسألة كهذه لايمكن أنْ تؤثرفى الأمة المُتمسكة بدينها. هبوا أنّ رجلا مجنونا يهذى فى الطريق . فهل يُضيرالعقلاء شىء من ذلك؟ إنّ هذا الدين متين. وليس الذى شكّ فيه إمام نخشى من شكه على العامة. فليشك من يشاء. وما علينا إنْ لم تفهم البقر))
فى الأمثلة السابقة نجد توجهًا أصوليًا صريحًا من سعد وأغلب أعضاء حزبه. بينما التيار العلمانى لم يُدافع عن حرية الرأى فقط ، بل أيّد ما كتبه طه حسين عن الأنبياء العبريين فكتب إسماعيل أدهم ((إنّ آباء اليهودية الأول كإبراهيم وإسحق ويعقوب ليسوا أسماء أشخاص بل هى طواطم اعتقدتْ قبائل بنى إسرائيل فى غرارتها الأولى جهلا بأنها مُتسلسلة منهم فعبدتها ، فلما تقدّم الزمن حوّلوا هذه الطواطم إلى أسماء أشخاص اعتقدوا بأنها آباءهم الأول . ومباحث روبرتسون وأرنست رينان وفريزرفى هذا الباب لاتضع مجالا للشك فى هذه الحقائق . وأنّ قصورالشرقيين عن الاتصال بثقافة الغرب ، تسبب فى عدم فهم طه حسين فعدوه غيرذى منطق)) هذا حديث مفكرعلمانى يحترم لغة العلم ، بينما سعد يُشبه عميد الثقافة المصرية (طه حسين الضريرالذى أنارطريق المُبصرين) بالبقر. فهل هى ألاعيب السياسة وأطماعها ؟ أم هى العقلية التى تعتمد المرجعية الدينية فى توجهاتها ؟ أم هى مغازلة الأصوليين لكسب أصواتهم ؟ أم هوتواطؤ والتقاء مجموع كل ذلك؟ هذا التواطؤالذى تسبب فى تشويه التجربة الليبرالية المصرية. هذه الأسئلة لم يتوقف أمامها كل الذين هاجموا الليبرالية المصرية قبل يوليو52مجاملة للعسكر الذين حكموا مصربالمعتقلات.
فى تقييمها لتجربة البورجوازية المصرية كتبتْ د. هويدا عدلى ((لم يكن الوفد تعبيرًا عن بورجوازية ذات نشأة طبيعية وليبرالية تجذرتْ نتيجة تطورتاريخى اقتصادى وسياسى طبيعى ، كما حدث فى التجربة الغربية. بل هوتعبيرعن بورجوازية مشوّهة وليبرالية مجتزئة))
وإذا كان السياسيون لم يكونوا فى مستوى المفكرين الليبراليين فى الإيمان بمبادىء الليبرالية بشقيها (الفكرى والسياسى) فإنّ هذا لايعنى أنّ بعض الكتاب لم يُساهموا فى الكثيرمن الإخفاقات التى شوّهتْ التجربة الليبرالية المصرية. والمثال الشهيرلذلك الكـُتاب الذين شاركوا فى صياغة مواد دستور23، الذى يعد (رغم المزايا العديدة فى مواده) كان أقل بكثيرمن طموحات شعبنا الذى أستشهد عدد كبيرمنه فى ثورة19، حيث أعطى للملك سلطات ، كان يجب التمسك برفضها. وحيث نصّ على دين للدولة (المادة رقم 149) بينما المؤمنون بالليبرالية (بحق وحقيق) كتبوا ضد المواد التى أعطتْ للملك سلطات مطلقة وضد المادة التى نصتْ على ((الإسلام دين الدولة)) أمثال طه حسين ومحمود عزمى وآخرون. بل إنّ محمود عزمى شدّد على المفهوم العلمانى للتعليم فكتب ((نحن ممن يدينون بضرورة جعل التعليم العام قائمًا على فكرة المدنية غيرذات الصبغة الدينية. وأنّ التعليم الذى يُصرف عليه من خزينة الدولة يجب أنْ يكون غيرخاضع لغير اعتبارالقومية. وليس له نزعة دينية خاصة)) وكتب عبدالقادرحمزة ((كيف أصبحنا آلات جامدة لاتكاد تتحرك إلاّبالدين وللدين وكأنما لم يخلق الله لنا عقولا. وكأنما نحن مُسخّرون بلا إرادة ولا تمييز. وكم من حركات دينية وقفتْ فى وجه مكتشفات علمية صحيحة ، فكانت حاجزًا منيعًا ضد كثيرمن المبادىء العلمية والأمثلة على ذلك جمة)) وكتب عبدالحميد الحديدى ((أنه ليس من مصلحة الدين حشره فى كل شىء وتعريضه لأنْ يتصادم من وقت لآخرمع الأنظمة والأحوال العادية فى حياة الأمة))
كان المفكرون المصريون (وما ذكرته عنهم مجرد أمثلة) يسعون لتشييد قواعد دولة عصرية. وبفضل دورالليبراليين المصريين قبل يوليو52كانت مصر(بالفعل) مؤهلة لأنْ تكون دولة عظمى فى منطقة الشرق الأوسط على الأقل ، إلى أنْ تم إجهاض هذه التجربة على يد ضباط يوليو. فقد تم وضع الكثير من أسس الدولة العصرية : عدم الاستسلام للإخوان المسلمين ، حرية البحث العلمى ، صحافة حرة تـُقاوم الفساد ، حكومة مسئولة أمام البرلمان ، تمصيرالاقتصاد ، الجنيه المصرى أغلى من الاسترلينى ، تعد الأحزاب ، الأحزاب يتم الإعلان عنها بمجرد إخطارجهة الإدارة ، ظهورالعديد من الشخصيات المصرية البارزة فى مجالات الأدب والفن والعلوم (مصطفى مشرفة وسميرة موسى – نموذجًا) ونظرًا لمكانة مصرالمؤهلة لأنْ تكون دولة عصرية ، فقد كان من الطبيعى أنْ يكون القانونى الكبير(عبدالحميد بدوى) الذى كان أول من دعا إلى إنشاء مجلس الدولة، أنْ يكون رئيسًا للوفد المصرى فى اجتماع اللجنة التحضيرية لهيئة الأمم المتحدة عام 1945، كما رأس وفد مصرفى مجلس الأمن. وكذلك تم اختياره كأول قاضٍ مصرى ضمن قضاة محكمة العدل الدولية. وتولى منصب نائب رئيس تلك المحكمة. أما (محمد عوض محمد) الجغرافى المصرى الكبير، فقد رشّحته مكانته العلمية الرفيعة للمشاركة فى وضع ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمى لحقوق الإنسان . وأكثرمن ذلك تم تكليفه بوضع الوثيقة الخاصة بإلغاء الرق . وتواصل عمله بهذه المنظمة الدولية بانتخابه عضوًا بالمجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو، ثم اختياره عضوًا بلجنة حقوق الإنسان التابعة لها.
أعتقد أنه بسبب فشل الليبرالية السياسية ، كانت تجربة الليبرالية المصرية أشبه بالإنسان الذى يسيربساق واحدة ، أوبساقين إحداهما عرجاء أوبها شلل مزمن ، الأمرالذى كانت نتيجته أنّ مسئولية التنويرتحمّلها تيارالليبرالية الفكرية وحده بعد أنْ خذله السياسيون. وصدقتْ د. لطيفة الزيات فى قولها الحكيم إذْ كتبتْ ((وأنا أشيع جنازة طه حسين شعرتُ أننى أشيع عصرًا لارجلا. عصرالعلمانيين الذين جرأوا على مساءلة كل شىء . عصرالمفكرين الذين عاشوا ما يقولون . وأملوا إرادة الإنسان حرة ، على إرادة كل ألوان القهر))
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لويس عوض و(إلحاد) الأفغانى
- جمال الدين الأفغانى فى الثقافة السائدة
- العلاقة بين الشعر والفلسفة
- شخصية فى حياتى : بورتريه للسيدة ن. ن
- الأصولية تلاحق الشاعر أحمد شوقى
- الدم العربى فى قصور الوحدة العربية
- المواطنة من المنظور الأصولى الإسلامى
- أسلمة الدولة المصرية
- التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم
- الوجه الإنسانى - قصة قصيرة
- عيون بلا ذاكرة - قصة قصيرة
- أضلاع المثلث أربعة
- فى البدء كانت العتمة - قصة قصيرة
- الإبداع الشعبى والإبداع التشريعى
- لماذا لا يتعظ الإسلاميون والعروبيون من الدرس ؟
- العرب ظاهرة صوتية
- الحضارة المصرية بين علم المصريات والأيديولوجيا
- البحث عن خنوم : حدود العلاقة بين الإبداع والتراث
- الاحتقان الدينى : الأسباب والحل
- التعددية والأحادية فى رواية (حفل المئوية)


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الليبرالية المصرية بين الفشل والنجاح