أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شاكر الناصري - الأمر وبكل بساطة : إنها حريتنا وحياتنا الشخصية















المزيد.....

الأمر وبكل بساطة : إنها حريتنا وحياتنا الشخصية


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 07:30
المحور: حقوق الانسان
    


كثيرة هي الظواهر التي برزت طوال مسيرتنا نحن بني البشر . ولعل الحب والعلاقات الجنسية والخمر والمثلية الجنسية وظواهر أخرى كثيرة برزت في فترات مختلفة ،هي ظواهر أزلية رافقت الأنسان منذ أن وجد في هذا العالم وحتى يومنا هذا وستتواصل مادامت الحياة الأنسانية تتواصل هي الأخرى .

قوى كثيرة تعاملت مع هذه الظواهر وبأشكال مختلفة ، البعض تعامل معها بإعتبارها حق أنساني والبعض الآخر حاربها وإرتكب بحق الذين يمارسونها إنتهاكات وتجاوزات كثيرة وصلت ، في أحيان كثيرة ، حد القتل وإرتكاب المجازر ولكنها لم تتمكن من وضع حد لها أوالقضاء عليها بشكل جذري ، لأنها وبكل بساطة شأن أنساني صرف. شأن يرتبط بوجدان الإنسان وبرغباته وحريته وحقه بالعيش بالطريقة التي تناسبه .

في الكثير من دول العالم المتحضر التي تشاركنا في هذا الكوكب ، لا يتم التعامل مع الظواهر الأجتماعية التي نشير إليها والظواهر الأخرى التي تبرز الى واجهة المجتمع نتيجة التطورالمتسارع للعلم والتكنلوجيا وضغوطات العمل والصراعات الأجتماعية ونتيجة ايضا لإتساع مساحة الحريات وقدرات الانسان على ممارسة حياته بعيداً عن كل سلطة أو تدخلات ، الا بمقدار ما تحمله من آثار جانبية . في احيان كثيرة تقوم السلطات الحاكمة بمحاربة هذه الطواهر بالقوة او بالمنع والتشهير وباستخدام الإعلام والدين والقوى المحافظة في المجتمع وحشدها لمجابهة هذه الظواهر . لكنها تنصاع أخيراً حين تكتشف إنَ العنف والقسوة والمنع لن يجد نفعاً .

ربما ظاهرة زواج المثليين الجنسيين واحدة من هذه الظواهر التي حشدت الكثير من السلطات في العالم قواها الإعلامية والدينية من أجل محاربتها ولكنها رضخت في خاتمة المطاف وبدأت بتشريع القوانين التي تبيح هذا النوع من الزواج وتدافع عن حق الذين يريدون العيش بهذه الطريقة . تدافع عن حقهم وأختياراتهم وتحميهم من الأعتداءات والتجاوزات . ولأنها تدرك متأخرة إن الأمر وبكل بساطة يتعلق بحرية الإنسان وبرغبته بالعيش بالطريقة التي تناسبه . في الدنمارك وبعد سنوات طويلة من الرفض لهذه الظاهرة تم تشريع قانون يفرض على الكنائس أجراء مراسيم الزواج للمثليين الذين يرغبون بتسجيل زواجهم رسمياً.

وفي مثل هذه الحالة يتحول دور الدولة من دور الرقيب المخيف الرافض الى دور الحامي الذي يعترف برغبات الناس ويحميها من خلال تشريع القوانين التي تمنع التشهير أو الأعتداء وحماية هذه المجموعة من الأشخاص من الأثار الجانبية لنمط حياتهم ومعيشتهم ان وجدت . إن تغير ممارسات الدولة هنا لم يأت أعتباطاً بل لأنها وجدت انَ ثمة افراداً من الذين يخضعون لسلطاتها يفضلون العيش بطريقة معينة ويريدون أن يمارسوا حياتهم دون تدخلاً أو إجباراً أو تعسفاً من أية جهة كانت بما فيها الدولة ذاتها.

إنَ الدولة وسلطاتها واجهزتها القمعية المختلفة تعلم تماماً أنها لن تتمكن من إجبار شخص واحد على إنتهاج النمط الحياتي والمعيشي الذي تريده ،لأنها وبكل بساطة حياته الشخصية وحريته في أختيار نمط حياته وكل ما على الدولة ان تفعله هو حمايته بطريقة مناسبة .

وحينما وصل حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أوردغان وهو حزب إسلامي معروف بتوجهاته ومساعية لأسلمة الدولة ومؤسساتها ، كان أول قرار أتخذه هو تعيين 18 الف إماماً من خريجي المدارس الدينية في تركيا ولكنه لم يتمكن حتى الآن من فرض قوانينيه على حياة الأتراك ولا على أنماط معيشتهم وحرياتهم لأن الحزب المذكور وقادته يعون تماما إنهم إن فعلوا ذلك فسوف يرتكبون خطأ كبيرا جدا . وإنهم يدركون تماما أيضا ان تركيا ليست بلاداً للمسلمين فقط وليست لحزب العدالة والتنمية وأعضاؤه ، بل إن هناك أعداداً كبيرة من الاتراك من ديانات مختلفة ومن عقائد وانتماءات سياسية مختلفة أيضا.

ما يحدث في العراق أننا إزاء سلطة تعمل على إجبار الناس على ترك عاداتهم وأنماط معيشتهم والاقلاع عن رغباتهم والتدخل الفظ في حياتهم الشخصية والعيش وفق ما ترسمه لهم بشكل قسري، أي السيرعلى صراط السلطة المستقيم . وإنها ومن أجل ذلك لاتتوقف عن أستخدام الدين والشريعة والعرف الأجتماعي كمفردات أساسية في حملة القمع والتهديد بقوانين تمنع كذا وتحضر كذا وان لم ينفع فأنها مستعدة لأستقدام قواتها الأمنية لتمارس دورها في فرض أمر السلطات ومنع الناس عن امر ما . إنها وبممارساتها هذه لاتختلف عن أية دولة تتخذ من الدين والشريعة مرجعاً ومصدراً أساسياً لنظامها وقوانينها أو يمارس فيها رجال الدين أدواراً علنية أوسرية الهدف منها أسلمة الدولة ومحاربة مظاهر التمدن والتحضر في المجتمع ومصادرة الحقوق وخنق الحريات ولنا فيما يحدث في إيران والسعودية والسودان أمثلة ليست بالبعيدة .

لكن الواقع يقول ان الناس لن تتوقف عن فعل ما تريد لإنها وبكل بساطة لم ترتكب جرما ،لم تقتل احدا ، لم تفجر حزاما ناسفا وسط سوق تعجز الشرطة وأجهزة الأمن التي تتوالد كل يوم عن أكتشافه أو منعه . لم تسرق ثروات الشعب ولم تساهم في فرهود المال العام وحيث تتفنن السلطة واحزابها في ممارسته . لم تفعل كل ذلك ولكنها تريد أن تمارس حياتها الشخصية ورغباتها بكرامة وان على الدولة حماية هذه الحياة وهذه الرغبات وان لم تفعل ذلك فإنها ستكون دولة أستبدادية بلون واحد وأبعد ما تكون عن العدالة وحقوق الأنسان وكل المفردات التي عادة ما يتشدق بها ساسة هذه الدولة .

ان على السلطة الحاكمة في العراق أن تحدد لماذا تريد ان تمنع الخمور في العراق ، هل من أجل حماية العراقيين وخوفا على صحتهم وأوضاعهم الأقتصادية ام من أجل السير قدما في مشروع أسلمة الدولة والمجتمع قسرا ؟

وان على هذه السلطة وحزبها الحاكم وجوقة الأحزاب الإسلامية المشاركة في السلطة وكل المرجعيات الدينية وأتباعها من رجال الدين وخطباء الجمَع ان يعوا جميعا ان هناك قسما كبيراً من العراقيين يريدون أن يمارسوا حياتهم بحرية وكرامة مثلما يمارس القسم الآخر من العراقيين حياته ورغباته بحماية الدولة التي تسخر كل مقدراتها وأجهزتها الأمنية والإعلامية والصحية من اجل حمايتهم وضمان سلامتهم .

ان الأمر لايتعلق بشيء ما خارق لأسرار الوجود او مهدد لقيم الدين والمجتمع كما يقولون ولكنها وبكل بساطة : حريتنا وحياتنا الشخصية .



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجانات وزارة الثقافة : محاولات لتلميع الخراب
- الفلم الدنماركي الثأر - HÆVNEN - :هل يمكن أن نعيش دون ...
- سيرة حرب.......2 ، قسوة تل الخراء
- عن الإيمو والحرية وكراهية الحياة
- سيرة حرب ...1 .حين أضعت الطريق الى بيتنا
- قراءة في مشاهد أعتقال وقتل دكتاتور
- المالكي ومجالس الإسناد : حكاية التاريخ المستعاد
- الإعتقالات و الإتهامات لا تحجب الحقيقة يا حكومة نوري المالكي
- عدو ما بعد القتل : عن صور جثة بن لادن
- البديل السياسي في العراق : مقاربة أولية
- حكومتنا وحكوماتهم: الأختلافات والتشابهات
- درعا في مواجهة الأسد
- بوتين والقرضاوي : فجر أوديسا أم الحرب الصليبية ؟
- إزالة الدوار أم إزالة الرمز ؟
- لنحارب المحاصصة أولا
- التجمعات والتظاهرات في العراق بين الأمل والأحباط
- ثورة أم أصلاح ؟.. حول ما يحدث في العراق .
- حزب البعث لايستحق شرف الدفاع عن مطالبنا
- نفحات فاشية ، خطاب القذافي نموذجا
- الحركات الأحتجاجية و المطلبية في العراق، شعاراتها وآفاقها


المزيد.....




- بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي ...
- قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا ...
- معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال ...
- اتحاد جاليات فلسطين بأوروبا يرحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغال ...
- الأمم المتحدة: نتائج التعداد بيانات عامة دون المساس بالخصوصي ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي ينهي الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن ...
- من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنا ...
- ماذا يحدث إذا رفضت دولة اعتقال نتانياهو بموجب مذكرة -الجنائي ...
- الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت ...
- الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شاكر الناصري - الأمر وبكل بساطة : إنها حريتنا وحياتنا الشخصية