حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)
الحوار المتمدن-العدد: 3844 - 2012 / 9 / 8 - 22:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تالا، طفلة في الرابعة، دخلت الروضة منذ اسبوع، فتحت معلمتها جهاز تسجيل على أغنية.. قالت تالا، ببراءة الطفولة العذبة وبتلقائيتها: أريد أن أرقص يا معلمتي!
رفضت المعلمة.. فرضت على الطفلة قواعد الكبار.. أخذت المعلمة بيد تالا، إلى أول طريق التشوه!
المعلمة، وكل منا نحن الذين نوصف بأننا كبار، أطفال مشوهون!
تالا، قبل التشويه، حرّكتها موسيقي الأغنية ، فاستجابت لها بعفوية.
الطفولة لا تغادرنا حتى مماتنا. لكن قواعد الكبار تشوهها.
تالا استجابت لنداء البهجة المزروع في أعمق وجودنا، فطربت بالنغم الجميل، وأرادت أن تحيا بهجتها، هذا حق طبيعي فطري لها ولكل منا. المعلمة، لم تغادر طفولتها، وهي مثل تلميذتها الصغيرة، تكنز بهجتها، وترغب أن تحياها. لكنها كبرت، فتشوهت طفولتها!
الدينيون واللادينيون، في نزاعاتهم، في غير حب، كبار غادروا براءة تالا.. هم، بالعدائية التي تفرقهم، أطفال كبار مشوهون!
من حق كل منا، أن يختار عقيدته. هذه حرية مقدسة. وأنا أؤمن أن الحرية، بحب، هي البهجة. تالا تؤيدني. منازعات الدينيين واللادينيين، بلا حب مبتهج، طفولة مشوهة، انحرفت عن مسار الحرية المبتهجة بالحب، كما تفعل تالا، والأطفال الأبرياء جميعا!
لانا شقيقة تالا، وأصغر منها.. لانا لا تجيد الكلام بعد، لكنها تجيد طلب البهجة، والتشبث بحقها فيها.. لاعبتها وأنا أردد: "هُبّا".. أنهيت اللعبة، لكنها صاحت، تطلب أن أعيد ملاعبتها، قالت: "هُبّا"! تمنّعتُ مداعبا، ومستفزا لها، بحب.. ألحّت باحتجاج عصبي طفولي: "هُبّا.. هُبّا.. هُبّا"!
بالبهجة نلد.. وللبهجة نلد.. كلنا نطلب البهجة. بغير حاجة للتعلم ولا للتفلسف، نطلب البهجة، لأن الحياة هي البهجة!
تالا ولانا والكبار ومنهم الدينيون واللادينيون المتنازعون، يطلبون البهجة بعفوية الطفولة. تالا ولانا تطلبانها بنقاء. الكبار ومنهم الدينيون واللادينيون، يطلبونها بطفولة مشوهة!
نختلف؟! هذا شأن الطبيعة! وهذا سرٌّ جمالي! وهذا شكل من أشكال البهجة الكلية! هذا صحيح بشرط واحد، هو: الحب!
تالا ولانا تختلفان، وتهجم لانا على تالا وتعضها.. وبعد لحظات، تعودان للحب وتبتهجان معا، ولا تستغني إحداهما عن الأخرى!
الكبار المشوهون، يعض بعضهم بعضا، لكنهم غدروا بهجة الحب الذي يسقيها الاختلاف الجميل!
لماذا لا يختلف الدينيون واللادينيون، اختلافا جميلا؟!
هم سيفعلون ذلك، إذا عادوا إلى مجلس تالا، وهي تتعلم الدرس الأول: كيف ترسم حرف الألف العربي، بشكل يماثل رقم (1).. ويماثل والمفتاح!
سيفعلون ذلك، إذا اختلفوا مبتهجين محبين.. سيفعلون ذلك، إذا شاركوا معا، لانا، وهي تلعب "هُبّا"، وتحيا بهجتها الفطرية، حق حقوق كل خلق!
____________________
فلسطين – قطاع غزة – بيت لاهيا – 8/9/2012م.
الكاتب: إمام النورانية الروحي ومؤسس دعوتها.
#حسن_ميّ_النوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟