|
أفكار عامة حول منطقة التجارة الحرة
غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 3844 - 2012 / 9 / 8 - 17:41
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
( ورقة أولية مقدمة إلى ندوة الحوار حول جدوى إقامة "منطقة التجارة الحرة" بين مصر وقطاع غزة ، المعقودة في مطعم لاتيرنا بمبادرة من قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . )
بداية أشير إلى أن الحديث عن إقامة منطقة التجارة الحرة بين مصر وقطاع غزة في ظل الانقسام الراهن لا يعدو كونه نوعاً من الأوهام ، أو الرغبات والنوايا الصادقة من جهة أو توجهاً لمراكمة وتكريس الانقسام، تمهيداً لبلورة ما يسمى "دولة حركة حماس" في غزة من جهة ثانية ، إذ أن المفاهيم والقوانين والمعاملات المالية والاستثمارية الخاصة بالمناطق الحرة لا تنطبق أبداً على منطقة التجارة الحرة في رفح تحت مظلة الانقسام ، والسبب في ذلك يعود إلى أن حكومة حماس غير الشرعية (كما هو حال حكومة رام الله غير الشرعية أيضاً) من وجهة نظري ، هي حكومة فاقدة لكل مقومات الاعتراف القانوني الدولي والعربي بها ، ماعدا مصر التي يبدو أنها في ظل حكم الإخوان المسلمين تسعى إلى تكريس الاعتراف بحكومة حماس ارتباطاً بمصالحها الأمنية لإلغاء التعاطي مع الأنفاق وعمليات التهريب من ناحية ، ولأسباب سياسية أخرى تعود إلى الترابط بين حركة الإخوان المسلمين وحركة حماس والأهداف المشتركة بينهما من ناحية ثانية في مشهد الإسلام السياسي الراهن !!؟ . ذلك إن شرط إقامة هذه المنطقة وتفعيلها وجلب الاستثمارات لها ، وإقامة فروع للبنوك الفلسطينية والعربية والأجنبية، والسماح للشركات الأجنبية والمستثمرين العرب والأجانب بفتح حسابات في البنوك، ومنحهم امتيازات وإعفاءات جمركية.. إلخ .. كل ذلك وغيره مرهون بالقوانين والأنظمة الفلسطينية الصادرة عن السلطة الفلسطينية، باعتبارها السلطة المعترف بها من دول العالم ، وبالتالي فإن إقامة المنطقة الحرة بين مصر ورفح في الوضع الانقسامي الحالي، لن يكون سوى إقامة سوق لتبادل البضائع الواردة والصادرة من وإلى قطاع غزة من فوق الأرض بدلاً من التهريب عبر الأنفاق.
في هذا الجانب .. أُشير إلى بروتوكول العلاقات الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل نص على نظام تجاري بين الضفة وقطاع غزة وإسرائيل يمثل مزيجاً من بين نظامي منطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي . البروتوكول يمنح السلطة الفلسطينية الحق في التفاوض على اتفاقيات تجارية منفصلة مع الأردن ومصر ، بالإضافة في إقامة نظام تعرفه جمركي مستقل للعديد من المستوردات من بلدان أخرى وفي نفس الوقت ، تفرض الاتفاقية قيوداً كمية على هذه المستوردات بما يتناسب مع احتياجات السوق الفلسطينية منها . ومن أبرز الممارسات الإسرائيلية المقيدة للتجارة الفلسطينية مع دول العالم ، هي فرض قيود على تصدير السلع الفلسطينية أوروبا الغربية ، صعوبة إخراج تصاريح لنقل البضائع الفلسطينية والمضايقات والتفتيش على الجسور والموانئ ، هذا بالإضافة إلى إعاقة حركة التجارة . آلية وإجراءات العمل في المناطق الحرة : تتمحور في قيام بتأجير الأراضي والمنشات للمستثمرين (أفراد أو شركات). فلسطينية أو عربية أو أجنبية لإقامة مشاريع (صناعية . تجارية . خدمية). - تأجير المكاتب . - تأجير الأراضي الخاصة بالمشاريع التجارية والخدمية (15) خمسة عشر سنة قابلة للتجديد. - تأجير الأراضي الخاصة بالمشاريع الصناعية (25) خمسة وعشرون سنة قابلة للتجديد وبناءا على رغبة المستثمر. الامتيازات الممنوحة للمستثمرين : - إعفاء رأس المال والأرباح والإيرادات الناجمة عن الاستثمار من كافة الضرائب والرسوم طيلة عمر المشروع. - إعفاء أجور العاملين الأجانب من الضرائب والسماح بتحويل دخولهم إلى خارج فلسطين - أما العمالة الفلسطينية فان 50% من أجورهم تعفى من ضريبة الدخل . - إعفاء البضائع والمواد الأولية المستوردة والمصدرة من كافة الضرائب والرسوم عدا تلك المصدرة إلى السوق المحلي الفلسطيني . - لا يخضع إدخال وإخراج العملات الأجنبية او التعامل بها داخل المنطقة الحرة إلى أي قيد او شرط . - السماح للمستثمرين في المناطق الحرة بفتح حسابات في مصارف معينة تغذى بعملات واردة من الخارج . - منح المستثمرين امتياز إدخال جمركي مؤقت عن سياراتهم وفق حاجة المشروع . - منح حق السماح بالتنازل عن الاستثمار أو إدخال شريك أو إخراج شريك .
السؤال هنا ؟ هل تستطيع حركة حماس تأمين الإجراءات القانونية الكفيلة بتطبيق البنود المشار إليها أعلاه بدون الإعتماد على البروتوكولات المعقودة مع السلطة الفلسطينية وقوانينها ؟ .. الجواب : لا فيما يلي أقدم بعض التعريفات حول مفهوم وإجراءات إقامة المناطق الحرة :
تعتبر المناطق الحرة إحدى الدعائم المهمة التي يرتكز عليها الاقتصاد في البلدان النامية وتعرف بأنها عبارة عن مقاطعات صغيرة موجودة داخل الحدود السياسية للبلد ، لكنها تعتبر خارج الحدود الجمركية لذلك البلد، أي ان كل ما يُصَدَّر من والى المناطق الحرة غير خاضع إلى ضوابط الاستيراد والتصدير والرسم الجمركي . وتكمن الفلسفة الاقتصادية للمناطق الحرة في تنازل الدولة عن بعض الضرائب المستحقة على أي نشاط ، بهدف تحقيق المنفعة الأكبر لاقتصادها. واعتمدت العديد من دول العالم لأسلوب انشاء المناطق الحرة وخصوصا في الدول النامية لما لتلك المناطق الحرة من أهمية في خلق مصادر تمويلية إضافية لتنمية وجذب الاستثمارات الأجنبية بطريقة انتقائية ونقل التكنولوجيا الحديثة وتشغيل الأيدي العاملة المحلية للقضاء على البطالة . . منطقة التجارة الحرة هي نوع من التكتل التجاري بين دولتين أو أكثر، بحيث يتم إلغاء التعريفات الجمركية والحصص والتفضيلات على معظم (إن لم يكن كل) السلع والخدمات المتداولة بينهما. ويمكن اعتباره المرحلة الثانية من التكامل الاقتصادي. تهدف منطقة التجارة الحرة للحد من الحواجز التي تعترض التبادل التجاري بحيث يمكن أن ينمو التبادل البيني نتيجة التخصص وتقسيم العمل ، والأهم من ذلك عبر الميزة النسبية. وفي الواقع قد يكون هناك خاسرون كبيرة ، ولاسيما الصناعات المحمية . ولكن من حيث المبدأ ، يمكن استخدام المكاسب من التجارة الإجمالية للتعويض عن آثار خفض الحواجز التجارية.
الإجراءات الفلسطينية المصرية لإقامة ما يسمى "المنطقة التجارية الحرة" :
مر الحديث عن منطقه تجاريه حرة بين قطاع غزة ومصر بالعديد من المراحل، لكن مع وصول الإخوان المسلمين للسلطة في مصر ، أعيد فتح ملف المنطقة الحرة لاعتبارات سياسية واقتصادية تخدم حركة حماس وتعزز الانقسام . فالمنطقة التجارية الحرة بين غزة ومصر تحتاج إلي موافقة سلطه النقد الفلسطينية وفق نصوص القوانين الفلسطينية الرسمية ، ومن ثم المطلوب انهاء الانقسام لأن إنشاء منطقة تجارة حرة مع حكومة حماس لن يعدو كونه إقامة سوق تجاري أو سوق شعبي لا أكثر ولا أقل ، وفي نفس الوقت يهدف إلى تعزيز الانقسام تمهيداً لإقامة دويلة حماس في القطاع في إطار مشهد الإسلام السياسي. أوافق على الاستنتاجات التي ترى أن تأثير المنطقة الحرة لن يكون استراتيجيا لانها ستكون بديلا عن الأنفاق، لكنها «ستكون أكثر استقرارا، علما بانها لن تكون منطقة صناعية لانه لا يوجد من سيغامر بانشاء المصانع في هذه المنطقة». وبالتالي لن تتجاوز كونها سوق شعبي على الحدود، لأن منطقه تجاريه حرة تحتاج إلي رؤوس أموال واتفاقيات» ، والسبب في ذلك كما أشرت في بداية هذه الورقة يعود إلى افتقاد الاعتراف الدولي والعربي بحكومة حماس ، علاوة على القيود الأمنية والاقتصادية لدولة العدو الصهيوني وفق اتفاق أسلو وبروتوكول باريس .. وفي كل الأحوال فإن موافقة الدولة الصهيونية على منطقة تجارة حرة بين رفح ومصر ستكون مشروطة – من وجهة نظري- بدخول البضائع المصرية عبر معبر كرم أبو سالم .. وهو شرط لا أعتقد أن حكومة مصر وحركة حماس ستعترضان عليه ، الأولى طبقاً لاتفاق كامب ديفيد ، والثانية (حماس) باسم "المهادنة" و "الاعتدال" السياسي أو باسم الخضوع والتكيف مع الأمر الواقع لحساب المصلحة الفئوية الضيقة لحركة حماس !!؟ .
المنطقة اسمها «رفح الصناعية التجارية الحرة المشتركة». حسب دكتور علاء الرفاتي، انه تم اعداد التصور للمقترح بشكل كامل وشكل العلاقة مع الجانب المصري وكل ما يتعلق في المشروع وكل ما يلزم للتفاهمات والتحضير للشركة بين الطرفين. ونحن بانتظار القرار المصري لتوقيع المشروع حسب البروتوكول، سواء من خلال وزاره الاقتصاد الفلسطينية أو هيئه الاستثمار أو أي مؤسسه يتم اعتمادها». وعن حجم الفائدة، قال الرفاتي انه لا يمكن توقعها، مستدركا: «لكن دخلها مرتبط بحجم الاستثمارات، وأتصور أن المنطقة ستكون في المرحلة الأولى بمساحه 10 الاف دونم والثانية 20 الف دونم وهي مساحه كبيره قد يستغرق انشاؤها نحو 10 سنوات والعوائد سيتم احتسابها حسب الاستثمارات». سلطة أراضي غزة" تنهي تسوية أراض حكومية للمنطقة التجارية الحرة مع مصر، على الحدود المصرية الفلسطينية بمحاذاة مدينة رفح. السلطة سلمت وزارة الاقتصاد الوطني في حكومة حماس 200 دونم قامت بتسويتها تمهيدا لإقامة المنطقة التجارية بين مصر وقطاع غزة وجميعها تقع غرب معبر رفح. ما مساحته 40 دونما سيكون ضمن المعبر التجاري في المنطقة القريبة من معبر رفح بينما سيخصص 160 دونما للسوق الحرة. وتقع السوق الحرة بعرض كيلو متر وطول كيلو مترين على أراض معظمها حكومية. من ناحية ثانية أعلن وزير الدولة المصري ، محمد محسوب، عن قرب الإعلان عن إقامة منطقة تجارة حرة بين الحدود المصرية الفلسطينية، علي أن يبدأ العمل بها بداية العام القادم. وقال محسوب إن هذا القرار سيتزامن مع إصدار قانون بتجريم الأنفاق بين مصر وغزة، وتدمير ما تبقي من تلك الأنفاق من قبل قوات أمنية مشتركة بين الطرفين. وبحسب محسوب فإن التبادل التجاري بين مصر وغزة "مطلب شعبي من الجانبين، وليس من حق إسرائيل الاعتراض عليه". لكن السؤال : هل قطاع غزه سيكون مثل باقي دول العالم، التي تصدر وتستورد بحريه، وهل سيكون هناك اعتراف دولي أو عربي بهذه المنطقة (عدا مصر وربما دويلة قطر )، جوابي الصريح هو لا كبيرة .
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هو اليساري ؟
-
رأس المال ينزف دما من كل مساماته ....الرأسمالية المتوحشة بال
...
-
حول تطور الرأسمالية منذ القرن 18 إلى بداية القرن 21 ........
...
-
الرفيق العزيز عبد الله الحريف
-
الديمقراطية وسؤال العلمانية في مشهد الإسلام السياسي الراهن
-
في الذكرى الأربعين لاستشهاد الرفيق غسان كنفاني
-
عشية الذكرى الأربعين لاستشهاد رفيقنا غسان كنفاني
-
نداء إلى الرفاق في كل أحزاب وفصائل اليسار العربي
-
الرأسمالية الفلسطينية والتكيف مع - حكومتي- فتح وحماس
-
الديمقراطية..محدد رئيسي لمجابهة وحل التعارضات والتناقضات الد
...
-
إلى كل الرفاق والأصدقاء والفصائل والقوى الوطنية في فلسطين وا
...
-
حديث في تطور مفهوم الأخلاق في المسيرة التاريخية للفلسفة
-
معطيات وأرقام حول الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين في م
...
-
لماذا الحاجة إلى فكر مهدي عامل اليوم ..؟
-
كارل ماركس ذكرى خالدة
-
الحرية لرفيقي سلامة كيلة
-
استقطاب فتح وحماس .. والبديل الغائب في المشهد الفلسطيني الرا
...
-
رسالة تحريض لكل النساء العربيات
-
لكل النساء العربيّات .. تهنئة واعتذار في الثامن من آذار ..
-
الاختصار في أزمة الماركسية وأحزاب اليسار
المزيد.....
-
أهالي بلدات وقرى جنوب لبنان يسارعون للعودة إلى مساكنهم رغم ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
كلمة عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمناسبة اليوم العالمي ل
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ...دفاعا عن الجدل (الجزء الث
...
-
صفارات الانذار تدوي في شمال فلسطين المحتلة وشمال تل أبيب وفي
...
-
م.م.ن.ص // تأييد الحكم الابتدائي في حق المعتقلة السياسية سم
...
-
تصاعد المواجهات بين الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان، ومق
...
-
أكبر جامع في ألبانيا والبلقان.. شاهد: -نمازجاه- في تيرانا ما
...
-
باكستان: مقتل أربعة من قوات الأمن بصدامات مع متظاهرين مؤيدين
...
-
المستشار الألماني شولتز يقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ا
...
المزيد.....
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|