أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حمادي - اليمن بين التسول والاستثمار














المزيد.....

اليمن بين التسول والاستثمار


رياض حمادي

الحوار المتمدن-العدد: 3843 - 2012 / 9 / 7 - 23:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في أحد الأيام وبعد أداء صلاة الفجر في الجامع وكالعادة يبدأ المتسولون باستعراض مهاراتهم بدأ أحدهم بالتوسل والشكوى والدعاء فخاطبه إمام الجامع قائلاً : " عندي لك وظيفة بألف وخمسمائة ريال يوميا ما رأيك ؟! " فما كان من المتسول إلا أن صاح في الإمام : " خليني في حالي مالكش دخل ! " . تكرر هذا المشهد أمامي مرتين ومع متسول آخر يرفض العمل ويفضل التسول . هذا لا يعني أن كل المتسولين يرفضون العمل فهناك من دفعته الحاجة والظروف للتسول لكنها القاعدة التي تحكم عالم التسول .

ليس الكسل كما يعتقد البعض هو السبب الرئيسي للتسول فالتسول مهنة – إذا جاز لنا أن نسميه كذلك – شاقة ومتعبة مقارنة بوظائف ومهن شاقة أخرى . ربما لأن مردود التسول مجزي أو مُخارج أكثر من العمل أو لأن التسول مهنة حرة غير مقيدة لحرية المتسول هو ما يدفع المتسول لأن يفضلها على العمل المنتظم . ربما تكون هذه هي دوافع المتسولين لكن ما هي الأسباب والدوافع التي دعت الحكومات اليمنية المتعاقبة لتفضيل التسول على العمل ؟!

ليس الكسل أيضاً من بين الأسباب كما أن عنصر الحرية مفقود بل على العكس التسول أو " المساعدات " تبقي اليمن رهينة أو عبدة للدول المانحة عملاً بالمثل " من ينقد الزمار يفرض اللحن " . هناك سبب أكثر اقناعاً للتسول الذي تمارسه اليمن منذ عقود وهو الفساد . وهو نفس السبب الذي يجعل الدول المانحة أو المتصدقة تحجم عن دفع صدقاتها المشروطة كاملة لليمن .

هل يمكن لليمن أن تعيش دون تسول ؟!

فلننظر لدول أخرى لا تملك مقومات نفطية ولا موقع استراتيجي أو غيرها من المزايا لكنها مع ذلك لم تضع التسول ضمن قائمة خياراتها . كل ما تملكه تلك الدول هو الإرادة والقرار السياسي وفن وعلم إدارة الدول .
يمكن لليمن أن تتجاوز محنتها الاقتصادية بداية بالاستثمار لكن هناك عوائق تقف حجر عثرة دون تحقيقه وهي غياب الأمن والاستقرار السياسي وقبلها غياب النية الحقيقية في جلب وجذب الاستثمارات الخارجية والداخلية . هناك الكثير من رجال الأعمال اليمنيين يستثمرون معظم أموالهم في الخارج نظرا للأسباب السابقة ولو فكر هؤلاء فقط بالعودة برؤوس أموالهم أو حتى بجزء منها واستثمارها في بلدهم لتحسن الوضع كثيراً.

من الأسباب الأخرى لتطفيش الاستثمارات غياب البنية التحتية مثل شبكات الكهرباء والمجاري والمياه ووسائل المواصلات والنقل والطرقات والاتصالات مثل التلفون والانترنت وغيرها . يمكن لبعض المستثمرين أن يقوموا بالاستثمار في هذه المجالات الأخيرة لو توفر الأمن والاستقرار السياسي و النية الحقيقية لدى صانع القرار السياسي اليمني . الاستثمار في هذه القطاعات سيؤدي إلى انتعاش الاقتصاد وتحسن الأحوال المعيشية للمواطن اليمني . المشكلة الرئيسية في اليمن أنه لا يوجد صانع قرار بل هناك صناع قرار يتصارعون على السلطة ويتنافسون على الفساد فضلا عن كون هؤلاء يدارون بالريموت كونترول أو بالآيباد من قبل سفاراتهم في العاصمة صنعاء .
هناك رغبة في بقاء قطاع النقل والمواصلات والاتصالات وغيرها من القطاعات في يد زمرة أو فئات إقطاعية محددة وقرار الاستثمار في هذه المجالات سيغضب هذه الشخصيات لذلك " من أجل عين تهان ملايين العيون " . ولو أن الجكومة فتحت مجال الاستثمار في قطاع الاتصالات فقط لانتعش هذا السوق ولعاد بمردود وفائدة للدولة والمواطن معاً .

أما فيما يتعلق باستثمار الموقع الجيوسياسي والبشري لليمن فقد كتبنا مقالا سابقا " نحو إيران در " ملخصه مسك العصا من المنتصف واستغلال صراع القوى الكبرى إيجابيا لمصلحتها . أعتقد بأن هذا النوع من الاستثمار سيغني اليمن عن التسول ويجعلها دولة مهمة في المنطقة بدلا من أن تكون دولة مستجدية وتطلب ود الآخرين. غير أن الوضع الراهن لليمن والفترة الانتقالية التي تمر بها والشخصيات الكرتونية الموكل لها إدارة البلاد كلها أسباب تحول دون تفعيل هذا الاستثمار فهذا النوع من الاستثمار يحتاج إلى قرار وإرادة سياسية ودولة مركزية قوية تحكم سيطرتها على كل أراضيها .

هناك من يكتب ويتحدث عن ظاهرة تسول اليمنيين في الداخل والخارج بوصفها ظاهرة سلبية تسيء لسمعة اليمن حكومة وشعبا ويدعون إلى ضرورة التخلص من هذه الظاهرة متناسين أن ظاهرة التسول لم تعد مرتبطة ببعض الفئات من المواطنين بل أصبحت مهنة ووظيفة تقوم بها حكومات ودول منها اليمن وأن التخلص من ظاهرة تسول هؤلاء المواطنين تبدأ بالتخلص من ظاهرة تسول الدول هذه الظاهرة المسيئة التي لن يخفف من سوءها تغيير المصطلحات أو التسميات من تسول إلى مساعدات .



#رياض_حمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الثورة أو مشروع التحطيم الذاتي
- عملقة الأقزام - مسلسل التشهير والتكفير اليمني
- دين الثوابت
- الطوطمية والوثنية المعاصرة - السياسة والتحليل النفسي (*)
- نظرية الثورة
- تحت سقيفة بني ساعدة
- شجرة العقل – عندما كان آدم مجنونا
- إله راسه ناشف !
- في انتظار ثورة
- ثورات أم تصفية حسابات ؟!
- حمَّامات الجنة
- الحرية فيفتي فيفتي
- دولة الحمير العلمانية - هذه الأمة يجب أن تأخذ درسا في النهيق
- القراءة الرمزية والعلمية للنصوص المقدسة
- حل لمشكلة التناقض في النصوص الإسلامية
- الله يأمر بسجن النساء !
- الخضر والغلام المغدور
- قصة الشعر
- إضاءات معتمة
- فرعون الديموقراطي


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حمادي - اليمن بين التسول والاستثمار