صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 3843 - 2012 / 9 / 7 - 17:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما ذكرني بقصة نبي الأهرامات – صلعم النيل – سوي هذا الخبر . المنشور يوم 16 من اغسطس الماضي 2012 . عن وكالة اخبار المجتمع السعودي :
300 حالة إدعاء نبوة في السعودية : في لقاء صريح بأعضاء ملتقى إعلاميي الرياض
http://www.news-sa.com/snews/4841-----300-------------.html#.UC0PW9dY16Q.facebook
كان هذا هو الخبر الجديد .. دعونا نحدثكم عن الواقعة القديمة وقصة مقالنا عنها . الذي ننشر موضوعه اليوم وللمرة الأولي :
في احدي سنوات العقد الاخيرمن القرن الماضي – في التسعينيات - . صعدت لمكتب ادارة مجلة ابداع – باحدي عمارات وسط القاهرة . المجلة من اصدارات وزارة الثقافة المصرية . وكان يرأس تحريرها . الشاعر الكبير " أحمد عبد المعطي حجازي " ويدير التحرير " الشاعر حسن طِلب " . دخلت فوجدت " أ . طِلب " يجلس خلف مكتب موجود بالصالة , بينما " أ . حجازي " واقفا يتحدث واياه , يبدوانه كان قد وصل لتوه ..
ألقيت التحية . اخرجت المقال من الحقيبة . وناولته مفتوحا . للأستاذ حجازي . راح يقرأ سطورا منه علي الفور . تركته ليقرأ علي مهل , وشكرته , وانصرفت لمتابعة أشغالي ..
لم ينشر المقال .. ( ونحن نعرف محاذير النشر في ذلك الوقت ) .
ذاك المقال الذي لم ينشر . كان يتكلم عن ظهور نبي ببلاد الأهرامات – مصر - .
كتبناه حينها علي ضؤ ما نشرته الصحف المصرية عن ذاك النبي . الذي تعرض للقمع والقبض عليه . بمعية جهاز " مباحث أمن الدين " , الجهاز المشهور باسمه الحكومي : " مباحث امن الدولة " ..
فماذا عن ذاك النبي المصري ؟ وماذا حقق , وما هي الظروف التي مارس دعوته في ظلها ؟
حسبما أتذكر . ظهر في احدي قري محافظة البحيرة – شمال مصر – . ويعمل نجارا . وحاز علي ايمان أهل القرية . بنبوته , و عدد من القري الأخري القريبة منها . مما أصاب أجهزة الدولة بالفزع .. فهرع جهاز الامن وألقي القبض عليه ..
وهذا ما جعلني أتساءل : جهاز لأمن الدولة هذا ؟ أم لأمن الدين ؟ وما هي علاقة أمن الدولة بنبي ظهر أو نبي اختفي , نبي قام , ام نبي نام ؟!!
و تري ما هو الفرق بين نبي بلاد الأهرامات – صلعم النيل - . الذي ظهر في العقد الأخير من القرن العشرين الميلادي , وبين نبي الحجاز – صلعم مكة - . الذي ظهر في منتصف القرن السابع الميلادي . منذ 1433 عاما ؟
لعل الفروق . هي كالآتي :
1 - نبي الأهرامات . لم يستخدم السيف أو الجزية - نبي مكة والحجاز . استخدمهما .
2 - نبي الأهرامات . اشتغل نجارا . بينما نبي مكة والحجاز . اشتغل راعي أغنام , ومسيراّ لتجارة سيدة ثرية , تزوجته فيما بعد لكونه كان شابا في سن 25 بينما كان عمرها 45 وسبق لها الزواج قبله مرتين اثنتين – ما علينا من موضوع زواجه وزواجها ذاك - .
3 - نبي الأهرامات . واجه قمعاَ غير مقدور عليه : جهاز امن دولة . بالمعني الحديث - . أما نبي مكة والحجاز . فقد واجه مقاومة قبلية . أمكنه التغلب عليها في النهاية . بالحيلة والخديعة في صلح الحديبية . وبقطع الطريق علي القوافل .
4 - نبي الأهرامات . لم يجد من يجرؤ علي مؤازرته والدفاع عنه .. أما نبي مكة والحجاز . فوجد من يدافع عنه . أحد وجهاء مكة – عمه عبد المطلب , وسيدة أعمال ثرية – خديجة بنت خويلد . وكانت قد تزوجته - .
5 - نبي الأهرامات . عمل في ظروف صعبة للغاية . وبجهود ذاتية تماما . وكان في مواجهته . دين يعتنقه 90% من شعب مصر .وتحميه الدولة باعلامها , وتعليمها . وبنص في دستورها باعتباره الدين الرسمي . بالاضافة لجهاز الأمن , والنيابة , والقضاء , والقانون .. كل هؤلاء كانوا في حماية الدين المواجه لدين نبي الأهرامات . ذاك النجار الريفي البسيط !..
6 - كانت قوة و معجزة نبي الأهرامات .. كبيرة للغاية .. لانه استطاع الحصول علي ايمان عدة قري في وقت وفي زمن كان فيه محاطا بكل هذه الترسانة . فانظروا حجمها وقوتها :
أ - وجود اذاعة حكومية متخصصة في تلاوة كتاب نبي مكة والحجاز " القرآن " ليلا ونهارا .
ب - وجود الشيخ الشعراوي . أشهر داعية ديني صلعمي . في القرن العشرين , والذي له حديث ديني بتليفزيون الدولة . ينتظره كافة المؤمنين بدين محمد . الناطقين بلغته . وفي وقت كانت أجهزة التليفزيون قد انتشرت بالقري كما بالمدن .
ت - وجود مسجد – علي الاقل – . بكل قرية مصرية . وله خطيب يتقاضي راتبا شهريا من الدولة . لأجل وعظ الناس والصلاة بهم : بموجب دين نبي مكة والحجاز " محمد " ..
ث - وجود جامعة الأزهر بمصر .. وهي أكبر جامعة بالعالم تقوم بتدرس عقيدة نبي مكة والحجاز .. , ووجود معاهد تعليمية متخصصة تتبع تلك الجامعة بمختلف محافظات مصر ..
ج - التعليم الحكومي الرسمي . يدرس تعاليم ومباديء . دين نبي مكة والحجاز , في المرحلتين الابتدائية والاعدادية . بجميع مدن وقري مصر ...
ح - نشاط الطرق الصوفية – – التابعة لدين نبي مكة والحجاز . محمد – وباقي الجماعات الدينية . مشتعلا بكافة أنحاء مصر , و لا يستثني قرية مصرية واحدة ...
في مواجهة كل هذه الترسانات الدينية .. استطاع هذا النبي المصري الأعزل . أن يحوز ثقة وايمان أهالي قريته وعدة قري مجاورة ويجعلها تؤمن بانه نبي , بعكس كل ما تعلموه وعرفوه من ان محمد , هو خاتم آخرالانبياء والمرسلين !!..
فتري : لو لم يقبض جهاز الأمن , علي هذا النبي المصري . ويحيله للتحقيق .. . لاي مدي كان يمكن أن يصل . علي مستوي الدولة ؟ لو لم يكن دين نبي مكة . يحيا بمصر في حماية جهاز الأمن . فاي مصير كان ينتظره . بعد ظهور نبي الأهرامات ..؟!
لا ندري ان كان ذاك الرجل لا يزال موجودا ؟ وهل يمكن لاحدي القنوات الفضائية الحرة الشجاعة . أن تجري معه لقاءً .. وتستطلع آراء أبناء القري الذين سبق ان آمنوا به .
الجدير بالذكر هو : ليس هذا النبي هو الوحيد الذي ظهر في مصر . فعندما كنت بالسجن السياسي . – ما بين عامي 2001 : 2003 - قابلت ضمن الموجودين بالسجن . عدد من أتباع اثنين . تمت محاكمتها بتهمة ادعاء النبوة : " الشيخ سيد " , و " الشيخة منال " ..
وكان من ضمن اتباع " الشيخ سيد " . طالب بكلية الهندسة , و ضابط بالجيش , و محامي , وبائع أسماك مشوية , وموظف , و صيدلي مليونير .. – وغيرهم - .. أما النبي " الشيخ سيد" نفسه , فقد كانت شغلته : مدير العلاقات الخارجية باحدي الهيئات الحكومية الهامة والحساسة – هيئة متخصصة في مجال الطاقة -..
و من أتباع الشيخة منال . بالاضافة لزوجها , رجل حاصل علي الدكتوراة في الاقتصاد !
وظهور هؤلاء الأنبياء الثلاثة في مصر . ليس افتراءا من مصر . علي محمد والاسلام . فكما قرأتم في الخبر ببداية المقال , ظهر في السعودية في الآونة الاخيرة 300 ثلاثماة نبي كريم – ثلاثمائة صلعم - في مقابل ثلاثة صلاعم فقط من مصر - . أما في زمن " محمد " نفسه . فقد كان ينافسه علي النبوة . من بلاده . أنبياء عدة . منهم مسيلمة – الذي أسموه بالكذاب . وكان وجيها حكيما عظيما بين قومه - , والأسود العنسي , وسجاح – وهي سيدة شجاعة وخطيبة بارعة . وجدت لها انصارا يؤمنون بنبوتها حينذاك – . كما كان من هو أفضل كل هؤلاء بمن فيهم محمد صلعم , ولكنه لم ينزل كمن نزلوا حلبة الصراع علي النبوة . انه الشريف العفيف , الشاعر , الوجيه الطاهر المُبجّل : " أمية بن ابي الصلت " – قد يكون لنا عنه حديثا خاصا في مقال آخر ...
-- تعليقا علي عمليات القبض , علي المصريين الثلاثة بمعية الدولة , بتهمة ادعاء النبوة .. كنت في تلك الأوقات . أسمع همسات وتساؤلات يقول اصحابها :
لماذا قبضوا عليه – أو عليها - ؟!
فتأتي اجابة : لأن اناساً من شتي الطبقات والمستويات . يتركون دين محمد .. , ويتبعون النبي الجديد !
فيرد آخر : أتري محمد . نبيا من زجاج . ويحمونه بالمباحث والنيابة والمحاكم , وميليشيات الأمر بالمعروف ,التابعة للجماعات الدينية . خوفا علي النبي الزجاجي , من ان يتكسر ؟!
ويعقب ثالث : ان الدولة لازم تحمي الاسلام ؟
فيرد عليه رابع : وهل الاسلام دين من القش . يمكن أن يشتعل ويحترق ويذهب رماده , بمجرد ظهور أي دين آخر .. ولا يمكنه الصمود والبقاء الا في حماية أجهزة الدولة , وكتائب ثيران الانغلاق الذهني , وكباش التعصب العقائدي ؟!
---- كانت تلك اسئلة واجابات وحوارات تدور همسا . حول ظهور هؤلاء الأنبياء المصريين الثلاثة الكرام – عليهم أفضل الصلاة وازكي السلام - ..
علي أية حال . رئيس مصر الآن هو رجل اسلامي . ينتمي لأهم جماعة دينية محمدية بمصر . ويمثلها بالسلطة . ومصر بصدد تاسيس دستور جديد للبلاد . وباستطاعته أن يؤكد ان كان الاسلام دينا من الفولاذ – وليس من قش , وان كان محمد نبيا من ذهب وليس من زجاج . بان يقرر :
الغاء عقوبة ازدراء الأديان . من قانون العقوبات . والغاء المادة الدستورية الثانية التي تنص علي أن مصر دولة اسلامية . وابدالها بنص " مصر بلد يحترم حرية العقيدة الدينية . تطبيقا لمواثيق حقوق الانسان الدولية . وكل انسان حر في اختيار أو ابدال ديانته , أو اختيار اللادينية . هذا شأن خاص , ولا دخل للدولة به . ولا يكتب بالمستندات الرسمية . ومهمة الدولة هي أن تكفل الحماية لكل مواطنيها . أيا كان الدين أو اللون أو الجنس أو الأصل العرقي " ..
فهل الرئيس الشيخ " د . مرسي " يمتلك حقا . مثل هذه الثقة في قوة عقيدته , وقدرتها علي الصمود , ولديه من الشجاعة والثقة بالنفس . ما يساعده علي اتخاذ قرار من هذا النوع ؟
هل يوجد صحفي أو اعلامي شجاع . من داخل أو من خارج مصر . يوجه له هذا السؤال . علي الهواء ؟
– وألا يجب أن يوجه هذا السؤال كثيرا – لكل من : شيخ الأزهر , وللمفتي , وللشيخ القرضاوي – رئيس اتحاد علماء المسلمين - , وأيضا لرئيس المحكمة الدستورية العليا بالبلاد . وكذلك ألا يجب أن يوجه هذا السؤال لملك السعودية . وباستمرار و في كل المناسبات ؟.
- ما عدا السهو والخطأ -
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟