مفارقات انتخابيه

حسين القطبي

الحوار المتمدن-العدد: 1119 - 2005 / 2 / 24 - 10:19
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات

اذا كانت الهند بلد العجائب فان الشرق الاوسط هو عالم المفارقات، وهي عجائب ايضا، ولكن الفارق انها في الهند حلوة ممتعه، مثل فاتنة يلتف حول خصرها خرطوم فيل، وهنا مرّه، كالقهوه الحاره، تترك في الريق حرقه، وغصة وربما كابة لضحايا الصحف و نشرات الاخبار.

جيش من الجميلات بوجوه ملمعه، تلونها المساحيق، وتنعكس الاضواء على ندى شفاهها المحمره من العض الخفيف، تبتسم باتكيتات عصريه عبر الفضائيات، بينما لا تعكس عقلياتها سوى رؤى بدويه متخلفه تروج لمنطق قبلي قرون وسطا ئي، تدافع بسماجة مقيته عن اشنع عمليات الذبح واكثرها توحشا وبشاعه، للحد الذي يصبح فيه مصاص دماء وسادي متخلف من بقايا عصور اكلي لحوم البشر الى بطل مقاوم قومي واصولي مقدس! وشعب ينزف في بلد تحول الى قبو تعذيب الى مذنب.
العمليات المسلحه التي تستهدف الانظمه القمعيه ارهابا، والقتل الاعمى في المخابز والحسينيات، بل والذبح حسب البطاقة الشخصيه مقاومه، بل وبطوليه وباسله!
من لا دليل على علاقه له باسرائيل يوصف بالعميل، ومن يجتمع مع شارون في شرم الشيخ ويسجن الفدائيين في فلسطين على خلفية اتفاق فلسلطيني – اسرائيلي يعتبر مناضلا، بل وضد الصهيونيه.

وجوه جميله، وعقول بشعه، كلمات منمقه، ومعان تعيسه.
اول انتخابات حره، توصف بهتانا بانها لا تعكس رؤى الشعب، بينما يشيدون بالمسخرة التي جرت في ا لسعوديه في العاشر من فبراير 2005 والتي استبعد عنها نصف المجتمع (النساء) ليس في الترشيح فقط، وانما في التصويت ايضا، بلا احزاب ولا برامج انتخابيه، نصف الاعضاء فيها معينين، يعتبرونها عادله.
استفتاءات الحزب الواحد في سوريا، والرئيس الواحد في مصر، والمذهب الواحد في ايران واللغه الواحده في تركيا، بل والطائفه الواحده في لبنان، وحتى نظام الموصوتين السبعه - ما جرى في دولة الامارات عقب وفاة الشيخ زايد- تسمى انتخابات، وتسبغ عليها من "الشرعيه" و"المصداقيه" وهي لا تغير فراش في دائره، بينما الانتخابات التي تشترك فيها 111 قائمه، مفتوحة للتيارات من اقصى اليسار الى اقصى اليمين لاقرار هرم السلطه والدستور الدائمي يعتبرونها بلا مصداقيه!؟
ديكتاتوريات تحابي طائفه على حساب اخرى كما في البحرين تعتبر "شعبيه" واخرى تحرص على ان تتمثل جميع الطوائف في الحكم تسمى حكومات "طائفيه"!
حكومه تفرزها انتخابات حره، تعتبر غير شرعيه، في العراق، وديكتاتوريات وراثية مجاوره في الدول العربيه والاسلاميه توصف بانها جد شرعيه.
هكذا يتلاعب الشرق اوسطيون بالشرعيه والمصداقيه وغيرها من مصطلحات العلوم السياسيه والاجتماعيه على عكس ما تعارفت عليه المجتمعات الانسانيه وكانهم في كوكب ثان.
وهكذا حين توزع البطوله، هنا وهناك للقتله وقصابي البشر، تنزع عليهم القاب الجهاد والنضال وشرعية المقاومه، بينما شتائم وعماله جاهزه لوصم اي شعب تواق للحريه، اليست مفارقات؟
اليست عجائب، ان يحاول البعض تقليد الغرب بالازياء والاضواء والبرامج التي صار يتخللها الفلاش باك بينما يحتفظون بعقليات من رمل كان يجب ان تطويها عاصفه قبل الف وخمسمائة سنه؟
ليت اضواء الاستوديوهات الملونه تنفذ خلال الوجوه الحسنه الملمعه الى مجاهيل تلك العقول وظلمتها، او ليت مفارقاتنا كانت ، مثل عجائب الهند ممتعه.

#حسين_القطبي (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات