مجدى زكريا
الحوار المتمدن-العدد: 3841 - 2012 / 9 / 5 - 22:50
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
اية قيم تضبط حياتكم ؟
قبل الاجابة عن هذا السؤال ربما يلزمكم التأمل فى هذا الامر , ماذا تريدون من الحياة ؟ الثروة , الشهرة , الاثارة , المغامرات الجنسية , او السلطة ؟ او ربما كان هدفكم الصيت الحسن او الاستقامة , الاحسان , الرأفة , الخدمة العامة, الروحيات ؟ ومهما كان الامر فان قاعدة الكتاب المقدس هذه تبقى صحيحة " الذى تزرعه اياه تحصد. " غلاطية 6 عدد7.
اذا جعلتم القيم الحقيقية نفاية يجب ان تكونوا مستعدين لتحمل العواقب.
واذ تنمو المعرفة وتزداد القوة هنالك حاجة اكبر الى ان تضبط الاداب. ومن المؤسف ان ازدياد المعرفة والقوة رافقه انهيار فى الاداب. يعلق المؤرخ ارنولد توينبى على ذلك قائلا : " مأساوى هو التفكير اننا كنا ناجحين جدا فى الحقل التقنى فى حين ان سجلنا للفشل الادبى لا حد له تقريبا . . . واذا استمرت الفجوة الادبية فى الاتساع فانى اتوقع وقتا قد يجول فيه الناس العاديون ومعهم قنابل ذرية فى الجيب. "
والميل الحالى هو الى خفض القيم الحقيقية واحالة الخطيئة الى مكان القاء النفايات. والموقف هو كذلك الذى للمرأة الزانية فى الامثال 30 عدد 20 " كذلك طريق المرأة الزانية. اكلت ومسحت فمها وقالت ما عملت اثما. " ولكن الخطيئة ما تزال معنا , شديدة وقوية. وانما تعمل تحت اسماء مستعارة كالانفتاح , الحرية , النسبية , صياغة القيم وعدم الحكم ( على الاخرين ) - كلها اختصرت ب" بالاداب الجديدة " .
وفى الواقع لم يتغير شئ منذ زمن النبى اشعياء وكلماته لاتزال تصيب الهدف : " ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما الجاعلين المر حلوا والحلو مرا. " ( اشعياء 5 عدد 20 ) ولجعل الاخطاء تبدو صوابا يغيرون العلامات على ميزان الحرارة لجعل الحمى تبدو طبيعية.
شدد يسوع على الحاجة الروحية , قائلا : " طوبى للشاعرين بحاجتهم الروحية لان لهم ملكوت السموات. " الا ان الحياة الخالية منها تنتهى الى الصيرورة سطحية ز وحتى بالانجازات العالمية العديدة تبقى حياة كهذا سطحية وتنقصها السعادة الحقيقية والاكتفاء الروحى. ومن المؤسف ان هؤلاء الذين يبحثون عنها فى مختلف الاديان الرئيسية يخرجون منها فارغين. كما انبأ النبى عاموس. " جوعا . . . لا جوعا للخبز ولا عطشا للماء بل لاستماع كلمات الرب. " عاموس 8 عدد11.
ورجال الدين وعامة الشعب على السواء يشعرون كما شعر اولئك الذين فى ايام اشعياء. قائلين لاولئك الذين يرون الحاجة الى الروحيات " لاتروا وللناظرين لا تنظروا لنا مستقيمات. كلمونا بالناعمات انظروا مخادعات. حيدوا عن الطريق ميلوا عن السبيل اعزلوا من امامنا قدوس اسرائيل. " - اشعياء 30 عدد 11 و 12.
مصدر القيم الحقيقية
ان المبادئ الادبية موجودة فى كل المجتمعات البشرية. وسواء رغبوا فى الاعتراف بذلك او لا, يشعر جميع الناس بالحاجة الى قوة موجهه فوقهم واعلى منهم. وهم يتطلعون فطريا الى قدرة اسمى للعبادة. وهذه قد تكون الشمس , القمر , نجما , جبلا , نهرا , حيوانا و انسانا , او منظمة. ومبادئهم الادبية قد تكون معلنة فى واحدة من الكتابات المقدسة الكثيرة لحضارات مختلفة. فالحاجة موجودة فى الناس فى كل مكان. انها فطرية.
و " الدين " بحسب الطبيب النفسى الشهير سى. ج. يونغ " هو موقف فطرى مميز للانسان, وظواهره يمكن تتبعها فى كل التاريخ البشرى. "
والعالم الشهير فرد هويل يعتبر نظرية التطور " رخصة علنية لأى شكل من اشكال التصرف الانتهازى. " ويتابع : " بصراحة , ينتابنى اقتناع بان فلسفة رفض القيم التى تبناها ما يدعوا مثقفين عقب نشر كتاب اصل الانواع لدارون , وضعت الجنس البشرى فى مسلك التدمير الذاتى الالى والة يوم الدينونة ابتدأت حينئذ تتكتك . . . وعدد الناس الذين فى هذه الايام يشعرون بأن شيئا ما ينقص المجتمع بشكل رئيسى ليس صغيرا. لكن من المؤسف انهم يبددون طاقاتهم فى الاحتجاج على امر عديم الشأن بعد اخر. "
اذا , بدقة رياضية , يتابع هويل ليظهر ان احتمالات كون الحياة قد نشأت على الارض بالصدفة هى صفر. ويقول ان العلماء التقليديين قد تحولوا عن فكرة قوة خلاقة بسبب التجاوزات الدينية للماضى. " ويسلم ان هنالك نوع من الذكاء كان يعمل. وحتى ابسط اشكال الحياة , الجرثومة , معقدة بشكل مدهش حتى انه يجب ان يكون الذكاء مشمولا فى خلقها , ولكنه لا يجرؤ على دعوة هذا الذكاء الله.
والاخرون الذين " يشعرون بأن شيئا ما ينقص المجتمع بشكل رئيسى " ليسوا مترددين جدا فى ذلك. واحد هؤلاء هو الطبيب النفسى يونغ , المقتبس منه سابقا : " ان الفرد غير الراسخ فى الله لا يمكنه ان يبدى مقاومة بمقدرته الخاصة لتملقات العالم المادية والادبية. لهذا السبب يحتاج الى دليل الخبرة الروحية فوق الطبيعة البشرية الذى يمكنه وحده ان يحميه من الانغماس المحتوم فى حمأة الخطية. "
ورئيس المستشارين فرنسيس ت. مورفى يقول ان الرجل العصرى " لايعرف المعنى الاساسى لحياته ويشك فى ان يكون للحياة اى معنى , ومهما تكن حججه الادبية فقد اخرج فى الواقع الله من حياته , من مكتبه , ومن بيته. لذلك ينقصه مركز ادبى. "
" من المستحيل " يقول المحرر فى عدة صحف جورجى غيير , " ان يكون هنالك مجتمع او امة ادبى دون الايمان بالله , لان كل شئ يهبط سريعا الى الانا والانا وحده لا معنى له. . وعندما يصير الانا مقياس كل الاشياء - على حساب الله , الايمان الراسخ , العائلة , والقواعد المقبولة للسلوك - نكون فى مشكلة. "
وقال الكسندر سولسجينتزن انه اذا طلب منه ان يحدد بكلمات قليلة الميزة الرئيسية لقرننا الماضى يقول : " نسى البشر الله. " وتابع : " ان كامل القرن يجرى امتصاصه الى دردور الالحاد والتدمير الذاتى . . . وكل المحاولات لأيجاد مخرج من مأزق عالم اليوم تكون غير مجدية الا اذا وجهنا من جديد ضمائرنا , فى توبة , الى خالق البشر. ودون ذلك لا يكون اى مخرج مضاء وسنبحث عنه عبثا. "
لستة الاف سنة جرب الانسان ذلك بطريقته , مقررا ماهو صواب وماهو خطأ. والان فأن الميل العصرى هو ان تفعل امورك الخاصة - ليس من صواب او خطأ. وقد سجل التاريخ العواقب المريعة لكلتا الطريقتين , مبرهنا انه ليس للانسان ان يهدى خطواته. " توجد طريق تظهر للانسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت. " ( امثال 14 عدد 12, ارميا 10 عدد 23 ) فالله صنع الانسان وهو يعرفه باطنا وظاهرا. وقد زود الخريطة الى السعادة : " سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى. " ( مزمور 119 عدد 105 ) وكلمته تحدد القيم الحقيقية لبركة الانسان.
قيم للعيش بموجبها :
احب الله بكل قلبك , فكرك , نفسك , وقدرتك. احب قريبك كنفسك. افعل بالاخرين كما تريد ان يفعل الاخرون بك. اتبع يسوع مثالا لك. اغفر للاخرين كما تريد ان يغفر لك. اكرم اباك وامك. فى الكرامة مقدما الاخرين. كن امينا فى كل تعاملاتك. اتبع السلام مع الجميع. اطلب الوداعة , اللطف , ضبط النفس. لا تجاز احد عن شر بشر. اغلب الشر بالخير. لا تعبد الهه باطلة. لا تسجد للتماثيل. لا تقتل. لا تسرق. لا تشهد بالزور. لا تتخذ اسم الهك باطلا. لا تشته ممتلكات قريبك. لا تغرب الشمس على غيظك.
#مجدى_زكريا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟