|
ثقافة الدستور العراقي الجديد
لميس كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 1119 - 2005 / 2 / 24 - 10:13
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
عند الشروع بكتابة الدستور العراقي الجديد ، لابد من التوقف بوضوح ، عند أي ثفاقة سيعتمدها الدستور العراقي منسجما مع روح الدستور الجديد. ان ثقافة المجتمع العراقي ، خلال العقود التي حكمها البعث، تعرضت الى جملة من التغيرات الكلية التي هشمت البنية التحيتة لمقومات الثقافة العراقية. أذ مارس النظام البائد ،سياسة تطهير عرقي وقومي وديني ، ومسخ ثقافي لكل ماهو نبيل وأنساني في المجتمع العراقي ، وعسكرة المجتمع وسيادة ثقافة القتل والعنف والنخبة المتزلفة واخيرا ثقافة الصوت والصورة الواحدة في الحياة العراقية. أننا ورثنا من النظام البائد دمار ثقافي شامل لكل المؤسسات الثقافية والوعي الثقافي والثقافة الذاتية نفسها ، لذلك يتطلب إعادة إعمار ثقافي. حال سقوط النظام البائد ظهر في المجتمع ثقافات سريعة كرود فعل للتغيير الحاصل وأبرز هذه الثقافات هي: ثقافة الإحتلال وهي قائمة على التزاوج ،لاول مرة، بين ماهو وطني و مُحتل وإيجاد فلسفة خاصة تبرر العنف والقتل بالتحرر والسيادة وهي ثقافة الخطوط الحمراء الممنوع تجاوزها. أذ تعتمد هذه الثقافة على تغيير المفاهيم الوطنية التي تربى عليها المواطن العراقي وتحريفها لمفهوم الثورة والتحرر من خلال مفاهيم جديدة، التي تعطي إنطباع ايجابي عن الإحتلال وسبل التعايش معه وصولا الى تغيير مفاهيم الناس حول طبيعة نهج وثقافة الإحتلال. إن الإحتلال جاء ليبقى ،ولذا يتوجب عليه، بناء القاعدة الفكرية والمؤسسات الثقافية المنسجمة مع طموحاته الثقافية لتّروج له بما هو ايجابي ومقبول وفق مختلف السبل والإغراءات. ثقافة التفخيخ والتفجير وقتل الأبرياء كمفهوم جديد لثقافة الجهاد والتحرر ، وهي ثقافة قائمة على ترويع الشعب العراقي من قبل مجرمي البعث وجماعات إسلامية متطرفة، إتخذت من العراق ، مكانا لتصفية حسباتها مع الأمريكان، بحجة الدفاع عن وطنية العراق. هذه الثقافة هي خليط من الفكر البعثي القمعي والفكر السلفي والأباضي والوهابي وغيرها من الأفكار المتشددة ، وهي لاتستند الى قاعدة جماهيرية ودخيلة على ثقافة المجتمع العراقي ، تعتمد على العنف كوسيلة لفرض رايها وترفض كل أشكال التحرر والديمقراطية وتدعو للعودة الى العصور الوسطى في الحكم، وهي ثقافة شديدة التطرف وترفض كل أنواع الثقافات الأخرى ولا تتخذ من الحوار والحرية وسيلة للتعامل بل السيف والمسدس والديناميت هي الوسائل المبررة لبلوغ الهدف. ثقافة الولاء الديني الشيعي ، وهي تعتمد على ثقافة المرجعية وولاية الفقية، تستند على الدين الإسلامي كمصدر وحيد للتشريع بالأضافة الى المرجع الديني الأعلى ، وهي تدعو الى بث الثقافة الإسلامية بإعتبارها، الثقافة الرئيسية في العراق، لكنها تؤمن بالثقافات الأخرى المتواجدة في العراق وهي تبشر بالتنوع الثقافي المحدود شرط ان تكون الأولوية الى الثوابت الإسلامية الثقافية. الثقافة الكردية ، وهي ثقافة متنورة مستقة منابعها من تراث الشعب الكردي العريق ونضاله من أجل الحرية ،وهي تدعوالى التنوع الثقافي في المجتمع العراقي ، وبناء المجتمع على أساس إعطاء الحقوق الثقافية لكافة القوميات والأقليات في العراق. يوجد في العراق الكثير من القوميات والأقليات والطوائف التي تتمسك بثقافاتها وتطالب بحقها في ممارسة حقوقها الثقافية وهو حق مشروع. الثقافة الليبرالية والعلمانية وهي ثقافة الأحزاب العراقية العلمانية التي تدعو الى التنوع الثقافي في نسيج المجتمع العراقي ،وتناظل ضد كل أشكال الإضطهاد الثقافي، وهي ثقافة تنورية مستقة من التراث الثقافي العراقي والثقافات الأجنبية التقدمية. أن ثقافة الدستور العراقي القادم ستولد في رحم هذه الثقافات النيرة والمظلمة ، ولذا فان ولادة دستور عراقي جديد يلبي حاجة كل هذه الثقافات النيرة ، هو ليس بالأمر اليسير ، لكن المطلوب من الدستور اولاً هو حماية المجتمع العراقي من وبائين ثقافيين خطريين هما ثقافة العنف وثقافة البعث. أن دستورنا القادم سيكون الجدار القوي ،الذي يبني العراق ويحمية من العودة الى الماضي الأظلم، ولضمان أزدهار ثقافي مستقبلي ، أرى أن دستورنا القادم يتضمن فقرات مهمة هي: التنوع الثقافي الذي يضمن حق كل القوميات والأقليات والطوائف والأديان في ممارسة ثقافاتها بحرية وعلنية والدعوة الى الأختلاط الثقافي بين القوميات والأديان. ثقافة تدعو لحرية المراة والمساوات في الحقوق والواجبات وفرص العمل بين الرجل والمرأة وكذلك أن يتظمن حماية المرأة من الأبتزاز والإضطهاد الجنسي ومحاربة الدعارة. ثقافة تربى اطفالنا على حب الوطن والتسامح والسلام الأجتماعي والتعريف بحضاراتنا المتنوعة ومبدعينا وأشاعة ثقافة تعليمية ديمقراطية تربي على التنوع الثقافي والأختلاف الفكري وبالوقت نفسة تنبذ العقوبة والعنف وإضطهاد والأطفال والتسول. ثقافة دولة القانون و المؤسسات الدستورية وان يكون القانون فوق الجميع وإحترام وصيانة حقوق وواجبات وكرامة المواطن ونبذ ثقافة الرشاوي والمحسوبية والحزبية القاتلة. ثقافة التنوع الفكري والسياسي والتعددية والقبول بالراي الأخر وحرية الصحافة والأعلام الملتزم والتي تحمي مجتمعنا من الأمراض الأجتماعية التي تفسد عقول الشباب. ثقافة السلام ونبذ العنف والحرب والوطن للجميع والغاء ثقافة التمييز الطبقي. ثقافة بناء العراق الجديد بمحبة وود وسلام إجتماعي والغاء الاحقاد والثأر وغسل العار غيرها من المفاهيم التي تجسد القتل وسفك الدماء كأسلوب لحل المشاكل وأشاعة الحوار والحل السلمي . نبذ ثقافة التسلط والمسؤل والحكم الفردي والعشائرية والتزلف والأنتهازية وأشاعة ثقافة القانون والعدالة بين الجميع والتداول السلمي للمسؤلية والمنصب. ثقافة تصون وتطور ثروات وبيئة وحضارات وتراث العراق وتحمية من السرقة والنهب والأندثار. وبالوقت نفسة إشاعة ثقافة نظافة المدن واحترام تطبيق القانون. ثقافة تستند من تراث الشعب العراقي المتنوع قاعدة لسن ثقافة الدستور العراقي الجديد.
#لميس_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتائج الإنتخابات بين الواقع والطموح
-
فالنتاين ...عيد الحب عيد بغداد
المزيد.....
-
هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ
...
-
المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل
...
-
-تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
-
صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري
...
-
تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ
...
-
بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل
...
-
برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا
...
-
سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية
...
-
-تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات
...
-
شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|