أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدى زكريا - القيم المتغيرة - هل تشعر بالخسارة ؟ (3)















المزيد.....

القيم المتغيرة - هل تشعر بالخسارة ؟ (3)


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3840 - 2012 / 9 / 4 - 21:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" ما هى اهم مشكلة يواجهها البلد ؟ ". عندما طرح هذا السؤال . اجاب معظم الذين شملهم الاستطلاع فى الولايات المتحدة ان اكثر ما يقلقهم هو موضوع العائلة والانحطاط الادبى. وهم ليسوا الوحيدين الذين يشعرون بذلك. مثلا . ذكرت الصحيفة اليومية انترناشونال هيرالد تريبيون الصادرة فى باريس : " هناك توق ملحوظ . وخصوصا بين الاحداث الى رؤية موحدة للمستقبل , الى مجموعة من المثل العليا المعترف بها التى تساعد على معالجة وتأثير الجشع , الانانية , وعدم التعاطف مع الاخرين , التى تبدو انها تسيطر على العالم . . . وهذا النقاش المكتزايد حول الحاجة الى مجموعة من القيم العالمية هو اعتراف بأن ثمة شيئا ناقصا ".
ففهل تشعر ان الحكومات وقواد العالم , بمن فيهم اقطاب التجارة , يملكون القيم اللازمة لقيادتنا نحو مستقبل اكثر سعادة , امنا , واطمئنانا ؟ هل يخامرك شعور بالخسارة , الى حد ما على الاقل , نتيجة القين المتغيرة التى تراها حولك ؟
احدى المساءل التى يمكن ان تهمك كثيرا هى امنك الشخصى. فهل تعيش فى منطقة حيث تكون فى مأمن اذا تركت باب بيتك مفتوحا ؟ هل تشعر بالارتياح وانت تمشى فى حيك ليلا ؟ اذا كنت موفقا وتعيش فى منطقة خالية من الصراعات , الاضطرابات العرقية , وحرب العصابات المميتة , فقد تبقى خائفا من من وقوعك ضحية الهجوم العنيف , السلب , اقتحام البيوت , السرقة. ومن الطبيعى ان يؤدى ذلك الى القلق وخسارة الشعور بالامان.
بالاضافة الى ذلك , ربما خسرت - الى حد ما على الاقل - الثقة بالاخرين التى كانت لديك سابقا. فربما واجهت على الارجح فى المجالين المهنى والشخصى على السواء , ميلا متزايدا عند الاخرين لايذائك اذا كان ذلك يخدم مصالحهم الشخصية ولو قليلا.
عبر التاريخ , يعترف عموما بالصلة الوثيقة بين القيم التى يجسدها كل فرد فى المجتمع والقيم التى تتبناها حكومته. قال كالفن كولدج قبل ان يصبح رئيس الولايات المتحدة : " يتحدث الناس عن حقوق طبيعية , ولكننى اتحدى اى شخص ان يظهر اين وجدت او اقرت اية حقوق فى الطبيعة قبل ان سنت مجموعة قوانين رسمية حددت وحمت هذه الحقوق ".
فى النهاية , ان الحكومة السائدة - بغض النظر عن الطريقة التى وصلت بها الى السلطة - هى التى تستطيع ان تعزز او تمنع الحقوق المدنية مثل حرية الصحافة , حرية الاجتماع , حرية الدين , حرية المجاهرة بالرأى , عدم تعرض المواطن بشكل غير شرعى للاعتقال والمضايقة , والحصول على محاكمة عادلة.
قال مرة ابراهام لنكولن قبل ان يصير رئيسا للولايات المتحدة : " الهدف الشرعى للحكومة هو ان تنجز لمجتمع من الناس ما يحتاجون اليه , لكنهم عاجزون عن اتمامه , او عاجزون عن اتمامه كما يجب - بقدراتهم الخاصة ". وعندما تعمل الحكومات على تحقيق مثل هذه الاهداف السامية , تنمو ثقة الناس بالذين يتولون السلطة.
لكن الشك والارتياب فى دوافع الاخرين حلا على مايبدو محل الثقة والائتمان. اخبرت دراسة فى الولايات المتحدة ان 70 فى المئة من الذين شملهم الاستطلاع اعتبروا ان اخلاق الرسميين الفدراليين تبلغ مجرد المستوى المطلوب او ادنى. وفى بلدان عديدة تزعزعت نظرة الناس الى الرسميين الحكوميين بسبب فضائح الرشوات والفساد على اعلى المستويات. فليس مستغربا ان ينتاب عددا من متزايدا من الناس شعورا بخسارة الثقة بالاخرين.
يوضح احد الامثلة القديمة مدى تأثير قيم الذين يتولون زمام السلطة , حكم الملك سليمان على اسباط اسرائيل ال12 من سنة 1037 حتى سنة 998 ق.م. وكان ابوه الملك داود , احد ابرز ملوك اسرائيل. يصف الكتاب المقدس داود بأنه محب للحق والبر , والاهم بانه رجل يثق ثقة تامة بألهه. وقد علم داود القيم نفسها لسليمان.
فقد ظهر الله الكلى القدرة لسليمان فى حلم وقال له : " اسأل ماذا اعطيك ". وعوض ان يطلب سليمان الغنى , المجد الشخصى , او الانتصارات السياسية , اظهر اية قيم يعز بطلبه قلبا حكيما , فهيما , ومطيعا يتيح له ان يكون حاكما جيدا على امة اسرائيل.
وكيف اثر حكم سليمان فى الناس ؟ باركه الله واعطاه حكمة , مجدا , وغنى - ما دام امينا لقيم الامة الروحية. وتؤكد الاكتشافات الاثرية الاذدهار المادى اثناء حكم سليمان. يذكر كتاب علم اثار ارض اسرائيل : " ان الثروة التى تدفقت على البلاط الملكى من كل حدب وصوب , والتجارة المزدهرة . . . احدثت ثورة سريعة وبارزة فى كل اوجه الحضارة الدنيوية ".
نعم , لقد جلب حكم سليمان الجيد الامن والسعادة لرعاياه. " سكن يهوذا واسرائيل امنين كل واحد تحت كرمته وتحت تينته من دان الى بئر سبع كل ايام سليمان ". ملوك الاول 4.
لكن للأسف مثل كثيرين من القادة اليوم , تغيرت قيم سليمان فى النهاية. تقول رواية الكتاب المقدس : " كانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السرارى فأمالت نساؤه قلبه. وكان فى زمان شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء الهه اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه ". ملوك الاول 1.
وكيف اثرت قيم سليمان المتغيرة فى شعبه ؟ رغم القدرة والحكمة العظيمتين اللتين تمتع بهما سليمان , صار حاكما مستبدا فى المرحلة الاخيرة من حكمه و وشكلت النفقات الباهظة لحكومته عبئا اقتصاديا كبيرا اثقل كاهل الامة , فاستاءت القوى العاملة , وقاوم الاعداء السياسيون الملك وسعو الى اغتصاب السلطة. كما خسرت الامة الكثير من الشعور بالتضامن. فيا للمفارقة ان سليمان نفسه كتب : " اذا ساد الصديقون فرح الشعب واذا تسلط الشرير يئن الشعب ". امثال 29 عدد 2.
بعيد موت سليمان , ادى الاضطراب السياسى وعدم الثقة الى انقسام الامة وبداية فترة من الضيق , الانقسامات , والانحطاط . وانتاب الاسرائيليين شعور غامر بالخسارة. فكانت حكومتهم قد غيرت قيمها , ناسية مصالح شعبها , وكان الذنب الاساسى ذنب قادتهم الذين تجاهلوا الله وشرائعه , فعانت الامة بكاملها.
فى الاوساط السياسية , التجارية , والدينية اليوم , كثيرون لا يعيرون قضية المحافظة على القيم السامية سوى اهتمام ضئيل. ويسبب ذلك بدوره شعورا بالخسارة فى عقول وقلوب الناس عموما. ويزداد اكثر فأكثر عجز الحكام السياسيين وغيرهم من القياديين عن حل المشاكل الاساسية التى تعانيها بلادهم.
فهم عاجزون , مثلا , عن انهاء الحروب او ضبط الاسعار المتزايدة , للعناية الصحية او كبح التأثيرات السيئة لتجارة المخدرات غير المشروعة. وهناك ايضا فشل فى الانظمة التعليمية. كما تقوم عدة حكومات برعاية المقامرة المنظمة. ويسبب الكثيرون من القادة الدينيين والتجاريين خيبة امل تصدم الناس من جراء فسادهم واعمالهم اللااخلاقية. فلا عجب ان تنتشر عدم الثقة بنزاهة الذين يتطلع اليهم الناس من اجل القيادة.
فهل تستطيع اية حكومة بشرية ان تحمى حقوق الانسان والقيم الرئيسية او ان تكون فى طليعة من يؤيدونها ؟.
الى المقالة الاخيرة.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل القيم فى طور الانحطاط (2)
- ماذا يحدث للقيم ؟ (1)
- هل يعقل ان نموت من قلب مكسور ؟
- سورية - اصداء من ماض عريق
- المورمون - اضافات اخرى
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى (3)
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى (2)
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى ( 1 - 2 )
- من قراءاتى - نوادر ونكات فيسبوكية
- عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 3 )
- عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 2 )
- الاطفال عندما يكبرون قبل الاوان ( 1 )
- رؤية مسبقة عن الات الدمار
- رؤية مسبقة عن آلات الدمار
- الضوء المثالى
- كيف نرى الجمال حولنا ( 4 )
- البحث عن الفنان الاعظم ( 3 )
- الفنان المنسى فى زمننا ( 2 )
- البحث عن الفنان الاعظم ( 1 )
- هل تعول الارض الاجيال المقبلة ؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدى زكريا - القيم المتغيرة - هل تشعر بالخسارة ؟ (3)