|
حين يُصادَرْ القانون بإسم (القانون)
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 22:32
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ناضلت و تناضل الشعوب من اجل قيام " دولة قانون " و دستور، بعيداً عن استخدام العنف كوسيلة للوصول الى الحكم او كوسيلة للحكم، وعلى اساس قوانين و اعراف حقوق الانسان المعمول بها في العالم المتحضّر، و من اجل الحرية و العدل و السلام و تآخي الشعوب كبيرها و صغيرها. و فيما فرح العراقيون رجالاً و نساءً بسقوط الطاغية صدام رغم انشداههم بكيفية سقوطه و و قلقهم البالغ عمّا سيكون عليه البديل، و رغم كل التعقيدات و انواع الارهاب المتعدد المصادر و الجماعات . . بدأت الحيرة و القلق في طريقهما الى الهبوط و هم يتابعون تشكّل هيئات حكم اتحادي دستوري و محكمة عليا تحاكم طغاة الأمس علنا وفق القانون . . بل و رغم انواع الآلام و الضحايا هلّلت حتى النساء رغم الدوس على حقوقهن المدنية، و زغردت اخريات بـ " هذا اليوم الجنّه نريده "(*) و هن يذهبن في اطار ذهاب كل العراقيين و تحديّهم للاعمال الارهابية التي استهدفت منعهم من التصويت و تسببت بسقوط اعداد من الضحايا . . للتصويت على مسودة الدستور الداعي الى قيام دولة مؤسسات على اساس القانون . الاّ ان الحياة في البلاد و بأسف اخذت تزداد صعوبة و بشكل غريب منذ ان بدأ العمل بالدستور قانون القوانين . . فمن تزايد الجوع، المرض، غياب الأمن، الكهرباء و الماء الصالح . . الى تدخلات و اعتداءات الاشقاء و الجيران التي شملت كلّ شئ بل شملت حتى المياه التي تتغنى بها البلاد و التي عاشت و تعيش على امجادها و ضفافها حضارات قامت و افلت و اخرى تحطّمت . . و لكنها بقيت شعاع الحياة و التطور لعالم اليوم الذي يزداد بحثاً عن سرّ بلاد مابين النهرين منذ القدم . . كما تتناقل وكالات العلوم و الانباء العالمية الغربية و الشرقية و غيرها و يرى محللون في ذلك، ان الوضع القانوني القائم، قد يكون اخطر مما كان عليه في زمن دكتاتورية مفضوحة حين كان (قائد ضرورة) يصرّح علنا بان القانون هو (ورقة يوقعها صدام) . . بسبب وجود دستور و برلمان الآن، تستشهد ببنودهما و مقرّراتهما الاطراف المتنفذة الحاكمة في خلافاتها و صراعاتها، و بسبب عدم وجود كتل متنفذة تصفق علنا لـ (قائد ضرورة) حتى الان !! فيما تغض النظر و تسكت اخرى عنه، و تعارض ثالثة بحدود الخوف على ضياع امتيازات . . و يرى آخرون ان (قائد ضرورة) ـ او اكثر ـ في الحقيقة موجود (وفق قانون) و انه يحكم من خلال تغيير القانون و الخروج على الدستور بـ (قوانين طوارئ) و بسبب (حاجات ثورية ملحّة) رغم عدم اعلان حالة طوارئ، و رغم طبيعية ان تتغير القوانين بتغيّر المجتمع و الدولة و مسيرتهما و لكن على اسس الحداثة و وفق روح الدستور المصوّت عليه، كأيّة ظاهرة و مرفق من مرافق المجتمع و الدولة، من اجل تواصل الحفاظ على جوهر الحقوق الاساسية للمواطنين رجالاً و نساءً . . و على تاخذ الدولة بيد الشعب لا بأن تدوس عليه باسم القانون من اجل بقاء و تجبّر فئات مستفيدة . . و من فيض الموجود . . ماجرى من المحاسبة و الحكم على رئيس مفوضية الانتخابات، بسبب صرفه 100 دولار، ثبت انها صرفت كمكافأة و اعيدت الى الخزينة . . في زمن ضاعت و تضيع فيه مليارات فلكية من خزائن العراق . . في سابقة لاتذكّر الاّ بسابقة الحكم على جان فالجان بحكم ثقيل بسبب سرقته رغيف خبز في زمن الثورة الفرنسية و كيف تحورت الى قضية سرقة شمعدان من كنيسة، فيما كان النهب و السرقات الكبيرة للنبلاء الجدد (حماة السلطة الجديدة) جارية بلا رقيب او حسيب على قدم و ساق آنذاك . . التي جعل منها الكاتب الانساني الكبير " فكتور هيغو" لولب موسوعته الخالدة " البؤساء " . . فيما يرى فيها متابعون بكونها (جرّة اذن) و تهديد لمفوّضية الانتخابات، ( وفق القانون) بعد ان فشلت مساعي الحكومة القائمة حتى الآن، من اخراجها من الموقع المستقل للهيئات المستقلة، التي يتواصل الدوس عليها و الحاقها بمكتب رئاسة الوزراء الحالية ( باسم القانون)، رغم تنافي ذلك مع البنود الاساسية للدستور المتعلقة بها . و من ذلك الفيض . . قرار الحكومة المحلية لمحافظة بغداد بمنع السافرات و لابسي الملابس (المخلّة بالحشمة) من دخول مدينة الكاظمية المقدسة (وفق القانون) . . و اصرارها عليه رغم توضيح ناطق بإسم وزارة الداخلية الإتحادية الرافض لذلك (وفق القانون) ايضاً . . و فيما يتساءل كثيرون، هل ان ذوي القرارات و القوانين المتصارعة تلك، هم من اصحاب الشهادات المزوّرة الذين اعفي عنهم (بقانون) ام هم من بقايا كفاءات الدكتاتورية الذين اعتاشوا على اللف على القانون . . و فيما تستمر هذه الصراعات (القانونية) التي تشترك فيها المكاتب القانونية للوزارات الاتحادية المركزية و الكوردستانية، و للحكومات المحلية التي صار يضيع فيها القانون الأساسي "الدستور " و اهميته و مغزاه . . يرى سياسيون ان البلاد تعيش حالة اللاقانون، و يرى آخرون انها تسير وفق قوانين معمول بها محصورة بيد متنفذين لايعلنون عنها، التي ان لم يجرِ الغائها فإن البلاد تسير وفقها فعلاً نحو تثبيت كانتونات دينية طائفية و عرقية . . بين ولاية فقيه شيعية و امارة سنية في مواجهتها و غيرها (وفق القانون) . . باسناد قوات مسلحة اهلية (ميليشيات) مجهّزة بأحدث الوسائل العسكرية السهلة الحمل من جهة، و بمحاولات زج الجيش في حل الخلافات السياسية الداخلية بدل واجبه الاساسي في حماية البلاد و حدودها، من جهة اخرى . . و على ذلك يرون ان الصراع الذي ابتدأ في مواجهة الدكتاتورية المنهارة من اجل حق الشعب بحياة حرة كريمة، مستمر و انه لم ينته بنهايتها ـ الدكتاتورية ـ . . فرغم مرور مايقارب العشر سنوات على سقوطها، لاتزال البلاد تفتقر الى قانون النفط و الغاز، اقرار قوانين الانتخابات التشريعية و المحلية، قانون المحكمة الاتحادية العليا، قانون الاحزاب و غيرها من القوانين التي تشكّل اساس دولة المؤسسات . . رغم وجود و تواصل العديد من صمامات الامان و التنفيس كما يظنّ القائمون على الحكم، من جرائد و مجلات، قنوات اعلامية، مؤتمرات و قرارات تدعو و تدعو . . بل و تتوالى الفتاوى التي تشجّع روح الانقسام و التمزق و الشوفينية القومية و الدينية و الطائفية، ليتراجع عن قسم منها بعد ان ادّت غايتها، حتى ضاعت في خضمها بيانات و فتاوى المرجعية الشيعية العليا للسيد السيستاني . . بل و حتى فقدت الفتاوى قيمتها الانسانية التي طاعها الناس حين حملت الامل و التاخي و مواجهة الذل و الاستغلال . . فيما يعود الارهاب و تستمر مشاكل الكهرباء و الماء و البطالة و التصريف الصحيّ، و يزداد المنتفعون و المتنفذون غنىً و الفقراء و المحرومون بؤساً . .
3 / 9 / 2012 ، مهند البراك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) و تعني بالفصحى : هذا اليوم الذي كنّا نريده .
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيتو الفقيه و مخاطر (القاعدة)
-
- قوة ايّ مكوّن، من قوة و تعاون كلّ المكوّنات -
-
ماذا سينتظر الحكومة ؟
-
مادلين مطر و اعراس-خريف البطريك-
-
في رحيل المناضلة - حليمة علي -
-
اين كانت - دولة القانون- عند خطف البرلمان ؟
-
عن اي تبادل سلمي للسلطة يتحدثون ؟
-
مخاطر حكومة (اغلبية)
-
عن تحريم الحائري لإنتخاب علماني . .
-
-المدى- و ديمقراطية تكميم الافواه !
-
الدولة القاصرة . . و الآفاق !
-
السلاح و . . ثقافة التعددية و الحلول السلمية !
-
مخاطر فكرة وحدة فورية مع ايران !
-
31 آذار، -طريق الشعب- و العولمة !
-
نوروز . . و ازمة الحكومة العراقية
-
عودة الى (القائد الضرورة) ام ماذا ؟
-
8 آذار . . المرأة و - الربيع -
-
الربيع العربي و (الفوضى الخلاقة) !
-
قضية شعب و ليس مُكوّن !
-
بلادنا و الصراع العنيف بين مشروعين !
المزيد.....
-
-الحرّيفة- عائدون بـ -الريمونتادا-
-
صحفي أمريكي -يضحي- بيده اليسرى لأطفال غزة (فيديو)
-
قصة الرئيس المصري الذي اغتيل في ذكرى انتصاره
-
مراجعة عام من الحرب: أهداف نتنياهو بين النجاح والفشل
-
توتر يسبق ذكرى 7 أكتوبر.. زعماء غربيون ينددون بـ -الكراهية-
...
-
روسيا تعتزم إطلاق الصاروخ رقم 2000 من طراز R-7 بحلول نهاية ا
...
-
أسباب الأكزيما وطرق علاجها
-
مصر.. بدء تركيب مصيدة قلب المفاعل النووي بالضبعة في ذكرى نصر
...
-
الكويت.. إحالة كل من روّج أخبار منع دخول المويزري للبلاد إلى
...
-
مستشار أوكرني سابق يحذر زيلينسكي من -تمرد مسلح- بعد الانسحاب
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|