|
مسلسل جريمة الختان (59) : الختان والزواج
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 13:51
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
العلاقة الزوجيّة مبنيّة على التفاهم وتلبية المصالح بين الزوجين، ومن بينها اللذّة الجنسيّة. وإذا ما أصاب العلاقة الجنسيّة ضرر، فإن ذلك ينعكس سلبيّاً على الحياة الزوجيّة. وهذا ما جعل البعض يرى أن الختان، خاصّة ختان الإناث، يؤدّي إلى الطلاق وتعدّد الزوجات.
تأثير ختان الذكور على الزواج ------------------- يرى باحث أمريكي أن ختان الذكور سبباً لتعدّد الزوجات وعلاقات جنسيّة خارج الرابطة الزوجيّة بحثاً عن اللذّة المفقودة. كما أنه قد يؤدّي إلى تفكّك العلاقة الزوجيّة والى الطلاق. ففد بيّنت دراسة أجريت على 4500 إمرأة أن 80% منهن غير راضيات عن علاقتهن بأزواجهن، وأن 90% من النساء اللواتي طلّقن بناء على طلبهن كان سبب ذلك الوحدة وفقدان المشاعر داخل الزواج، وأنهن كن يتمنّين لو أن زوجهن أكثر كلاماً معهن وأكثر إنفعالاً شعوريّاً. ويظهر ضعف الإنفعال الشعوري بدرجة أكبر عند الرجال من النساء. وسبب ذلك أن الذكور يلقون حناناً أقل من الإناث في صغرهم في الحياة العائليّة. وأحد مؤثّرات إنخفاض الإنفعال الشعوري هو حدوث صدمة. وكلّما كانت الصدمة في عمر أصغر، كلّما كان أثرها أكبر على صحّته النفسيّة. وهنا نرى دور ختان الذكور كصدمة تؤدّي إلى خلق مشاكل داخل الحياة الزوجيّة وتؤدّي إلى الطلاق. وقد بين البعض أن هناك علاقة بين نسبة الختان ونسبة الطلاق في الولايات المتّحدة، كما هناك علاقة بين إرتفاع نسبة الختان وارتفاع عدد غير المتزوّجين. هذا وقد بيّنت دراسة بأن الشراكة الجنسيّة بين المرأة وغير المختونين تدوم مدّة أطول من الشراكة مع المختونين بسبب الإلفة التي يحس بها الشريكين في العلاقة الجنسيّة. وهذا يبيّن صدق مقولة إبن ميمون بأن المرأة التي تمارس الجنس مع غير المختون يصعب فصلها عنه. وقد تنبّه مؤيّدو ختان الذكور لهذه النظريّة فحاولوا إثبات العكس. فقد ذكرت دراسة نشرت عام 1998 أن الختان مثل بتر أي جزء من الإنسان يؤثّر على الخلايا العصبيّة في المخ، خاصّة إذا تم ذلك البتر في سن مبكّرة. وهذا بدوره يؤثّر على التصرّف الجنسي للفرد، فلا يلغي الرغبة في الجنس ولكن يخفّفها. ونفس الأثر ينتج عن تخشّن الحشفة. فيكون الختان نوعاً من الخصي العصبي الضعيف. وتستشهد هذه الدراسة بقول إبن ميمون السابق الذكر في هذا المجال. ولكن هذه الدراسة ترى في ختان الذكور فائدة تساعد في بقاء الجماعة اليهوديّة: 1- إضعاف الشهوة الجنسيّة يقلّل من عنف الشباب وتنافسهم على النساء ممّا يمثّل خطراً على بقاء الجماعة. 2- إضعاف الشهوة الجنسيّة تجعل الرجل في مستوى المرأة التي هي أقل إندفاعاً من الرجل في العلاقة الجنسيّة. 3- هذا التساوي يساعد في الحفاظ على متانة الزواج ويقلّل من حالات الخيانة الزوجيّة. وتطرح هذه الدراسة السؤال لماذا إذاً لا تمارس كل الجماعات البشريّة الختان إذا كان في الختان فائدة جماعيّة؟ وتجيب بأن بعض الجماعات البشريّة تتّبع نظاماً بديلاً للختان لتهدئة الشباب، وهو إختلاط الذكور والإناث، بالإضافة إلى أن مناطق الشمال الباردة أقل إندفاعاً للجنس. وهذه الدراسة قد تأثّرت في النقطتين الثانية والثالثة بالفكر الإسلامي الذي ذَكَرْته في مقال لي وضع في مراجع تلك الدراسة. فقد عَرَضْت في ذلك المقال ما رأيناه في النقطة السابقة بأن المسلمين يرون أن ختان الإناث يضعف الغريزة الجنسيّة عند النساء ويساوي بينها وبين غريزة الرجل. وهذه الدراسة قامت فقط بقلب تلك النظريّة لصالح ختان الذكور.
تأثير ختان الإناث على الزواج ------------------ يرى عامّة مؤيّدو ختان الإناث، أن الغاية منه منع إنحراف البنت وتهذيب ميولها الجنسيّة. ويعتقدون أن الختان يؤثّر أيضاً إيجابيّاً على العلاقة الزوجيّة. يقول الدكتور حامد الغوّابي: «إن الرجل دائماً هو أكبر من زوجته في السن. وقد يكون الفارق بينهما عشر سنين أو خمس عشرة أو عشرين سنة أو أكثر كما نرى في بلادنا. فما بال هذا الرجل إذا بلغ سن الخمسين أو أكثر، وقد فتر نشاطه وضعفت حيويّته، وكانت زوجته لا تزال في سن الثلاثين أو أقل بأعضائها السليمة الحسّاسة؟! كيف لمثل هذا الرجل أن يحتفظ بصحّته وهو يجد أمامه زوجة لا تزال في عنفوان الشباب، قويّة الإحساس، وهو قد فتر إحساسه، شديدة الميل وهو قد قل ميله. فماذا تكون النتيجة؟ هنا يضطر الرجل إلى تناول المكيّفات كالحشيش، ولكن في الحالة الأولى التي تختتن فيها المرأة نصف إختتان، يكون إحساسها معقولاً، والزوج والزوجة في حالة متساوية». ولكن يرى المعارضون أن العكس هو الذي يحدث. يقول الدكتور ماهر مهران: «إن نسبة الضعف في التجاوب في التي أجريت لهن عمليّة الختان تصل إلى 54%. ويرجع هذا إلى إستئصال المناطق الحسّاسة اللازمة للتفاعل الجنسي. وممّا لا شك فيه أن عدم تجاوب المرأة في اللقاء الجنسي يؤدّي إلى مشاكل عديدة أوّلها عدم تواصل التعاون الجنسي بين الزوج والزوجة، ممّا يؤدّي إلى إحتقان مزمن في الحوض والألم وإفرازات مهبليّة بجانب التوتّر العصبي والنفسي. وقد أدّى ذلك في كثير من الحالات إلى مشاكل أسريّة عنيفة قد تنتهي بالطلاق. كما أن ذلك سبب من الأسباب الهامّة التي أدّت إلى إنتشار المخدّرات بين الأزواج متصوّرين أن في ذلك حلاً للمشكلة» ويضيف: «لا شك أن المشاكل الجنسيّة والنفسيّة الناتجة عن طهارة الإناث تنعكس على الزوج. وقد وجد أن 10% من الأزواج يشكون من ضعف أو قذف سريع كما أن 18% من الأزواج يستعملون المخدّرات ولا سيما الحشيش تدخيناً، كما أن 3% من الأزواج متزوّجون من زوجة أخرى حلاً للمشاكل الجنسيّة والأسريّة». وتقول الدكتورة سهام عبد السلام أنه في حالة الإحباط الجنسي المتكرّر قد يحدث إكتئاب لدى بعض السيّدات، أو قد يدفع ببعضهن للعصبيّة وإثارة النكد بلا مبرّر. وقد تنحرف من لم تحظ بتنشئة إجتماعيّة قويمة وتبحث عن أكثر من شريك لمحاولة الوصول إلى الإشباع الجنسي الذي ينقصها. وتقول طبيبة من «سيراليون» أن ختان الإناث يؤدّي إلى مشاكل زوجيّة، خاصّة في المجتمعات التي تمارس تعدّد الزوجات. فالختان يضعف التجاوب الجنسي مع ما يصاحبه من إضطرابات عقليّة. وهذا يصل إلى فقدان الرغبة في الحياة عندما ترى أن زوجها يتركها عاطفياً ليذهب إلى أخرى لعدم تجاوبها معه جنسيّاً. وتشير هذه الطبيبة أنها قامت بمقابلات مع 50 سيّدة مارست الجنس قَبل ختانها. وقد تبيّن بأن لا أحد منهن قد وصلت بعد الختان إلى مستوى اللذّة التي كانت تشعر به قَبل الختان. ولم تكن هذه السيّدات تعي أن سبب ذلك هو الختان. وقد حاولت بعضهن البحث عن الزوج المثالي متنقّلة من رجل إلى آخر ممّا أدّى إلى فقدان زوجها وخراب بيتها. وهكذا بدلاً من أن يكون ختان الإناث وسيلة لمنع العلاقة الجنسيّة خارج الزواج، أدّى ذلك الختان إلى نتيجة عكسيّة تماماً. هذا وقد ذكرنا أن الختان الفرعوني كما في السودان يخلق صعوبة لفتح فرج المرأة. والرجل الذي لا يتمكّن من فتح فرج زوجته في ليلة الزواج قد يصاب بشعور بعدم القدرة الجنسيّة. وهناك حالات إنتحار نتيجة لهذا. ويقدّر أن 20% من السودانيين الذين تزوّجوا إمرأة ثانية كان سببه عدم تحمّلهم فتح زوجتهم التي يخاط فرجها بعد كل ولادة بصورة أضيق. والمشكلة في هذا البلد هي أنه إذا وجد الرجل إمرأته غير مختونة، فإنه يفرض عليها الختان. وإذا إستطاع فتحها بسهولة، ظن أنها ليست بكراً فيقوم بتطليقها. وهناك إعتقاد بأنه إذا لم تكن المرأة مختونة، فإن زوجها سوف يسارع إلى إتّخاذ زوجة أخرى أو إلى التردّد على العاهرات. ويبيّن الدكتور محمّد سعيد الحديدي كيف أن ختان الإناث يؤثّر على تصرّفات النساء في المجتمع المصري وظاهرة الزار. يقول هذا المؤلّف: «ما أثر ذلك الحرمان [من اللذّة الناتج عن ختان الإناث] في نفسيّة المرأة؟ [...] إن المرأة التي فقدت أغلب حساسيّتها الجنسيّة والتي يصعب إمتاعها وقلّما يمكن إمتاعها لطول المدّة التي تحتاجها إلى ذلك، تصبح في ثورة نفسيّة كامنة وتزداد حدّة في طبعها وعصبيّة في مزاجها. [...] ومسكينة تلك المرأة البائسة التي تعبّر عن هذه الثورة بما نعرفه يا حضرات السادة، ونشاهده في بعض الأسر المصريّة، ألا وهو الزار. فالزار يا حضرات السادة نتيجة مباشرة لختان المرأة. وإلاّ فأجيبوني يا حضرات السادة، لما لم يعرف الزار إلاّ في بلادنا؟ ألا تسكن العفاريت إلاّ في مصر جنّة الله في أرضه؟ ما علمت من إمرأة عليها زار إلاّ وكانت مصريّة أو متمصّرة ومختتنة. حري بكم وبنا أن نوجد علاجاً لهذا النقص الإجتماعي في بيئتنا. وقد عرفتم السبب فعليكم بالعلاج». وكما طرح موضوع أثر ختان الإناث على العلاقة الجنسيّة، طرح كذلك موضوع مط البظر والشفرين كما تمارسه بعض القبائل. وقد ذكر كاتب إفريقي أن هذه العادة لا تترك أي أثر نفسي أو إجتماعي سلبي، لا بل إنها تساعد على زيادة اللذّة عند كل من الرجل والمرأة وتحمي المرأة من البرود الجنسي. كما أنها تجنّب المرأة خطر تحويلها إلى آلة إنجاب فقط. وعليه فإن هذه العادة هي عامل إتّزان نفسي وجنسي للمرأة وعامل تماسك بين الزوجين. لكن ممّا لا شك فيه هو أن هذه العادة إذا فرضت في الصغر تعتبر تدخّلاً في الحرّية الشخصيّة وخرقاً للحق في تقرير المصير الجنسي.
---------------------- سوف اتابع في مقالي القادم الجدل الطبي فيما يخص ختان الذكور والاناث. يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
اذا اردتم المناقشة أو وجدتم صعوبة في تحميل كتاب اكتبوا لي على عنواني التالي [email protected]
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسلسل جريمة الختان (58) : الختان والشذوذ الجنسي
-
مسلسل جريمة الختان (57) : الختان والمخدرات
-
مسلسل جريمة الختان (56) : ختان الاناث واللذة الجنسية
-
مسلسل جريمة الختان (55) : ختان الذكور واللذة الجنسية
-
مسلسل جريمة الختان (54): قائمة الأضرار الصحّية لختان الإناث
-
مسلسل جريمة الختان (53) : قائمة الأضرار الصحّية لختان الذكور
-
بعض كتبي التي قد تهمكم
-
مسلسل جريمة الختان (52) : الأضرار الصحّية لختان الذكور
-
مسلسل جريمة الختان (51) : ما سبب تتفيه أو تجاهل الأضرار؟
-
مسلسل جريمة الختان (50) : من فقد الرحمة فقد فقد كل شيء
-
مسلسل جريمة الختان (49) : لماذا لا نستمع الى ألم الطفل أو نن
...
-
مسلسل جريمة الختان (48) : هل يحس الطفل بالألم؟
-
مسلسل جريمة الختان (47) : لماذا يتم تتفيه ختان الذكور أو الإ
...
-
مسلسل جريمة الختان (46) : الختان عمليّة بتر عند الذكور والإن
...
-
مسلسل جريمة الختان (45) : تباين المواقف من ختان الذكور والإن
...
-
مسلسل جريمة الختان (44) : الختان بين الخطاب الديني والخطاب ا
...
-
مسلسل جريمة الختان (43) : تصادم رجال العلم ورجال الدين
-
مسلسل جريمة الختان (42) : عندما يتآمر رجال الدين مع رجال الط
...
-
مسلسل جريمة الختان (41) : عملية الختان ومصير الغلفة والصلاة
-
مسلسل جريمة الختان (40) : القائمون بالختان في الاسلام
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|