نص المؤتمر الصحافي للأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة

الحزب الشيوعي اللبناني

الحوار المتمدن-العدد: 1118 - 2005 / 2 / 23 - 11:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

يعيش لبنان لحظات مصيرية شديدة الخطورة، بعد عملية الإغتيال المروّعة التي ذهب ضحيتها رئيس الحكومة السابق الشهيد الكبير وفقيد لبنان رفيق الحريري.

وتأتي هذه العملية المجرمة في إمتداد تصعيد داخلي شديد بدأت مراحله الأولى اثر القرار 1559 الذي صدر بضغط أميركي ـ فرنسي في ظل أجواء التمديد لرئيس الجمهورية، إستخدمت وتستخدم فيه أقصى الإتهامات وأوضح التهديدات التي كان آخرها تلك الصادرة عن إجتماع بوش ـ شيراك في بروكسيل، وتبلور معه إستقطابان متأهبان ومتضادان حول الكثير من الأمور الأساسية في التوازنات والشؤون الداخلية وفي علاقات لبنان العربية والدولية.

كما أن هذه الجريمة تمت في مناخ مرحلة جديدة من صراع في المنطقة تأجج على نحو غير مسبوق بعد الإحتلال الأميركي للعراق، متحالفاً بشكل وثيق مع العدو الصهيوني وداعماً سياسات قادته، وعاملاً على إعادة رسم خرائط المنطقة بما يحكم السيطرة الأميركية على مصائرها وثرواتها الى أبعد حد ممكن من خلال تفتيتها الى دويلات أثنية وطائفية متناحرة فيما بينها.

وفي لحظة التوترين المحلي والإقليمي هذه، تتعاظم المخاطر وتتلبد سحب الفتنة، وتنكشف مجدداً عناصر الخلل، الكثيرة، في الواقع اللبناني. وهذه العناصر تكشف بدورها مسؤولية السلطة وكل الذين تعاقبوا عليها، عن العجز عن توفير عوامل الحصانة للبنان في وحدته وفي نظامه وتوازناته وعلاقات أبنائه بعضهم ببعض وعلاقاتهم بالآخرين. والسلطة المعنية هنا هي سلطة الراعي السوري والسلطة اللبنانية على حد سواء.

ونستطيع ان نجزم بأن مصدر الخلل الرئيسي إنما نجم عن عدة امور أساسية، بين أبرزها، عدم التنفيذ السليم لإتفاق الطائف في تكامل بنوده السياسية والأمنية، المتعلقة بتنظيم العلاقات اللبنانية ـ اللبنانية أو العلاقات اللبنانية ـ السورية. ولقد كان من شأن تنفيذ سليم لهذا الإتفاق في كل بنوده، أن يحصن الوضع الداخلي ويوفر الأساس الصحيح للعلاقات اللبنانية السورية، ويعيد بناء المؤسسات والوطن على أساس عصري وسوي بتحريرها من المحاصصة الطائفية والفئوية... كما كان من شأنه أن يجعل السيادة مسألة تأتي في إمتداد إنجاز التحرير، لا أن تبدو متعارضة معه او عبئاً عليه, وسط اضطراب وتناقض خطير في المفاهيم والعلاقات والمراهنات.

وما يذهب اليه إهتمامنا الكبير، الآن، هو كيفية الحفاظ على السلم الأهلي، من جهة، وكيفية صياغة عناصر الموقف الوطني الإنقاذي من جهة أخرى.

وبديهي أن الأمر الأول المطلوب، هو قيام السلطة بكل ما هو ضروري على صعيد التحقيق في كشف الجناة، ولو إقتضى الأمر الإستعانة بخبرات دولية توضع في تصرفها كل التسهيلات المطلوبة، من قبل السلطة اللبنانية. وندعو مجلس النواب الى تشكيل لجنة نيابية لمواكبة التحقيق القضائي مشكلاً من نواب حقوقيين متوفرين بوفرة في مجموعتي نواب الموالاة والمعارضة.

أما الأمر الثاني الضروري، وفوراً، فهو التخلي عن سياسة التصعيد السياسي والإعلامي، كتمهيد لخلق أجواء حوار يجب الإستعداد للإنخراط فيه دون تأخير. إذ أن المطلوب هو حوار داخلي لبناني ـ لبناني كبديل عن أشكال الحلول السابقة التي وضعها الخارج بديلاً عن اللبنانيين فتفقد صدقيتها مع تغير موازين القوى الإقليمية والدولية مما يعرض البلد لأخطار كبيرة.

ونرى أنه لا يجب أن يستبعد طرف أو موضوع عن هذا الحوار. فهو، كما نقترحه، حوار وطني بكل ما للكلمة من معنى ومضمون. والسلطة ملزمة بتأمين كل عناصر نجاحه، بدءاً بتأكيدها على الإلتزام بموعد محدد لإجراء الإنتخابات وعلى ضمان حيادها، وحياد أجهزتها الأمنية... وصولاً الى السعي لإقرار قانون ديمقراطي للإنتخاب علماً أننا لا نجد، في مطلق الأحوال أفضل من النظام النسبي، سبيلاً لتأمين تمثيل الجميع ولإمتصاص التوترات لإلغاء كل التدخلات الداخلية والخارجية، خاصة وان النقاش حول حجم الدوائر وتقسيم الأحياء كان جزءاً من التوتير الذي ساهم في انكشاف الوضع الداخلي اللبناني.

إن التطبيق السريع والمباشر لإتفاق الطائف هو قاعدة ما نتصوره من حوار وليس التصرف بإنتقائية مع بنود هذا الإتفاق أو أي صيغ أخرى غير مضمونه، من شأنها أن تولد الفراغ وتؤجج الصراع. ويقع في مقدمة بنود الحوار موضوع العلاقات اللبنانية ـ السورية وضرورة تنظيمها بإتجاه عزل وجودها العسكري والأمني عن الشأن الداخلي اللبناني، وتحديد موعد الإنسحاب ومدة الإنتشار، بالتوافق بين سلطتي البلدين، ومن ضمن مقتضيات الصراع الدفاعي مع العدو الصهيوني وليس لأي أمر داخلي لبناني إطلاقاً.

ويجب التأكيد أيضاً، على بحث مسألة البند الإصلاحي المتصل بتطوير النظام السياسي باتجاه آلية تكوين مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ يراعي الهواجس الطائفية، حسب ما جاء في المواد 22 و 24 و95 من الدستور اللبناني.

على هذه الأسس تطرح اليوم المبادرة التالية التي تنطلق من آليتين متلازمتين ومتزامنتين:

1. تقدم الحكومة إستقالتها، مع بدء عقد المؤتمر الوطني للحوار في مجلس النواب اللبناني وتكلف تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة من شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة والصدقية وتوحي بالثقة لدى الرأي العام اللبناني.

2. يعقد المؤتمر الوطني للحوار بدعوة من مجلس النواب وفي قاعات مجلس النواب.

3. جدول أعمال المؤتمر:

أ?. الإتفاق على تنفيذ البنود الباقية من إتفاق الطائف بشقيه، فيما يتعلق بالإنسحاب السوري من لبنان، والإصلاح السياسي الداخلي خاصة تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وإعتماد نظام ديمقراطي للإنتخابات قائم على النسبية خارج القيد الطائفي.

ب?. إقتراح تشكيل حكومة الوفاق الوطني للإشراف على الإنتخابات النيابية.

4. في أول إجتماع للحكومة وبعد أن تنال الثقة يؤخذ قراران متزامنان بـ:

أ?. سحب مشروع قانون الإنتخاب من المجلس النيابي وتقديم مشروع جديد قائم على إعتماد لبنان دائرة واحدة مع النسبية، أو المحافظات مع النسبية ودون قيد طائفي مع إستصدار قانون إنشاء مجلس الشيوخ.

ب?. تطلب الحكومة عقد إجتماع للمجلس الأعلى اللبناني السوري يتفق خلاله على إنسحاب القوات السورية الى البقاع كمقدمة للإنسحاب الكامل لهذه القوات. تجري الحكومة الجديدة تعيينات أمنية وقضائية على قاعدة منع التدخل السياسي لهذه الأجهزة من جهة، ورفع الوصاية السياسية عنها من جهة أخرى.

5. ينظم عقد إجتماعات للمجلس الأعلى واللجنة الإقتصادية الإجتماعية للتدقيق في الإتفاقات اللبنانية ـ السورية مع الإستعانة بخبراء أكاديميين من الدولتين.

6. تعقد اللجان الأمنية والعسكرية المشتركة إجتماعات مكثفة لدراسة كيفية تنفيذ ما تبقى من إعادة إنتشار للقوات السورية على أساس قرار إتفاق الطائف وإعداد جدول زمني لتنفيذ ذلك يعلن عنه قبل الإنتخابات النيابية.

7. إجراء الإنتخابات المتزامنة للمجلس النيابي ولمجلس الشيوخ الأول على أساس النسبية وخارج القيد الطائفي والثاني مع القيد الطائفي وعلى أساس الدائرة الفردية.

8. يطرح ضمن جدول أعمال اللقاء بحث البنود المتعلقة، بالمقاومة آفاقاً ودوراً ومهام. وكذلك بموضوع المخيمات الفلسطينية في لبنان ضمن سقف القرار 194 وتأمين الحقوق المدنية وتفاهم على الوضع الأمني في المخيمات ضمن مقتضيات بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. كل ذلك إنطلاقاً مما حدده إتفاق الطائف من تأكيد على عروبة لبنان وموقعه العربي في إطار الصراع العربي ـ الإسرائيلي ضمن قدراته وطاقاته.

9. يبحث المؤتمر الوطني بالوضع الإقتصادي الإجتماعي وتعقيداته مما يخفف من الإنعكاسات الإجتماعية على الفئات الشعبية وكذلك للحد من هجرة الشباب الى الخارج.

إن حزبنا سيجري اتصالات واسعة، بمشاركة القوى التي تنطلق من الحرص ذاته والمواقف ذاتها، وهذه الإتصالات ستطال جميع القوى السياسية في ما يسمى بالمعارضة أو الموالاة. وبعد تقييم نتائج هذه الإتصالات سيكون لنا مواقف عملية أخرى دفاعاً عن السلم الأهلي بوجه كل عوامل التوتير وتحصيناً للوضع الوطني.

بهذه الطريقة نعوض عن غياب الشهيد الكبير، إذ نجعل من إستشهاده إنطلاقة لإنقاذ الوطن وليس جسراً للعبور نحو المجهول المخيف.

#الحزب_الشيوعي_اللبناني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات