أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)














المزيد.....

أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3836 - 2012 / 8 / 31 - 08:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يستطع علي الديري أن يغادرَ المذهبيةَ الاجتماعية وظلت متأصلةً فيه قويةً لأسبابٍ تتعلقُ بضعف رؤيته الفكرية القائمة على انتفاخٍ ذاتي بلا تأصيلٍ عميق ولمجرد بعض الكتابات الصحفية وندرة من الكتابات الفكرية.

فعلى الرغم من بداياتهِ المتواضعة لكنه يقارنُ بين ذاته وبين المفكر محمد أركون، وفي كتيبٍ احتفالي بأركون يقومُ بطرحِ سيرته الفكرية الشخصية، لكن من خلال هذا الطرح غير المتكافئ نقرأُ هذا العجزَ المتأصلَ عن الخروج من المذهبيةِ الاجتماعية المحافظة:

(لقد بنى هذا الحدلا في ذاتي يقيناً صلباً، وتسليماً جاداً، واعتقاداً أرثوذكسياً لا يشك أبداً في صحة الجماعة الدينية التي أنتمي إليها، ولا يخالطهُ الشكلا في فوزها الأخروي)، الخروج على الحسّ المشترك، قراءات في مشروع أركون، ٢٠٠٢، مركز الشيخ إبراهيم بن محمد الخليفة).

ويضيفُ: (وقد عضد من فرط هذا الحس قراءتي المبكرة جداً (المرحلة الثانوية) كتاب محمد التيجاني (ثم اهتديت) الذي يروي فيه رحلته العقائدية في التحول من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، ووجدتُ في خطابهِ نموذجاً اقناعياً مبهراً لممارسة هذه العقلانية المركزية ولطريقة صناعتها للحسِّ المشترك)!

هذا الرجلُ يحتفلُ بمحمد أركون فيخنقُهُ خنقاً!

إن منهجَ محمد أركون فيه الكثير من الالتباسات المعتمدة على قراءات تجريدية للنصوص والاستناد إلى التعميمات كالعقل والذات إلا أنه يختلف عن دعاة المذهبية الاجتماعية المحافظة الذين لا يزالون في عالم الثقافة التقليدية وأن تحدثوا بشعاراتٍ فيها بعضُ طلاءٍ من الحداثة، يقول أحد الباحثين:

(يرى أركون أن الفكر الإسلامي المعاصر، المرتبط بأيديولوجيا الكفاح، غير قادر على الدخول في هذه القراءة النقدية - التاريخية للتراث، لأنه يعمد أكثر إلى استغلاله أيديولوجياً من أجل تجييش الجماهير. ويضرب أركون مثلاً على ذلك بالثورة الإسلامية في إيران، التي، وإن رافقتها عودة لمظاهر وعلامات ثقافية «إسلامية»، إلا أنها تظلُ بعيدة عن كل دراسة علمية لهذا التراث الديني، إن لم تقف ضد تحقيق ذلك. إن أركون يطالب بمقاربة جديدة للحقيقة الدينية، تقوم على تحليل مستوياتها اللغوية والسيميائية والتاريخية والسوسيولوجية والأنثروبولوجية والفلسفية، بهدف الخروج وتجاوز خطاب الاكتفاء الذاتي)، محمد أركون والنقد المزدوج، عبدالكريم الخطيبي.

قراءةُ أركون هي قراءةٌ لفئاتٍ وسطى غيرِ متبلورة في تحليل بُنى الماضي، لكنها تقومُ بقطيعةٍ معرفيةٍ مع ثقافةِ المحافظة الدينية، لكن علي الديري لا يقومُ بذلك.

ومن هنا فهو لا يفهم التصدي النقدي لظاهرات التبعية لرجالِ الدين والحكم، ولهذا تحدثُ لديه وأمثاله من المنساقين للمحافظين الدينيين مجموعةٌ من الإشكاليات، فهم مندفعون مع أناسٍ بشكلٍ عاطفي اجتماعي حاد، لأنهم عاشوا معهم في ظل العبادات والحياة وتحت قيادتهم، وهؤلاء يصنعون خطابات دينية ملتبسة سياسياً لا تقرأُ تضاريسَ البلد والشعب والمنطقة ولا تقيمُ جدولاً تاريخياً للتحولات والمطالبات، مبنياً على هذه القراءة المناطقية السياسية التاريخية، فهي لا تستطيع الاستقلال عن تداخل المحورين العربي والإيراني، بل تخلطُ نفسَها فيهما، فتضّيعُ السنوات والعقودَ في تجريبٍ بالغ الخطورة وتضيعُ الشبابَ والشعبَ وهي لاتزال في نفس المكان الذي بدأتْ منه رغم المغامرات والمشكلات والآثار السلبية على الجمهور منذ عقدين وأكثر.

ولا يتطلب الأمرُ فقط استيعاب منهجية أركون هذه بل تجاوزها عبر قراءة المذاهب وتحليلها عبر البُنى الاجتماعية التي نشأتْ فيها، وكيف عرقلتْ قراءاتُها السياسيةُ المحافظة تطورَ كل شعب في سيرورته الخاصة كذلك.

ولا يتمكن متعلم مثل علي الديري الجامعي أن يكون أفضل من المتعلمين الخام الذين لم يغربلوا المناهجَ برؤى نقدية تاريخية موضوعية، وأن يسهم في تشكيل ثقافة مستقلة للفئات الوسطى المستنيرة الديمقراطية عبر رؤية هذه السيرورة التاريخية وتنوعها في كل شعب وفي مسار الأمم الإسلامية عامة، بسبب قراءته الأكثر تجريداً من قراءة أركون ولضعفِ أدواتهِ في تحليل البُنى الاجتماعية والصراعات السياسية الطبقية. ولهذا يخلطُ بين النقدِ من مواقع التحول، والنقد من مواقع رفض التحول، وبين النقدِ من مواقعِ الديمقراطية، والنقدِ من مواقع الشمولية، لأن التراكمَ المعرفي الديمقراطي مفقودٌ لديه، ولأنه يريد أن ينصهر المختلفون معه في شموليته. يقول:

(كنت أرى الأقلام (المخضرمة) في الصحافة، تنسف ما تبقى من إنسانيتها، وتخيط ما ترقع به (هرمها) الذي استقر في ثوب الطاعة والولاء. الاستقرار الذي صار يدرّ عليها رفاهيةً مريحة وغير مكلفة. هذه الأقلام التي لفرط ما هرمت، لم تعد تستوعب، ولا تقبل، معنى أن يثور الشباب، وأن ينتفضوا لصناعة غد مختلف، حتى وإن كانت بعض هذه الأقلام منخرطة في تنظيمات ثورية في السبعينيات) السابق.

هذا الرجلُ الذي عاشَ في كنف الوزارات والصحافة سنين وأسس بيتاً ومصلحةً وليس مدرسة فكريةً ولم يواجه مشكلات اقتصاديةً وسياسية ويعريها، يتكلمُ بهذه اللغة المتعالية عن أناس قضوا سنوات في السجن وكانت حياتهم في العمل السياسي الفكري ولم يحظوا بشيءٍ مما حظي به، ثم (يثورُ) مدةِ شهرٍ واحد فقط في حياته ويخرج من البلد ثم يطالبهم بإلغاءِ عقولهم النقدية الحريصة على الشباب بل يشككُ في أمانتهم الوطنية النضالية التي كرسوها خلال عقود.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمةُ مثقف
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة
- النقدُ الذاتي وليس المراوغة
- خارجَ الطائفةِ داخلَ الطبقة
- بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية
- تدهور الثقافة في البحرين
- عالمُ المماحكاتِ
- تقاسمُ المستعمراتِ الإسلامية
- التنظيمات والبالونات
- تناقضات المنطقة
- مساعدةُ الثورةِ السورية واجبٌ قومي إنساني
- الديمقراطيةُ الشموليةُ


المزيد.....




- رجل حاول إحراق صالون حلاقة لكن حصل ما لم يتوقعه.. شاهد ما حد ...
- حركة -السلام الآن-: إسرائيل تقيم مستوطنة جديدة ستعزل الفلسطي ...
- منعطف جديد بين نتنياهو وغالانت يبرز عمق الخلاف بينهما
- قرارات وقرارات مضادة.. البعثة الأممية تدعو الليبيين للحوار
- سعودي يدخل موسوعة -غينيس- بعد ربطه 444 جهاز ألعاب على شاشة و ...
- معضلة بايدن.. انتقام إيران وجنون زيلينسكي
- بيان روسي عن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى
- -كتائب المجاهدين- تستهدف القوات الإسرائيلية بقذائف هاون من ا ...
- إعلام عبري يكشف عن خرق أمني خطير لوحدة استخباراتية حساسة في ...
- ليبيا.. انتقادات لتلسيم صالح قيادة الجيش


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)