بن جبار محمد
الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 22:41
المحور:
المجتمع المدني
موتوا بغيظكم..قالها أنصار الرئيس و هم يواجهون حركـة الإحتجاج المتنامية في أرجـاء البلاد بتسليم المشروع الضخم -مسجد الجزائر الأعظم - للشركة الصينية سيئة الصيت و الموضوعة في اللائحة السوداء للبنك الدولي بسبب قضايا الفساد التي تورطت فيها في مناطق عديدة من العالم وخاصة بعض دول آسيا و إفريقيا . هل نحن فعلا بحاجة لأعظم و أكبر مسجد و أعلى منارة في العالم و بتكلفة خيالية تتجــاوز مليار أورو ؟ هل المسجد الأعظم في صدارة الأولويات حتى ترصــد له هذه المبالغ الخيالية بينمــا الخدمات الصحية في المستشفيات الجزائرية تعتبر من أسوأ الخدمات الصحية مع ندرة حادة في الأدوية تهدد سنويا ملايين المرضى .المسجد الأعظم يأتي في فترة زمنية تزيد البطــالة بمعدلات كبيرة بين صفوف خريجي الجامعات و ذوي الشهادات و يشهد غليان في المشهد الإجتماعي العام لغلاء المعيشة و تضاعف الأعباء المعيشية للمواطن البسيط جـراء إنهيار قدرته الشرائية و وضع إقتصادي ريعي مفلس لا يتماشى مع الإقتصاديات الحديثة رغم توفر كــل المقومات لتحديث العجلة الإقتصادية و تأمين الطلب لملايين البشر من حاجياتهم .
المسجد الأعظم سيبنى في فترة متزامنة مع إنهيار المنظومة الجامعية و التعليم العالي بسبب الإهمال المتعمد و المقصود و تدني المستوى العام و هجرة الكفاءات التي لم تهضم السياسات الفجة و المرتجلة على مستوى القطاع ناهيك عن البحث العلمي و تمويله و توظيف نتائجه ..
أموال الخزينة العامة المقدرة بألف مليون أورو ستستعمل في أكبر عملية تزيين للعهدة الرئاسية المباركة لمرفق يأتي في أسفل الأولويات و لا ينتج دينــارا واحدا إضــافيا بل سيصبح مرفقا مكلفا يبتلع أموالا كبيرة كنفقات تقتطع من ميزانية الدولة لصيانته و تشغيله و تسييره وتطهيره و أمنه ..زيادة على الأضرار البيئية التي ترافق بناء المسجد الأعظم و بعده..
الرئيس و أنصــار الرئيس الذين يدافعون بإستماتة عن المشروع سيتملصون منه و يمسحون أيديهم من الأخطــار المحدقة به من كــل جانب إذا عرفنا أن الأصولية الجزائرية التي ترعرعت في المساجد الفسيحة و المكيفة في نهاية الثمانينيات ستجد لهـا أخيرا مــأوى أفضــل لــلم شملها و إعـادة تفريخهــا و تحديثها مما يتماشى و البؤس الإجتماعي و تردي الخدماتي العام للدولة .
سيضـاف المسجد الجزائر الأعظم لقــائمة المشــاريع الأكثر تبذيرا للمال العام و سيبقى مثــالا صارخـا للسياسة العرجاء وغير الرشيدة و غير المتبصرة للشأن العام و وصمة عــار للطبقــة السياسية بكل أطيافها .
#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟