أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - طارق حميد امين - الإشكالية الفكرية















المزيد.....

الإشكالية الفكرية


طارق حميد امين

الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 06:27
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


الإشكالية الفكرية

لقد نتج عن التطور التاريخي لمجتمعنا العربي أشكال عديدة من العلاقات الاجتماعية التي لا ترتقي إلى طموح حركة التحرر بفعل تسلط طبقات عديدة لا تخرج عن التصور شبه الإقطاعي العشائري ولم يسمح التطور اللاحق بجذب المجتمع العربي لوجود رأسماليات وطنية لم تأخذ على عاتقها مهمة بناء المجتمع العربي الحديث وتحقيق تنمية صناعية وزراعية، ان بقاء مجتمعنا العربي في ظلام التخلف والتأخر هو انعكاس لهيمنة استعمارية طويلة الأمد إلا أن حركة التحرر العربي ذات الميول الثورية احتلت موقعا هاما في حركة التحرر الشامل من كل أشكل الاضطهاد القومي والاجتماعي والاقتصادي في محاولة لردم الفجوة العميقة التي تفصلنا عن التطور للخروج من إشكالية التخلف بالاعتماد على الخيار الاشتراكي مدخلا للتغير بعد إغنائه بمنجزات الفكر الاشتراكي المعاصر وفق الخصوصيات الوطنية والقومية باعتباره البديل للتخلف وللهيمنة الرأسمالية الاستعمارية حيث تكونت عبر تاريخ وتراث امتنا العربية ممهدات تقبل الفكر الاشتراكي بتسامي أميتها واتساع أفق قوانين الاستنباط والقياس لدى المواطن العربي والسعة خياله وطبيعة فطرته التي جبلت على مشاعية ضرورات الحياة كالماء والكلاء والنار التي ساهمت في نشوء تيارات فكرية وسياسية اشتراكية تصدرت النضال الوطني بشكل متفاوت مكونة في إطارها العام إشكالية الفهم الخاطئ لبعض التطبيقات النظرية التي شكلت بمجملها حالة الاغتراب في الفكر الاشتراكي العربي نتيجة احتدام الصراع الطبقي بين توجهات الكادحين من جهة وبين الإقطاع والرجعية وقوى التخلف من جهة أخرى والتي رفعت شعار معادات الشيوعية لعزل الجماهير العربية عن التأثير المتبادل مع الفكر الماركسي وقوانينه وأحكام تفاعلاته الجدلية لحرمان الطلائع السياسية العربية من توظيف النهج الماركسي في النضال التحرري القومي بإشاعة التوجهات الخرافية وتشويه الحقائق العلمية للاشتراكية وعلى الرغم من الكم الهائل من الاحتراب الأيدلوجي العربي إلا أن الأفكار الماركسية تجذرت في الوطن العربي ولا يمكن لآي تيار سياسي او سلطة شمولية مهما اعتمدت من وسائل تشويه وتلفيق من قبل أعداء الشيوعية والمرتدون والخونة من ان تشطب على مسار الحركة الشيوعية العربية في أي إقليم من الوطن العربي على الرغم من انها تستطيع ولفترة معينة من ان تهمش دور وفاعلية هذه الحركة لأنه أثناء تسلم هذه القوى للسلطة تعمد الى تهميش دور كل الجماهير وليس الحركة الشيوعية وحدها.
لقد ساهمت الأحزاب الشيوعية العربية في بلورت الوعي الاشتراكي العربي في مرحلة مبكرة مكرسة القيم الاشتراكية باعتبارها البديل الإنساني الذي يرفد العدالة الاجتماعية والحرية بديلا عن الاستغلال والاضطهاد واستعباد الشعوب وتبنت الماركسية كنظرية اعتمدت على التراث الإنساني في مختلف اتجاهاته ومدارسه الفكرية وأضافت بعدا جديدا استند الى رؤية ضبابية إلا انها مع هذا امتلكت الأداة النقدية الثورية التي أدت الى انعطافه ليس في حياة الشعوب العربية فقط بل في وعيها ألا ان العديد من الأفكار التي شابت التطبيقات النظرية لمختلف المواضيع الماركسية أدت الى إشكالية فكرية نتيجة للاتجاهات العامة لبعض الآراء التي كانت تعتبر من المسلمات التي لا يمكن المساس بها والتي يجب مراجعتها بشكل موضوعي لإعادة الاعتبار للفكر الماركسي الذي شابه الكثير من التشوهات منذ ثلاثينات القرن الماضي والتي جرى الترويج لها على أساس كونها أيدلوجية الدولة الاشتراكية والتي استمدت شرعيتها من قوة الدولة السوفيتية التي وقفت ضد آي محاولة تحديث للفكر الماركسي واستنباط صيغ جديدة وفق الخصوصيات الوطنية والقومية بفعل القراءة الخاطئة التي اعتمدت على دمج النهج بالنظريات التي ولدها في تطبيقاته المختلفة حيث تشكل هذه النظريات نسق من المعرفة المعممة لتفسير الجوانب الافتراضية سواء كان موضوعها الطبيعة ام المجتمع.
وانطلاقا من هذا فان الماركسية لا يمكن ان تكون نظرية بل منهج معرفي أي وسيلة او طريقة للمعرفة العلمية الصحيحة لأنها منهج مادي جدلي تاريخي وعلى العكس من هذا عندما تعتبر نظرية ستتوقف عن التطور وتتحول الى مصدر لتجميد عقول معتنقيها. فالتأكيد على الفصل بين المنهج والنظريات التي ولدها هو الشرط الأساسي لأولى مراحل التحرر الفكري من الجمود العقائدي لان النظريات هي نتاج مناهج معرفية وهي غير قادرة على التطور بذاتها بل تنفى من قبل نظريات احدث منها. فالماركسية منهج معرفي يولد في تطبيقاته الاجتماعية العديد من النظريات والأفكار التي يمكن ان تعطي في ظروف مختلفة نظريات وأفكار مختلفة قد تنفي الكثير مما قد تم التوصل أليه لذا فان التمسك بنصوص ومقولات معينة وإعطائها صفة الإطلاق النظري خارج حدود الزمان والمكان ومحاولة تطبيقها على واقعنا العربي المختلف بشكل قسري هو استلاب للنهج الماركسي لأنها جاءت حصيلة دراسة واقع مختلف عن واقعنا العربي وان طبيعة الصراعات في مجتمعنا تتمايز عن طبيعة الصراعات في المجتمع الأوربي مما أدى هذا الى مشكلات أساسية في التشخيص والاستنتاج فالأخذ بالدور القيادي للطبقة العاملة في مجتمعنا العربي غير الصناعي على الأعم او في طور التكوين يتناقض والواقع الأوربي الصناعي، فطبيعة مهام الصراع الطبقي والوطني والقومي تختلف عن طبيعة مهام الصراع في الغرب فالاستعمار أعاق تطور المجتمع العربي وساهم في خلق برجوازية مشوهة وتابعة أعاقت استكمال التحرر وإنجاز عملية النهوض والتقدم
الاجتماعي للامة العربية بترسيخ برنامج اليمين الاجتماعي.
لقد أفرز واقعنا العربي ازدواجية الصراع حيث التداخل بين مهام الصراع الطبقي والنضال الوطني والقومي التحرري الذي شكل الدافع الرئيسي للانتماء العربي للماركسية بالإضافة الى ان المجتمع العربي مجزأ وكان خاضع الى اكثر من مستعمر مما أدى الى وجود طبقة عاملة عربية مجزئه في العديد الأقطار العربية التي تحررت شعوبها بشكل متفاوت ومستقل مما دفع بالأحزاب الشيوعية العربية الى ان
تكون أسيرة النضال القطري الذي أضعف من نشاطها القومي المشترك.
فالصراع الطبقي في الأقطار العربية يتمايز عن الصراع الطبقي الذي صوره البيان الشيوعي بالإضافة الى ان الرأسمالية أثبتت قدرا كبيرا على التطور والتكيف والعولمة الراهنة هي شكل من أشكال هذا التطور والتكيف ألا ان الطابع الاستغلالي للرأسمالية يزداد حدة ووحشية وأتساعا أما الأطروحات التي تقف بالضد من الرأسمالية فتبقى قائمة ومستمرة حسب ما وصفها البيان الشيوعي على الرغم من ان الواقع الحالي أظهر عدم تطابق تحليلات الماركسيين الأوائل. اما بخصوص الاعتماد على المقولات والافتراضات الحتمية كمقولة الحتمية التاريخية لتطور التركيبة الاجتماعية الى الأعلى والتي تستند الى فهم فلسفي عام يشير إلى السلم الحلزوني المتصاعد للتشكيلة الاجتماعية حيث من غير الممكن ان يتراجع المجتمع الإقطاعي الى المجتمع العبودي ولا المجتمع الرأسمالي الى المجتمع الإقطاعي وكما تؤكد هذه الحتمية انتصار الاشتراكية وعدم تراجعها نحو التشكيلة الرأسمالية إلا إن الذي حدث هو ارتداد منظومة اجتماعية بأكملها الى الخلف جاء هذا {بالإضافة الى العديد من العوامل الأخرى} نتيجة التمسك بهذه المقولات كحقائق مطلقة من خلال أساءت فهم عمومية القانون للتشكيلات الاجتماعية، فالتشكيلات السابقة للاشتراكية تشترك جميعها في سمة أساسية هي الملكية الفردية لوسائل الإنتاج أما التشكيلة الاشتراكية فتختلف عن السمات الأساسية السابقة لهذا فأن القانون العام للتطور لا يمكن تطبيقه هنا بل نحتاج الى قانون خاص يثبت هذا الاختلاف النوعي في إطار التطبيق الاشتراكي وهنا يجب التفريق بين ما هو فلسقي ونظري وبين ما هو سياسي معبر عن المصلحة الآنية للدولة الاشتراكية التي اعتمدت الماركسية كأيدلوجية وهذا الالتزام أدى الى التعارض مع مصالح التقدم الاجتماعي الذي انعكس مع التراكم سلبا على مستوى حياة الكادحين لان الماركسية حين تعتبر أيدلوجية ستشكل عائقا في طريق تطور القوى المنتجة أي في طريق التقدم الاجتماعي لان الماركسية لا تنطلق من مصالح الطبقة العاملة بل لان مصالح الطبقة العاملة تنسجم مع مصالح التقدم الاجتماعي، فالماركسية تشكل السلاح النظري للطبقة العاملة التي قد تتعارض مصالحها الآنية مع مقتضيات التقدم الاجتماعي، ففي حالة توظيف الماركسية كوعي طبقي محدد الإدراك {أيدلوجية} سينجم عن هذا التوظيف إجراءات محددة تدفع باتجاه يؤدي الى الوقوف ضد مصالح التقدم الاجتماعي وهذا ما يتعارض مع الرؤية العلمية التي تؤكد على عدم التعارض مع التقدم الاجتماعي. اما فيما اذا وظفت الماركسية كمنهج معرفي وكأفكار للتقدم الاجتماعي وليست كأيدلوجية وهذه الرؤية هي الصحيحة لأن الجانب المعرفي للماركسية هو العام اما الجانب الأيدلوجي فهو ناتج عن عدم تعارض مصالح الطبقة العاملة مع مصالح التقدم الاجتماعي. اما فيما يخص إشكالية بعض التطبيقات النظرية ومحاولة فرضها على واقعنا العربي والتي تستدعي ضرورة أدراك الأخطاء الفادحة التي تنجم عنها ومن هذه التطبيقات التمسك بحرفية النص، فالآخذ بمقولة التطور اللارأسمالي للانتقال الى الاشتراكية في مجتمعنا العربي الزاخر ببقايا العلاقات الإقطاعية وفي بعض أقطاره لم تنجز مهام التحرر الوطني بالإضافة الى عدم أدراك دور العامل الروحي والديني في التطور الاجتماعي والتمادي في تغيب دور الوحدة العربية والتكامل الاقتصادي العربي وتحديد مسار التطور الاجتماعي وفرضه على مجتمعنا العربي المغاير غير صحيح لان من الصعب ان تسير جميع المجتمعات عبر هذا المسار المحدد سلفا بشكل مطلق لان هذا التحديد فلسفي عام غير تفصيلي وغير ملزم في اغلب الحالات فالمجتمع العبودي منقول عن فكرة المدن الأوربية القديمة في روما وأثينا وبيزنطة وكذلك التشكيلة الإقطاعية منقولة عن الواقع الأوربي الذي يختلف عن نمط العلاقات الإقطاعية في مجتمعنا العربي الذي يعتمد على مصادر الري الموحد في العديد من أقطاره التي آدت الى توحيد نمط الإنتاج والأسواق. كما ان اعتماد مقولة الاقتصاد محرك التاريخ التي وضعت الأحزاب الشيوعية العربية في تناقضات أساسية عزلتهم في بعض الاحيان عن مجمل حركة المجتمع العربي لان القوانين الخاصة والفاعلة في عملية تحريك التاريخ لمجتمعنا العربي تختلف بالتأكيد عن بقية المجتمعات فهناك عوامل محلية بعضها قد تكون ذات تأثير هامشي وفي مجتمع آخر تلعب دورا محليا طاغيا.
ان الاستناد الى مقولات ونصوص نتيجة ظروف وواقع مختلف آدت الى العديد من الاشكاليات الفكرية لأننا لسنا بحاجة أليها في تطبيقاتنا ان لم يكن بعضها ضارا لنا على الرغم من انها صحيحة فلسفيا في إطارها العام إلا أنها غير ملزمة لنا في تطبيقاتها على واقعنا العربي فالإرهاصات الفكرية التي دفعت بالفكر الماركسي العربي في الكثير من جوانبه التي تشكلت عبر رؤية ضبابية منساقة تحت تأثير معطيات الماركسية السوفيتية التي بلورت نسقا من المفاهيم الخاطئة التي لا تنسجم والواقع العربي فالعديد من جوانبه تتطلب صياغة جديدة من خلال تحليل تناقضاته باستخدام المنهج الماركسي لانتاج القوانين الخاصة به وتحديد العناصر الفاعلة في تطوره.



#طارق_حميد_امين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الجذور التاريخية للطائفية في العراق لهادي العلوي ظ ...
- حقوق الإنسان
- العولمة الثقافية
- ابن عبدكه


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - طارق حميد امين - الإشكالية الفكرية