أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - جعفر المظفر - الحمار الطائفي














المزيد.....

الحمار الطائفي


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3833 - 2012 / 8 / 28 - 19:51
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


الحمار الطائفي
بقلم جعفر المظفر

فن الكاريكتير هو فن خطير وخاصة حينما تكون الريشة بيد فنان مقتدر يحاول من خلال النكتة السوداء أن يلاحق ظاهرة اجتماعية أو سياسية لكي ينتقدها أو يهاجمها بطريقة جميلة وسريعة ومؤثرة. بعض الرسوم الكاركترية بإمكانها أن تفيد في إيصال الفكرة بسهولة, وتترك أثرها لزمن طويل في عصر تكاثر فيه الكتاب عن طريق الإنشطار لا عن طريق الولادات الصعبة.
آخر الرسوم التي أثارت الإنتباه وأقدم كثيرون على إعادة إرسالها في البريد الألكتروني أو نشرها على صفحات تواصلهم الاجتماعي هو ذلك الرسم الذي يظهر فيه شخصا برأس حمار وهو يحدث صديقه عن هذا التحول الذي حدث له منذ أن صار طائفيا.

برغم نوايا محاربة الطائفية التي تكمن خلف نشر رسم كهذا, وتلك التي دفعت الفنان للتعبير عن كراهيته للطائفية بهذا الشكل, فإني أجد أن ثمة ما يجعل من الصورة غير دقيقة بالتعبير عن المعنى.
لقد جرت العادة أن نستعمل كلمة الحمار للشتيمة أو للإنتقاص من ذكاء الآخرين, لكن رجلا كرديا عراقيا من كردستان العراق جاء ليخبرنا بأن الصورة النمطية للحمار يجب أن تتغير. ولقد ذهب هذا الرجل إلى تشكيل حزب بإسم حزب الحمير, ثم راح يشرح أفكاره بشجاعة وثقة من خلال مقابلات وندوات مصورة ومذاعة ومكتوبة, ثم أعلن عن نيته لدخول الإنتخابات البرلمانية المقبلة, وأقام بمساعدة أحد الفنانين الأكراد نصبا لرأس حمار وهو يشرأب بنظرته إلى الأعلى في لقطة ستحسده عليها رؤوس الكثير من الشخصيات التي لم يفلح ناحتوها في تصوير مشهد الفخر ذاك كما جسده رأس الحمار ورقبته المشرئبة.

هو يقول,أي الأمين العام لحزب الحمير, وأجده على حق فيما يقول, أن من المعيب ومن الجحود أن نرد جميل الحمير بهذا الشكل, فالحمار طالما خدم الإنسان كثيرا وإرتضى بأقل من القليل, حشائش للأكل وماء حتى ولو كان متخما بالعفونة, ثم إذا به يعود بعد كل توقف بسيط لحمل أثقال الإنسان ويتحمل ضربه وإهاناته.
ومنذ القدم كان الحمار وسيبقى واحدا من أبرز وسائل النقل التي قدمت للإنسان خدمات لا تنسى في زمن السلم أو في زمن الحروب. ولم يتعود الحمار على الشكوى مطلقا إلا إذا أحس بأنه يكاد يهلك جوعا أو تعبا أو تألما من شيء مرهق أو مؤذي بإفراط. وحتى في شكواه البريئة المحقة بتنا نستهجن من بشاعة صوته, ونسرع لإدانته على طريقة إن أنكر الأصوات لصوت الحمير, متغافلين عن إمكانية أن لا يكون هذا الوصف من قبل الخالق قد جاء بصفة الإستهجان, لأن معنى ذلك أن الله يستهجن ما خلقه, , فالإدانة هنا قد تكون للإنسان وليست للحمار, للسلوك المقابل الجاحد من قبل الإنسان وليس لنبرة الشكوى التي كان الله من خلقها وأراد بها أن تكون عالية وربما مزعجة لكي يسمعها الإنسان فيمتنع عما يمكن أن يتسبب بها.

إذن الحمار هو ليس بالمعنى الذي جاء به راسم الكاريكتير ذاك, وإن أراد منه أن يعبر عن مقدار الغباء الذي يجسده الحمار لكي يسقطه على الطائفي. هذا الرسام وبحدود النية الطيبة ومن خلال الثقافة النمطية التي إعتدنا أن نتعرف على الحمار من خلالها أراد أن يدين الطائفية بقوة. لكن تحت سطح تلك الإدانة مباشرة أجد أن هناك ثمة ضعف كبير. فالطائفيين بجدود التبويب العام هم نوعان من البشر: الجهلة الغوغاء الذين عومت عقولهم بإتجاهات مقصودة, وهؤلاء هم الحمير الحقيقين بالمعنى الذي أغفل الرسم توضيحه. هم حمير لأنهم لا يستطيعون فهم الطائفية على حقيقتها ويسيرون كما الحمير بأمر مالكهم الشرعي, الذي قد يكون سياسيا أو رجل دين, فإذا إحتجوا فسيصدرون صوتا منكرا كما صوت الحمير ليعودوا بعد ذلك إلى سيرتهم الأساسية كحمالي أثقال عائدة لسيدهم الطائفي.. هؤلاء هم جميعا من حزب الحمير.
أما القسم الثاني من الطائفيين فهم الذين يشكلون إساءة لكل مخلوق إنسانا كان أم حمارا, ويشمل هولاء كل سياسي أو رجل دين يحاول من خلال الطائفية أن يحول شعبه وفق رؤاه إلى مجموعة من الحمير المهتمة بنقل أكياس الذهب الثقيلة إلى صناديقه في المصارف أو شركاته المتعددة الجنسيات, أو يقوم بتعويم الجهل على ظهورهم ونقله إلى الآخرين لكي تسهل السيطرة عليهم.
.
إن الحمار فيما لو تمت مقارنته بهؤلاء فسوف يكون ملاكا وليس صورة إستدلالية للغباء كما أرادها أن تكون عليه السيد الرسام. ولا أدري لماذا يلجأ الإنسان كلما أراد أن يصور ظاهرة مستهجنة ومدانة إلى الإستعاضة عن الكلام برسم عن حيوان صبور ومفيد كالحمار أو بحيوان تتمثل فيه صور البشاعة والوحشية كالذئب. ونحن نعلم أن الصورة البشرية هي أبشع بكثير من الصورة الحيوانية ذاتها.. لكن المفاهيم قد جرت صياغتها بواسطة الإنسان الذي يطلق صفة المفترس على الحيوان حينما يصطاد إنسانا في حين يصف نفسه بالفروسية حينما يصطاد حيوانا حتى لو كان ذلك الحيوان أرنبا بريئا يتغذى على العشب, أو عصفورا يعزف موسقى الصباح.
إن السيد الرسام قد ظلم الحمار كثيرا حينما قدم رسما للطائفي على شكله. الواقع أن الحمار ليس فيه من صفات الطائفي السياسي أو الدينوي أي شيء.
وأرى أن الإنسان لو خير بين أن يكون طائفيا أو حمارا فليختر أن يكون حمارا لا طائفيا لأن الطائفية قذارة ليس من العدل ولا من الحق أن يرسم الحمار كرمز لها



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كانت الدول الإسلامية .. إسلامية
- الدولة العلمانية لا دين لها.. ولكن هل هي ضد الدين
- العلمانية.. أن تحب الحياة دون أن تنسى الآخرة
- الإسلام السويسري *
- دولة الإسلامويين ومعاداة العلمانية
- الطائفية.. من صدام إلى بشار
- أن نتقاطع مع الدم السوري.. تلك هي المشكلة
- ثلاثة طرق طائفية للهجوم على الطائفية
- كيف تكره الأسد دون أن تحب حمد
- البصرة.. مدينة السياب والشاوي وأهلها الطيبين
- طائفيو المهجر
- ما الذي فشل مع فشل الاستجواب
- الخلل في الدستور أم في الرجال والنظام
- ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين
- لماذا لا يقود المالكي المعارضة بدلا من مجلس الوزراء
- من هم الأشد خسارة في عراق الطوائف.. الشيعة أم السنة
- الطالباني ومخالفته الدستورية الأخيرة
- المالكي وسحب الثقة والورقة الكردية
- هل صرناالآن بحاجة إلى المنقذ
- عبدالله بن سبأ وقضية سحب الثقة من المالكي


المزيد.....




- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
- مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري ...
- جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة ...
- الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - جعفر المظفر - الحمار الطائفي