|
النظام الاجتماعي اساسه روحاني
كرمل عبده سعودي
الحوار المتمدن-العدد: 3833 - 2012 / 8 / 28 - 07:14
المحور:
المجتمع المدني
ن التعليم العام الإجباري الذي تنادي به البهائية من شأنه أن يمحو الجهل الذي هو آفة الآفات، والتخطيط للعالم على أنه وحدة واحدة يستفيد الكل من الموارد الطبيعية بكل عدالة، ورفع مستوى المرأة لتساوي الرجل في الحقوق والواجبات والفرص، وفتح آفاق المعرفة أمام الجميع دون عوائق واستثناءات، كلها عناصر ستدفع بالإنسانية إلى العيش بازدهار فلا معوز جائع ولا غني متخم. إن تاج الأهداف التي جاء لتحقيقها حضرة بهاءالله مبدأ يدخل في صميم تشكيل بُنية المجتمع الإنساني على إساس إلهي التكوين ألا وهو تحقيق وحدة العالم الإنساني، وهو هدف تقترب منه الهيئة الاجتماعية بكل مكوِّناتها. والقاعدة الصلبة التي ستقوم عليها تلك الوحدة هي العدالة. ذلك لأن العدل هو القوة الأوحد التي باستطاعتها أن تترجم وَعْيَ ضمير الفرد بوحدة الجنس البشري إلى عمل جادّ طاهر مجرد من شأنه أن يقيم الدعائم الضرورية لحياة إنسانية تنعم بالرخاء. كلنا مقرّ بالخلل الحاصل في الشؤون الاقتصادية محلياً وإقليمياً وعالمياً، لدى الفرد والمجموعة والدول. فهناك القلة ممن تتحكم بالانتاج واكتناز الأموال والثروات على حساب كثرة عظمى من سكان الأرض ترزح تحت نير الفقر تمزقها أنياب الحرمان وتطحنها أضراس الجوع. هناك الدول الغنية بمواردها الطبيعية التي أنعم الله بها للبشر كافة وأخرى محرومة من ثمارها تصارع من أجل البقاء فغرقت في بحر الديون وفوائدها فازدادت فقراً وكانت مرتعاً لكل أشكال الانحراف عن طبيعة الإنسان الخيّرة. إنها اللاعدالة الاقتصادية التي جرت وراءها وما ابتلينا به من آفات اجتماعية وسياسية وخلقية جَنَتْهُ البشرية على مرّ التاريخ، وقد آن الأوان لوقفة للتأمل تتفق وما وصل إليه الإنسان من بلوغ في تفكيره وسلوكه. فالتقدم العلمي وتطوير الموارد المادية والطبيعية والبشرية يجب أن توظف لمصلحة الجميع في جو من التعاون والتآزر بدل روح المنافسة والاستئثار غير الشريفين، واعتبار ذلك أساساً لاقتصاد عالمي متين، ويجب أن يشمل التعاون جميع الطبقات والفئات العاملة. وقد شرح لنا حضرة عبدالبهاء بأنه حتى المشاريع الفردية يجب أن تعكس تلك المشاركة بين العامل وصاحب العمل بأن يأخذ العامل نسبة محددة من الأرباح بالإضافة إلى راتبه. وبهذه الطريقة سوف نرى أن العمال وأصحاب العمل يعملون معاً في مشروع تعاوني مشترك، ولا تضارب في مصالحهم المشتركة. إن النظام الحالي الذي يستحوذ فيه صاحب العمل على جميع الأرباح يؤدي إلى حدوث نزاع وصدام بينه وبين العمال مسبباً اختلالاً اقتصادياً وظلماً واستغلالاً في أغلب الأحيان. ويبين لنا حضرة عبدالبهاء أيضاً أن التعاون يمنح الحياة مثلما تعمل أجزاء جسم الكائن الحي فتعطيه الحياة وذلك بقوله: "في عالم الوجود جميع الكائنات لها علاقة مع بعضها البعض، ومن هذه العلاقة يحصل التعاون والتعاضد، وهذا هو سبب البقاء والحياة، فإذا استبعد التعاون والتعاضد ولو لدقيقة واحدة من حقائق الأشياء تنحل جميع الكائنات وتصبح هباء منثوراً." وفي إطار هذا التعاون لا تنكر البهائية حق الفرد في التملك وإقامة المشاريع الفردية، ولا تدعو أن يكون الجميع متساوين في الدخل، لأن ذلك يتنافى وطبيعة الاحتياجات والقدرات بين إنسان وآخر، إذ إن هناك أنواع من خدمة المجتمع يقتضي أن يكافأ عليها أصحابها أكثر. وبالاجمال من الواجب أن يتيح النظام الاقتصادي العالمي فرصة لكل فرد أن يفي دخله بمتطلباته الأساسية، وإن عجز عن ذلك لأي سبب كان مثل العجز أو غيره، فمن حقه الحصول على ما يسد ذلك العجز المالي، ومن ناحية أخرى يجب على النظام أن يحد من تراكم الثروات بأيدي أفراد أو فئات معينة وذلك بفرض الضرائب التصاعدية. وعليه، فإن المبادئ البهائية التي تتناول الاقتصاد تضم بعض العناصر الإيجابية المشابهة للأنظمة الحالية ولديها الرؤية نحو إيجاد نظام اقتصادي جديد فريد من نوعه قائم على توزيع عادل للسلع والخدمات ولا نظير له في رؤيته العالمية.
النظام الاجتماعي يجب أن يكون أساسه روحانياً
مهما قدمت من أنظمة اقتصادية بديلة حلاً للمشاكل القائمة، فلن تعمل بالكفاءة المطلوبة إذا بقي الإنسان حبيس أطماعه وأنانيته متخلياً عن مبادئ دينه ميّت الضمير والوجدان. فنظام من شأنه الحد من تضارب المصالح والمنافسات غير الشريفة واستباحة كل أسلوب للوصول إلى الثروة والمال، لن يعدّل من أسباب المعيشة إلا جزئياً إذا لم يقترن بوعي ضميري بالورع والتقوى وخشية الله. فالتوجه المادي الدنيوي يقسّي القلوب ويميت الروح فتجف الرأفة والشفقة وكل شعور إنساني. فيخبرنا حضرة عبدالبهاء بقوله: "إن الأسس التي تقوم عليها الأحوال الاقتصادية برمتها إلهية في طبييعتها، ولها ارتباط بعوالم القلب والروح."
#كرمل_عبده_سعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماهو السر؟
-
المرأة مابين صراع التهميش والتقدير
-
حرية الإعتقاد
-
أعظم حدث في التاريخ
-
الحوار بين الاديان
-
الدين والسياسه
-
الدين والسياسة
-
ظلم المراة تحت ستار الدين
-
قصة وعبرة
-
حتى يتنور العالم بنور الاتفاق
-
اعملوا حدودي حبا لجمالي
-
القيادة الاخلاقية
-
وداعا ابراهيم الفقي
-
الصراع مابين المادية المنتشرة والدين
-
دين الله واحد
-
من اخل إحياء القيم الإنسانية
-
منع الاذدراء والعنف ضد المراة
-
هل حقا الغاية تبرر الوسيلة
-
خالص التهاني
-
العلم والدين هل يتفقان
المزيد.....
-
صحيفتان بريطانيتان: قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نت
...
-
كاميرا العالم توثّق الوضع الإنساني الصعب بدير البلح وسط غزة
...
-
أول دولة أوروبية تدعو نتانياهو لزيارتها بعد مذكرة الاعتقال م
...
-
-اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام
...
-
-نقل لاجئين سوريين من مساكنهم لإيواء أوكرانيين-.. مسؤول ألما
...
-
ألمانيا: انتقادات حادة لشركات خاصة تدير مراكز إيواء اللاجئين
...
-
آلاف من طالبي اللجوء غادروا ألمانيا طوعا بمقابل دعم مالي
-
إردوغان يعلق على مذكرة اعتقال نتانياهو من الجنائية الدولية
-
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
...
-
4 ملايين عائلة مهددة بالتفكك في الولايات المتحدة بسبب خطط تر
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|