أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - علي بداي - مزعجون أينما حللنا















المزيد.....


مزعجون أينما حللنا


علي بداي

الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 20:33
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


تتميز الدول المتحضرة بإحترام خصوصية الإنسان، وتوفير كل مايمكنه من الإستمتاع بأوقاته. في العمل لاتمنع الشركات موظفيها من التمتع بالموسيقى أثناء العمل بشرط أن لايسبب ذلك في إزعاج الآخرين . حريتك ومتعتك لاتتم الا بإحترام حرية ومتعة الآخرين لذلك تخضع كل المزعجات الضوضائية في الدول المتقدمة لضوابط صارمة. وفي دول إسكندنافيا ،خاصة السويد، يمنع حتى إستخدام الحمامات للإستحمام بعد الساعة العاشرة في الشقق السكنية، وهناك من الدول من يفرض قانوناً يمنع إثارة أي نوع من الضوضاء بعد الساعة العاشرة ليلاً ( لائحة الهدوء الليلي) كما يسمى في التشيك ومعظم دول شرق أوربا. وفي هولندا وفي معظم دول أوربا مالم تكن الحاجة ضرورية لإستخدام منبه سيارة الإسعاف لايجوز إطلاقاً إستخدامه ، أما منبهات السيارات فممنوعة بتاتاً في كل الأحوال، ويلزم مستأجرو البيوت بالإلتزام بالضوابط المحددة ضمن قانون السكن في هولندا مثلاً، ولايجوز فتح أي مشغل منتج للضوضاء الا في مكان محدد لذلك وبعد متابعة دقيقة من قبل أجهزة الدولة الرقابية في البلديات.
ومع تزايد تطور المجتمع أضحى التوتر النفسي الناتج عن ماتثيره الآلات ووسائل المواصلات من ضجيج مشكلة ملحة، فلقد دخل كم هائل من المنتوجات الضاجة دفعة واحدة لحياة الإنسان مثل المكنسة الكهربائية والغسالة و المروحة والمفرغ الهوائي والمكيف الكهربائي وآلات المطبخ كالخلاط الكهربائي وآلة الحلاقة والمنشار الكهربائي والثاقب الكهربائي والآت البناء الصغيرة كالكوسرة ، وضجيج الآلات في أماكن العمل ، والآلات الزراعية في الحقول ، والكسارات وآلات الحفر في الشوارع ، وورش النجارة والحدادة ، ومنبهات السيارات ، وأصوات محركات السيارات ، والصفارات ، وإشارات الإنذارات الصوتية ، وسيارات الإطفاء والإسعاف ، والسكك الحديدية ، والضجيج الناتج عن الباعة المتجولين في الشوارع واستخدامهم للميكروفونات ، والطائرات بصعودها وهبوطها ومحال إصلاح السيارات ، وما يصدر عن المقاهي من خلال إستخدام الراديـو ، والمسجلات ، والتلفزيون، والفيديو والآلات الموسيقية ونوائح المساجد ومناسبات العزاء، وفي العراق الجديد يضاف الى كل ذلك مواكب المسؤولين بسياراتهم الزاعقة، وطلعات طائرات الهليوكوبتر "الباحثة عن الإرهابيين". وفي العراق الجديد عراق (اللاكهرباء الوطنية) دخلت المولدة الكهربائية ( الكهرباء اللاوطنية) كأكبر ملوث صوتي وهوائي وحراري في آن واحد.
وبسبب من التأثير التراكمي غير المباشر للضوضاء على الصحة لايقدر الكثير من الناس خطورتها، وتشير الدراسات الى أن واحداً من كل أربعة رجال وواحدة من كل ثلاث نساء يعانون من الأمراض العصبية بسبب الضوضاء. وبسبب من إرتباطها بالتطور والمدنية لاتعار هذه الموضوعة أية أهمية خلال مراحل تصميم المدن والبنايات في بلادنا .ويلعب التزايد السكاني المنفلت وفوضى التخطيط المديني الدور الأساس في عشوائية توزيع أماكن العمل والنشاط التجاري والسكن العشوائي. ويؤدي إفتقار هذه البلدان لمواصفات الإنشاء البيئي بحدها الأدنى الى مراكمة مشاكل ستتطور مع مرور الزمن وسيكون حلها لاحقاً غير ممكن فنياً وغير ذي جدوى مالياً.
كنت في منتصف تسعينيات القرن الماضي أعمل مهندساً في بلدية مقاطعة أوترخت الهولندية وكان من ضمن مهامي إضافة الى تدقيق مشاريع الإسكان العامة من الناحية البيئية ، النظر في واقع إسكان ومعيشة الجالية المسلمة وهي جالية ضخمة بعددها ومشاكلها. وفي هولندا كان من الطبيعي وقد تحولت بعض الأحياء الى مستوطنات إسلامية خالصة أن تناقش قضية بناء المساجد التي كانت مطلباً من قبل مجاميع الأجانب وخاصة الأتراك والمغاربة حيث كانت الجاليتان تطالبان بمنح تراخيص بناء مساجد لكل منهما حتى وأن تطلب الأمر بناء مسجدين بمنارتين في حي واحد طالما سكنت هناك مجموعة من المغاربة وأخرى من الأتراك، فلغتيهما الأم مختلفتان .
ذات مرة إستقبلت ممثلين عن الجاليتين، وكان علي أن أبين لهؤلاء المسلمين المتحمسين لبناء المساجد ولرفع الآذان أن تلبية طلباتهم سيعود وبالاً على أبنائهم وأحفادهم فهذه البلاد ليست بلادنا، ووجود مسجد يؤذن بلغة أخرى سيفهم على أساس كونه إستغلالا لنهج التسامح الديني الحالي لأن المرحلة التأريخية الحالية في هولندا والكثير من دول أوربا هي مرحلة تحويل الكنائس لأغراض مدنية أخرى غير دينية لقلة عدد المصلين بل وإنعدامهم في بعض البلديات،فهذا الوقت هو وقت تحول الدين من طقوس في كنائس المدينة الى إختيار شخصي . وأتيت بسورتين من القرآن الكريم للتدليل على حرص الإسلام على توفر الجو الهادئ للمصلي: ( واقصد في مشيك وأغضض من صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير) لقمان و ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) الفرقان.
وأتيت لهم بدلائل على نهي الشرع الإسلامي عن رفع الصوت والضجة والصخب في كل أنواع العبادات فمثلاً عندما أراد الرسول إختيار طريقة لتبليغ الناس وقت الصلاة إستشار أصحابه في ذلك ورفض إقتراحات بعضهم بإستعمال الطبول أو الأجراس أو الناقوس ، وإختار الأذان بصوت الإنسان لأنه أدعى إلى الهدوء والسكينة والبعد عن الصخب ، وطلب تلقينه من قبل "بلال الحبشي" لأنه أندى صوتاً وأرخمها! كما نهى النبي عن رفع الصوت أثناء تلاوة القرآن في المساجد لئلا يؤثر بعضهم على قراءة البعض الآخر، ، فقد روي عن "عبد الله بن عمر" ، أن النبي قال:
" إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنه يناجي ربه فليعلم أحدكم ما يناجي ربه ولا يجهر بعضكم على بعض في الصلاة " أخرجه الطبراني وأحمد في مسنده ورواه البغوي بصيغة أخرى " إذا كان أحدكم في صلاته فإنه يناجي ربه فلينظر أحدكم ما يقول في صلاته ولا ترفعوا أصواتكم فتؤذوا المؤمنين ".
وأطنبت وشرحت ورسمت على اللوح تشريحاً للأذن البشرية وكتبت أرقاماً لكن جهودي ضاعت كناطح صخرة.
ثم سألت السائلين :أتعرفون أن وظيفة الآذان هي تنبيه المؤمنين الى حلول وقت الصلاة ؟ هل أنتم بحاجة الى من ينبهكم؟ كان الناس في فترة الدعوة والعصور السابقة يعيشون معزولين محرومين مما نتمتع به الآن من وسائل راحة ومن ضمن ذلك الجرس المنبه الذي توقته كل صباح ويوقته أولادك لتنبيههم لموعد النهوض من النوم فلم هذا الإصرار على مكبرات الصوت والآذان عبرها؟ ثم أن "الله أكبر" بالنسبة لك ولي تعني شيئاً ولكنها بالنسبة للأوربي لاتعني شيئا أكثر من زعيق ! وهنا هب أحدهم في وجهي:
إيش ياباش مهندس انت مش مسلم؟
وأمام خطر تكفيري صعدت على الطاولة وصرخت بأعلى صوتي مؤذناً: اشهد ان لا أله الا الله ..الله أكبر .الله أكبر وماهي الا دقيقة حتى أمتلأت الغرفة بزملائي الهولنديين المذعورين من صوتي!

لم يقتنع أصدقائي الأتراك ولا المغاربة في النهاية برأيي بسبب من تمسكهم الحرفي بما إعتبروه مبادئ دينية مقدسة ، ناسين أنهم في ديار أخرى لايملكون فيها سلطة ، و وبدأت المنائر بالإرتفاع في سموات هولندا وسط غمز وهمز الهولنديين ،وبعد 10 سنوات نبتت حركة عنصرية منظمة ضد الأجانب المسلمين ركيزتها الأساس الدعوة للتوقف عن بناء المساجد الإسلامية لأنها مصدر للضجيج ومراكز لجمع التبرعات للمنظمات المتطرفة حسب إتهام العنصريين ومكاناً للتحريض على الأوربيين ، أحرقت بعض المساجد ورجمت شبابيك أخرى بالحجارة وزاد إبتعاد الأجانب عن الهولنديين والهولنديين عن الأجانب ...ومازال الإبتعاد مستمراً.



#علي_بداي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا وصدام والكويت
- شعب نائم يستحق هذه العمائم
- جائزة التحرر من الإتفاقات لنوري المالكي
- مابعد المزعطة
- خفايا حصول الشهرستاني على -جائزة التحرر من الخوف-
- رؤية شخصية لماضي وحاضر الحزب الشيوعي العراقي
- العلاقة بين السيدة -سيبيلا ديككر- و-نوري المالكي -
- حيرة العراقيين بين القمة والقمامة
- 69 عام ..عمر الدكتاتور القاتل
- يالها من مزعطة!
- ياصاحب أشرف العمائم
- حوار حول الاقليات
- صديقتنا أمريكا
- سياسة اللجوء الأوربية.. أسئلة حائرة
- أخلاق اليساريين - بمناسبة محاولات بعث الروح في الصدام اليسا ...
- مأزق الديموقراطية العراقية و الثورات العربية
- هل جن دولته؟
- وا طنطلاه
- أصدقائي التوانسة ..إحذروا من أسوا العابدين بن....
- ثلاثة أوهام لتبرير إستعباد الناس بإسم الدين


المزيد.....




- زفاف أمباني وسيلين ديون صنعت الحدث في باريس والرياض.. أحداث ...
- وزير خارجية طالبان يجري أول اتصال بنظيره السوري.. ماذا بحثا؟ ...
- بلينكن يبحث مع نظيره الأوكراني مسألة الدعم الأمريكي لكييف
- بعد ضجة واسعة.. محافظ دمشق يصدر توضيحا بعد تصريحاته حول السل ...
- هل تتحول سوريا لساحة صراع تركي إسرائيلي؟
- ناسا تسجلاً إنجازاً جديداً بوصول مسبار باركر إلى أقرب نقطة م ...
- روما تندد باحتجاز صحفية إيطالية في إيران منذ أسبوع
- أردوغان يعلق على نهاية -ظلم البعث- في سوريا وانتصار السوريين ...
- الولايات المتحدة تزعم تورط روسيا في تحطم طائرة أكتاو
- لبنان.. توقيف سائق شاحنة على متنها 67 شخصا تسللوا من سوريا


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - علي بداي - مزعجون أينما حللنا