أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الجَحَاوى - كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ














المزيد.....

كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ


أحمد الجَحَاوى

الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 16:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يأمر الله تعالى المؤمنين بالقتال بقوله "قاتلوا" فى أى موضع من الكتاب، وبقتال أى فئة من الفئات، وفى أى وقت من الأوقات، دون أن تكون محكومة بأول آية فى كتابه العزيز تختص بالقتال وهى {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة : 190]، ويعنى ذلك أن بدء المؤمنين بالقتال موقوف فقط على الذين يقاتلونهم أو يبدؤن بقتالهم، وحيث يقول تعالى "ولا تعتدوا". وكذلك فإن من مقتضيات العمل بكتاب الله فى الآية السابقة ألّا يُعمل بها فى وقت ويتم تعطيلها فى وقت آخر، أو فى قتال فئة دون أخرى، وذلك لأن الله تعالى يقول {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام : 34]، {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس : 64]، {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق : 29]، وهذا يعنى أيضاً فيما يخص الآية المشار إليها فى سورة البقرة والحاكمة لأمر المؤمنين بالقتال أنها محكومة هى الأخرى بالآيات السابقات المشار إليهِنّ والمتعلقة بعدم إمكانية تبديل قول الله تعالى وكلماته، ولذلك فالآيات الحاكمات قد أُحكِمت هى الأخرى بأخرى من قِبَل الله عز وجل، وبالتالى فكل آيات الله تعالى فى الكتاب قد أُحكمت، ويقول تعالى {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود : 1]، فكُل آيات الله تعالى فى كتابه هى آيات مُحكَمَة، هى الآيات المُحكَمَات، يحكم بعضُها بعضا، فلا تجد آية فى كتاب الله تعالى إلا وقد أُحكمت بأُخَرْ.

ويقول تعالى فى كتابه {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران : 7] – فأمّا الأُخَر المتشابهات فهى نفسها تماماً الآيات المُحكَمَات، ولكن الإختلاف الجوهرى بينهما أنها لا تُقرأ مُحكمة (أى لا تُقرأ وقد أُحكمت بآيات أُخرى – لا تُقرأ فى ضوء الآيات الأخرى الحاكمة لها من الكتاب)، ووَجه الإختلاف هنا يَكمُن فى القراءة ، فتُقرأ نفس الآية قراءة أُخرى، فتكون آية أخرى تماماً، فتكون حينئذ من المتشابهات التى يتّبِعها من فى قلبه زيغٌ، ودلالة ذلك فى قوله تعالى {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة : 25]، فيرزق الله تعالى أصحاب الجنة نفس الثمار تماماً التى رزقهم إيّاها فى الدنيا طبقاً لقولهم الحق "هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ"، ولكنها تتشابه فى الشكل فقط، وليست ثمار الدنيا كثمار الآخرة، ولذلك يقول تعالى "وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا".

ويتجلى ما سبق فى الواقع العملى وكمثال تطبيقى لقول الله تعالى {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران : 7]، أنه قد يأتى البعض من الجهلاء فيقرؤن آيات الكتاب دون مراعاة أنها مُحكَمَاتٍ بأُخرى كما يلى:

- {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة : 29] – (وهى الآية التى يرى فيها البعض بأنهم مأمورون بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، وهى ليست لها أيّة علاقة بعامة أهل الكتاب).

- {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة : 12] – (وهى الآية التى يحتكم إليها البعض فيرون أنها تُعطيهم الحق فى تكفير من يرون أنهم قد إرتدّوا عن دينهم فيهدرون دماؤهم ويُقدمون على قتلهم عملاً بأَمر الله تعالى فى هذه الآية).

ولكنّ القراءة المشار إليها فى الآيتين السابقتين ليست من عند الله، فالآية من عنده سبحانه ولكنَّ القراءة ليست من عنده، ولذلك يقول تعالى "أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ"، وتنبّه أيها القارئ الكريم لكلمة "منه"، فالهاء تعود عليه سبحانه وليس على الكتاب، وآيات مُحكَمَات هى بيان حالة كون الكتاب الذى أنزله على رسوله، فذلك الذى منه، أمّا الأُخَر المتشابهات التى سبق الإشارة إليها سلفاً، فإتباعها ليس من الله فى شيئ، فالإتباع يكون للذى من الله، ولذلك يشير الله تعالى فى الآية الكريمة بكلمة "منه"، أى أن الذى (من) الله تعالى هو الكتاب وحالة كونه آيات مُحكمات، فأما إذا قُرِأَت آياته غير مُحكَمَة وإتُبِعَت فهى ليست من الله سبحانه، فالإتباع يكون للذى من الله تعالى فقط، فلا تكونَنَّ لأحدٍ حُجّة على الله تعالى يوم القيامة بأن يقول يا رب إتبعت آياتك فضللت وكنت من الخاسرين.

وينسحب مفهوم القراءة فى إتباع المُحكم أو المتشابه من آيات كتاب الله العزيز كما فى الأمر بالقتال على الأمور الأخرى فى باقى آياته. فتلك إحدى سُنن الله فى كتابه، فلا تُطبّق تلك القاعدة على بعض الآيات دون الأُخرى، ويقول تعالى {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح : 23].

وبالله التوفيق ،

{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران : 7]




#أحمد_الجَحَاوى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَال ...


المزيد.....




- كيف حارب الشيخ محمد رشيد رضا انحطاط الأمة الإسلامية؟
- مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال
- برجر كينج توزع قسائم على جنود الاحتلال بعد تسوية دعوى طعام م ...
- اسلامي: قادرون على بناء مفاعلات بحثية ومفاعلات للطاقة محلية ...
- 368 انتهاكا ارتكبها الاحتلال والمستعمرون في سلفيت الشهر الما ...
- مصر.. هل يأثم مانع الصدقة عن المتسولين في الشارع؟.. أمين الف ...
- الأردن يسعى لإعادة الروح للخط الحديدي الحجازي وتسيير رحلات ا ...
- وزير الخارجية الإيراني: نأمل في تعاون الدول الإسلامية والمنط ...
- مؤتمر بالدوحة يوصي بتطوير التمويل والصيرفة الإسلامية
- محمد أسد المُهتدي اليهودي الذي غيرته سورة التكاثر


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الجَحَاوى - كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ