|
الخيارات والبدائل الفلسطينية في ظل الظروف الراهنة
عباس الجمعة
الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 13:30
المحور:
ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها
امام التطورات الراهنة والخيارات التي تعيشها الساحة الفلسطينية والتي تتطلب وحدة الصف الفلسطيني ، وتوظيف ما تقوم به القيادة الفلسطينية من حراك سياسي ودبلوماسي من اجل انجاح خطواتها داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، بغضِّ النظر عن طبيعة العضوية، لتكوين قاعدة دعم دولية تكون طرفًا ضاغطًا على الدبلوماسية الأميركية تجاه طريقة إدارة الصراع من جهة، وللضغط على "الكيان الاسرائيلي" بفرض عقوباتٍ مباشرة تستهدف منع مواصلة الاستيطان؛ وان يرتقي هذا الحراك بفرض عقوبات على "حكومة الاحتلال" بوصفها دولة "أبرتهايد" عنصرية، من أجل إجبارها على قبول وقْف الاستيطان والتفاوض على أساس قيام دولة فلسطينية بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران 1967 وتطبيق قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار الاممي 194 القاضي بحق العودة للاجئن الفلسطينين الى ديارهم . وامام هذا الموقف الذي يتطلب من جميع الفصائل والقوى التحرك دفعا نحو استعادة الشعب الفلسطيني ورقة قوته الوحدة الوطنية التي هي وحدها تشكل رافعة رئيسية لمواجهة المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية نتيجة ما تقوم به حكومة الاحتلال من خلق وقائع على الأرض من خلال مواصلة الاستيطان الذي قضم الضفة وحولها إلى بانستونات ومناطق منعزلة مسيطر عليها من قبل المستوطنات وساكنيها من غلاة المستوطنين، وتهويد القدس، وتغييب معالمها العربية الإسلامية، وإجبار أهلها بشتى الوسائل والطرق على مغادرتها تمهيداً لتفريغها من سكانها الأصليين لتسهيل جريمة تهويدها بهدف منع إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة . ان الموقف الصهيوني الذي عبر عنه الارهابي العنصري المستوطن ليبرمان بضرورة التخلص من الرئيس محمود عباس بعد أن فشلت الضغوطات الإسرائيلية في إجبار الرئيس عباس للعودة إلى استئناف المفاوضات في ظل استمرارية الاستيطان ، وهي بكل تأكيد لا تختلف كثيرا عن تلك التهديدات التي سبق وان أطلقها الارهابي شارون بحق الرئيس القائد ياسرعرفات والتي قادت في نهاية المطاف إلى استشهاده . ومن هنا نؤكد على ضرورة التنبه للمخاطر التي يتعرض لها الرئيس محمود عباس في هذه المرحلة الدقيقة ، وعدم الانحناء أمام الضغوطات الأمريكية وتهديدات ليبرمان لوقف أو تجميد الحراك السياسي والدبلوماسي الفلسطيني بالتوجه إلى الجمعية العامة في اطار انعقاد دورتها القادمة في أيلول للحصول على دولة غير عضو لفلسطين في المنظومة الدولية ، والذي يحظى بدعم عربي فاعل . ان ما تقوم به حكومة الاحتلال يؤكد ان الرهان على فرص تسوية شاملة ومتوازنة للصراع لم تكن مؤاتية في المرحلة الراهنة، وهذا ما يجب أن يدركه المجتمع الدولي، مما يتطلب مقاربة من نوع مختلف من أجل التقدم وفتح آفاق حقيقية للتسوية السياسية، مقاربة تجمع بين رفع درجة ووتيرة المواجهة مع سياسة الأبارتهايد الإسرائيلي في الميدان كما في المحافل الدولية. كل هذه المواقف والسياسات والممارسات تفرض على الطرف الفلسطيني ضرورة أن يدرك أن لا خيار له سوى خيار توحيد صفوفه وتطوير أدواته الكفاحية والنضالية على قاعدة رسم استراتيجية وطنية تحدد الخيارات والبدائل على كافة الصعد ، والتقدم باتجاه خيارات تمهد الطريق لانبثاق دور فلسطيني فاعل سياسياً ودبلوماسياً وكفاحياً بديل عن سياسة الانقسام المدمر وعدم العودة الى دائرة المفاوضات التي كرست الاستيطان والجدار ونقل الملف الفلسطيني الى اروقة الامم المتحدة من اجل المطالبة بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة . ان الشعب الفلسطيني، الذي نظر الى دور الجماهير العربيه وانتفاضاتها الثورية بانهاء انظمة الاستبداد ،والتي شكل نضاله عبر ثورته الفلسطينية المعاصرة نقطة تحول هامة في مسيرة النضال المعاصر ما زال متمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وبخطاب الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر العام 1974 ، حيث رفع غصن الزيتون بيد والبندقية باليد الاخرى ، من اجل احقاق حقوقه المشروعة ، يتطلع اليوم الى الجماهير العربية وقواها الحية واحرار العالم الى مساندة نضاله من اجل الحرية والاستقلال والعودة لقد شكلت إنتفاضات الشعب الفلسطيني الواسعةعام 1976 و1987 و2000 وقبلهم من انتفاضات ثورية ،الى جانب انتصارات المقاومة الوطنية والاسلامية اللبنانية الشجاعة عام 2000 و2006 وإنجازاتها الكبيرة في إرغام المحتلين على مغادرة الأرض اللبنانية التي احتلتها ، باستثناء مناطق محدودة بقيت تحت الإحتلال، ، علامات مضيئة في هذه المسيرة الصعبة لشعوب المنطقة، هذه الشعوب التي انتفضت من اجل التغيير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وانهاء انظمة الاستبداد والقمع ما زالت تواجه المحاولات الامريكية والاستعمارية والتدخل الخارجي في شؤون ثوراتها من اجل السطو عليها ، فإن المنطقة العربية برمتها دخلت مرحلة جديدة. وستشهد كل بلدان المنطقة، سواء بأنظمتها القائمة أو بأنظمة جديدة تقوم مكانها، تغيّرات كبيرة، ولو على مراحل وعلى أمدية زمنية مختلفة بين بلد وآخر، تجسد هذه الإنعطافة الكبيرة في تاريخ المنطقة، وهذا الحضور الشعبي القوي في مسرح أحداثها وفي تقرير مصيرها ومستقبلها، وهو ما يصبّ، بالتأكيد، لصالح كل شعوب المنطقة، بما في ذلك الشعب الفلسطيني وتطلعاته وكفاحه من أجل حقوقه الوطنية. وفي ظل هذه الظروف يأتي انعقاد قمة عدم الانحياز في ايران ونأمل ان تشكل القضية الفلسطينية مواقف متطورة تدعم جهود القيادة الفلسطينية في التوجه للجمعية العامة للامم المتحدة ودعم صمود الشعب الفلسطيني . امام هذه الأوضاع يتطلع الشعب الفلسطيني اليوم الى دعم صموده من اجل مواصلة نضاله من خلال بلورة انتفاضة ثالثة او تطوير وتعزيز المقاومة الشعبية بكافة اشكالها بمواجهة الاحتلال والاستيطان والعدوان والقمع، واستعمال كافة الاساليب حتى يتمكن من تغيير موازين القوى على الارض . ولا بد من القول ان فلسطين باقية ما بقي الشعب الفلسطيني والنضال الوطني الفلسطيني، ورغم الظروف الراهنة وحالة التراجع التي تعيشها الساحة الفلسطينية والوضع العربي المرتبك إلا أن النضال الوطني الفلسطيني العادل سيبقي قضية فلسطين ثابتة ومستمرة حتى تحرير الارض والانسان وإقامة دولة الحرية والعدالة والاستقلال وتقرير المصير للشعب الفلسطيني. ولهذا نرى ضرورة وضع حدا للأنقسام الداخلي والعمل على تطبيق اليات اتفاق المصالحة الفلسطينية من اجل تعزيز الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية في النضال الوطني الفلسطيني، وتطوير منظمة التحرير وادواتها السياسية المختلفة خاصة في هذه الظروف الصعبة والمعقدة على المستوى المحلي أو العربي أو الدولي، ومن هنا لا جدوى من انتظار أي تحسن على الظروف المحيطة ما لم ترتبط عملية تحسين هذه الظروف المحيطة بعامل ذاتي وطني فلسطيني يفعل فعله ويتفاعل مع هذه الظروف المحيطة بما يرتد إيجاباً على العمل الوطني الفلسطيني. ختاما : إن خبرة النضال الوطني الفلسطيني ، على طول تاريخ الصراع، تؤكد أن العدو الصهيوني الاستيطاني العنصري، لا يتراجع عن احتلاله وعدوانه، من خلال المفاوضات، بل من خلال التضحيات والمقاومة الشعبية ومواصلة الحراك السياسي والدبلوماسي ، حتى استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس . كاتب سياسي
#عباس_الجمعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصالحة الفلسطينية وما تشهده المنطقة العربية
-
محطة نضالية يجب التوقف امامها
-
الفلسطينيين ليسوا طرفاً في اي صراع عربي
-
ستة اعوام على انتصار تموز
-
الشعب الفلسطيني احوج ما يكون الى قيادات تاريخية
-
المستقبل والتحدي الذي ينتظرنا
-
واقع المفاوضات وتاثيراتها
-
المشهد الفلسطيني في ظل الواقع العربي
-
القضية الفلسطينية ومحاولات تصفيتها والموقف المطلوب
-
نظرة الى واقع الفصائل الفلسطينية وامكانية التغيير
-
تحية للاسرى البواسل الذين يصنعون فجر الحرية
-
نيسان شهر النضال والعطاء
-
فلسطين تشكل برمزيتها الهوية والأرض
-
ستة وثلاثون عاما على انتفاضة يوم الارض
-
المرأة الفلسطينية والعربية تشكل نموذجا في العطاء والنضال
-
الواقع الراهن والانتظار المرتقب للقاء القاهرة
-
المفكر المناضل حسين مروة هو أحد كبار الماركسيين الحقيقيين ال
...
-
لنتحدث بكل صراحة فلتتوقف المفاوضات
-
عام مضى نستخلص منه الدروس من اجل حرية فلسطين
-
اجتماعات الفصائل في القاهرة انجاز مهم يتطلب تطبيق عملي
المزيد.....
-
الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر
...
-
لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح
...
-
مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع
...
-
-حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم
...
-
هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
-
فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون
...
-
ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن
...
-
محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب
...
المزيد.....
|