أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الأصولية تلاحق الشاعر أحمد شوقى















المزيد.....

الأصولية تلاحق الشاعر أحمد شوقى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 13:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنتُ أعتقد أنّ أية كتابة لن تـُثيردهشتى، ثم تبيّن خطأ اعتقادى عندما قرأتُ كتاب (طريق مصرلقبول الذات) سلسلة أطروحات جامعية- تأليف خالد عثمان- مركزالقاهرة لدراسات حقوق الإنسان– عام 2006.
شجّعتنى عناوين الفصول على القراءة فالفصل الأول عن جذورالوحدة الوطنية. والتجانس السلالى بين شعبنا ، وأنه لاتوجد أية فروق بين المسلمين والمسيحيين . وأنّ المسيحيين إنضموا للمسلمين فى تصديهم للغزوات الأوروبية التى أخذتْ اسم الحروب الصليبية. وأنّ عدد المسيحيين فى برلمان 1942كان 10,2% وأنّ إحدى مضابط البرلمان جاء فيها ((إنّ نشرالكتب الدينية كان من بين ثلاثة أسباب رأتْ اللجنة أنها كانت ذات أثرفعال فى توليد إحتكاك مستمريمكن أنْ يكون تربة صالحة لزراعة الفرقة والكراهية وتفتيت الوحدة الوطنية فى مصر)) وذكرأنّ ((الجماعة المصرية بدّلتْ لغتها عدة مرات إلاّ أنه كان هناك دومًا لغة شعبية واحدة))
هذه الروح الوطنية يجدها القارىء فى معظم صفحات الكتاب، حتى وصلتُ للفقرة التى أثارتْ دهشتى بعد أنْ تصوّرتُ أننى قد تحصّنتُ ضد أية إثارة إذْ كتب (نـُشيرهنا إلى أنّ بعض الصحف تقوم هى الأخرى فى أحيان كثيرة ببث ما يُثيرالكراهية والحنق على الآخرالدينى. وهنا نـُشيرإلى صحيفة وطنى التى تنطق بلسان المسيحيين المصريين والتى تتخذ من أحد المراكب الفرعونية شعارًا لها وتكتب تحت هذا الشعاربيت شوقى الذى قاله فى منفاه، حيث يتضح أنّ هذا الشعار، وهذا البيت ينطويان على معانٍ هامة. فالشعاريُفيد النفورمن الحضارة الإسلامية. والبيت يُشيرإلى أنّ المسيحيين المصريين يريدون أنْ يستردوا مصرالتى اغتصبها المسلمون منهم)) (ص108) هذا نص كلام الباحث فى أطروحته الجامعية. فماذا كتب الشاعرأحمد شوقى فى هذا البيت المقصود ؟ قال : وطنى لو شـُغلتُ بالخلد عنه .. نازعتنى إليه فى الخلد نفسى .
بعد إثارة الدهشة تتولد الأسئلة : بأى عقل قرأ الباحث هذا البيت ؟ لماذا لم يُقدّم الدليل على أنه يُشيرإلى أنّ (المسيحيين المصريين يُريدون أنْ يستردوا مصرإلخ؟) كيف أقنع نفسه بصحة هذا التفسير؟ وأنّ (المركب الفرعونى) كشعاريعنى (النفورمن الحضارالإسلامية) ؟ ولوكان الأمر كذلك فإنّ نفس التهمة تـُوجّه إلى شركة مصرللطيران التى تتخذ من الإله حورس شعارًا لها. وإلى الشركات السياحية والفنادق التى تتخذ من رموزالحضارة المصرية شعارات وأسماء لها. فكيف لم يُفكرالباحث فى أثركلامه على الأصوليين المسلمين وهويكتب أنّ ((المركب الفرعونى يُفيد النفورمن الحضارة الإسلامية))؟ أليستْ هذه دعوة صريحة لهدم التراث الذى تركه جدودنا ؟ ولترسيخ هدف الأصوليين الذين روّجوا لمقولة أنّ التاريخ المصرى بدأ مع الغزوالعربى على مصر؟ وأنّ ما قبله يجب محوه من التعليم والإعلام؟ كيف أقنع الباحث نفسه أنّ المسئولين عن صحيفة وطنى عندما اختاروا المركب الفرعونى وبيت شعرأحمد شوقى كانوا يتعمّدون ((بث ما يُثير الكراهية والحنق على الآخرالدينى))؟ أية عقلية تلك التى تدفع باحثـًا يُدافع عن (الوحدة الوطنية) ثم يكتب ما يهدم اعتقاده؟ كيف أجازت اللجنة المُشرفة على الرسالة هذا الكلام؟ ولماذا لم تـُلفتْ نظرالباحث إلى خطورة كلامه وتناقضه مع مضمون رسالته؟ لماذا صمت الكاتبان (الكبيران) اللذان كتبا التقديم للكتاب المطبوع؟ لماذا لم يُعلقا على هذه الفقرة التى تـُؤجج الصراع الدينى (المُشتعل أصلا) فى كتاب يستهدف الوحدة الوطنية؟
أعلم أنّ الأصوليين المسلمين يشنون هجومًا حادًا على الشاعرأحمد شوقى بسبب قصائده التى رأى فيها أنّ الانتماء الوطنى يسبق الانتماء الدينى مثل قصيدته التى قال فيها :
ويا وطنى لقيتك بعد يأس .. كأنى قد لقيتُ بك الشبابا
ولوأنى دُعيتُ لكنتَ دينى .. عليه أقابل الحتم المجابـا
أديرإليك قبل البيت وجهى.. إذا فهتُ الشهادة والمتابا
وكذلك قصيدته التى يُرسّخ فيها النظرة الصحيحة للدين (أى دين) حيث كتب :
لاتجعلوا الدين باب الشر بينكم .. ولا محلّ مباهــــــــــــــاة وإدلال
ما الدين إلاّ تراث الناس قبلكـم .. كل امرىء لأبيه تابع تالــــــــــى
وأعلم أنهم يكرهونه بسبب قصائده التى دافع فيها عن الحضارة المصرية مثل قصيدته عن (أبو الهول) التى قل فيها : أبا الهول لو لم تكن آية .. لكان وفاؤك إحدى العبر .
وقصيدته عن معبد فيله التى قال فى مطلعها :
أيها المُنتـــــــــحى ب (أسوان) دارًا .. كالثريا تــُريد أنْ تنقضـــــــــا
اخلع النعل واخفض الطرف واخشع .. لا تـُحاول من آية الدهر غضّا
ربّ نقش كأنما نفض الصانــــــــــع .. منه اليديْن بالأمس نفضــــــــا
وفى قصيدته (النيل) يُخاطبه قائلا :
أصل الحضارة فى صعيدك ثابـــت .. ونباتها حَسَنٌ عليك مُخلــّـــــــــق
ملأتَ ديارك حكمة ، مأثورهـــــــا .. فى الصخر والبردى الكريم مُنبثق
ويُخاطب توت عنخ آمون قائلا : يا ابن الثواقب من (رع) / وابن الزواهر من (آمون) / نسبٌ عريق فى الضحى / بذ القبائل والبطون / حبُ الخلود بنى لكم / خـُلقــًا به تتفرّدون / لم يأخذ المُتقدّمون به ولا المُتأخرون))
هذا العداء ضد الشاعرأحمد شوقى سببه الثقافة الأحادية المُنغلقة على ذاتها وتـُعادى التعدد . إذْ أنّ أحمد شوقى هوالذى كتب قصيدته الشهيرة (الهمزية النبوية) فى مدح النبى محمد . وكتب قصيدة (إلى عرفات) وقصيدة (الأزهر) وقصيدة (نهج البردة) وقال فيها ((محمد صفوة البارى ورحمته/ وبُغية الله من خلقٍ ومن نَسَمِ/ أسرى بك الله ليلا إذْ ملائكه/ والرسل فى المسجد الأقصى على قدم)) النظرة الأحادية بنت الثقافة المُنغلقة أغلقتْ عقول الأصوليين فلم يُقدّروا للشاعرنظرته الثاقبة لمفهوم الوحدة الوطنية إذْ خاطب شعبنا فى قصيدته (يا شباب الديار) قائلا ((يا بنى مصر، لم أقل أمة القبط / فهذا تشبث بمحال / إنما نحن مسلمين وقبطـًا / أمة وُحّدتْ على الأجيال / سبق النيل بالأبوة فينا / فهوأصل وآدم الجد التالى / هيئوها لما يليق بمنف / وكريم الآثاروالأطلال / وإلى الله من يمشى بصليب / فى يديه، ومن يمشى بهلال)) وفى قصيدته (الهلال والصليب) كتب ((جبريل أنتَ هدى السماء / وأنتَ برهان العناية/ أبسط جناحيكَ اللذين / هما الطهارة والهداية/ وزد (الهلال) من الكرامة/ و(الصليب) من الرعاية)) كذلك فإنّ أحمد شوقى كتب دعاءً يُتلى فى المساجد والكنائس يوم 4يونيو1920ليُكلل الله جهود سعد زغلول ورفاقه فى مفاوضات لندن وجاء فى هذا الدعاء ((اللهم قاهرالقياصرة. مُذل الجبابرة. وناصرمن لاناصرله. هذه كنانتك فزع إليك وهرع إليك ساكنوها ، هلالا وصليبا)) نحن إذن إزاء شاعرجمع بين إعلاء الولاء الوطنى والإشادة بالحضارة المصرية. وفى نفس الوقت هوممتلىء بمشاعرالدين الإسلامى التى عبّرعنها فى أكثرمن قصيدة. كما أنه صاحب توجه مثالى فى دعائه إلى الله أنْ ينصرالوفد المصرى فى مفاوضاته مع المحتل، فكيف يكون موضع إتهام؟ وأنه عندما كتب ((وطنى لوشـُغلتُ عنه)) كان يستهدف ((بذربذورالشقاق والفتنة بين المصريين. وأنّ هذا البيت يُشيرإلى أنّ المسيحيين يُريدون أنْ يستردوا مصر)) وهوتفسيرضد المنطق والتاريخ .
فى تحليله للروح القومية التى وحّدتْ شعبنا فى أحداث برمهات/ مارس19كتب أ. طارق البشرى ((إنّ د. محمد حسين رغم نظرته المُتشيّعة للجامعة الإسلامية، علق على الانتاج الأدبى لثورة19قائلا ((تحوّلتْ الثورة إلى حركة قومية خالصة. وخفتَ صوت الدين بعد أنْ قام بنصيب كبيرفى إشعال نارها. ولم ينج من ذلك شاعركشوقى تميّزشعره الوطنى بالطابع الإسلامى)) أما زكى مبارك فكتب فى العيد الرابع عشرللثورة يقول ((رعى الله العهد الذى كانت موسيقانا فيه مصرللمصريين)) وقال ميخائيل فانوس فى المؤتمرالقبطى يوم 6/3/1911((تختلف مصرعن باقى الأمم المُتكوّنة من عناصرمُختلفة الأديان، شعوبها من أصول مُتباعدة ومعتقدات وعوائد مُتباينة. أما مصرفشعب أصله واحد من سلسلة واحدة من آلاف السنين، لم يمتزج بهم الأجنبى إلاّبجزء أوبنصف جزء منه أُبتلع فى المجموع. زد على ذلك أنّ عوائد القوم هى للواحد كما هى للآخر. والقوم هم المسلمون والأقباط . وهم من الإسكندرية حتى أسوان يُشكلون مجموعًا واحدًا لايُميّزهم إلاّ المُعتقد . ومن الظلم تسميتهم بأنهم عنصران، فليستْ العقائد هى التى عليها الأساس بل الجنسية)) والجملة الأخيرة أكد عليها أغلب مثقفى ذاك الجيل أمثال لطفى السيد وطه حسين. وفى أعقاب ثورة 19قال واصف غالى ((لم يعد للمصريين قاطبة إلاّ إيمان واحد وعقيدة واحدة ودين واحد هودين الوطنية)) فى ظل هذا المناخ الذى يُعلى من الانتماء الوطنى وترسّخ فيه الإيمان بأننا أبناء قومية واحدة رغم تعدد الأديان والمذاهب ، لم تكن مفاجأة أنْ يقف شيخ مُعمم (محمد عبدالمطلب) فى جمع غفيرمن المسلمين يحتفلون بعيد رأس السنة القبطية وأنشد ((كلانا على دين هوبه مؤمن.. ولكن خذلان البلاد هوالكفر))
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدم العربى فى قصور الوحدة العربية
- المواطنة من المنظور الأصولى الإسلامى
- أسلمة الدولة المصرية
- التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم
- الوجه الإنسانى - قصة قصيرة
- عيون بلا ذاكرة - قصة قصيرة
- أضلاع المثلث أربعة
- فى البدء كانت العتمة - قصة قصيرة
- الإبداع الشعبى والإبداع التشريعى
- لماذا لا يتعظ الإسلاميون والعروبيون من الدرس ؟
- العرب ظاهرة صوتية
- الحضارة المصرية بين علم المصريات والأيديولوجيا
- البحث عن خنوم : حدود العلاقة بين الإبداع والتراث
- الاحتقان الدينى : الأسباب والحل
- التعددية والأحادية فى رواية (حفل المئوية)
- حماس والإخوان والحلم الإسرائيلى
- الوجوه المُتعدّدة للشاعر حلمى سالم
- الأصل مصرى والدماغ عبرى
- العلمانية وغياب الحس القومى
- حامد عويس : من طين الواقع إلى سماوات الفن


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الأصولية تلاحق الشاعر أحمد شوقى