أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ستار الدليمي - فوكو والسلطة














المزيد.....

فوكو والسلطة


ستار الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




"إن السلطة تحول الإنسان إلى دمية سياسية"

تشكل مساهمة فوكو في نظرية السلطة قطيعة مع التاريخ الفلسفي الذي تناولها من زاوية فلسفية قانونية بوصفها (أي السلطة) نتاجًا للإرادة الفردية المعبّر عنها بصورة عقد يتنازل به الأفراد عن حقوقهم لتشكيل هيكل قانوني جديد، هو الدولة التي تأخذ على عاتقها حماية الحقوق والحريات لمجموع الأفراد الذين كانوا جزءا من عملية إبرام العقد.
تفترض النظرية القانونية للسلطة بوجود أفراد مكتملي الإرادة وعلى وعي كامل بضرورة الخروج من حالة الطبيعة نحو المجتمع المدني للتخلص من عيوب مرحلة ماقبل العقد الاجتماعي، التي لخصها هوبس بالأمن والتنافس على موارد الحياة، هذا التنافس الضاري هو الذي يجعل المجتمع في حالة حرب، الجميع ضد الجميع ومن ثم فإن الاجتماع الإنساني المعبر عنه بواسطة العقد الاجتماعي هو الكفيل بتحرير الإنسان من حالة الخوف التي تميز وضع ماقبل العقد. إذًا لامناص من اللجوء إلى الاجتماع البشري لتجنب حرب دائمة يكون فيها كل فرد قاتل محتمل للآخر.
يرى فوكو أن السلطة لا تعطى ولاتتم مبادلتها ولا تؤخذ بل تمارس وأنها لاتوجد إلا بالفعل، وهي ليست نتاجًا للعلاقات الاقتصادية ولكنها في جوهرها تعبير عن علاقات القوة، ويأخذ فوكو على نظرية السيادة أنها تنطلق في تحليل علاقات السلطة من الذات إلى الذات فهذه النظرية تفترض تكامل مقومات الذات بما يسمح لها الدخول في علاقات السلطة في حين يرى فوكو أن الفردانية لاتكون إلا نتيجة للعقد الاجتماعي وليس صانعة له، ذلك أن السلطة قائمة أساسا على القمع، فأن تكون السلطة جهازا قمعيا يعني أن تكون أولا تحليلا لآليات القمع، وإذا كانت السلطة حصيلة علاقات القوة وليست تنازلا أو عقدًا فأن ذلك يوفر مدخلا لدراستها من خلال مفاهيم المعركة والمواجهة والحرب، وهكذا يضعنا فوكو أمام فرضية ثانية للسلطة مفادها أن السلطة أو السياسة هي الحرب المستمرة بوسائل أخرى وهذا يعني أن علاقات السلطة هي علاقات القوة القائمة بالحرب وعلى الحرب صحيح أن السياسة توقف الحرب لكن لايعني هذا أن تتخلى أو تستبعد آثار الحرب. إن للسلطة السياسية في هذه الفرضية دورا في إعادة تثبيت علاقات القوة.
يقوم مشروع فوكو على فرضية اشتقاق السلطة لا من العقد الاجتماعي بل من علاقات الهيمنة وهو ينطلق من قاعدة تاريخية وليست افتراضية كالتي تؤسس نظرية العقد الاجتماعي، وهذا يعني أنه عوضا من الانطلاق من الذات يجب الانطلاق من علاقات الهيمنة ومآلها من حدث وفعل فهو لايطلب من الذات كيف ولماذا وبأسم أي قانون تقبل أن تكون خاضعة، ولكنه يبرهن أن علاقات الإخضاع هي التي تصنع الذات فعوامل الهيمنة ترتكز على بعضها بعضًا وإن وصف الأجهزة الكبرى للسلطة قائم على أساس المفاهيم الخاصة بالهيمنة .
يسعى فوكو إلى استخراج واظهار علاقات الهيمنة بدلا من مصدر السيادة التي تقوم عليها نظرية العقد الاجتماعي وهذا يعني أنه يحاول البحث في الأدوات التقنية التي تسمح بضمان السلطة ولانجده مهتمًا في متابعة مايشكل السلطة أو يكوَن شرعيتها الأساسية. إن أداة تحليل السلطة هي علاقات القوة والهيمنة وليس تصورا قانونيًا من خلق الذوات الحرة، فعلاقات السلطة هي علاقات مواجهة صراع حد الموت أي حرب، ولايمكن اتخاذ القانون كمرجعية للوصول إلى السلطة فالقانون كان ومايزال تعبيرا عن الحرب بوسائل أخرى.
يتبنى فوكو الخطاب التاريخي السياسي في تحليل علاقات السلطة وهذا الخطاب يختلف بشكل جذري عن الخطاب القانوني، فالحرب هي المولد للدول والقانون والسلم فالقانون لم يولد إلا من الدم ووحل المعارك وهو ليس نوعًا من المسالمة والتعايش لأنه في ظل القانون تستمر الحروب في عملها المرعب داخل كل آليات السلطة، الحرب هي محرك المؤسسات والنظام ولا يقوم السلم حتى في أصغر محطاته إلا بالحرب بمعنى يجب تحليل الحرب بالسلام فالحرب هي الوجه الآخر للسلام. نحن إذن في معركة تخترق المجتمع في مجمله معركة مستمرة ودائمة تضع كل فرد بمواجهة الآخر ولا وجود للحياد فنحن بالقوة خصوم لشخص من الأشخاص ولايمكن أن نصل إلى نهاية الحرب بالمسالمة أو المصالحة ولكن فقط عندما ننتصر حسب تعبير فوكو.



#ستار_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلم المراوغ
- كركوك: قربان امريكا على مذبح افغانستان
- ائتلاف دولة القانون
- صورة من تراجيديا المنفى الامريكي
- دستور العراق :آليات تفكيك الدولة والمجتمع
- مافيا العمائم وحقوق الانسان في العراق


المزيد.....




- لحظة تصدي رجل هارب لشرطي أمريكي أدخلته في حالة حرجة.. شاهد م ...
- بروتوكول تعاون عسكري بين مصر والصومال وسط خلاف بين مقديشيو و ...
- برلين تؤكد أن التحقيق في تفجير -السيل الشمالي- لن يؤثر على ع ...
- نائب نمساوي يدعو إلى وقف المساعدات لأوكرانيا بسبب تورطها في ...
- سامي الجميّل في بلا قيود: تطرف حزب الله وإسرائيل يصعب إيجاد ...
- إيران: إصابة أم بالشلل النصفي بعد إصابتها برصاص الشرطة بسبب ...
- فلسطيني يستخرج شهادة ميلاد توأمه.. ويعود ليجدهما مقتولين مع ...
- عدد القتلى في غزة يقترب من -40 ألفاً- منذ بدء الحرب، ووزير إ ...
- لإفساح المجال لوجوه جديدة في اليابان.. كيشيدا يعلن عزمه الت ...
- زيلينسكي: قواتنا أسرت أكثر من 100 جندي روسي في كورسك صباح ال ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ستار الدليمي - فوكو والسلطة