|
لا طائفية بدون سماح النظام
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 3828 - 2012 / 8 / 23 - 16:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كلمة الطائفية كان من المحتم إزالتها من القاموس اليومى لشعب مصر بعد ثورة 25 يناير، وعدم السماح لوسائل الإعلام بالحديث عن الفتنة الطائفية، وكل ذلك يتأتى فى حالة واحدة وهى عند أو حادث طائفى يبادر رئيس الجمهورية ويقول بكل وضوح وجلاء أنه لن يسمح لأى مواطن مصرى أن يتحدث أو يعمل لزرع الطائفية فى المجتمع المصرى، ولا بد من تفعيل القانون على كل من يرتكب فعلاً له صفة دينية ضد أى مواطن مصرى لأن كل المواطنين على أرض مصر يتعاملون بأسم الهوية المصرية وليس بأسم الهوية الدينية، وكل من يستخدم الدين لزرع بذور الفتن الطائفية سيكون العقاب حاسماً.
هذا هو العمل المنطقى والذى كان من المنتظر سماعه وممارسته من المسئولين الحكوميين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية المصرية، لكن يبدو أن العمل القائم على قدم وساق بوتيرة تتسارع يوماً بعد يوم فى تعديل وتغيير هوية المجتمع المصرى هو العمل الذى يحظى بأهتمام رأس النظام الجديد وأعوانه، لدرجة أنه عندما وقعت أحداث بلدة دهشور الطائفية وتم تهجير أكثر من مائة عائلة مسيحية من البلدة، لم يتعب رئيس الجمهورية نفسه عناء الذهاب لبث الأمن والطمأنينة فى نفوس الأهالى وإعلان أن القانون سيأخذ مجراه وسيتم مجازاة المسئولين عن الحادث ومحاسبة كل واحد على جرمه، لكن رأينا رئيس الجمهوريية يذهب إلى محافظة قنا فى زيارة عادية كانت محافظة الجيزة الجديرة بالزيارة. إذن لا يمكن أن توجد الطائفية فى مجتمع إلا بسماح من أعضاء النظام الحاكم وتشجيعه لها بالصمت والبيانات والتصريحات التى تندد ولا تعالج المشكلة وتتركها كما هى لتشتعل من جديد فى منطقة أخرى، كذلك فإن الإيمان بمبدأ شئ ووضعه موضع التطبيق والتنفيذ شئ آخر، لأن النظام الجديد أعلن عن إيمانه بمبدأ المواطنة لكن الأفعال وما يرتكب من جرائم طائفية يدل على أن هناك داء مزمن وإرادة سياسية فى عدم تقديم العلاج الحقيقى لذلك الداء الذى أصبح مصرياً بجدارة. إن إحتقان المشاعر الدينية يجب الرجوع إلى أسبابها والقضاء عليها، لكن الجميع يعرفون من أين يأتى الأحتقان ومن هم الذين يثيرونه فى نفوس الشعب المصرى، لكن السلطة والنظام الجديد فى مصر لم يصدر عنه ما يدل أنه فى طريقه لإزالة هذه الأسباب ومعاقبة كل مثيرى الأحتقان والكراهية الدينية التى تتزايد يوماً بعد يوم رغم وعود الرئيس الجديد بأن تلك الأحداث لن تحدث فى عهده، والسبب الحقيقى فى أستمرار ذلك الأحتقان الطائفى منذ عهد مبارك وحتى الآن هو القرار السياسى للتنظيم الرئاسى المصرى، ذلك القرار الذى لن يأتى أبداً.
عندما ننادى مع الجميع بتطبيق القانون على الجميع فهذا يعنى ليس فقط على من قام بحرق وتدمير بيوت المسيحيين وكنائسهم، بل تطبيق القانون على من ينادون ليل نهار بكراهية الغير مسلم وأقصد بهم هؤلاء الدعاة مثل وجدى غنيم الذى يصف المعارضين بالصراصير والفئران بينما يصف الأقباط بالأفاعى والثعابين،وذلك نموذج مما يصدر على ألسنة الدعاة ضد الآخر فى الدين والطائفة والمذهب. إن أسباب الطائفية وجرائمها التى لا تتوقف أحداثها، لا تحتاج إلى دراسات وأبحاث أو ندوات لمعرفة أسبابها والحلول المناسبة للقضاء عليها، لأن أسبابها تتلخص بكل بساطة فى رجال الدين الذين لا يوجد قانون يعاقبهم على جرائم الكراهية والبغض والعنصرية ضد غير المسلمين، التى تمتلئ بها خطبهم فى كل مكان، وعندما يكون رئيس الجمهورية قادراً على إيقاف هؤلاء الدعاة ورجال الدين عن إرتكاب جرائمهم، فإن المجتمع المصرى ستزول منه الطائفية والتمييز العنصر الدينى، وسيكون المصرى قادراً على العمل من أجل مصر وطن الجميع. إن التهجير القسرى لمئات الأسر والأعتداء على دور العبادة يعطى مؤشراً حقيقياً لكل مواطن على وجود سماح من أجهزة الدولة فى أستمرار تلك الأعتداءات والتهجير القسرى، إن الحل الوحيد هو أن تتخذ مراكز القرار السياسى قرارات شجاعة بتجريم الأعتداء على دور العبادة وتجريم كل من يقوم بتوجيه ألفاظ البغض والكراهية الدينية، وساعتها ستنتهى كل مشاكل الطائفية البغيضة التى ورثها الشعب من النظام السابق. إن ترك رجال الدين الذين يوجهون الإهانات للمختلفين معهم أحراراً دون معاقبة، سيزيد من إهاناتهم وإثارتهم للفتن فى المجتمع المصرى، على سبيل المثال أصدر الشيخ هاشم إسلام إمام مسجد فتوى بقتل المتظاهرين فى يوم 24 أغسطس لأنهم يعارضون الرئيس، هذه الفتوى هل هى كلاماً عادياً أم أنها تشريعاً دينياً أم أنها جريمة فى حق الشعب المصرى تحتاج العقاب وتطبيق القانون؟
أخيراً أقول لمن يتحدث عن أن مصر ما تزال تعيش فى الفوضى، ليس صحيحاً أن الفوضى التى تعيشها مصر لا نهاية لها، لكن النظام الحاكم سمح بهذا الوضع سواء كان تباطؤ أم تواطؤ لخدمة أهدافه وترتيب أنتشاره وسيطرته على دولة كبرى بحجم مصر، فالنتيجة النهائية ضياع أمن الوطن وضياع حرية التعبير وضياع مدنية الوطن والمواطنين.
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهاب وسطوة الفكر الدينى
-
سيناء بين الحقيقة والتضليل
-
غزوة الإخوان التقاعدية
-
ترشيد البشر لتوفير الكهرباء
-
ظلام الديموقراطية الجديدة
-
دولة مصر ودولة الإخوان
-
علاء الأسوانى والوقاحة العنصرية
-
تحية واجبة إلى شعب مصر
-
نوال السعداوى وجائزة العقل
-
المواطنة والثورة الجريحة
-
العمال والجهل بالثورات
-
جمعة تخريب المصير
-
إهانة العقل فريضة
-
كل ثورة وأنت طيب
-
حقائق مؤلمة يا أهل العراق
-
من الذى فشل فى إدارة مصر
-
سوريا وحاجز الصمت
-
شريعة الوجود الديناصورى
-
المرأة ضحية العقلية البدوية
-
المرأة والثورات العربية فى المجتمع الذكورى
المزيد.....
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|