أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية














المزيد.....

بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3827 - 2012 / 8 / 22 - 07:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشأت أجنةُ الطبقتين البرجوازية والعمال من الصناعة اليدوية، حيثُ كانت القرابة تلعبُ دوراً كبيراً في المنشأة الاقتصادية، لكن ظهورَ الصناعة الآلية فرزَ القرابةَ عن المُلكية، وغدا الجسمُ الاجتماعي منقسماً بشكل متزايد بين المالكين والعاملين.وبهذا كانت جذورُ الطبقتين المالكة والعاملة متقاربة لكن تراكم الفوائض في جهة وضحالة الأجور في جهة أخرى أوجد تطوراً اجتماعياً سياسياً بالغ التناقض، عملت فيه القوة الأولى المالكة على إيجاد تراكم مالي حاد استغلتْ فيه غياب القوانين المنظمة للعمل في المصانع والنقابات وحداثة نشأة الرأسمالية، وتدفق سكان الأرياف الفقراء على المدن الحديثة، وتشغيل الأطفال والنساء بشكل واسع، وغياب الحد الأدنى للأجور وساعات العمل، وهو ما ميّز الحقبة الأولى من الرأسمالية بالفظاعة واشتداد وتائر الاستغلال.

الحقبة الأولى لتراكم الفوائض وبناء المدن وتوسيع الصناعات وانتشارها في العديد من البلدان الغربية، والافتراق التدريجي عن عالم الزراعة وتوسع الاستعمار، وحتى دمج العبودية بالرأسمالية الحديثة، كل هذه السمات ألقت بظلالها الاجتماعية الحادة على أشكال الوعي المختلفة من فلسفةٍ وفكر سياسي وقانون وثقافة وعلاقات اجتماعية بين الطبقات.

هو زمن التناقض الحاد، وظهور مدن برجوازية ومدن صفيح عمالية، ثراءٌ غيرُ محدود في جهة وفقر عميق في جهة أخرى.

وهذا المسار متعدد متفاوت التطور بين الدول الغربية، لأن ثمة أممٌ سبقتْ أخرى، ودخلتْ في صراعات اجتماعية بين الطبقتين الظاهرتين من رحم اجتماعي تحديثي واحد والمتفارقتين بحدة، والداخلتين بعد هذا في صراعات ضارية. فكلٌ من هذه الأمم له مساره الخاص الذي يتأثر كذلك مع التطور العام لهذه الأمم القائدة للرأسمالية الحديثة.

لكن السمات العامة هي نفسها وإن كانت الأمم المتخلفة تحدثُ فيها التناقضاتُ بشكل أشد كالأمة الألمانية والإيطالية، فسماتُ الصراع المطلق بين الطبقتين كانت سائدة.

الأولى تحول الثانية لما يشبه العبيد، وتحرص على مصالحها الخاصة بكل أدوات العنف والقانون التي في يدها، ولهذا كانت أشكالُ الفلسفة والثقافة المنتجة من قبل الطبقة الأولى تطرحُ غيابَ العمال عن الوجود السياسي الاجتماعي، فهؤلاء البناةُ غير موجودين في المؤسسات البرلمانية والسياسية، مثلما أن أفكار الفلسفة مشغولة بالمجردات والموضوعات المتعلقة بالغيب والفردية الحادة والحدسية واللاعقلانية وتحبيذ الاستعمار والعنصرية وما إلى ذلك.

وفي المقابل فإن الأشكالَ المتعددة من وعي العمال أنفسهم أو المثقفين المعبرين عنهم اعتمدتْ على الإلغاء للرأسمالية كتحطيم الآلات، والثورات العاصفة الدموية، ثم على الإلغاء الفكري السياسي للطبقة الرأسمالية، بحيث توجد الطبقة العالمة وحدها في العالم الاجتماعي عبر الحكم الاشتراكي المطلق.

هذا التضاد الكلي أنتج العالم (الاشتراكي) والعالم الرأسمالي المتصارعين بشكل تناحري مطلق، في العالم الأول ساد الوهم بغياب الرأسمالية، والعالمُ الثاني واصل حربه السياسية على العمال، حتى بدأت البنيةُ الثانيةُ من التطور الحديث بالظهور. فقد تغيرتْ أحوالُ العمال في دول الغرب وحدثت ظروفٌ معيشية جيدة، كما أن الوجود العمالي اخترقَ العالم السياسي الرسمي، وبشكل نادر ظهرتْ في الأمم الغربية المتطورة أحزابٌ عمالية تدخلُ السلطة نفسها، بشكل نقابي وإصلاحي ضئيل ثم بشكل سياسي رفيع، لكن حضور الشعب العامل لم يعد ذلك الشبح الهدام، وظهر قبولٌ مشترك من قبل الطبقتين المختلفين على العمل المشترك لتحسين الأنظمة، وكذلك فإن أشكال الفلسفة والفكر والثقافة والعلاقات الاجتماعية تبدلت إلى المناهج المحللة للكل الاجتماعي وقراءة الجوانب الموضوعية دون إغفال وجود الصراعات والمصالح المختلفة، وارتفعت قيمة الشعوب لما قبل الحضارة، وتصاعدت الأنسنة، وعلومُ الحياة والبيئة وتفجرت الثورة المعلوماتية والتقنية وانكسرت الحواجز بين العوالم الاجتماعية السياسية المتضادة.

وأدى ذلك عملياً إلى سقوط صراع الطبقتين الوهمي العالمي، فلم يعد ثمة معسكران، بل معسكر بشري واحد يتجه للتغييرات الداخلية الديمقراطية العميقة بمستويات مختلفة تعكس مستوى تطورات الشعوب، وانفجرت ثقافةٌ إنسانية هائلة تعطي ملمحاً لتطورات قادمة أكبر فيما يتعلق بالسيطرة على ظروف الإنسان وعلى التشكيلة الرأسمالية المنفلتة من عقالها حيناً والهادئة حيناً آخر.

لكن دون أن يعني ذلك غياب ظاهرات تعود للحقبة الأولى كلياً، بل هناك لاتزال في الشرق أجسام سياسية كبيرة تعيش في المجابهة الاجتماعية العالمية الخيالية، فيما لاتزال جوانب من هذه الحقبة الأولى موجودة في الغرب كذلك.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية
- تدهور الثقافة في البحرين
- عالمُ المماحكاتِ
- تقاسمُ المستعمراتِ الإسلامية
- التنظيمات والبالونات
- تناقضات المنطقة
- مساعدةُ الثورةِ السورية واجبٌ قومي إنساني
- الديمقراطيةُ الشموليةُ
- العودةُ الحادةُ للوراء
- حركةُ النهضةِ التونسية.. الأيديولوجيا والحراكُ السياسي ( ...
- نماذج فرديةٌ للخيال الاجتماعي
- مأساةُ الشعبِ السوري بين القوميات
- تحديدُ (عصرنا)
- الثورة السورية.. تفتيتُ صخرةِ الجيش
- الإخوانُ المصريون من الأيديولوجيا إلى الحكم (٢-٢ ...
- الإخوانُ المصريون من الآيديولوجيا للحكم (١-٢)
- تراجعُ الخيالِ الاشتراكي (٢-٢)


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية