أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم















المزيد.....

التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3826 - 2012 / 8 / 21 - 13:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



عرفتُ الأديب النوبى المُبدع حجاج أدول عن قرب . ولم أسمع منه ولم أقرأ له فى أحاديثه الصحفية أو فى مقالاته أو فى إبداعه الأدبى ، أية إشارة إلى ما يدّعيه البعض عن ((رغبة فى انفصال النوبة عن مصر)) لم أسمع منه ولم أقرأ له عن هذا (الانفصال) المزعوم الذى لاوجود له إلاّ فى أدمغة أصحاب الفكر الأحادى من عروبيين وإسلاميين . بل بالعكس فى كل كتابات أدول وفى أحاديثه معى كان شديد الإيمان بأنّ ((النوبة جزء أصيل من مصر)) وشدّد على أنّ الثقافة القومية هى المعيار. وأنّ الثقافة القومية النوبية هى امتداد أصيل للثقافة القومية المصرية. فإذا كانت الأحادية تعنى الانغلاق ، فهى معادية لأى شكل من أشكال التعددية. وإذا كانت التعددية تعنى احترام الخصوصية الثقافية لأى شعب ، فإنّ الأحاديين من عروبيين وإسلاميين يُعادون أية خصوصية ، وهذا هوالسبب الرئيسى فى هجومهم على حجاج أدول وعلى الأديب النوبى المُبدع الراحل إدريس على وعلى غيرهم من المصريين أبناء النوبة.
يستخدم الأحاديون أسلوب التشويه المُتعمد . فكل من هاجم الأديب حجاج أدول وإتهمه بأنه (انفصالى) يسعى إلى استقلال النوبة عن مصر، إلى آخرهذه التخاريف ، هؤلاء الأحاديون لم يُقدّموا دليلا ماديًا واحدًا من كتابات أى مثقف مصرى من أبناء النوبة ، دعا فيها إلى هذا الانفصال المزعوم ، وهذا هو ما قصدته بالتشويه المُتعمد .
ما أعرفه عن المُبدعين المصريين من أبناء النوبة أمثال حجاج أدول أنهم يُدافعون عن التراث الثقافى للمصريين النوبيين ، مثل حقهم فى تعلم اللغة النوبية وتدريسها فى المدارس . وإنشاء محطة إذاعة لنشرالوعى بمجمل التراث النوبى إلخ . وهذا حق طبيعى لايستطيع أنْ ينكره إلاّ كل أحادى مُنغلق لايرى إلاّنفسه وثقافته ولغته، ويريد أنْ يفرض نفسه وتراثه ولغته على الآخرين. لذلك فإننى مع هؤلاء المثقفين المصريين أبناء النوبة فى الدفاع عن تراثهم ولغتهم ، بل وضرورة أنْ يكون التعليم بهذه اللغة ، لأنّ هذا هوالضمان لإستمرارها ومقاومة اندثارها .
يشمل الدفاع عن الخصوصية الثقافية الدفاع عن الفلكلور، وعن كل ما أبدعته الأجيال السابقة عبرآلاف السنين ، من موسيقا وأغانى الحب ومواويل الأفراح والأحزان والحِكم والأمثال الشعبية، ومجمل أنساق القيم التى تشمل النظرة للكون وللحياة وللموت وللمرأة وتعميد الطفل والاحتفال بالأسبوع الأول لمولده وطقوس الوفاة إلخ. أى النظرة التى تشمل فلسفة الإنسان فى بيئة مُعينة وزمن مُحدد وابن تراث قومى أبدعه جدوده . نظرة فلسفية تضم أكبرالقضايا مثل أصل الوجود إلى أصغرنسق قيمى مثل طقوس استقبال الضيف .
الدفاع عن الخصوصية الثقافية هوالرافعة التى تحمى التواصل الحضارى لأى شعب. وهو جهازالمناعة الذى يصد جرثومة الانقطاع . ولعلّ نظرة مُتأنية على التركيبة السكانية للمجتمع الأمريكى تؤكد ما أذهب إليه. فهومجتمع مُكوّن من شعوب مختلفة نزحتْ من بلادها الأصلية ، وهاجرتْ وعاشتْ فيما يُعرف باسم (الولايات المتحدة الأمريكية) شعوب من أوروبا وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، أى من معظم قارات العالم . إذن نحن إزاء ثقافات قومية مُتعدّدة ، ومع ذلك عاشوا وانصهروا داخل كيان اجتماعى وسياسى واحد ، أى أنهم حققوا (التنوع الثقافى فى إطارالوطن الأم) أو(التعدد الثقافى فى إطارمنظومة اجتماعية وسياسية لآليات الحكم)
وإذا كان هذا الواقع الأمريكى من البديهيات ، فإنّ المسكوت عنه فى الثقافة المصرية السائدة البائسة، أنّ هذا التنوع الثقافى فى إطارالوطن الأم لم يتحقق إلاّمن خلال الدفاع عن الخصوصية الثقافية ، فنجد أنّ كل (أقلية) عرقية داخل المجتمع الأمريكى ، تحرص على أنْ يتعلم أولادها فى المدارس بلغتهم الأم ، أى أنّ المنظومة الاجتماعية والسياسية سمحتْ بوجود مدارس يتعلم فيها أبناء المواطن الأمريكى من أصل ألمانى باللغة الألمانية. وأنْ يتعلم أبناء المواطن الأمريكى من أصل إسبانى باللغة الإسبانية إلخ. هذه المنظومة الاجتماعية السياسية هى التى حققتْ انتشارالفن الإسبانى واللاتينى والأفريقى إلخ من موسيقا وغناء وفن تشكيلى . وأدب أفريقى كتبه أمريكيون يُدافعون عن التراث الثقافى الأفريقى. هذا التنوع هوالذى حقق الثراء الثقافى من خلال منظومة اجتماعية وسياسية لاتعرف (ولاتعترف) بالتفرقة بين أبناء الوطن الواحد ، ليس بغض النظرعن الدين أواللون فقط ، وإنما بغض النظرعن الخصوصية الثقافية. ولم يقل أحد أنّ هذا التنوع الثقافى يعنى (الانفصال) عن الوطن الأم ، أويلغى حقوق المواطنة عن (كل) أبناء الشعب الأمريكى بغض النظرعن أصولهم العرقية.
وما يُدافع عنه المثقفون أبناء النوبة هودفاع عن الخصوصية ، التى لاتعنى الانفصال عن الوطن الأم (مصر) وهودفاع ينطبق على المصريين أبناء سيوه وأبناء سيناء إلخ. هذا الدفاع عن الخصوصية الثقافية يُحقق عدم الاندثارالثقافى ، ولكنه لايعنى انفصال سيوه أو سيناء عن مصر.
ولعلّ إصرارالأمازيج فى الجزائرعلى الدفاع عن خصوصيتهم الثقافية ، أنْ يكون مثالاثانيًا ، حيث أنّ هذا الإصرارتكلل بالنجاح عندما وافقتْ السلطات الجزائرية على أنْ يكون للأمازيج إذاعة خاصة بهم تتكلم باللغة الأمازيجية. وأنْ يتعلم الأبناء فى المدارس بتلك اللغة ، لغة الجدود . ولعلّ دفاع الشعب الكردى عن خصوصيته الثقافية أنْ يكون مثالاثالثـًا ، إذْ لولاهذا الدفاع لما سمعنا عن الأدب الكردى رفيع المستوى .
000
ذكرنى الهجوم على الأديب حجاج أدول ، الذى وصل لدرجة أنْ يكتب أحد العروبيين مقالا بعنوان (تخاريف حجاج أدول : أيها الكاتب العنصرى لاتتحدث باسم النوبة- جريدة العربى الناصرية 29/1/2006- نموذجًا) ذكرنى هذا الهجوم بواقعة حدثتْ معى . إذْ بعد صدوركتابى (أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر) كتب مُحررصفحة (دنيا الكتب) فى صحيفة العربى الناصرية أننى أنعى فى مقدمة كتابى (ما طرأ على الشخصية المصرية من انحدار رهيب فى سماتها مثل قيام الغزاة باستبدال التقويم القمرى بالتقويم الشمسى)) (رغم عروبته استخدم الشائع فى كتابة المصريين أى رفض قاعدة إلحاق حرب الباء بالمتروك) وأضاف ((والغزاة المقصودون هم العرب بالطبع . وليس ذلك بعجيب على رضوان إذْ أنه معروف بدفاعه الصلد عن الوطنيين النوبيين وحقهم فى إنشاء دولتهم المُستقلة)) ثم اختتم كلمته بجملة من قاموس المشايخ حيث قال ((ولله الأمرمن قبل ومن بعد)) (26/9/99) ويبدوأنّ هناك علاقة أصيلة بين بين الخطاب الدينى/ العروبى وبين غياب لغة العلم ، لأنّ الكاتب لم يحترم عقل القارىء وحقه فى إثبات المصدرالذى نقل عنه كلامى . وهذا الكاتب العروبى/ الناصرى جزء من الثقافة السائدة البائسة التى تلجأ إلى تشويه كل من يُدافع عن الخصوصية الثقافية لشعبنا . وبدأ تشويهه لشخصى عندما عرض كتابى المذكورتحت عنوان (أوجاع طلعت رضوان) فكتبتُ فى ردى عليه ((مع أنّ عنوان سيادته يبتعد عن لغة العلم فإننى أشكره ، لأننى أتمنى أنْ يكون الدفاع عن هويتنا المصرية محل إهتمام كل المصريين أومصدرًا ل (أوجاعهم) وفق صياغة سيادته. أما دفاعى عن التقويم الشمسى الذى أغضب سيادته وأبعده عن لغة العلم ، فهو يتأسّس على أنه أحد الاكتشافات المهمة التى أبدعها جدودنا فى مجال علم الفلك . وجاء فى مُعجم الحضارة المصرية نقلا عن خبراء التقويم ، أنّ التقويم المصرى ((هوالتقويم الوحيد الذى عمل بذكاء فى التاريخ البشرى كله)) وكان المصريون فى البداية يعتمدون التقويم القمرى ، وبعد اكتشافهم للزراعة ، لاحظوا أنّ التقويم القمرى لايصلح لمواعيد الزراعة. وإذا كان التقويم الشمسى محل استهجان الكاتب العروبى ، فهل يمكن لأى فلاح مصرى أنْ يزرع ويحصد وفق التقويم القمرى؟ وبقفزة هائلة انتقل الكاتب من استهجان الدفاع عن تقويمنا الشمسى إلى أنْ نسبَ إلىّ دفاعى عن إنشاء دولة مستقلة للنوبيين. وإننى إذْ أعتقد بحق النوبيين فى التمسك بلغتهم وخصائصهم الثقافية ، فى إطارالقومية المصرية والوطن المصرى ، فإننى لم أكتب حرفــًا واحدًا عن حق النوبيين فى إنشاء دولة مستقلة، لافى كتابى المذكور، ولافي أية دراسة أخرى . ولذلك فإننى أطالب سيادته بذكرمصدر عبارته)) (صحيفة العربى الناصرية 3/10/99ص12) وطبعًا سيادته لم يفعل ، منذ عام 99 وحتى الآن ونحن فى عام 2012 لأنه لايملك أى دليل على صدق كلامه ، وإنْ كان يملك موهبة التشويه والتشهير.
وإلى من لايعرف ولديه الاستعداد لأنْ يعرف ، أنقل إليه النحت الجميل الذى أبدعه أحد الآباء الروحيين للشعب الهندى (المهاتما غاندى) الذى لخـّص فيه معنى الخصوصية الثقافية إذْ قال ((إننى أرغب فى أنْ تهب على بيتى جميع ثقافات العالم من غيرقيود . ولكننى أرفض أنْ تقتلعنى من جذورى إحدى هذه الثقافات)) ولأنّ غاندى لم يكن أحادى الفكر، وإنما كان يمتلك حسًا إنسانيًا ووجدانـًا مُتعددًا أضاف ((ليس فى إمكان أية ثقافة أنْ تعيش إذا حاولتْ حذف الثقافات الأخرى)).
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجه الإنسانى - قصة قصيرة
- عيون بلا ذاكرة - قصة قصيرة
- أضلاع المثلث أربعة
- فى البدء كانت العتمة - قصة قصيرة
- الإبداع الشعبى والإبداع التشريعى
- لماذا لا يتعظ الإسلاميون والعروبيون من الدرس ؟
- العرب ظاهرة صوتية
- الحضارة المصرية بين علم المصريات والأيديولوجيا
- البحث عن خنوم : حدود العلاقة بين الإبداع والتراث
- الاحتقان الدينى : الأسباب والحل
- التعددية والأحادية فى رواية (حفل المئوية)
- حماس والإخوان والحلم الإسرائيلى
- الوجوه المُتعدّدة للشاعر حلمى سالم
- الأصل مصرى والدماغ عبرى
- العلمانية وغياب الحس القومى
- حامد عويس : من طين الواقع إلى سماوات الفن
- ختان البنات وغياب الوعى بعلم المصريات
- أتكون الثورة نكبة على شعبنا ؟
- حسن حنفى : الفلسفة بعمامة الأصوليين
- المرأة المصرية بين ثقافتيْن


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم