|
العرب: شعوب أم قطعان أغنام!!!
علي جديد
الحوار المتمدن-العدد: 3826 - 2012 / 8 / 21 - 09:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل هي عودة الشعوب العربية المظلومة لتكون سيدة قرارها؟ أم أنه سحابة حرية عابرة أو جرأة مفاجئة سرعان ما يعتريها الفتور وترجع الأنظمة لقيادة قطار التخلف عن ركب الحضارة والوفاء لطبيعتها في إجهاض ثورات الشعوب و صناعة الخوف؟ ففي محاورات أفلاطون يقول السفسطائي ثراسيماخوس "إنني أعلن أن القوة هي الحق وأن العدالة هي ما يحقق مصلحة الجانب القوي. إن مختلف أشكال الحكومات تسن القوانين ديمقراطية أرستقراطية أوتوقراطية طبقا لما ترى أنه يحقق مصالحها . وهي تفرضها على الشعوب بوصفها هي العدالة و تنزل العقاب بمن يخالفها بأن تصفه بالظلم و الافتراء"..
لقد علم الربيع العربي «العرب" ما لم يعلموا عن بعض حكامهم وعلمهم من أنفسهم ما كانوا عنها جاهلين بعد أن كانوا فيما مضى جنودا مجندين وراء حاكمهم لاستعداء كرامة الإنسان "الغير عربي" في إنسانيته حيث سد عليهم الحاكم كل النوافذ التي ستتسرب منها فكرة التسامح و التعدد و شرع لهم أبواب الحقد و التعصب إلى درجة تبدو فيها كل دعوة إلى "الوحدة في التنوع" - داخل هذه البلدان العربية- دعوة إلى تمزيقها وكل سعي فيها لكسر قيود الحرية خطر يهدد مصير الأمة ..
الآن فقط وعند أبسط حركة من الشعوب العربية للمطالبة بقليل من الحرية كشر الحكام "العرب" عن أنيابهم.. و بعد أن أحسوا بأن شعوبهم لم تعد تلك القطعان الطائعة أخرجوا الوحوش القابعة بداخلهم .. الآن فقط بدأ العرب يكتشفون الوجه الآخر للحاكم «العربي".. الآن فقط بعد أن حمى نفسه من أمطار غضبهم بمظلات من الكذب.. واختبأ وراء جدار سميك من الألقاب بناها حوله بأكوام بشرية من الوصوليين.. بدؤوا يدركون كذلك فداحة تواطئهم معه حين كانوا الساعد الأيمن لصدام وهو يضرب القرى الكردية بالكيماوي.. و عين البشير وهو يدك دارفور.. و أدن الأسد وهو يبطش بالكرد و يجردهم من الجنسية كالبهائم.. و أرجل القذافي و بوتفليقة و هما يمعنان في إذلال الأمازيغ..
الآن فقط وبعد كل تلك المعانات التي كانت الأقليات ترزح تحتها ولا نصير لها والتي كان فيها "الشعب العربي" من المحيط إلى الخليج شريكا بصمته و مباركا ل"القائد الهمام" و "الأخ القائد" و "السيد الرئيس" و "ملك ملوك أفريقيا" و "القائد الملهم" و "العبقري اللامع" و "المفدى" و "الأخ قائد الثورة" صاحب العصر و الزمان الذي لا يخطئ و لا ينام و الذي طرد الاستعمار و أنزل الأمطار و أخرج المرعى لترعى الأبقار و الذي لولاه لهلكت البلاد بالديمقراطية و لتهدمت العقول بالثقافة الغربية.. ولولاه لفتك الجوع بعبيده و جفت العيون و دبل الشجر و بكى الحجر و هبت العواصف.. و لولاه لما استطاع أحد و لن يستطيع تحمل الرئاسة.. تلك المهمة التي لو طلب للجبال تحملها لرأيتها خاشعة متصدعة من خشيتها..
ومع بداية الربيع العربي اكتشفت الشعوب العربية زيف ادعاءات زعماءهم بسقوط شعارات "الممانعة" و "الدفاع عن المقدسات" و "مواجهة إسرائيل".. فاكتشفوا بسالة جيشهم "العربي" السوري في تصديه للقوات الصهيونية في أرياف المدن السورية.. و ترجمة "الأمن في خدمة الشعب" في القاهرة.. واستماتة فيلق العروبة في ليبيا .. و جيش الأمة العربية في السودان و بسالة درع "الخليج" في محاولتهما إخماد الثورة "الصهيونية" في دارفور والبحرين.. و بطش الجيش "العربي" الجزائري وهو يواجه مليشيا "الهغانا" الإسرائيلية في شوارع "القبائل" الأمازيغية.. كما لم تعد تخفى على الشعب العربي شجاعة هدا الجيش "العربي" في اليمن وهو يحصد أرواح الشباب الإسرائيلي الثائر في ساحات صنعاء و أبين.. هكذا تكون الجيوش العربية قد أزهقت الدماء العربية أيضا لأنها تدافع عن وريث الحكم لأن دماءه مقدسة ولا يحق لأي كان أن ينازعه قميصا قمصته إياه "المشيئة الإلهية" كما يزعمون.. وعن محمود درويش في قصيدته في "خطبة الديكتاتور الموزونة" عن الدكتاتور "سأختار أفراد شعبي/ سأختاركم واحدا واحدا مرة كل خمس/ سنين/ وأنتم تزكونني مرة كل عشرين عاما إدا لزم/ الأمر/ أو مرة للأبد".. هذا هو الحاكم الذي كان أحب إلى أبناء الشعوب من نفوسهم و الذي كانوا له عابدين و لكلماته حافظون و لحزبه موالون و لأكاذيبه مصدقين و عن شرفه مدافعون ولشفاعته منتظرون و لالتفاتة منه راغبون.. و لأمنه هم مشاءين بنميم .. و لعنفه متقبلون .. و بالروح والدم له يفدون.. والذي كانت خطاباته أشهى المأكولات إلى نفوسهم.. هذا هو الحاكم الطبيب الذي تفاءل السوريون خيرا بتوليه السلطة.. فها هو الجراح عاقد العزم على القيام بعمليات قيصرية لاستئصال الأورام الخبيثة في مدنهم و قراهم أو إزالتها على الخريطة إن استعصى عليه دلك.. وهكذا كان "الأخ" قائد الثورة الذي جثم على صدور الليبيين لعقود عجاف كاد فيها القحط أن يبيدهم في بلد لا شيء فيه أخضر إلا كتاب القذافي المقدس و راياته قبل أن "يصدرهن" الزعيم حمرا قد روى.. هذا هو الحاكم "الإنسان" الذي وصفه الفيلسوف ب"الحيوان الناطق" و لكن بالنظر إلى بشاعة أعماله سيكون من الظلم مقارنته بالحيوانات لأنه أقل رأفة من كل الحيوانات التي يتعامل معها الإنسان وهي ليست كبعض الحكام الذين يسلطون على الناس شبيحتهم و بلاطجتهم.. وليست مثلهم في الذل لأنها لا تترك شبرا واحدا من "عرينها" (الجولان) محتلا.. و لا أتفق أيضا مع قولة الشاعر الأردني إبراهيم نصر الله "الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يعتذر" وأطالبه بالاعتذار للحيوانات لأنه أدرج الزعماء العرب الخمسة المخلوعين في قائمة "الإنسان" رغم عدم اعتذار أي منهم لشعوبهم.. لهذا لا تنطبق عليهم صفة "الإنسان" إلا في مظهرهم.. الحيوان هو ذلك الشعب الذي صبر للذل طوال سنوات واستكان لحكام يضحكون عليه تارة باسم الدين و تارة باسم الوحدة الوطنية و أخرى باسم العروبة.. الحيوانات هم أبناء تلك الشعوب الذين يجوعون ليأكل الحاكم.. ولا يتذكرون مجزرة حماة و بوسليم و الأنفال .. وهم مع الحيوانات في نفس الدرجة من الدونية حين رضوا بالعيش في أوطان لا فرق بينها و حظائر الحيوانات لافتقارها للحرية والكرامة - أبسط حقوق الإنسان التي ينعم بها حتى البقر و الفئران في الهند و الكلاب وغيرها في أوروبا.. الذي يغيب عن فطنة الكثيرين أن الحكام حين يقتلون في ساحات "الشهداء" و "التحرير" إنما يذبحون و نعاجهم وليس على أحد الاحتجاج.. فالعرب لا يحرمون ضرب النساء و لا يجرمون العبودية.. فلهم الحق في ضرب نساءهم وبيعهن و قتلهن إن أبين الطاعة.. فلماذا إذن يلومون الحاكم العربي الذي وضع الدستور على مقاسه و أكد فيه بأن هده البقعة الأرضية و من عليها ملك له و جعل فئة من ساكنتها توافق عليه خوفا و أخرى طمعا و ثالثة تصوت الشبيحة بالنيابة عنها لتكون نسبة الموافقة على الدستور عالية ليحتلوا الفضائيات معبرين عن تفوقهم بالاستهانة بكل ما نؤمن به من عدالة و حرية و نبل الأخلاق..
خمسة من طغاة العربان أطيح بهم و لم تخسر البشرية شيئا.. لهدا فعلى الثيران (الشعوب) العربية التي لم تحرك ساكنا حتى الآن لنصرة الشعوب التي تتعرض لإجرام الحكام أن تأخذ العبرة من المثالين التاليين "أكل الثور الأبيض حين أكل الثور الأسود" و "الحبل على الجرار" وهما مثالين بلسان عربي مبين لعلهم يفهمون.. وهذه هي الطريقة المثلى لمن كان يرجو الخروج من ذل حظيرة الحيوان إلى عزة مملكة الإنسان..
#علي_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى الإسلامي رئيس وزراء المغرب
-
عورة الأعراب في الأولمبياد
-
تحرير الله
-
خير أمة .. بالسلوك لا بالمعتقد
-
الساكت عن الحق بنكيران أخرص
-
أصابت الأمازيغية و أخطأ بنكيران ~
-
رسالة إلى صديق إسرائيلي
-
-القذافي-،-مبارك-– أسماء العرب الحسنى
-
ألا بذكر الديمقراطية تطمئن القلوب؟!
-
سقوط الصنم العربي
-
هل كان ”عبد الله الفوا“ رسولا ؟ا
-
الجابري – الأمازيغي المغرر به
-
أكاديب العرب الحقيقية
-
من قطاع الطريق إلى قطاع التاريخ
-
حمى المطالبة بالإنفصال في الوطن العربي
-
وصايا طارق بن زياد -العروبي-
-
الأمازيغ: -حواريو النبي محمد (ص)-
-
العرب و اليهود و احترام العالم
-
العرب والهلوكوست اللغوي
-
الأمازيغ و الصواريخ العربية العابرة للقارات
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|