|
هل يبقى الأخوان المسلمون أخوانا مسلمين ؟
مهدي بندق
الحوار المتمدن-العدد: 3825 - 2012 / 8 / 20 - 14:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا غرو أن يرى المراقب المدقق في المشهد السياسي الحالي أن سيناء قد أضحت مشروع أزمة آن أوان تفجيرها ، ليتطاير الجسد المصري بهذا التفجير أشلاء . ولعل الملاحظ الأقل تشاؤماً يراها تتحول لما يشبه أفغانستان حيث يحل جبل الحلال محل جبال تورا بورا ، ويحل "جيش جند الإسلام " هنا محل طالبان هناك! بينما سيقول الأكثر تشاؤماً أنها بالتأكيد سوف تغدو منطقة متنازعاً عليها مع إسرائيل التي ستوظف لصالحها فشلَ مصر- فيما تعتقد وتتمنى - فتطالب بإعادة رسم خريطة شبه الجزيرة تحت ذريعة استئصال الإرهاب منها ، وصولا بها إلى مرحلة الانفصال عن مصر . كل تلك الاحتمالات الجحيمية المنتظرة صارت تلوح في الأفق اليوم جراء الإهمال الذي ترسخ في عهد مبارك ، وظل موجوداً بعد رحيله ( كيف ولماذا ؟!) وما من شك في أنه إذا استمرت الحكومة الحالية في إدارة الملف السيناوي – ولنقل والبلاد كلها - بطريقة الحزب الواحد المهيمن علي غرار الحزب الوطني؛ فإن مصر سوف تعاني الويلات بما هو أسوأ من عهد مبارك، من حيث أن الوضع الاقتصادي يشي بتدهور عارم ، بدأت شواهده ومغارمه، مما ينعكس بالضرورة على الملف الأمني المشتعلةِ أغلفتــُه وصفحاتــُه لا سيما في سينا كما سنرى . تبدأ أسئلة الملف الأمني بسؤال أول له توابعه كالآتي : أين كان المجلس العسكري والجهات الأمنية التابعة له طوال العام والنصف الماضية حين كانت سيناء مسرحاً تصول وتجول عليه الجماعات الإرهابية؟ وأين كانت حين نفذت أحدي التنظيمات الإرهابية المتوطنة في سيناء عمليتها الإجرامية الخطيرة والتي استهدف قسم شرطة العريش ثان عام 2011 ؟ أما بخصوص مذبحة رفح الأخيرة فسيكون السؤال : هل كان لدى المجلس العسكري ومخابراته أية معلومات عما تنامت إليه قوى الإرهاب بتشكيلاتها وتنظيماتها ومن يساندها بالمال والسلاح والدعم اللوجستي سواء من حماس أم من إيران أو من إسرائيل حاضنة الإرهاب أو أمريكا مؤلفة كتاب الفوضى الخلاقة ؟ فإذا كانت الإجابة بالإيجاب فلماذا سكت المجلس العسكري والجهات الأمنية ذات الصلة عن حقيقة الأوضاع في سيناء ؟ وإذا كانت بالنفي فلماذا عُيّن هؤلاءُ القادة في مناصبهم أصلا ؟ وأيا كانت الإجابة يبقي السؤال التابع الأخير قائماً ومعلقا في رقبة السلطة الحالية : متى يبدأ التحقيق الذي سينتهي- لو كان جادا ً - بإدانة من فرط في أمن الوطن وسلامة أراضيه ؟ أما السؤال الثاني وتوابعه – على المستوى السياسي - فموجّهٌ إلى الممسكين بأعنة السلطة الحالية : هل تدركون مخاطر الاستمرار في سياسة تجاهل الوضع الاستراتيجي لسيناء تأسيا ً بسياسة الحزب الوطني المنحل ؟ وهل تعون أن بقاءها ( سيناء أعني ) علي هذا الحال لا غرو سيدخل مصر مجتمعاً ودولةً في مأزق صعب مميت ؟ وهل تفهمون أن هذا الاستمرار الشائن نهايته أن يطاح بكم مثل سابقيكم ؟ يتوازى طرح هذه الأسئلة مع بداية تكشّف السيناريو الأمريكي الإسرائيلي والذي أشرنا إليه آنفا من السعي إلى فصل سيناء برمتها ، بدء من رفح والعريش والشيخ زويد وحتى الشاطئ الشرقي لقناة السويس ( الذي سيخصص لمشروعات قطر " العمرانية " ؟!) وهو السيناريو الذي وُصف دون حياء بــ " بحث القاهرة في واشنطن عن أمن سيناء الضائع” ! هكذا تم استدراج مصر لبحث أمن سيناء في واشنطون وليس في القاهرة ! وآية ذلك ما أوردته صحيفة " نيويورك تايمز" على موقعها الإلكتروني منذ عدة أسابيع، حيث نقلت عن مسئولين بالإدارة الأمريكية قولهم إنه "بعد الهجوم الذي استهدف نقطةً قرب الحدود المصرية الإسرائيلية وراح ضحيته 16 جندياً مصرياً، فإن مصر تجاوزت، على ما يبدو، ما لديها من حساسيات تتعلق بسيادتها ( ؟! ) وسارعت بإجراء مباحثات عن تفاصيل المساعدات الأمريكية الجديدة التي تتضمن معدات عسكرية وتدريباً شُرطياً ومراقبة إلكترونية وجوية " كما ذكرت الصحيفة أن "البنتاجون يبحث عدة خيارات لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع قوات الجيش والشرطة المصرية” . الأمريكيون إذن أعلنوا عن نزعتهم الصريحة للهيمنة ، متخطين مصطلح "التعاون" ليغدو "التدخل" مباشرة في شأن الأمن القومي المصري مقابل استمرار المساعدات العسكرية والأمنية، وهو ما أشارت إليه الصحيفة الأمريكية من أن “المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين يراقبون الرد المصري على هجوم رفح كاختبار ذي دلالة على نجاح الرئيس مرسي أو فشله في قدرة بلاده على تحقيق متطلبات الأمن في سيناء كما كان الأمر مع حكم مبارك " والمقصود بالعبارة الأخيرة – بوضوح لا غش فيه - أن نجاح مبارك في تحقيق الأمن في سيناء إنما تم بالشروط التي قبلها ذلك الرجل المخلوع وأهمها محاصرة غزة ومقاطعة حماس ! ما من شك في أن المصلحة الأمريكية والإسرائيلية إنما تتعلق بحالة فشل مصر وليس نجاحها ، حينئذ يمكن إغلاق باب احتمال مصالحة مصر مع إيران – قائدة الثورة الإسلامية - بالضبة والمفتاح ، ومن ثم سوف تجد مصر نفسها راجعةً إلى محور الاعتدال العربي بجانب المملكة ودول الخليج ، والأسوأ بجانب إسرائيل ! وحينها سيجد الرئيس الجديد نفسه في تناقض واضح مع قواعده الإخوانية التي رضعت إيديولوجيا ً حليب َ العداء لليهود وأُطعمت سياسيا ً أرغفةَ التوجس من أمريكا والغرب عموما ً. حيث المؤكد أن هذه الكوادر والقواعد – ومعظمها من المتعلمين جيدا ً – سوف تتوقف مذهولة وهي تطالع في افتتاحيات الصحف الأجنبية ودراسات مراكز الأبحاث الغربية عبارات غاية في العنف والبذاءة تقول إن ما يحدث في سيناء ليس شأناً مصرياً خالصاً !! مما يعيد إلى الأذهان ما سطّره الصهيوني تيودور هرتزل عام1996 في كتابه " الدولة اليهودية " من أن سيناء هي المكان المرشح ليكون وطنا ً قوميا ً لليهود . إن كوادر وقواعد الأخوان المسلمين لمدعوون اليوم للتفكير في أنه وبعد أن أقيمت الدولة اليهودية على 72% من أرض فلسطين، فلا يستغرب من قادتها أصحاب أيديولوجية الاستعمار الاستيطاني أن يكرروا دعوة هرتزل لاستيطان سيناء ولكن هذه المرة لكي تكون وطنا ً قوميا ً للفلسطينيين بعد أن أمست دولة إسرائيل مسئولة عنهم أمام الأسرة الدولية ! لقد ُخدع العالمُ بمقولة صهاينةِ القرن الماضي " أن اليهود شعب بلا أرض في حين فلسطين أرض بلا شعب" فكانت نتيجة ذلك الخداع أن غضت الدول - غربية وشرقية – بصرها عن قيام دولة إسرائيل ( جريمة العصر ) فوق هذا الجزء الجريح من بدن الأمة العربية ؛ وهاهي ذي إسرائيل اليوم تكرر نفس الخداع بترويجها لنفس المقولة وبذات الطراز ولكن بتعديل خاص : إن الفلسطينيين شعب بلا أرض وسيناء أرض بلا شعب ، فلماذا لا ُتحل هذه المشكلة بالمنطق " الأرسطي " ؟! بيد أن السؤال الأهم لدينا نحن المصريين أصحاب الأرض هو : هل سيقبل الأخوان المسلمون هذا المنطق الفاسد ، بعد أن دالت لهم رئاسة أكبر دولة عربية ؟ ! وإذا قبلوه فهل يستمرون بعدُ أخواناً مسلمين ؟
#مهدي_بندق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإيمان لا يحتاج إلى إعلان (2)
-
الإيمان لا يحتاج إلى إعلان
-
تجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
-
الجيش المصري ليس فيلقا ً إيرانيا ً أو كتيبة أمريكية
-
مصر بين سكة السلامة وسكة الندامة
-
هل تطلب حماس سيناء كوطن بديل ؟
-
أنور عبد الملك وتغيير العالم
-
لماذا تجنبت ثورة يناير كلمة الاشتراكية ؟
-
أيام البين السبعة
-
أشباح الميلشيات بين القاهرة وبيروت
-
الجذور المعرفية للفكر الفاشي
-
ديمقراطية بلا ديمقراطيين
-
إلى متى نتقبل ثقافة الأساطير ؟
-
مصطلح الثورة مغترب في اللغة العربية
-
المتحذلقون ونظرية المؤامرة التاريخية
-
احذروا النموذج الباكستاني في مصر
-
ازالة اسرائيل على الفيس بوك
-
رسيالة من البرزخ
-
قصيدة : المنام
-
مجتمع الاستعراض في عالم رأسمالية ما بعد الحداثة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|