أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - كيف نتحرر من أوهامنا؟














المزيد.....

كيف نتحرر من أوهامنا؟


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 3824 - 2012 / 8 / 19 - 21:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كل شىء فى التراث الإسلامى محاط بقدسية تجعل من الصعب جدا الاقتراب منه بموضوعية وعقلانية، فى حين أن المقاربة الموضوعية العقلانية ضرورة إذا كان لنا أن نحيا حياة إنسانية يحكمها العقل. وفى اعتقادى أن التحرر من قبضة المعتقدات التى تحول دون إخضاع تراثنا لضوء التفكير العقلانى يتطلب أن نعتاد المقاربة التاريخية للموضوعات. أقصُر الحديث هنا على التراث الإسلامى لتبسيط الأمور، لكن تراثنا المسيحى، والقبطى الأورثوذوكسى على الأخص، لا يقل عن تراثنا الإسلامى جمودا وبعدا عن العقلانية.)
تعالوا نجرب أن نقوم بتجربة لإلقاء نظرة موضوعية هادئة على إسهام الإسلام فى الحضارة الإنسانية. فى القرن السابع الميلادى كان الفارق الحضارى بين قبائل شبه الجزيرة العربية وشعوب البلاد التى تحيط بهم فارقا شاسعا. كانت القبائل العربية شديدة التخلف تنظيميا وحضاريا وفكريا بالمقارنة لشعوب الشام وفارس ومصر وبيزنطة. وجاء محمد، ولا شك أنه كان شخصا فذّا، وكان قد اتصل، فى رحلات التجارة، ببعض تلك الشعوب المتقدمة واستوعب شيئا من ثقافتها. ربما يكون ما استأثر باهتمامه بادئ الأمر هو تميّز العقيدة الموسوية على عقيدة قريش وبقية القبائل العربية، فأخذ يدعو قومه إلى اتباع عقيدة أكثر نقاء. لكنه بعد أن اضطر للهجرة إلى يثرب (المدينة) رأى أنه يستطيع أن يجمع تلك القبائل ويوحدها وينظمها، وعلى هذا فإنه حين نقل نشاطه إلى يثرب تغلـّب الهم التنظيمى عنده على الهم العقائدى. ونجح محمد فى أن ينتقل بالقبائل العربية نقلة هائلة وأن يصنع منهم نواة دولة. وتطلعت الدولة الوليدة للتوسّع فى الأقاليم المحيطة بها. وكان مما ساعدها على تحقيق تطلعها أن تلك الدول ذات الحضارات العريقة كانت قد تهرّأت وأصابها وهن الشيخوخة وأنهكتها الصراعات فيما بينها، فاستطاعت القوة الفتيّة المفعمة بحماس عقيدة جديدة أن تـُخضع تلك البلاد دون عناء كبير. وليس ذلك بمستغرب ولا هو بالشىء الفريد. فكثيرا ما نجد فى تاريخ البشر جماعات متخلفة أو حتى شبه بدائية تجتاح بلادا أكثر تقدما وتقيم إمبراطوريات شامخة. ولما استقر العرب فى تلك البلدان المتقدمة لم يجيئوا معهم بنظم للحكم ولا بمؤسسات خاصة بهم، ولا هم ابتدعوا مثل هذه النظم والمؤسسات، بل حكموا بالنظم والمؤسسات التى وجدوها فى تلك البلاد، باستثناء بعض المظاهر السطحية والتسميات الشكلية التى لا تمس الجوهر. وانبعثت فى تلك البلاد بين أبنائها وعلى أساس مقوّماتها الأصيلة حيوية جديدة، وانطلقت إلى إنجازات حضارية كانت مواصلة واستمرارا لتراثها التليد. وإذا استعرضنا بضعة القرون الأولى من المد الإسلامى لوجدنا معظم علماء ومفكرى وحتى فقهاء تلك الحقبة من أبناء تلك الحضارات العريقة، وإن كان من الطبيعى أن يلحق بعض النابهين من العرب بالركب.
هذا إطار تخطيطى لانطلاقة الدولة الإسلامية، أقدمه دون أن أدعى أى تبحّر فى دراسة التاريخ عامة أو التاريخ الإسلامى خاصة. إنما غرضى من عرض هذا الإطار هو أن أقول إننا أحوج ما نكون إلى النظرة التاريخية الموضوعية، فتلك النظرة التاريخية الموضوعية لنشأة الإسلام وللتاريخ الإسلامى هى وحدها الكفيلة بأن تحررنا من الأوهام والأكاذيب التى تستعبد وتكبّل عقولنا. ومن المؤسف أن تلك الأوهام والأكاذيب رسخت واستقرت وأصبحت مسَلـّمات لا تـُساءل ولا تناقش، بل أصبحت مجرّد محاولة الاقتراب منها تـُعَدّ جريمة تترتب عليها تبعات خطيرة لمن يجرؤ على القيام بالمحاولة. وأطفالنا يلـَقـّنون تلك الأوهام والأكاذيب منذ نعومة أظفارهم فتصبح قيدا على عقولهم يسلبهم حرية التفكير حتى إن لم تقيَّد تلك الحرية بقيود ظاهرة.
كلمة أخيرة لأولئك الذين يحاولون العمل على تحرير العقول بكشف ما فى تراثنا الدينى والثقافى من أشياء تجافى العقل وينفر منها الحس السليم. إن العمل فى هذا الاتجاه لا يأتى بثمرة، فالذين صاغ ذلك التراث عقولهم وشكـّلها يرفضون هذه المعالجة ولا يفتحون لها عقولهم. فإذا أردنا أن نكسبهم للعقلانية علينا أن نروّض عقولهم على التفكير العقلانى الموضوعى دون أن نصدمهم مباشرة فى معتقداتهم التى رضعوها مع لبن أمهاتهم. ولنذكر أن التحرّر من سطوة العقيدة الدينية فى الغرب الأوروپى بدأ بما يسمّى النقد الأعلى للكتاب المقدّس، وهو نقد يقوم على دراسة تاريخية علمية وثائقية هادئة رصينة فعلت أكثر مما فعلته حتى أعمال ڤولتير وغيره من فلاسفة التنوير.
القاهرة، 19 أغسطس 2012



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش على -لغتنا والحياة- ل عائشة عبد الرحمن -بنت الشاطئ-
- أخلاط هواجس
- ما شأن الله بالدستور؟
- القيم والدين
- سفسطة إخوانية
- ثيوقراطية الدستور المقترح
- هيپاتيا: الحقيقة، الأسطورة، الأكذوبة
- كم يسيئون إلى إلإههم!
- الدين: مفهومان متناقضان
- الدولة المدنية والدولة الدينية
- لغة الإسلام السياسى
- الفيلسوف والسياسة
- من هو المثقف؟
- هل الإخوان شركاء الثورة؟
- بكائية للثورة
- ضرورة نقد الدين
- المفهوم الفلسفى للدين
- مسيرة الفكر الإنسانانى
- دعوة للعقلانية
- ظاهرة زغلول النجار


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - كيف نتحرر من أوهامنا؟