أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سيمون نبيل - حكاية معلمة














المزيد.....

حكاية معلمة


سيمون نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 3824 - 2012 / 8 / 19 - 00:06
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


حكاية معلمة
كتبتْ لها الأقدار أن تعيش في مساحة جغرافية تصالحتْ عليها المصائب وسَخَت الطبيعة عليها بالنوائب . فمن الزلازل والبراكين خلال الأزمنة الغابرة إلى الفيضانات والأعاصير إلى شحّ في الثروات المائية في هذا الزمن التعيس التي هي إحدى نعم الإنسان المعمّر للكون . تلكم هي قصة معلمة قدمت من بقعة جادتْ عليها الطبيعة بالعطايا والمزايا في مدينة الدارالبيضاء الكبرى لتجد نفسها مرمية في أحضان جبال أيت عيسي الوعرة قرب مدينة الصويرة .منطقة شقت الطبيعة عليها وعلى ناسها البسطاء لاحركة إلا السّكينة والهدوء إنها أشبه بأرض مهجورة ومحاصرة بجدار صيني عظيم ،لا تسمع إلا أصوات حوافر البغال والحمير تتسلق أعالي الجبل بحثا عن نقطة ماء وسط مطفية تلفها العناكيب، وتحرسها الثعابين، وتلهو وسطها الذئاب ليلا ، كل يوم لا تطيق المعلمة أن تتحمّل المكان ،لا ماء عندها ولا كهرباء ولا زاد لتدويل معاناة الزمن ،ومع ذلك تجدها محبة لعملها ومتفانية فيه لدرجة الجنون .تكافح من أجل تلامذتها فهي لاتبخل عليهم بالعمل كل صباح ومساء ولا تحرمهم من العطف والحنان حتى من بعض القشفات أحيانا تعاملهم وكأنهم جزء لا يتجزؤون من ذاتها ، تعود كل مساء إلى بيتها الذي تكتريه وسط الدوار الصغير والذي هو أشبه بتكنة عسكرية مهجورة، تجمع ماتيسّر من ماء فتجدها وهي تقف أمام موقد الغاز تنتظر غليان الماء لتحضير الشاي لعلها بكأس مشحّرً قد تقايض قسوة الطبيعة ومعه قليل من الضحكات والقشفات مع نفسها لتنسيها كذلك مرارة واقعها التّعيس. كل يوم تعيش فصولا من القسوة والحرمان تارة برد وحر وتارة حنين لبيتها وأهلها وتارة ندم وحيرة على اختيار مهنتها وتارة طموح وأمل بتغيّر واقعها. وإذا ما هبّت عليها ريح في أحد ليالي البرد القارس تجدها مسكينة تجحط عينيها وتوقف شهقات صدرها من شدة الخوف. و إذا سمعت عويلا أو نباحا بالقرب من بيتها ينذر الرعّب في جسدها لا أحد يغيتها حتى وان كانت في أمسّ الحاجة إلى نجدة ، وفي اليالي العاصفية تسمع قرقعة أبواب بيتها المنكسّرة ونوافذها المتحطمة ،فيتساقط الغبار على فناء منزلها . تعيش وحيدة وكأن لعنة الأقدار حكمت عليها بذلك ، لاتكاد تبرح فراشها من قوة الخوف وشدته ومن هجران المكان الذي هو أشبه بروضة مهجورة أو بالأحرى غوانتنامو خليج كوبا، ترفض حتى الخلود إلى النوم طيلة الليل فتظل وهي تراقص أعصابها كان الله في عون معلمتنا وفي عون أناس أمثالها ... ترى فما هذا القدر اللعين الذي يلاحقها ؟ ومن المسؤول عن حالها وأحوال جميع المعلمين والمعلمات المنفيين في غياهب مغربنا الحبيب ؟ ففي الوقت الذي يجب أن تقدر وتثمن مجهوداتهم تجد وابلا من الشتم والسّب والنقد يتساقط عليهم ؟. وفي الوقت الذي يجب أن تسترد كرامتهم تجد ترسانة من المذكرات والاجرء ات والنصوص المتقادمة تتساقط عليهم كحجارة من سجيل؟ وترصد لهم أرقام خضراء للتبليغ عن سلوكاتهم وتحركاتهم وتغيباتهم ... فعلا إنه الغباء في مغرب يأخد بأيدي الجهلاء ويتخلى فيه عن الشرفاء والعظماء ،مغرب يكرّ م فيه المفسدين ويحاسب
النزهاء على حسن نزاهتهم .مغرب يحظى فيه الكبار بالإكراميات والعلاوات ويحظى فيه الصغار بمثل ما حظيت به المعلمة . فعلا إنها سياسة تكريس الجهل في بلد يغوص في الجهل من قدميه إلى أخمص رجليه, بلد تعيش ثلتي ساكنته داخل اقفاص فكرية ثقافية وعقلية ، ليس هكذا تجازى أسرة التعليم ياوزير التعليم وليس هكذا تورد الإبل .
سيمون نبيل بوليفارـ سلا ـ المغرب



#سيمون_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى حكومة بن كيران


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سيمون نبيل - حكاية معلمة