|
خوف الضعفاء من وهج الحقيقة .. - إلى الصديق إبراهيم اليوسف
روني علي
الحوار المتمدن-العدد: 1115 - 2005 / 2 / 20 - 10:46
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
منذ مدة، وبعد أن طفح كيل الشتائم من جانب بعض دعاة الثقافة والمتثاقفين، على الثقافة والمثقفين، استنجد الأخ الباحث إبراهيم محمود عبر صرخته الإلكترونية، مطالباً الكتاب وحملة الأقلام، الوقوف في وجه هذه الآفة المرضية في جسم الثقافة الكردية، إلى أن أعلن انسحابه من الدائرة، تاركاً الحالة على ما هي عليها، دون أن يلم بأدوات المعالجة، أو يشتت القوى الخفية التي تعبر عن ذواتها وهواجسها من خلال نافذة (الرأي الآخر أو الرأي الحر) . وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع السيد محمود، وأسلوبه أو شكل تناوله للواقع وللوقائع، اعتقد أنه كان يبحث عن المدينة الفاضلة ضمن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية والأخلاقية المحيطة، أو أنه لا يعير اهتماماً للتراكمات الحاصلة في ذهنية الإنسان الشرقي وسط نواظمه وضوابطه البيئية والإيديولوجية، ناهيك عما إذا كان هو نفسه يمتلك شروط ومقومات مدينته أم لا، كوني أتعامل معه كنتاج معرفي، ولم أعايشه عن قرب.. لكن أستطيع القول هنا، بأنه قد تجرأ إلى حدود تجاوزه للخطوط الحمر حين توجه إلى الآخر من خلال ذواتهم وشخوصهم، حتى كانت المشكلة .. لأن ما نمارسه من نقد، أو نعتقد بأنه نقد، يجب أن يمتلك شرطه الأساسي وهو فهم الآخر لضوابط النقد، وهذا ما نفتقده حتى اللحظة .. ولا أخفيكم بأنني قد اقتربت من تخوم هذه المعضلة حين وقفت على مناوشات الأخ حسين حبش تجاه الأخ جان دوست، أو الملاسنة المبطنة بين السيدين نزار آغري ومحمد رشيد حول السيد صلاح بدرالدين وحزبه، لكن سرعان ما استدركت الموقف وتنحيت جانباً ... بعد هذا اللغط، جاء دور الصديق إبراهيم اليوسف ليأخذ هو الآخر نصيبه من التقريظ وبعض المناوشات، والتي اعتقد أنها ستكون إما من جانب بعض المرتقين سلالم الشهرة، أو القابضين لفاتورة جهودهم . ولست هنا بصدد التخوين، لأن هناك أكثر من جهة تمتلك قدرة الدفع ولها المصلحة في ذلك، سواء أكانت أنظمة أو تيارات سياسية أو فئات لها حساباتها وتوازناتها أو أخلاق يستند على ذهنية ثقافية موروثة . وللدفع أيضاً أشكاله المختلفة، مقابل مادي، مقابل معنوي، إطراء، إشباع غريزة الانتقام، إرواء شهوة اللامنتمي أو عقدة النقص ..إلخ .. وهذه الحالة ليست متوقفة على شخص بعينه، خاصةً ونحن نعايش المآل الذي نحن عليه في الحقل السياسي، والذي جله من نتاج هكذا حالات، وإن كان مغلفاً بمصطلحات الاختلاف السياسي أو العقائدي، بل هي حالة مستندة إلى مجمل الظروف المحيطة، ونتاج التراكمات التاريخية والثقافية والسياسية في شرقنا الرازح تحت نير القهر المادي والمعنوي، وذهنية الاقصاء القابعة في مجمل الكيانات الخاوية من أدنى مستلزمات التفاعل والتعاطي مع الحقيقة، والبعيدة كل البعد عن الادعاءات الإعلامية، خاصةً إذا كانت في زوايا مغلقة وضمن دائرة بعض المريدين والتابعين والمطبلين .. وقد أعاتب هنا الصديق اليوسف، كونه يتجاهل سقفه المعرفي، أو يهمشه، حين ينساق وراء بعض الترهات والخربشات من بعض المصابين بحمى الدونية – كائناً من يكون – ويفكر في الرد على مثل هكذا محاولات تهدف إلى تشويه البعض المتبقي من الجمال في القبح المسيطر على نمطية التعامل والتفكير، ويتجاهل الوقوف على حالة المراهنين على استحقاقات التغيير، أو المطبلين لسمفونية الحداثة، من أطر ومجموعات وأشخاص .. فالذي يحدث مقارنةً مع ما يمكن أن يحدث، شيء لا يذكر، خاصةً وأن السيد اليوسف – كما اعتبره - من الذين يعدون على الأصابع في الصدق مع الذات والصراحة مع الآخر في حقل المعرفة، وهو في قائمة القلائل الذين خدموا – وما زالوا – الثقافة الكردية، بغية الارتقاء بالجانب الجمالي فيها، ودون مقابل يذكر .. أما وأنه يسخر قلمه في هكذا مجالات، فاعتبرها نقطةً تسجل عليه .. فكيف لو اتهم بنسجه لعلاقات مع جهات مشبوهة دينياً ودنيوياً .. ومنبوذةً من قبل الأطر الكردية والسلطة في آن معاً ..؟ فهل سيقيم القيامة أم ماذا ..؟ .. حقيقة نحن الآن أمام إفرازات التراكمات التاريخية في الحالة الكردية، ونعيش مخاضاً لم يستقر الوضع به إلى أن يأخذ منحاه الطبيعي، فما زال التلون سمة التعامل السياسي، والنفاق غطاء الموقف، والمواربة رصيد كل حالة تستدعي الوقوف عندها .. وهذا ما يجب أن يدركه السيد اليوسف وأنا معه .. يجب أن ندرك بأن المشكلة تتجاوز حدود بعض المصابين بتلك الحمى الآنفة الذكر، وإنما هناك الكل كحالة طاغية.. فهل يمتلك السيد اليوسف مواجهة أطر ابتلعت مشاريعها ودعواتها الانفتاحية حين خطت خطوة أولى على سكة احترام الآخر، ثم تعود بعد حين – وبكل جرأة في الوقاحة – لتهين الآخر برأيه وكيانه .. وهل يمتلك الوقوف على حالة كتبة التقارير حين انهالت الضربات الموجعة الواحدة تلو الآخر على الذات الكردية..؟ أم أنه يعتقد أن الضربات الآنفة الذكر قد جمعت الكل تحت سقف الكردايتي ..؟ وهل لديه القدرة لتعرية المتاجرين بمشروع الإطار الكردي الشامل، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمن – حسب المفهوم الدارج في الاجتماعات المغلقة - ..؟. وهل له الغوص في تداعيات أحداث آذار في جوانبها الكردية والمتعلقة بأولي الأمر في أطرنا القائمة ..؟؟. هل وهل .. لا شك أن السيد اليوسف يتفهم المعادلة الحسابية وتوازناتها في الحالة الكردية، فكلما نضج الجانب المعرفي، تنحى التخلف جانباً، وكلما قوي شوكة دعاة احترام الذات والآخر، كان لا بد أن يصاب الأبوات – حسب تعبير مشعل التمو، والذي كان له نصيبه في هذا المجال، حين تصدت له مجموعة من منظمات إطار كردي في هجوم محموم على خلفية ملتقى باريس - القهقهرى، وهم القابضون حتى اللحظة لزمام الأمور، والقابعون على صدر القرار الكردي ..!! ولا ضير إن قلنا – حتى لو اتهمنا بتجاوزنا لحدود المألوف، أو حتى بالوقاحة – بأن مثل هؤلاء هم المستفيدون بالدرجة الأولى من كل خلل أو عطب يصيب الجسم المعرفي، كون ذلك يمد بآجالهم إلى حين .. ولو تناولنا سوية تاريخنا السياسي لوجدنا الحالة مازالت ماثلة أمام الأعين، فالذي يفهم أو يحاول أن يلم بخبايا الأمور، عليه أن يتكل على الله ويرحل، لأن البركة لا تتسع من يفهم حقيقة المعضلة أو يتقرب من تخومها، ولنا في الكثيرين من متنوري السياسة الكردية مثال على هذا.. فما أسهل من أن تشن العقول المنغلقة – في دفاعها عن ذاتها وامتيازاتها – الهجوم حتى على الرماد ظناً منها أنها تحوي بداخلها ناراً كامدة، وإن حصلت بأشكال وألوان مختلفة، فلهم في ذلك مبرراتهم، وفي عدم مواجهتهم للحقيقة مبرراتها، لأن المسألة تختزل في خوف الضعفاء من مواجهة وهج الحقيقة ولا شيء سواه .. فعملية الحفر في الصخور، والتي تنطحت لها مجموعة من الغيارى على مستقبل القضية الكردية، ماضياً وراهناً، وسط الأجواء الملبدة بتراكمات الثقافة الأبوية، تحتاج إلى أدواتها وآلياتها، وعليهم في ذلك حفظ فيروز عن ظهر قلب » من يركب الموجة لا يخشى من الغرق «، لأن تفتيت حصى واحدة من الصخرة، فيه انهيار للأهرامات المشيدة على صخور ملحية، والحالة هذه تستدعي بالمتمترسين الدفاع عن ذواتهم بوسائلهم الممتلكة، حتى ولو كانت سيل من الشتائم .. لأن من لا يمتلك غيرها، سيسخرها بكل تأكيد .. ولا عجب في ذلك، لأن الذهنية الكردية، وخاصة السياسية منها، تعيش ورطتها حيال ما تدعي وما تمارس . وبما أن ( النخب الثقافية ) في مجملها من نتاج تلك الذهنية، فهي تحمل آفتها وفيروساتها المعدية .. ومن هنا، وخشية على الذات، أدعو كل المثقفين، وخاصةً الملتزمين بقضايا الحرية، والمؤمنين بجدلية الأنا والآخر، عدم الانجرار وراء ما يشوه المتبقي من الجمال في اللوحة الكردية ..
#روني_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ها قد عاد شباط … زغردي يا هولير
-
نحن (الكل) .. إلى أين ..؟.
-
فوق أراجيح الوطن
-
وللارتزاق مسمياتها
-
نحو عقد اجتماعي وتعايش مشترك
-
الإقصاء .. ثقافة اللا منتمي - ( بين التهجم والتبني ) - ( 2 )
-
الإقصاء .. ثقافة اللا منتمي ( بين التهجم والتبني )
-
وقفة .. بين الأمس واليوم بين الفعل والقرار
-
نقطة نظام 3 .. ما لنا وما علينا على ضوء أحداث آذار
-
القضية الكردية في سوريا .. مستجدات وآفاق
-
قراءة في حديث رسمي
-
ماذا يدور في مطبــخ المعارضة السورية ..؟.
-
نقطة نظام هي عبرة لمن يعتبر
-
ضربة جــزاء ..
-
عكازة ( المثقف العربي ) .. كردياً
-
مشهد من أمام محكمة أمن الدولية العليا …
-
حين يجتهد القائد ، يتوصل .. ولكن .؟!.
-
هولير .. الحدث .. والمطلوب
-
كرمى لعينيك هولير ... فنحن على طريق الوحدة والاتحاد
-
الرهانات الخاسرة ...
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|