غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 3822 - 2012 / 8 / 17 - 14:24
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
يتحدد مفهوم اليساري قبل كل شيء برؤية ثورية سياسية وطبقية مستقبلية تقوم على مجابهة وإسقاط كل أنظمة وأدوات الاستغلال الطبقي والاستبداد والتسلط وقمع الحريات ، ومن ثم الالتزام بتلبية مصالح وتطلعات جماهير الفقراء والكادحين وفق مبادئ العدالة الاجتماعية الثورية والمساواة وحرية الرأي دونما أي إكراه من جهة ، والالتزام أيضا بموقف سياسي وطني انعكاسا لعملية خوض الصراع ضد العدو الوطني / القومي والطبقي من جهة ثانية ، فليس يساريا من لا يلتزم في الممارسة والنظرية بأسس النضال الطبقي والصراع السياسي والديمقراطي ضد قوى اليمين الليبرالي والرجعي السلفي/الإسلام السياسي ...وضد التبعية والتخلف والاستبداد والخضوع ،وليس يساريا من لا يمارس - - وفق الزمان والمكان المناسبين- كل أشكال المقاومة المسلحة والشعبية ضد الوجود الصهيوني والقواعد الأمريكية المنتشرة في الوطن العربي ... وليس يسارياً – بل خائنا - من يستعين بأعداء وطنه بذريعة الديمقراطية ، وليس يسارياً من يشارك في حكومة من صنع الاحتلال أو يتحالف معها ، وبالطبع ليس يسارياً أيضاً من يعترف بدولة العدو الصهيوني ويتناسى دورها ووظيفتها في خدمة النظام الامبريالي . .. وليس يسارياً أيضاً من لا يستوعب تماماً كل مكونات واقع بلده الاقتصادي والاجتماعي / الطبقي بكل تفاصيله المتعلقة بقضايا الطبقة العاملة والبطالة والفقر والتنمية والتشغيل وتوزيع الدخل والمسألة الزراعية والصناعة وقضايا المرأة والشباب والصحة والتعليم ... الخ ، وفق منطلقات ومبادئ وبرامج الثورة الوطنية الديمقراطية ضد التحالف الكومبرادوري / البيروقراطي وإسقاط أنظمة الاستبداد ، من أجل انعتاق شعوبنا عموماً و إلغاء كل أشكال قمع الحريات والاستبداد والاستغلال والاضطهاد والتبعية . من هذا المنطلق يجب أن نعيد تحديد معنى اليسار عموما، والماركسي المتطور المتجدد خصوصاً ،الملتزم بالمنهج المادي الجدلي ، فلا مكان هنا للتلفيق أو التوفيق ناهيكم عن الارتداد الفكري صوب الأفكار الهابطة والانتهازية والليبرالية الرثة ، إذ أنَ هذه المنهجيات المُضَللة أساءت كثيرا جدا لليسار العربي كله وأدت إلى عزلته عن الجماهير وعن سقوطه المدوي في آن واحد . هذه تعريفات جوهرية وقيم عامة لليسار، ومن وجهة نظري ،ليس يساريا من لا يدافع عنها ، وبالتالي بات من الضروري تحقيق الفرز انطلاقاً منها، وأن لا يُكتفى بالتسميات أو الألوان الحمراء ، بل أن يجري الانطلاق من المواقف والسياسات علاوة على الوعي المتجدد للماركسية ومنهجها . ولهذا حينما يجري التأسيس لعمل يساري أو وحدة قوى يسارية يجب أن ينطلق من هذا الفرز، ويقوم على أساسه، وإلا استمرت التوجهات السياسية الانتهازية والارتدادات الفكرية وتفاقم مظاهر التفكك الشللية والتحريفية الانتهازية والمصالح الطبقية الخاصة ، فاليسار ليس تسمية بل موقف وفعل أولاً وأساساً .
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟