أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مايكل سيﭙي - أين المائدة المستديرة الأفقية ؟














المزيد.....


أين المائدة المستديرة الأفقية ؟


مايكل سيﭙي

الحوار المتمدن-العدد: 3819 - 2012 / 8 / 14 - 16:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



واجهـتْ البشرية في القـرن العـشرين حـربَـين عالميّـتين تـنـوّعـتْ فـيها أسلحة المقاتـلين وتـطـوَّرتْ فـنون القـتال عـنـد القادة الميـدانيّـين ، رُفِـعـتْ فيها رايات المنـتـصرين بعـد أن أنهكـتْ قـوى المتـصارعـين وحُـفـرتْ قـبورٌ لجـثـث عـشرات الملايـين وشـرّدتْ ملايـين آخـرين وتحـطـمتْ البنية التحـتية للجانبـين بالإضافة إلى عـدد لا يُحـصى من المعـوّقـين والمسجـونين . وبعـد أن تـدهـورتْ الأسس الأخلاقـية للبُـنية الفـوقـية لكلا الـطرفـين ، لم يطـمئِـنا بل راح كـل فـريق يشك بالآخـر ويتجـسَّـس عـليه ويُـخـفي عـنه ويتسابق معه في مـيـدان تـطـوير إمكاناته الـتـدميرية فإبتـدأتْ الحـرب الباردة بـينهـما تمهـيداً وإستعـداداً لجـولة ثالثة من الهـوَس الحـربي التي لو كــُـتِـبَ لها أنْ تـقع ، ما كان يسلم من شـظاياها سـوى النمل في سـراديـبه تحـت سـطح الأرض ، ولكـن رُسُـل السلام الذين يعـملون خـلف الكـواليس إسـتـطاعـوا أن يُـجَـنـِّـبوا البشرية مأساتها . إن شـنَّ أية حـرب تكـون بسبب ــ أو تـبدأ عـلى الأغـلب من جانب ــ قائـد متـزمِّـتٌ بفـكـره متـفـرّد برأيه عـنـيد في موقـفه يخـتار ذيولاً هـزازة وضيعة تابعة تحـيط به يتخـذهم من مشـورتهم حجة له فـيكـتسب شرعـية قـراراته ويعـمل ( مرَض الأنا ) فـيه فـيتسلط عـلى رقاب شعـبه ، ولولا تلك النفـوس الضعـيفة التي تـدور حـوله ما كان يقـف دكـتاتـوراً عـلى رجـليه وقـد رأينا صداماً نموذجاً مثالياً له . إن صـوَراً ممائلة لـهكـذا سـلوكـيات نـراها اليوم مستـنسَخة في ميادين كـثيرة من عـمل المؤسّـسات المدنية والسياسية والدينية والعـسكـرية وفي عـقـول كـثيـر من أشـباه القادة ، ولا شـك نلاحـظ أمثلة لها في التجـمعات العـشائرية بل وحـتى العائلية .

إن العـقـل البشري العـصري يرفـض الـقـيود عـلى الحـريات القانـونية وينـبـذ الفـوارق بـين الطـبقات الشعـبـية ولم يعـُـد يقـبل عـبادة الأصنام الفـوقـية ، فـلقـد ولـَّـتْ أيام أهـرامات الجـيزة التي صارت تحـفاً للزوّار ، يقـضون عـنـدها ساعات من النهار والفـراعـنة في داخـلها مقـبورون بوقار والمروج المنبسـطة في إزدهار والناس يتـجـنـبون تعـليق التلفـزيون في أعـلى الجـدار لئلاّ يُـتعـب الأبصار ، إنها سُـنـَّـة حـياة هـذا العـصر إنْ رفـضـناها أم قـبلـناها بـسـرور .

إن الهـيكـلية الهـرمية التي مَرَّ ذكـرها لم تـعـد نافـذة المفـعـول في قـرنـِنا الحادي والعـشرين بل صار المجـتمع يثـور عـليها ويـبحـث عـن أشكال هـندسية فـيها راحة نـفـسية وأذواق شـخـصية . فالأب يوسف توما لم يعُـد يرضى بتصاميم العـمارة العـمودية السابقة التي وصفـها بالـ ﭽـَكـمَـﭽات أوالشـخاطات ( عُـلـَـب ) بل أن المهنـدس العـصري يريـد أن يترك فـيها إنـفـعالاته الروحـية ولمساته الوجـدانية وهـكـذا نـرى سيادة المطران أميل نـونا في محاضرته الشـيّـقة التي ألقاها في قاعة لانـتانا / نادي بابل الكـلـداني / سدني مساء الأحـد 3 حـزيـران 2012 والتي أشار فـيها إلى تـطـوّر نـظـرة المؤسسة الكـنسية إلى المجـتـمع البشري في عـصر النـظام العالمي الجـديـد ، فالناس لم يعـودوا يقـبلون بالقـوالب الهـرمية في العلاقات البشرية وإنما إسـتـبـدِلـتْ بأخـرى دائـرية مسـتـوية أفـقـية ليس فـيها رأس متـسلط عـلى قاعـدة ساذجة بل الجـميع متساوون متحاورون بغـض النـظر عـن نوعـية أو كـتـلـتهم العـددية ، ولسان حال كـل منهم يقـول : قـف أمامي لنـتحاور وإلاّ فأنت مرفـوض في ساحة الحـرية . وقـد نشـرنا مقالاً عـن محاضرته جاء فـيه (( تـنـظـر الكـنيسة إلى العائـلة كأنها دائـرة أفـقـية ذات مسـتـوى واحـد وعـليها الأبناء يتـصفـون بالمزايا التالية : (1) يشـتـرك جـميعـهم في بنائها (2) ليس بـينهم خامل ولا متـفـرّجٌ ، وليس فـقـط مُـنـفـذاً لأوامر غـيره (3) في الحـقـيقة إنه تـشـبـيه رائع وذكـيٌ فالدائـرة ليس فـيها رأس مهـيمن ولا قاعـدة خاضعة ، وهـنا لا يـوجـد إرتـفاع وإنحـدار كـما ليس فـيها سـيّـد وعـبـد بل الجـميع متـساوون في الحـقـوق الواجـبات (4) كـل واحـد منهم يأخـذ ويعـطي بصورة فاعـلة ومشتـركة بسلاسة ومرونة )) .

إذا كانت الكـرمة تستحـق الإكـرام عـن حَـملِها الأغـصان فلا نـنسى فـخـرَ الكـرمة يأتي من هالة الأغـصان ، فإذا جُـرّدتْ عـنها صارتْ الكـرمة عـثـرة في بستان ! فالمؤسـسات تحـيا بروّادها وبدونهم تـغـدو لافـتات إسـتعـراضية ، وقـد فات زمان الهـياكـل الهـرمية لـتحـل محـلها الموائـد المستـديـرة الأفـقـية تلك التي ذكـرَها المطـران مار أميل نـونا والتي توصي بها مؤسساتـنا الكـنسية وتبقى الأهـرامات الفـرعـونية التراثية وقـممها العالية إبـداعات الأجـداد للـتـسلق إليها كإنجازات رياضية .

إن ما يخـطـطه الناس فـوق الأرض أو عـلى سطح القـمر في السـر مع ﭽـَـمْ نـفـر ! دون أن يتـركـوا أثـر لم يعـد خافـياً عـلى بني البـشـر لأنهم مفـتحـين باللبن والـﮔـيمر ، لأنه ( وحـﭽـي بـيناتـنا ) كم من أمين صـنـدوق لمّا وافـته المنية وجاء بـديله ليستـلم المالية ، لم يجـد شـيئاً في خـزينة صاحـبه فـهـل نـُـقِـلتْ إلى حسابات في مصارف أبـدية ؟ أثاري القـصة وما فـيها مهما إتخـذتْ من سيناريوهات مموّهة ومشاهـد مظـلِلة وأنـوار ملـوّنة ، فإنها تـصبُّ في النهاية فـيما نـبَّـه إليه الربُّ وهـو المال العـجـيبُ ، وما أدراكَ ما المال الرهـيبُ ! فـهـل تأتـوا معـنا لـنـترك السـنـدات المالية لِـمَن يعـبـدها من فـوق الهـياكـل الـهـرمية ، ونجـلس بـينـنا في حـلقة سـمر دائـرية عـلى أرض أفـقـية عـلى ﮔــَـد حالـنا ونـقـول : ياهـو مالـتـنا بالإنـﮔـلـيـز والإنـﮔـلـيـزية ، فـنغـني عـلى أنغام القـيثارة البابلية وألحان الكـنارة الكـلـدانية ، نرتـل معـها تراتيلـنا التراثية ونرتـشف كـؤوساً من خـمر معـتـقة في أواني فـخارية كـتلك التي في عـرس قانا التأريخـية ؟



#مايكل_سيﭙي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس بالارقام تقاس الاصالة
- إلى الرفاق مسؤولي التنظيمات الكلدانية المعتزين بتسميتهم التأ ...


المزيد.....




- هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س ...
- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
- رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات ...
- مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب ...
- بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز ...
- وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها ...
- وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل ...
- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مايكل سيﭙي - أين المائدة المستديرة الأفقية ؟