|
اختيار الطالباني رئيساً ضرورة وطنية
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1114 - 2005 / 2 / 19 - 10:29
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
منذ التاسع من نيسان/أبريل 2005 والعراق يسير بخطى ثابتة، رغم الصعاب، نحو بناء دولته العصرية الديمقراطية الفيدرالية، الخالية من التميز العنصري والديني والطائفي, وما نجاح الانتخابات البرلمانية الأخيرة وترشيح الأستاذ جلال الطالباني لرئاسة الجمهورية من قبل الأحزاب الكردية ومباركة أغلب القوى السياسية الأخرى له، إلا دليل على ذلك. إن الدولة العراقية الحديثة (الثانية) التي ولدت يوم 9 نيسان (أبريل) 2003 بعملية قيصرية على يد الجراح الأمريكي-البريطاني ودعم شعبنا، تمر في مرحلة إعادة التكوين والتشكيل، تختلف كلياً عن مرحلة ولادتها القيصرية الأولى عام 1921. والتشابه بين الولادتين هو أن العامل الخارجي، بريطانيا في الأولى، وبريطانيا وأمريكا في الثانية، لعب دوراً أساسياً في هذه الولادة العسيرة. فالعراق الجديد يتطلب إعادة تشكيله بما يتناسب مع التطور في القرن الحادي والعشرين، قرن الديمقراطية والعولمة والتقارب والتآخي بين الشعوب. فالدولة العراقية الأولى ولدت في عهد التخلف المحلي والعالمي وفي ظروف القهر والاستلاب، رافقها عدم الاستقرار ولازمتها التداعيات والاضطرابات نتيجة لاستحواذ شريحة واحدة من مكونات الشعب على السلطة والامتيازات ومعاملة المكونات الأخرى كمواطنين من الدرجة الثانية. وهذا لا يعني عدم وجود أسباب أخرى في عدم الاستقرار ولكن يمكن اعتبارها أسباباً ثانوية مساعدة. وبطبيعة الحال، لا يمكن أن تستمر حالة الظلم والإجحاف والتمييز العنصري والطائفي والقهر والاستلاب بحق الأغلبية إلى ما لا نهاية. فبمرور الزمن تنامي الوعي لدى جميع مكونات الشعب، فبرزت المطالبة بشدة بتحقيق العدالة والإنصاف للجميع ومعاملة كل أبناء الشعب بالتساوي في الحقوق والواجبات. وهذا ما نأمله من الدولة العراقية الجديدة ونظامها الديمقراطي الفيدرالي الوليد، إذا أردنا أن نجنِّب شعبنا المزيد من الويلات والكوارث، وعقدنا العزم على السير قدماً في طريق التقدم والديمقراطية والحداثة والازدهار والاستقرار. نعم، لقد اعتمدت الحكومات العراقية المتعاقبة على شريحة واحدة من مكونات الشعب العراقي ومارست سياسة تهميش المكونات الأخرى في المشاركة في حكم بلادهم، وقد بلغ هذا التهميش الذروة في عهد حكم البعث الفاشي الصدامي، حيث كان نصيب الكرد والشيعة الحرمان والقتل والتشريد والمقابر الجماعية وحتى الإبادة بالأسلحة الكيمياوية وعمليات الأنفال، ولم تكن حال القوميات الأخرى بأفضل من ذلك. وهذه السياسة البعثية العنصرية والقومية الشوفينية هي التي دفعت إلى تكريس الطائفية وتمسك مكونات شعبنا الأخرى بهوياتها الثانوية كإجراء طبيعي للحفاظ على وجودها من الإلغاء والإبادة والصهر القسري بحجة الوحدة الوطنية، السياسة التي قادت العراق من كارثة إلى كارثة والتمزق والنفور وزعزعة الثقة بين أبناء الشعب الواحد. لذلك فقد آن الأوان أن يعمل جميع الفرقاء على إزالة التركة الثقيلة من مخلفات البعثيين والعمل على إعادة الثقة بين مكونات الشعب وذلك باتباع سياسة معاكسة لسياسات الأنظمة السابقة. وترشيح السيد جلال الطالباني، زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، هو إحدى هذه الوسائل الفعالة لكسر طوق احتكار شريحة واحدة من مكونات الشعب للمناصب السيادية في الدولة العراقية. وهذا ينطبق على أي عراقي آخر تتوفر فيه الكفاءة المطلوبة أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو أي منصب آخر في الدولة العراقية الجديدة، لأن الشرط الأساسي في الشخص المرشح في العراق الجديد هو أن يكون عراقياً يؤمن بالولاء للعراق وذو ماض مجيد وكفاءة لذلك المنصب، بغض النظر عن انتمائه القومي والديني والمذهبي أو الفكري والسياسي. لذلك فترشيح مام جلال لمنصب رئاسة الجمهورية هو الخطوة الضرورية لتحطيم هذا التابو والاحتكار وكعلاج نفسي للشعب العراقي ليدرك أن عهد التهميش واحتكار المناصب العليا لفئة معينة قد ولى إلى غير رجعة. وعلى تلك الفئة التي تمتعت لوحدها بالامتيازات خلال ثمانية عقود الماضية أن تتكيف مع العهد الجديد وتتعلم وتتعامل مع الواقع العراقي بعقلية متفتحة وذهنية عصرية خالية من الطائفية والاستعلاء القومي الشوفيني البغيضين. فالعراق الجديد هو عراق لجميع أبناء الشعب دون أي تمييز. والمناصب السيادية وغير السيادية لم تعد محتكرة على قومية معينة أو مذهب معين، بل يحق لكل عراقي تتوفر فيه الكفاءة لمنصب ما أن يرشح نفسه له. ودعم قادة القوى السياسية العراقية لترشيح الأستاذ جلال الطالباني، دليل على نضجهم السياسي وأنهم عقدوا العزم على التخلي عن سياسة التهميش والتمييز، فعندها سيشعر الأخوة الكرد وغيرهم من القوميات أنهم عراقيون في الصميم وأنهم، كغيرهم من مكونات الشعب العراقي، جزء لا يتجزأ وفعال من هذا الشعب، وبالتالي سيعمل الجميع على بنائه والحفاظ على وحدته الوطنية ودون التخلي عن الانتماءات الأخرى في العراق الديمقراطي الفيدرالي التعددي. فالوحدة الوطنية لن تتحقق بالصهر والإلغاء بل بالاعتراف باالتعددية والتنوع Unity in diversity. فمرحى لشعبنا بإكمال وحدته الوطنية بتلاحم كل مكوناته الأثنية والدينية والمذهبية ونبارك للأستاذ جلال الطالباني بترشيحه كأول كردي لأعلى منصب في العراق الديمقراطي الفيدرالي التعددي الجديد.
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من وراء اغتيال الحريري؟
-
بريماكوف الأكثر عروبة من العربان!!
-
وحتى أنتِ يا بي بي سي؟
-
العراق ما بعد الانتخابات
-
مرحى لشعبنا بيوم النصر
-
يوم الأحد العظيم، يوم الحسم العراقي
-
الشريف الحالم بعرش العراق
-
مقترحات لدحر الإرهاب؟
-
الزرقاوي، الوجه الحقيقي للثقافة العربية-الإسلامية
-
البعث تنظيم إرهابي وعنصري
-
لماذا لا يصلح النظام الملكي للعراق؟ 5-5
-
لماذا لا يصلح النظام الملكي للعراق؟ 4-5
-
لماذا لا يصلح النظام الملكي للعراق؟ 3-5
-
هل الانتخابات وسيلة أم هدف؟
-
لماذا لا يصلح النظام الملكي للعراق؟ 2-5
-
الإرهاب والبعث وجماعة صدام
-
لماذا لا يصلح النظام الملكي للعراق؟ 1-5
-
عام جديد.. والكوارث تتوالى
-
سوريا والإرهاب في العراق
-
الانتخابات العراقية وإشكالية الطعن بشرعيتها
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|