|
الشبكة والصياد
رياض كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 3817 - 2012 / 8 / 12 - 06:40
المحور:
الادب والفن
غمز لي عمي بشواربه الكثة المعقوفة وابتسم ، بانت اسنانه البيضاء المرصوفة بانتظام وقال . _ حينما تكبر ويطر شارباك ويبزغان كفرخ البط ، اعتني بهما وادهنهما بهذا الزيت . ناولني زجاجة عطر الحوت الجميلة ثم اسلم الروح بشجاعة . اخذت قطرة من الزجاجة ودهنت ما فوق شفتي العليا وشعرت بخشونة الشعر وهو ينمو بشكل سريع ، نظرت في المرآة لوجهي فرأيت خطاً اسود كسرب الدود يعدو فوق شفتي . ابتسمت وشعرت بنشوة غريبة تتسرب من شاربي الى ما تحت بنطالي ، العصفور الصغير المشاكس اخذ يتحرك ويشاغب ويبصق سائلا يجعل من جسدي يرتعش كسعف النخل . خرجت الى الشارع مزهواً بشواربي وعصفوري وبلبلي . كنت في الرابعة عشر من عمري ، انحدر من عائلة هتلرية بامتياز ، والدي يرحمه الله يصبغ شارباه ويقصهما كهتلر ، اخي الاكبر يقلمهما كشارلي شابلن ، امي واخواتي ينافسننا على ادواة الحلاقة ، نستهلك من الامواس اكثر مما نستهلك من الخبز ، شواربنا تنمو كحقل ارز في عام مطر . في بيتنا مرآة ضخمة جلبها عمي من بلاد السند والهند ، لا شيء في بيتنا غير تلك المرآة ، عند المساء نجلس كلنا انا وعمي وابي وامي واخوتي واخواتي نقلم شوارب بعضنا البعض . انظروا يا اولاد شعر الانف قبيح جدا لذلك يجب نتفه قبل التشذ يب . كلما امسكت اختي بشعرات انفي لتنتفها اعطس تشوو تشوووو . كانت جارتنا ( علوية ) او هكذا اسميها طالبة جامعية ، سمراء وجميلة وطويلة كالغرنوق ، تلبس تنورة رصاصية وقميص ابيض وتضغط صدرها بكتاب محاضرات ضخم مرسوم عليه صورة الممثل ( يوسف شعبان ) بشواربه الكثة وصدره المشعر . لا فرق بيني وبين ذلك الممثل سوى الفارق بالعمر ، انه مجرد صورة بشوارب وانا كائن حي تتقافز العصافير والبلابل تحت لباسي وتسلبني النوم ، كما تتقافز الشعيرات الخشنة فوق شفتي وعلى صدري ، لم لا اريها ما ترغب برؤيته فانا امتلك الكثير منه رغم فارق العمر بيننا ، فهي ربما تكون في العشرين او اكثر قليلا لكن هذا ليس مهماً ، انا ثور اشطح وانطح اكثر من يوسف شعبان . كنت اعرف توقيت خروجها من المنزل فأقف على عتبة المنزل بانتظارها وانا امسد شواربي المدهونة بزيت الحوت ، لكنها تمر كالهدوء الذي يسبق العاصفة ، تمر كالنسمة لا تنظر لاحد ، لا تنظر لي وكأنها تسبح على صدر ذلك الممثل الشاب . افتعلت معركة وهمية مع الاشباح فنزعت ملابسي وقفزت الى عرض الدربونة عاريا الا من لباسي الداخلي مزهوا بسمرة جسدي وشعيرات صدري وشواربي ورائحة شهوتي ، زاحمتها على الطريق وانا اسب واشتم الاشباح ، اولاد الكلب اولاد الحمير اولاد الضباع اخرجوا لي اذا كنتم رجالا . توقفت ( علوية ) وضغطت الكتاب الضخم الى صدرها واخذت تنظر لي بفضول وخشية ، ربما برغبة ايضاً ، كانت الشمس تلمع على سمرة جسدي الفتي في تلك الظهيرة السعيدة ، توقفت مدهوشة من من عري الفاضح وعرق ابطي وشعرات صدري وشاربي الكث الذي لا يتناسب مع عمري . ابتسمت لي . الكثير من الرجال لا يعرفون تلك الابتسامة ، كلا ربما جميعهم يعرفون لكنهم لا يدركونها ، حينما تضيق الشفتان وتكشفان عن اسنان ارنبية تدعوك للمطاردة ، للجحور والمخابيء حيث حقل الارز الواسع ، هناك حيث يمكنها ان تنصب الشراك والموافز لتوقع بالصياد .
Read more: http://aljsad.com/forum36/thread3720886/#ixzz23HtcmeGq
#رياض_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلام وحب
-
طفل الله المشؤوم
-
حلم ليلة عيد الميلاد
-
الوصول الى جزيرة هاي
-
ساسون
-
اليوم الأخير والسعيد في حياة عباس أفندي
-
اوكسجين
-
امرأة ورجلان
-
حول غرابة الاشياء من حولنا
-
قطة على الجدار
-
المسافرون الخالدون
-
صميدع
-
بيت الشجعان
-
وداعاً يا راعي البقر
-
الجلوس في مدينة الذكريات
-
ليلة غريبة قصة قصيرة
-
مرآة الغرفة والجليس الصامت
المزيد.....
-
حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
-
فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
-
بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي
...
-
فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
-
الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب
...
-
ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في
...
-
توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
-
من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال
...
-
“احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م
...
-
فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي
المزيد.....
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
المزيد.....
|