أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رفقة رعد - خارج اطار مشروع السلام الدائم















المزيد.....

خارج اطار مشروع السلام الدائم


رفقة رعد

الحوار المتمدن-العدد: 3816 - 2012 / 8 / 11 - 23:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


البيئة السياسية العالمية اليوم تكشف ان العالم يقع خارج اطار اي مشروع سلام دائم، واحتمالية الحروب هي الواقعة دائما تحت قلق مستمر من القوى العظمى وسياستها المتبعة في جرف الدول المأكولة إلى ضفة الحرب، فيغدو سؤال لماذا لا نريد السلام؟؟ سؤال طبيعي كرد فعل على الواقع السياسي، ولماذا لا يتم التوقيع على معاهدة عالمية للسلام تقي هذا الكون من صرعات متخمة بصيرورتها؟

يموت سؤال بإجابته، لكن يولد ألف سؤال معه، بين الكيف و متى ولماذا وماذا سيحدث، تطرق ابواب اذهاننا يومياً مئات الرغبات ومئات الاحلام والمساعي لهكذا حلم نرى في تحقيقة اشباع وارتواء في الصومال وناطحات سحاب وشوارع معبدة في العراق ووطن عربي واحد في فلسطين ورؤساء وحكام عادلين، نرى انعكاسات حلم طغى عليه السلم والحب والرأفة، وضحكات طفولة ترسم بظلالها الحيطان.

ذلك الحلم الذي قدم لنا الفيلسوف كانط مقدمته ليصبح حقيقة، لم يكن مشروع كانط سياسي فحسب بل هو مشروع اخلاقي انساني تأخذ فيه الاخلاق النصيب الأكبر حينما يردد ان السياسة تقول كونوا حكماء كالحيات وتزيد الاخلاق وودعاء كالحمائم.. لا سلام ابدي دون سلام ذاتي نفسي، لا سلام دون وداعة الحمام، على الرغم مما قدمه كانط لنا من مشروع الحكومة الجمهورية التي يتميز دستورها بقدرته على تأطير البشرية بالقانون فلا يعد الخُلق السيء في هذه الحالة مشكلة، وان كان الانسان شيطان بذاته فللقانون القدرة على ان يحكمه ويحفظ حياته وممتلكاته. لكن يبقى الامن الداخلي النفسي هو اللبنة الاولى لبناء سلام حقيقي، سلام بقلب طاهر وروح سمحه تغلفها الأنسانية، وفضيلة تُتخذ كتطبيق اخلاقي لنا.

فاذا كان مشروع كانط مشروع اخلاقي سياسي ناجح، لماذا لا تطبق بنود كانط في مشروعه نحو السلام الدائم بسهولة؟؟ ما تحوي هذه البنود التي تجعلها بنود عصية للتحقيق؟؟
لربما تكون غير واقعية أو لا تخدم السلام نفسه، لربما هي تخدم حقبة زمنية لا غير، أو ربما يشكك البعض في مصداقية هذه البنود باعتبار ان كانط لم يخرج خارج اطار (بيتنبورغ) مدينة سكناه طوال حياته، ولا يمتلك الخبرة السياسية الكافية التي تؤهله لكتاب مشروع سياسي بهذا الاهمية، لكن مع كل الاسف نقول ان بنود كانط هي بنود تعالت حتى على المثالية والطوبائية واشتقت بقرأتها من تاريخ حكيم للسياسة، وهذا ما فعله كانط ، فببساطة هي بنود قابلة للتطبيق وشرعية وليست قابلة للأنتقاد.
لكن لنقل انها تستصعب من قبل السياسة بذاتها، لان السياسة تعني الحرب كما تتمثل عند كانط بالحالة الطبيعية، وهذا ما جعله يدون بنوده الستة كأطار محكم الزواية لتأطير الحرب وازالتها بإنشاء السلام إنشاءً، فتنوعت بنوده بين ان تكون الهدنة معاهدة لسلام نهائي ومؤكد، و انهاء سيطرة دولة على دولة اخرى بهدف الارث أو الاتفاقيات بين الدول، و يمنع اقراض الاموال بين الدول أو الجيوش لغرض النزاعات والحروب كأن المواطنين اشياء يسوغ استخدامها حسب الاهواء، كذلك لا يحق التدخل العسكري في دستور اي دولة وهذا ما دعى كانط بدوره ان يشرط لبند أزالة الجيوش النظامية كحل رئيسي لوقف نزيف الحرب كون الجيش هو اليد المحركة للحروب، وأخر بنود مشروعة الاولية تنص على منع استخدام الطرق الغير شريفة في الحرب التي تفقد الدولتين عن طريقها الثقة ببعضهما البعض.

بنود واقعية لكن بند واحد منها يكفي لتحجيم المشروع، فالسياسة العالمية لا تخدمها عملية ازالة الجيوش النظامية، ولا يخدمها اماتت الحروب وتضييق نطاق سيطرتها، ولا يقع في مصلحتها ان يكون السلام سلام ابدي، فبعض الدول تقتات على الحروب في بناء اقتصادها العالمي وتنشيط تجارتها وصناعتها ، كما قال احد الباحثين العسكريين ((ان هذه الحرب- وكل حرب- ان هي إلا حرب الطعام ))، وهذا ما وضحه ماركس عندما بين ان الاصل في النزاعات الحربية المسلحة يكمن في الخلافات الاقتصادية التي ترجع إلى كسب المصالح الاقتصادية، فكل رفاه اقتصادي تنعم به احدى دول العالم هو قائم على حياة ومآسي وتشريد شعوب أخرى، فليس غريب ان يقام التقدم الاقتصادي على الحرب، فنجد ان الولايات المتحدة في اعقاب الحرب العالمية الثانية قد استعادت نشاطها الاقتصادي بعد مرحلة الكساد العظيم من خلال اجبار المصانع على انتاج السلاح ومستلزمات الحرب من دبابات وطائرات واسلحة، وبذلك بلغ الناتج المحلي الاجمالي الامريكي لعام 1938 (84.7) بليون دولار، ولكن بحلول عام 1944 بلغ 210.1 بليون دولار .

هكذا ساعدت الحرب العالمية الثانية على احياء الاقتصاد الامريكي من اسوء أزمة قد واجهتها خلال القرن العشرين، لان جميع الاهداف قد توجهت نحو الانتاج اثناء الحرب مما ساعد الولايات المتحدة على صمودها في ظل الاضطرابات التي اجتاحت العالم، ويمكن لجملة جورج هربرت ان تختصر الحديث بقولهِ ((نتيجة الحروب خلق اللصوص ونتيجة السلام قتلهم)).

وفي محاولة اخرى من كانط في تسهيل امر السلام بجعله كائن حي، فقد سبق له القول بفكرة اتحادية بين الدول العالمية لعقد تحالف سلام يهدف إلى انهاء الحرب بشكل ابدي، ومما يضمن نجاح هذه الفكرة هي فكرة الاتحاد نفسها التي تضمن حرية الدول المتحالفة في قوانينها وموجبات القوانين، وبالتالي تتشكل دولة الامم حسب تعبير كانط التي ستشمل بتوسعها جميع دول الارض.

وعلى الرغم ما حققه التطور السياسي العالمي من انشاء مركز الامم المتحدة الذي يمثل فكرة مشابه لفكرة كانط ، فهذا لم يجعل مشروع السلام مشروعاً ابدياً وازلياً، والأسباب تتنوع هنا و تعود إلى صلاحيات الامم المتحدة نفسها والضغوط السياسية التي تسيطر عليها من قبل القوى العالمية العظمى من جهة و خطورة تنفيذ معاهدة عالمية للسلام من جهة آخرى، فإمكانية بقاء الدولة العظمى كقوى مسيطرة في هذه الارض غير ممكنة في ظله، ففي تحقيق السلام تحقيق الحق لكل دولة للعيش وفق ضوابطها هي، في امان وحرية في تسيير مواردها وقوانينها وسياستها الداخلية والخارجية وبالتالي سيكون التكافئ السياسي العالمي هو السمة الغالبة ولن يعود هناك ما يمكن تسمية بمركزية السلطة، تلك السلطة السياسية حسب تسمية الفيلسوف فوكو لها، والتي لها دور اساسي في ((اعادة تثبيت دائم لعلاقة القوة، وذلك بنوع من الحرب الغير معلنة أو الصامتة ، تثبيتها في المؤسسات وفي التفاوت الاقتصادي وفي اللغة وفي اجساد البعض))، وهذا ما يجعل المعاهدة العالمية للسلام معاهدة ذات أطر غير خادمة لسياسة وساسة اليوم، ولا تعود بمنفعة اقتصادية أو حضارية لمزاوليها، فيقوم بذلك التوازن السياسي على اعلاء كفة ميزان واحدة بمقابل كفة الدول المستعبدة الاخرى.
ولا يعتمد الامر على البعد الاقتصادي فحسب بل يندرج تحته البعد الحضاري والثقافي وحتى الديني مما يؤكد على صعوبة انشاء سلام دائمي نرغب ونحلم به كما رغب وحلم به كانط يوماً ما، ذلك الحلم الذي نصته الشاعرة الامريكية ايفي مريم بقولها (( احلم باليوم الذي يأتي فيه طفلاً ويسأل أمه: ماذا كانت الحرب )).



#رفقة_رعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة بطعم التمر
- أمنية فخارية
- ما زال هناك ثلج
- حمراءُ الشَعر
- حكاية لحظة
- أهداء الى كل نساء الثورة
- لما أنا بنية العينين
- السلام وضمان الطبيعة له عند الفيلسوف كانط
- رمالُ أنا
- أمنيات رجل
- صحوة صوت
- الموقف الأسطوري من طبيعة الحرب:
- قديسة
- ثمرةُ غير صالحة لأكل


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رفقة رعد - خارج اطار مشروع السلام الدائم