حكايات الف ليلة وليلة / هنا العراق

مصعب الفياض

الحوار المتمدن-العدد: 3816 - 2012 / 8 / 11 - 02:52
المحور: المجتمع المدني
    

بلغني ايها الملك السعيد ذو الراي الرشيد والعقل السديد... كان هناك بلد يدعى أرض السواد... ينعم أهله بالرخاء... شعبه متطرف الولاء... يكثر فيه الشعراء... يعشق الاذكار والاقمار والغناء... في غفلة من الزمن صار ترابه كرب وبلاء... اهله رغم النعمة دائمي اللطم والبكاء... كان مهدا للحضارة... اضحى مقبرة للمهارة... وصفه الملك الاشوري سنحاريب, من يحكمه يمسك باتجاهات الريح الاربع... هنا العراق... مهبط الانبياء ومستقر الاولياء... أرض الفتن وموطن الادعياء... وطن المودة والأصالة... بلد الشقاق والنفاق... هنا الا كديون و الاشوريون والسومريون سادوا... هنا كل غزاة الارض بادوا... هنا اول من عرف الكتابة مسمارية كانت... هنا اول من اخترع العجلة... هنا الملك المستنير حمورابي, واول قانون عرفه العالم مكتوب ومقنن في مسلة... هنا الملك الصادق سرجون الاكدي, هادم مملكة عيلام الفارسية, الغاسل اسلحته بمياه بحر الخليج رمزا للانتصار... هنا نبوخذ نصر, زعيم الارض باني الجنائن المعلقة, أول من سبا ابناء عمومتنا وقضى على مملكة يهوذا... هنا كلكامش الصديق الوفي الباحث
عن الخلود وأول عمل ادبي (ملحمة) كتبه الانسان... هنا ذي قار اشهر ايام العرب في الجاهلية, لاول مرة ينتصر فيها العرب من الفرس وكسراهم... هنا القادسية, نهاية الامبراطورية الفارسية... هنا الكوفة, مستقر علي بن ابي طالب واول عاصمة للمسلمين بعد المدينة... هنا الحسين ابن بنت رسول الله مات قتيلا, كسيرا, اسيرا, حسيرا ضمي, بداية الفتنة الابدية... هنا اول مذاهب الفقه الاسلامي واشهرها, المذهب الحنفي... هنا اخر المذاهب الاسلامية واشدها, المذهب الحنبلي... من هنا ابو الاسود الدؤلي, ملك النحو ومؤسسه واول من وضع علم النحو وضوابطه... هنا مدرستي علم النحو التي لا ثالث لهما, مدرسة البصرة المتشددة في الحفاظ على الموروث اللغوي والادبي والتي تحفظ الشاذ ولا تقيس عليه... على عكس مدرسة الكوفة المولعة في القياس المتحررة من كل قيود اللغة... هنا البصرة الفيحاء ومربدها, سوق عكاظ الجديد المستجد, ملتقى الشعراء ومقصد الادباء... هنا بغداد عاصمة العباسيين, بلد الرشيد ومنارة المجد التليد... هنا هارون الرشيد, الخليفة الذي خاطب السحاب, وخيرها ان تمطر انى شاءت فخراجها سياتي عنده... هنا المأمون, راعي الادب والادباء والعلم والعلماء, في عهده ترجمت كتب الفلسفة والمنطق حتى ظهر الجاحظ وفكر المعتزلة... هنا المعتزلة, ومدرستهم التي تعتمد على العقل وتقدمه على النقل حتى سمي أهل العراق بأهل الرأي... هنا الاشاعرة, ومذهبهم الذي خالف المعتزلة وانتصر عليهم وكانت مدرستهم تعمل العقل في المنقول ولا تتجاوز النقل باي حال من الاحوال... هنا جرت (في بغداد) المناظرة الزنبورية, بين سيبويه شيخ نحات البصرة وبين الكسائي شيخ نحات الكوفة... هنا المعتصم, شيد مدينة سر من رأى (سامراء) صاحب القصة الشهيرة وامعتصماه... هنا زرياب, اول من وضع قواعد للموسيقى والغناء وزاد وتر خامس في العود اختراعا منه وبرع الرجل في صناعة الالحان حتى توهم ان الجن هي من تعلمه... هنا ابو الطيب, نبي الشعر ورسوله, اله الهوى اله القصيد اله الدرر... هنا ابو العتاهية مؤسس تيار الشعر الزاهد المملوء بالحكمة والفلسفة, تمنى عودة شبابه يوما ليخبره ما فعل المشيب... هنا المدرسة المستنصرية اول جامعة اسلامية درست فيها صنوف العلم والمعرفة... هنا بدايات مسالك طرق المتصوفة وشيوخها... هنا صلاح الدين الايوبي, وما ادراك ما صلاح الدين؟... هنا الجواهري (ابا فرات) شاعر العرب الاكبر الذي رقد هناك في دمشق في مقبرة الغرباء بعيدا عن دجلة الخير... هنا بدر شاكر السياب ونازك الملائكة رواد الشعر الحر ومبتكريه... هنا علي الوردي (ابن خلدون العراق) قبل اكثر من نصف قرن حذر من ان المجتمع العراقي منقسم على نفسه, وفيه تشكيلة فريدة من الصراعات القبلية والقومية والطائفيه في وقت واحد, مضاف لها صراع الفرد العراقي مع ذاته وشخصيته المزدوجة... هنا العراق... هنا بدايات الحضارات الابية... هنا نهايات الشعارات الغبية... هنا الضحكات من شر البلية... هنا الثروات تنسى الاغلبية... هنا الجيوش لاي معركة تساق... هنا جثمان امتنا المجيدة... هنا دفنت مآثرنا التليدة...هنا ذابت بلاد ذات يوم اسمها كان العراق... هنا..... واه... مولاي... ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح

مع الود
والله والعراق وذكريات طفولتي وصباي من وراء القصد
من وحي قصيدة الامير عبد الرحمن بن مساعد
للمقالات وحكايات الف ليلة وليلة بقية
مصعب الفياض
بقلمي 11-08-2012

#مصعب_الفياض (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات